المدرسه المحمديه
اداره وفريق عمل المدرسه المحمديه يسعد بانضمامك الينا حيث تستفيد وتفيد وتقضى احلى واسعد الاوقات فى صحبه الحبيب صلى الله عليه وسلم فسارع فى التسجيل وشاركنا العمل الذى يبدء من هنا وينتهى بك الى الجنه باذن الله والموقع ليس مقتصر على الاخوه المسلمين فقط بل لكل الاديان فمحمد صلى الله عليه وسلم ارسله الله رحمه ومعلم للعالمين

ملحوظه سوف يتم حزف اى مقال او تعليق لا يليق بموقع دينى ولا مجال فى الموقع لاى نوع من النشاط السياسى ومن يخالف ذلك سوف يتم طرده دون سابق انزار فالموقع ليس موقع سياسى
المدرسه المحمديه
اداره وفريق عمل المدرسه المحمديه يسعد بانضمامك الينا حيث تستفيد وتفيد وتقضى احلى واسعد الاوقات فى صحبه الحبيب صلى الله عليه وسلم فسارع فى التسجيل وشاركنا العمل الذى يبدء من هنا وينتهى بك الى الجنه باذن الله والموقع ليس مقتصر على الاخوه المسلمين فقط بل لكل الاديان فمحمد صلى الله عليه وسلم ارسله الله رحمه ومعلم للعالمين

ملحوظه سوف يتم حزف اى مقال او تعليق لا يليق بموقع دينى ولا مجال فى الموقع لاى نوع من النشاط السياسى ومن يخالف ذلك سوف يتم طرده دون سابق انزار فالموقع ليس موقع سياسى
المدرسه المحمديه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


المدرسه المحمديه صدقه جاريه على روح والدى فلا تنسى الدعاء له ولاموات المسلمين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
سحابة الكلمات الدلالية
مكتبة الصور
الأربعون النووية Empty
المدرسه المحمديه
استمع وحمل القرأن الكريم
        القرآن الكريم

 مشارى راشد
 
ولا تنسانى بالدعاء


ازرار التصفُّح
مواقع صديقه

 
 
 
 
 
نداء الإيمان
 

 
 
 
120*60 

 
المواضيع الأكثر نشاطاً
الأربعون النووية
اجمل عروض البوربوينت الدعويه
السيرة النبوية الشريفه على رابط واحد
السيرة النبوية 29 حلقه كارتون للاطفال
ليله فى بيت النبى صلى الله عليه وسلم
نفحات رمضانية
افتتاحيه القسم اقراها قبل المشاركه فى القسم
مقاطع x مقاطع + مرئية x أناشيد+ روابط مباشرة = حمل وانشر واملىء موبايلك بالمقاطع
جميع الأناشيد للمنشد : أبو أنس [ سالم بن سواد
تعليمات يجب مراعاتها في المشاركات
المواضيع الأكثر شعبية
اجمل عروض البوربوينت الدعويه
الحياة في المدينة - ميثاق التحالف الإسلامي
الأربعون النووية
جميع الأناشيد للمنشد : أبو أنس [ سالم بن سواد
جميع الأناشيد للمنشد : أبو أنس المالكي [ محمد فاروق
نفحات رمضانية
مقاطع x مقاطع + مرئية x أناشيد+ روابط مباشرة = حمل وانشر واملىء موبايلك بالمقاطع
القرآن الكريم ( جافا )
جمعيه الاعمال الخيريه بالميمون
سلسله السيره العطره للشيخ محمد حسين يعقوب

 

 الأربعون النووية

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
طه الفزارى
المشرف العام
المشرف العام
طه الفزارى


ذكر
عدد المساهمات : 965
حسناتى الى الان : 13864
تاريخ الميلاد : 25/09/1980
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
العمر : 44

الأربعون النووية Empty
مُساهمةموضوع: الأربعون النووية   الأربعون النووية I_icon_minitimeالأحد يوليو 12, 2009 7:19 am

الأربعون النووية Qatarya_F0MDrDSTdp

الأربعون النووية F22
pale

الأربعون النووية 14
Crying or Very sad الأربعون النووية Crying or Very sad


الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم ..

أمّا بعد :


يُسعدنا أن نقدم لكنّ عبر هذا القسم الطيب هذه الفرصة المُميّزةلشرح الأربعين النووية



فبادروا باغتنام هذه الفرصة



وتذكري قول الحبيب صلّى الله عليه وسلّم مُثنياً على طالب العلم ،

"من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة "
رواه الإمام مسلم في صحيحه



فما أروعه من فضل وما أجملها من بشرى !! يوم نلقى الله سبحانه .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طه الفزارى
المشرف العام
المشرف العام
طه الفزارى


ذكر
عدد المساهمات : 965
حسناتى الى الان : 13864
تاريخ الميلاد : 25/09/1980
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
العمر : 44

الأربعون النووية Empty
مُساهمةموضوع: الحديث الاول   الأربعون النووية I_icon_minitimeالأحد يوليو 12, 2009 7:34 am

الأربعون النووية 14
Crying or Very sad

( دورة شرح الأربعين النوويّة )

الأربعون النووية F129

الحـــديث " الأوّل "


الأربعون النووية Glitterline-013

(عَنْ أَمِيرِ المُؤمِنينَ أَبي حَفْصٍ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ تعالى عنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ:
إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلى اللهِ وَرَسُوله فَهِجْرَتُهُ إلى اللهِ وَرَسُوله،
وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيْبُهَا، أَو امْرأَة يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ
)

رواه إماما المحدثين البخاري ومسلم


Crying or Very sad
فـــائدة :

حديثنا هذا هو أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام، ولهذا قال العلماء:مدار الإسلام على حديثين: هما هذا الحديث،
وحديث عائشة: "مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلِيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدّ" فهذا الحديث عمدة أعمال القلوب،
فهو ميزان الأعمال الباطنة، وحديث عائشة: عمدة أعمال الجوارح،


الأربعون النووية Glitterline-013

معنى الحديث :

الأعمال : جمع عمل، ويشمل أعمال القلوب وأعمال النطق، وأعمال الجوارح،
فبالتالي تشمل هذه الجملة الأعمال بأنواعها.

فالأعمال القلبية: مافي القلب من الأعمال: كالتوكل على الله، والإنابة إليه، والخشية منه وما أشبه ذلك.

والأعمال النطقية: ماينطق به اللسان، وما أكثر أقوال اللسان،

والأعمال الجوارحية: أعمال اليدين والرجلين وما أشبه ذلك.

وينقسم حكم الأعمال إلى التالي :

القسم الأول : الأعمال الواجبة التي يلزم استحضار النية لها، فلا تصح بدون نية،
لقوله -صلى الله عليه وسلم- ( إنما الأعمال بالنيات )
فالصلاة مثلاً لا تصح إلا بالنية، الزكاة لا تصح إلا بالنية، الصيام لا يصح إلا بالنية، والحج لا يصح إلا بالنية .

القسم الثاني : الأعمال المتروكة كشرب الخمر، السرقة ، الزنا،و جميع الأعمال المحرمة والمتروكة

مسألة ! هل يلزم الإنسان استحضار النية لها ؟
لا يلزم استحضار النية لكل فعل متروك، ولكن
تلزم النية العامة بان أترك المحرمات والمكروهات

القسم الثالث : الأعمال المباحة .
مثل النوم، الأكل، الشرب، السمر مع الأهل، السمر مع
الأصدقاء والزملاء، السفر للسياحة الغير محرمة، وغير ذلك
وهناك ثلاثة أقسام للاعمال المباحة :

- الأعمال المباحة التي قد يثاب على فعلها :
مثال على ذلك : النوم: قد ينوي الانسان عندما يأتي للنوم أنه راحة لجسمه؛ لكي يستأنف أعمال الطاعات الأخرى !
ولذلك ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول : أحتسب على الله نومتي، كما أحتسب على الله قومتي.
ويقاس على هذا الفعل المباح جميع الأعمال المباحة الأكل، الشرب، السمر، الذهاب، الإياب،
قضاء الفراغ بأشياء مباحة،فهذه إذا صاحبتها نية الطاعة؛ فحينئذ يؤجر العبد
ولهذا قال بعض أهل العلم: عبادات أهل الغفلة عادات، وعادات أهل اليقظة عبادات

-الأعمال المباحة التي لا يثاب ولا يأثم على فعلها :
شخص اعتاد أن ينام بعد الظهر، أو اعتاد أن ينام الساعة العاشرة بالليل مثلاً أو نحو ذلك ووانتظم على هذه العادة
دون يستحضر نية العبادة، وبالمقابل لم يستحضر نية المعصية، فهذا لا ثواب له ولا عقاب عليه

-الأعمال المباحة التي قد يُأثم على فعلها:
مثلا : الأصل في السفر الإباحة ولكن اذا نوى الانسان أن يسافر لارتكاب المحرمات فهنا يؤثم على سفره .


الأربعون النووية Glitterline-013

النيـــات: جمع نية وهي: القصد. وشرعاً: العزم على فعل العبادة تقرّباً إلى الله تعالى،
ومحلها القلب، فهي عمل قلبي ولاتعلق للجوارح بها ،
فلا تُنطق النيّة باللسان ! لأننا نتعبّد لمن يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، والله تعالى عليم بما في قلوب عباده،
وأيضاً لم يَرِدْ عن أسوتنا العظيمة رسول الله ( صلى الله عليه وسلّم ) ولاعن أصحابه رضوان الله عليهم أنهم كانوا
يتلفّظون بالنيّة ولهذا فالنّطق بها بدعة يُنهى عنه سرّاً أو جهراً،

والمقصود من النية >> تمييز العادات من العبادات، وتمييز العبادات بعضها من بعض.

مثال على تمييز العادات من العبادات :

- رجل يأكل الطعام شهوة فقط، ورجل آخر يأكل الطعام امتثالاً لأمر الله عزّ وجل
في قوله: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا )(الأعراف:الآية31) فصار أكل الثاني عبادة، وأكل الأول عادة !

مثال على تمييز العبادات بعضها من بعض :

- رجل يصلي ركعتين ينوي بذلك التطوع، وآخر يصلي ركعتين ينوي بذلك الفريضة،
فالعملان هنا يأخذان نفس الهيئة ولكن قد تميّزا بالنية ،الرجل الاوّل يصلّي نفل والثاني يصلّي الواجب .

الأربعون النووية Glitterline-013

وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ : أي لكل إنسانٍ

مَا نَوَى : أي ما نوى على الذي سيعمل به ،

والناس يتفاوتون بسب النيّة تفاوتاً عظيماً، حيث تجد رجلين يصلّيان لكن بينهما أبعد مما بين المشرق والمغرب
أو مما بين السماء والأرض في الثواب، لأن أحدهما مخلص والثاني غير مخلص لله تعالى !

ثم ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً بالمهاجر فقال:

الأربعون النووية Glitterline-013

فَمَنْ كَانَتْ هِجرَتُهُ : الهجرة في اللغة: مأخوذة من الهجر وهو التّرك ،وأمّا في الشرع فهي: الانتقال من بلد الكفر إلى بلد الإسلام.

وهنا مسألة: هل الهجرة واجبة أو سنة؟

والجواب: أن الهجرة واجبة على كل مؤمن لايستطيع إظهار دينه في بلد الكفر،
فلايتم إسلامه إذا كان لايستطيع إظهاره إلا بالهجرة،وما لايتم الواجب إلا به فهوواجب ..
كهجرة المسلمين من مكّة إلى الحبشة، أو من مكّة إلى المدينة.


إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِهِ فَهِجْرَتُهُ إلَى اللهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إلى اللهِ وَرَسُوله،: أي من كان يريدُ بهذه الهجرة وجه الله ونصرة دين الله ،
ويريد رسوله صلى الله عليه وسلّم ليفوز بصحبته ويعمل بسنته ( فيدافع عنها ويدعو إليها) ويذبّ عنه وينشر دينه ،
فهجرته هذه حينئذ إلى الله ورسوله، وسيحصد ثمرتها خيراً عظيما وكفاه أن الله تعالى يقول في الحديث القدسي
" مَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبْرَاً تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعَاً "

ومَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيْبُهَا : بأن علم أن في البلد الفلاني تجارة رابحة فذهب إليها من أجل أن يربح،
فهذا هجرته إلى دنيا يصيبها، وليس له إلا ما أراد بنيّته .

أَو امْرأَة يَنْكِحُهَا : أي من هاجر من بلد إلى بلد لامرأة يتزوّجها، بأن خطبها
وقالت لاأتزوجك إلا إذا حضرت إلى بلدي فهجرته إلى ماهاجر إليه.

فَهِجْرَتُهُ إِلى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ : أي أنّه يحصد من هجرته نسبة إلى السبب الذي نوى الهجرة لأجله .

الأربعون النووية Glitterline-013

ونستخلص من هذا الحديث فائدة عظيمة وهي:

الحثّ على الإخلاص لله عزّ وجل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قسّم الناس إلى قسمين:
قسم: أراد بعمله وجه الله والدار الآخرة ، وقسم: بالعكس،
وهذا يعني الحث على الإخلاص لله عزّ وجل .

والإخلاص يجب العناية به والحث عليه، لأنه هو الركيزة الأولى الهامة التي خلق الناس من أجلها،
فالإخلاص لله تعالى يقتدي العبادة الصحيحة التي أوضح الله لنا في هذه الآية أنّها علّة وجودنا
قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات:56)

Crying or Very sad

الأربعون النووية F129
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طه الفزارى
المشرف العام
المشرف العام
طه الفزارى


ذكر
عدد المساهمات : 965
حسناتى الى الان : 13864
تاريخ الميلاد : 25/09/1980
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
العمر : 44

الأربعون النووية Empty
مُساهمةموضوع: الحديث الثانى   الأربعون النووية I_icon_minitimeالأحد يوليو 12, 2009 7:46 am

الأربعون النووية 14
Crying or Very sad
( دورة شرح الأربعين النوويّة )


الحـــديث " الثّــاني "



الأربعون النووية 12-69



(عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ أَيضاً قَال: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوْسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيْدُ بَيَاضِ الثِّيَاب شَدِيْدُ سَوَادِ الشَّعْرِ لاَ يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ وَلاَ يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ حَتَّى جَلَسَ إِلَى النبي صلى الله عليه وسلم فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنِ الإِسْلاَم، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (الإِسْلاَمُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَ أَنَّ مُحَمَّدَاً رَسُولُ الله،وَتُقِيْمَ الصَّلاَة، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ،وَتَصُوْمَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ البيْتَ إِنِ اِسْتَطَعتَ إِليْهِ سَبِيْلاً قَالَ: صَدَقْتَ. فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِيْ عَنِ الإِيْمَانِ، قَالَ: أَنْ تُؤْمِنَ بِالله،وَمَلائِكَتِه،وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ،وَالْيَوْمِ الآَخِر،وَتُؤْمِنَ بِالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِيْ عَنِ الإِحْسَانِ، قَالَ: أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ، قَالَ: مَا الْمَسئُوُلُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ قَالَ: فَأَخْبِرْنِيْ عَنْ أَمَارَاتِها، قَالَ: أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا،وَأَنْ تَرى الْحُفَاةَ العُرَاةَ العَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُوْنَ فِي البُنْيَانِ ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثَ مَلِيَّاً ثُمَّ قَالَ: يَا عُمَرُ أتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟ قُلْتُ: اللهُ وَرَسُوله أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّهُ جِبْرِيْلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِيْنَكُمْ) )


رواه مسلم

الأربعون النووية Glitterline-013




معنى الحديث :


إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ : الرجل هنا مبهم، وهو رجل في شكله لكن حقيقته أنه مَلَك.


شَدِيْدُ بَيَاضِ الثِّيَاب شَدِيْدُ سَوَادِ الشَّعْرِ : أي حسن الهيئة



لاَ يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ : أَثَرُ السَّفَرِ لأن ثيابه بيضاء وشعره أسود ليس فيه غبار ولاشعث السفر.



فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ : أي وضع جبريل عليه السلام ركبتيه إلى ركبتي النبي صلى الله عليه وسلم. ،



وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ: عَلَىَ فَخِذَيْهِ أي فخذي هذا الرجل ( جبريل)، وليس على فخذي النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا من شدة الاحترام




الأربعون النووية Glitterline-013


وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنِ الإِسْلاَم، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (الإِسْلاَمُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ : أي تقرّ وتعترف بلسانك وقلبك أنّه لا إله إلاّ الله ، فلا يكفي اللسان، بل لابد من اللسان والقلب، قال الله عزّ وجل: (إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)(الزخرف: الآية86)



وَأَنَّ مُحَمَّدَاً رَسُولُ اللهِ ، : لم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم: إني رسول الله مع أن السياق يقتضيه لأنه يخاطبه، لكن إظهاره باسمه العلم أوكد وأشد تعظيماً.



َتُقِيْمَ الصَّلاةَ : أي تأتي بها قائمة تامة معتدلة ،



وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ : تؤتي بمعنى تعطي، والزكاة هي المال الواجب بذله لمستحقه من الأموال الزكوية تعبداً لله، وهي الذهب والفضة والماشية والخارج من الأرض وعروض التجارة.



وَتَصُوْمَ رَمَضَانَ : أي تمسك عن المفطرات تعبداً لله تعالى من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.


وأصل الصيام في اللغة: الإمساك.


ورمضان هو الشهر المعروف مابين شعبان وشوال.



وَتَحُجَّ البَيْتَ : أي تقصد البيت لأداء النسك في وقت مخصوص تعبداً لله تعالى إن استطاع المرء إليه سبيلا .



قَالَ: صَدَقْتَ :أي أخبرت بالحق، والقائل هو جبريل عليه السلام،



قَالَ عُمَرُ فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلهُ وَيُصَدِّقُه :ووجه العجب أن السائل عادة يكون جاهلاً، والمصدّق يكون عالماً فكيف يجتمع هذا وهذا، ومثاله: لوقال قائل: فلانٌ قدم من المدينة، فقال بعضهم:صدقت، فمقتضى ذلك أنه عالم، فكيف يسأل جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقول صدقت؟ هذا محل عجب،




الأربعون النووية Glitterline-013


قَالَ: فَأَخْبِرني عَنِ الإِيمَانِ : أي فأخبرني يامحمد عن الإيمان؟



والإيمان في اللغة: هو الإقرار والاعتراف المستلزم للقبول والإذعان وهو مطابق للشرع.



قَالَ:أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ :الإيمان بالله يتضمن أربعة أشياء:



الأول : الإيمان بوجوده سبحانه وتعالى.


الثاني : الإيمان بانفراده بالرّبوبية، أي تؤمن بأنه وحده الرّب وأنه منفرد بالربوبية، والرب هو الخالق المالك المدبر.


الثالث : إيمان بانفراده بالألوهية، وأنه وحده الذي لا إله إلا هو لاشريك له، فمن ادعى أن مع الله إلهاً يُعبد فإنه لم يؤمن بالله، فلابد أن تؤمن بانفراده بالألوهية، وإلا فما آمنت به.


الرابع : أن تؤمن بأسماء الله وصفاته بإثبات ما أثبته سبحانه لنفسه في كتابه، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات على الوجه اللائق به من غير تحريف، ولاتعطيل ولاتكييف، ولا تمثيل، فمن حرّف آيات الصفات أو أحاديث الصفات فإنه لم يحقق الإيمان بالله .



وَمَلائِكَتِهِ :بدأ بالملائكة قبل الرسل والكتب لأنهم عالم غيبي،


أما الرسل والكتب فعالم محسوس، فالملائكة لا يظهرون بالحس إلا بإذن الله عزّ وجل ، وقد خلق الله الملائكة من نورٍ،


كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وهم لايحتاجون إلى أكل وشرب، ولهذا قيل إنهم صمدٌ أي ليس لهم أجواف،


فلا يحتاجون إلى أكل ولا شرب، فنؤمن أن هناك عالماً غيبياً هم الملائكة.


وهم أصناف، ووظائفهم أيضاً أصناف حسب حكمة الله عزّ وجل كالبشر أصناف ووظائفهم أصناف.



وَكُتُبِهِ :جمع كتاب بمعنى: مكتوب والمراد بها الكتب التي أنزلها الله عزّ وجل على رسله لأنه ما من رسول إلا أنزل الله عليه كتاباً كما قال الله عزّ وجل : (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النبيينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ ) (البقرة:213)



وَرسُلِهِ :أي أن تؤمن برسل الله عزّ وجل ، والمراد بالرسل من البشر


وأفضلهم محمد صلى الله عليه وسلم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ ولما التقى بهم في الإسراء أَمَّهم في الصلاة، فإبراهيم إمام الحنفاء صلى وراء محمد صلى الله عليه وسلم ، ومعلوم أنه لايقدم في الإمامة إلا الأفضل،فالنبي صلى الله عليه وسلم هو أفضل أولي العزم.



واليوم الآخِرِ : هو يوم القيامة، وسمي آخراً لأنه آخر مراحل بني آدم وغيرهم أيضاً، فالإنسان له أربع دور، في بطن أمه، وفي الدنيا، وفي البرزخ، ويوم القيامة وهو آخرها.



وَتُؤْمِنُ بِالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرّهِ : وهنا أعاد صلى الله عليه وسلم الفعل: (تؤمن) لأهمية الإيمان بالقدر، لأن الإيمان بالقدر مهم جداً وخطير جداً




الأربعون النووية Glitterline-013


ثم قال: أخْبِرْني عَنِ الإِحْسَانِ : الإحسان هو بذل الخير والإحسان في حق الخالق: بأن تبني عبادتك على الإخلاص لله تعالى والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكلما كنت أخلص وأتبع كنت أحسن. وأما الإحسان للخلق: فهو بذل الخير لهم من مال أوجاه أو غير ذلك



أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، : وعبادة الله لا تتحقق إلابأمرين وهما: الإخلاص لله والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، أي عبادة الإنسان ربه سبحانه كأنه يراه. عبادة طلب وشوق وعبادة الطلب والشوق يجد الإنسان من نفسه حاثاً عليها، لأنه يطلب هذا الذي يحبه، فهو يعبده كأنه يراه، فيقصده وينيب إليه ويتقرّب إليه سبحانه وتعالى.



فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ : أي: اعبده على وجه الخوف ولاتخالفه، لأنك إن خالفته فإنه يراك فتعبده عبادة خائف منه، هارب من عذابه وعقابه، وهذه الدرجة عند أهل العبادة أدنى من الدرجة الأولى.




الأربعون النووية Glitterline-013


قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ، قَالَ: مَا الْمَسئُوُلُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ قَالَ: فَأَخْبِرْنِيْ عَنْ أَمَارَاتِها، :


أماراتها أي علاماتها وأشراطها ،،


وأشراط الساعة قسّمها العلماء إلى ثلاثة أقسام:


1 . أشراط مضت وانتهت


2 . أشراط لم تزل تتجدد وهي الوسطى


3 . أشراط كبرى تكون عند قرب قيام الساعة


و علامات الساعة التي ذكرها صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث :



أَنْ تَلِدَ الأمَةُ رَبّتَهَا : الأمة هي الرقيقة التي تسبى في الحروب بين المسلمين والكفار عندما تؤخذ كغنيمة، ولكن كيف تلد الأمة سيدتها ؟



الأمة يجوز لسيدها أن ينكحها، فإذا حملت هذه الأمة وولدت بنتاً، تكون هذه البنت بنت من السيد، فتكون سيدة، وتكون سيدة لأمها، فأمها لا زالت أمة لم تتحرر، لكن البنت حرة لأنها بنت السيد، وهذا لا يحبذه الإسلام، ومن المستحب أن تعتق هذه السيدة حتى لا تكون هناك فوارق طبقية.



وَأَنْ تَرى الْحُفَاةَ : يعني ليس لهم نعال،



العُرَاةَ : أي ليس لهم ثياب تكسوهم وتكفيهم،



العَالَةَ : أي ليس عندهم ما يأكلون من النفقة أو السكنى أو ما أشبه ذلك، عالة أي فقراء



رِعَاءَ الشَّاءِ : الذين همهم رعي الغنم



يَتَطَاوَلُوْنَ فِي البُنْيَانِ : أي يكونون أغنياء حتى يتطاولون في البنيان أيهم أطول.


وهل المراد بالتطاول ارتفاعاً، أو جمالاً، أو كلاهما؟


الجواب: كلاهما، أي يتطاولون في البنيان أيهم أعلى، ويتطاولون في البنيان أيهم أحسن،


وهم في الأول فقراء لا يجدون شيئاً، لكن تغير الحال بسرعة مما يدل على قرب الساعة.




الأربعون النووية Glitterline-013


من فوائـــــد هذا الحديــــث الهامّة :



1. أن الملائكة عليهم السلام يمكن أن يتشكلوا بأشكال غير أشكال الملائكة، لأن جبريل أتى بصورة هذا الرجل كما جاء في الحديث.


فإن قال قائل:وهل هذا إليهم، أو إلى الله عزّ وجل ؟


فالجواب: هذا إلى الله عزّ وجل ، بمعنى: أنه لايستطيع الملك أن يتزيَّى بزيّ الغير إلا بإذن الله عزّ وجل .



2 . فضيلة الإسلام،وأنه ينبغي أن يكون أول ما يسأل عنه، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا


أرسل الرسل للدعوة إلى الله أمرهم أن يبدؤوا قبل كل شيء بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.



3 . الانتقال من الأدنى إلى الأعلى، فالإسلام بالنسبة للإيمان أدنى، لأن كل إنسان يمكن أن يسلم ظاهراً،



كما قال الله تعالى: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا ) (الحجرات: الآية14)


لكن الإيمان - اللهم حقق إيماننا- ليس بالأمر الهين فمحله القلب والاتصاف به صعب.



4 . بين النبي صلى الله عليه وسلم عن طريق أسئلة جبريل أصول هذا الدين، فالدين مراتب:


المرتبة الأولى الإسلام


المرتبة الثانية الإيمان


والمرتبة الثالثة الإحسان



ومن الممكن أن نجعلها ثلاث دوائر:·



الدائرة الكبرى الإسلام، هذه الدائرة الكبرى تمثل الأعمال الظاهرة


فالإسلام أن تستسلم وتنقاد لله عزّ وجلّ، فتخلص هذه العبادات لله سبحانه وتعالى، وهذه الأركان هي الأسس، وإلا فالأعمال كثيرة،


كبر الوالدين، وصلة الأرحام، والتعامل بالأخلاق الفاضلة، والصدقات، والإنفاق بأنواعه، والعمرة، وعمل الخير بأنماطه المتعددة،


فالإسلام إذًا شعب، ولذلك اقتصر النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الأسس، وسيأتينا تفصيلها في حديث الثالث لابن عمر.



· الدائرة الأخص أو الأكثر خصوصية الإيمان، الإيمان يمثل الأعمال الباطنة، ولكن يظهر أثرها على الجوارح



الدائرة الثالثة وهي أخص من الدائرتين، وهي الإحسان، والإحسان هو الإتقان


ويمثل الإحسان أعلى درجات الدين، أعلى درجات العبودية لله جلّ وعلا، كما يمثل أعلى درجات التعامل بين الإنسان


وبين الخلق، كما بينا في الدرس السابق والإحسان درجتان:


- الدرجة الأولى: أن تعبد الله كأنك تراه، أي تستشعر أنك ترى الله سبحانه وتعالى.


- الدرجة الثانية: أن تستشعر بأن الله يراك.



5 . وكذلك مراتب الدين تزيد وتنقص :


الدين مراتب، فهو يزيد وينقص، ولذلك المصلي قد يصلي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ويخرج من صلاته له


ربعها، له نصفها، له ثلثها، له عشرها، وكذلك كما ذكرنا في تعريف الإيمان، وقلنا إنه قولٌ وعمل واعتقادٌ


يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان.



6 . أن الساعة لا يعلمها أحد إلا الله عز وجل ،لأن أفضل الرسل من الملائكة سأل أفضل الرسل من البشر عنها،


فقال: ما المَسْؤولُ عَنْهَا بَأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ.


ويترتب على هذه الفائدة أنه لو صدَّق أحد من الناس شخصاً ادعى أن الساعة تقوم في الوقت الفلاني،


فإنه يكون كافراً، لأنه مكذب للقرآن والسنة.



7 . أن الإسلام غير الإيمان،لأن جبريل عليه السلام قال: أخبرني عن الإسلام وقال: أخبرني عن الإيمان وهذا يدل على التغاير.


وهذه المسالة نقول فيها ما قال السلف:



إن ذكر الإيمان وحده دخل فيه الإسلام،قال الله تعالى: (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)(الصف: الآية13) بعد أن ذكر (تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ)(الصف: الآية11) قال: (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) [الصف:13.



وإن ذكر الإسلام وحده دخل فيه الإيمان، فقوله تعالى:


(وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً )(المائدة: الآية3) يشمل الإيمان، وقوله تعالى:



(فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ )(آل عمران: الآية20) يشمل الإيمان.


- أما إذا ذكرا جميعاً فيفترقان ،ويكون الإسلام بالأعمال الظاهرة من أقوال اللسان وعمل الجوارح،



والإيمان بالأعمال الباطنة من اعتقادات القلوب وأعمالها. مثاله: هذا الحديث الذي معنا، ويدل على التفريق قول الله عزّ وجل:



(قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ )(الحجرات: الآية14).

الأربعون النووية Glitterline-013
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طه الفزارى
المشرف العام
المشرف العام
طه الفزارى


ذكر
عدد المساهمات : 965
حسناتى الى الان : 13864
تاريخ الميلاد : 25/09/1980
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
العمر : 44

الأربعون النووية Empty
مُساهمةموضوع: الحديث الثالث   الأربعون النووية I_icon_minitimeالأحد يوليو 12, 2009 7:52 am

الأربعون النووية 14
Crying or Very sad

( دورة شرح الأربعين النوويّة )

الحـــديث " الثّــالث "


الأربعون النووية Glitterline-013

(عَنْ أَبِيْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْن الخَطَّابِ
رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ النبي صلى الله عليه وسلم يَقُوْلُ: (بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ:

شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَأَنَّ
مُحَمَّدَاً رَسُوْلُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيْتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ البِيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ)
)

أخرجه البخاري ومسلم


الأربعون النووية Glitterline-013

معنى الحديث :

إن الله عزّ وجل حكيم، َبنى الإسلام العظيم على هذه الدعائم الخمس من أجل امتحان العباد

بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ : وفي رواية أيضًا ( خمسةٍ )، والمقصود خمس دعائم أو خمس أسس

شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَأَنَّ مُحَمَّدَاً رَسُوْلُ اللهِ،: الشهادتان: نطق باللسان، واعتقاد بالجنان.

أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله
"لا إله" كما قال أهل العلم، اللا نافية، تنفي جميع الآلهة، "إلا الله"، و"إلا الله" اي أنه لا معبود بحق إلا الله، لماذا أتينا بحقٍ هذه؟
لأنه يوجد آلهة على زعم المشركين ، فليس المقصود نفي وجود الآلهة، فالآلهة موجودة،
الناس مع طول الزمان يعبدون غير الله، إذًا فالمقصود بـ "لا إله إلا الله" أي لا
معبود بحق إلا الله سبحانه وتعالى.

وَأَنَّ مُحَمَّدَاً رَسُوْلُ اللهِ،
هذا إثباتٌ لرسالة النبي صلى الله عليه وسلم أنه مرسلٌ
من عند الله، هذا الإثبات يعني عدة أمور،
الأمر الأول: التصديق بنبوة محمدٍ صلى الله عليه وسلم ورسالته وأنه نبيٌّ مرسل من عند الله عزّ وجلّ،
الامر الثاني : تنفيذ أوامر محمد صلى الله عليه وسلم،
الأمر الثالث: اجتناب ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم،
الامر الرابع: التصديق بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم،
الامر الخامس :أن يُعبد الله بما شرع عليه الصلاة والسلام،
الامر السادس: محبته عليه الصلاة والسلام، فلا يصح مثلا ان تقول الشهادتين وانت تبغض الرسول عليه الصلاة والسلام
ولذلك قال عليه الصلاة والسلام ( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت)، وفي حديث عمر قال: "والله إنك أحب إلي يا رسول الله إلا من نفسي"، قال ( لا يا عمر، حتى من نفسك )، قال: والله إنك أحب إلي حتى من نفسي، قال ( الآن يا عمر ).

الأربعون النووية Glitterline-013

وَإِقَامِ الصَّلاةِ، : وإقامتها بمعنى أن تقيمها بشروطها وأركانها وواجباتها وتؤديها في وقتها،
ومن ثمّ ما يستطيع الإنسان من المستحبات التي تفعل في الصلاة.
والصلاة في الأصل هي الدعاء،وهي في الاصطلاح الشرعي المقصود : أقوالٌ وأفعالٌ يُتعبد الله بها، تفتتح بالتكبير وتُختتم بالتسليم ,
ولها أحكام في عدد ركعاتها وأوقاتها

وللاطلاع على صِفة الصلاة الصحيحة ، وصِفة الوضوء الصحيحة ..
راجعنَ أخواتي هذه الروابط ..

فلاش عن صِفة الوضوء الصحيحة

فلاش عن صِفة الصلاة الصحيحة

الأربعون النووية Glitterline-013

وَإِيْتَاءِ الزَّكَاةِ، : عبادة مالية لا بدنية، الإيتاء أي الإعطاء، والزكاة في الأصل هي النماء
والزيادة والتطهير، "زكّى" أي نمى وطهر وزاد، ﴿ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ ﴾ النجم: 32،
يعني فلا تطهروها، وزكى الزرع إذا نمى.
والزكاة في الاصطلاح : حق مخصوص في مال مخصوص، الذي هو النسبة المعلومة التي يخرجها المزكي
من ماله لطائفة مخصوصة، ليس لكل الناس وإنما للطائفة التي بينها الله سبحانه وتعالى بقوله:
(
إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ
وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
) التوبة:60

الأربعون النووية Glitterline-013

وَحَجِّ البِيْتِ، : الحج هو في الأصل اللغوي: القصد، والحج في الاصطلاح هو قصد بيت الله الحرام في مكة لأداء أعمالٍ مخصوصة،
كالطواف والسعي والرمي والمبيت بمزدلفة ومنًى والوقوف بعرفة،
فنقول الحج هو: قصد مكة لعمل مخصوص في زمن مخصوص، والزمن المخصوص هو زمن أيام الحج،
لحج البيت المقصود بيت الله الحرام الذي هو الكعبة.

الأربعون النووية Glitterline-013

وَصَوْمِ رَمَضَانَ : الصوم في اللغة :الإمساك، والصوم في الاصطلاح هو إمساكٌ على المفطرات
من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ورمضان هو الشهر المعروف مابين شعبان وشوال.

الأربعون النووية Glitterline-013

- وهناك حكمة عظيمة في أركان الإسلام وهي::

بذل المحبوب، والكف عن المحبوب، وإجهاد البدن، و كل هذا امتحان في سبيل الله
بذل المحبوب: في الزكاة ،لأن المال محبوب إلى الإنسان،كما قال الله عزّ وجل:
(وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) [العاديات:8] وقال: وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً) (الفجر:20)

والكف عن المحبوب: في الصيام كما جاء في الحديث القدسي: يَدَعُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِيْ

وإجهاد البدن،: فالحج فيه من إجهاد البدن ما فيه وهو كذلك متنوّع ما بين أن يكون عبادة مالية، أوعبادة بدنية مالية، وعلى كل حال فهو امتحان.

فتنوعت هذه الدعائم الخمس على هذه الوجوه تكميلاً للامتحان، لأن بعض الناس يسهل عليه أن يصوم،
ولكن لا يسهل عليه أن يبذل قرشاً واحداً، وبعض الناس يسهل عليه أن يصلي،ولكن يصعب عليه أن يصوم
.فسبحان الله الكريم الذي يسر لنا انواعا شتى من العبادات نتعبده بها لنيل مرضاته والفوز بجناته

الأربعون النووية Glitterline-013

في هذا الحديث عدة مسائل، أهمّها:

المسألة الاولى :أن هذا الدين الذي هو الإسلام له أسس وله فروع، وأسس الإسلام هي هذه الأسس الخمسة

،التي لا يقوم الإسلام إلا عليها،فلابد من القيام بهذه الأسس.

المسألة الثانية:أن أهم هذه الأسس وباقي الأسس يَعتمِدُ عليها هما الشهادتان، شهادة أن
لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وهذه تمثل العمل القلبي الذي يظهر أثره على الجوارح،
فهذا العمل القلبي لابد وأن ينطق به اللسان وأن تعمل به الجوارح، إذًا لابد مع التصديق بها
النطق بها وعمل الجوارح بمقتضاها، فهذه هي مدخل هذا الدين،

المسألة الثالثة :لا يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم اقتصر على هذه الأركان أن ليس
هناك واجبات أخرى، بل هناك واجباتٌ أخرى بينتها النصوص الأخرى، وإنما هذه دعائم وأسس.


الأربعون النووية Glitterline-013


عدل سابقا من قبل طه الفزارى في الأحد يوليو 12, 2009 7:59 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طه الفزارى
المشرف العام
المشرف العام
طه الفزارى


ذكر
عدد المساهمات : 965
حسناتى الى الان : 13864
تاريخ الميلاد : 25/09/1980
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
العمر : 44

الأربعون النووية Empty
مُساهمةموضوع: الجديث الرابع   الأربعون النووية I_icon_minitimeالأحد يوليو 12, 2009 7:56 am

الأربعون النووية 14
Crying or Very sad
( دورة شرح الأربعين النوويّة )


الحـــديث " الرّابــع "


الأربعون النووية Glitterline-013

(عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدْ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الصَّادِقُ المَصْدُوْقُ: (إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِيْ بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِيْنَ يَوْمَاً نُطْفَةً، ثُمَّ يَكُوْنُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ،ثُمَّ يَكُوْنُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ،ثُمَّ يُرْسَلُ إِلَيْهِ المَلَكُ فَيَنفُخُ فِيْهِ الرٌّوْحَ،وَيَؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ: بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيْدٌ. فَوَالله الَّذِي لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ إِنََّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُوْنُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلاذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَايَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا) )

رواه البخاري ومسلم.


الأربعون النووية Glitterline-013

معنى الحديث :

الصَّادِقُ المَصْدُوْقُ : وصف للنبي - صلى الله عليه وسلم – يعني الصادق في قوله
والمصدوق يعني المصدق فيما جاء به من الوحي عن الله - سبحانه وتعالى -

إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِيْ بَطْنِ أُمِّهِ :

يعني عند التقاء ماء الرجل بماء المرأة فيجتمع هذان الماءان ويكونان هذا التكوين الخلقي

نُطْفَةً : قَطرة من المنــي

ثُمَّ يَكُوْنُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ : ( مثل ذلك ) يعني أربعين يوما، والعلقة هي قطعة الدم الغليظ،
وهل ينتقل فجأة من النطفة إلى العلقة؟
الجواب: لا، بل يتكون شيئاً فشيئاً

ثُمَّ يَكُوْنُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، : مثل ذلك يعني في المدة ( أربعين يوما) والمضغة: هي قطعة لحم بقدر ما يمضغه الإنسان.
وهذه المضغة تتطور شيئاً فشيئاً،ولهذا قال الله تعالى: (ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ)(الحج: الآية5) .

فالجميع يكون مائة وعشرين،( أربعين يوماً نطفة إضافة إلى أربعين يوماً علقة إضافة إلى أربعين يوماً مضغة ) أي أربعة أشهر

الأربعون النووية Glitterline-013

ثُمَّ يُرْسَلُ إِلَيْهِ المَلَكُ : والمرسِل هو الله رب العالمين عزّ وجل، فيرسل الملك إلى هذا الجنين،وهو واحد الملائكة،والمراد به الجنس لا ملك معين.

فَيَنفُخُ فِيْهِ الرٌّوْحَ: الروح ما به يحيا الجسم، وكيفية النفخ الله أعلم بها، ولكنه ينفخ في هذا الجنين الروح ويتقبلها الجسم.

وَيَؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ : أي الملك بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ والآمر هو الله عزّ وجل بِكْتبِ رِزْقِهِ، وَأَجَلِهِ، وَعَمَلِهِ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيْدٌ .

بِكَتْبِ رِزْقِهِ: الرزق هنا: ما ينتفع به الإنسان وهو نوعان: رزق يقوم به البدن، ورزق يقوم به الدين.

والرزق الذي يقوم به البدن: هو الأكل والشرب واللباس والمسكن والمركوب وما أشبه ذلك.

والرزق الذي يقوم به الدين:هو العلم والإيمان، وكلاهما مراد بهذا الحديث.

وَأَجَلِهِ: أي مدة بقائه في هذه الدنيا والناس يختلفون في الأجل اختلافاً متبايناً، فمن الناس من يموت حين الولادة، ومنهم من يعمر إلى مائةسنة من هذه الأمة ،
أما من قبلنا من الأمم فيعمرون إلى أكثر من هذا، فلبث نوح عليه السلام في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً.

واختيار طول الأجل أو قصر الأجل ليس إلى البشر، وليس لصحة البدن وقوام البدن ،
إذ قد يحصل الموت بحادث والإنسان أقوى ما يكون وأعز ما يكون، لكن الآجال تقديرها إلى الله عزّ وجل.

وهذا الأجل لا يتقدم لحظة ولا يتأخر، فإذا تم الأجل انتهت الحياة

وَعَمَلِهِ :أي ما يكتسبه من الأعمال القولية والفعلية والقلبية، فمكتوب على الإنسان العمل .

وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيْدٌ : هذه هي النهاية، والسعيد هو الذي تم له الفرح والسرور، والشقي بالعكس، قال الله تعالى:

(فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ* فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ*
خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ* وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ
فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ
) [هود:105-108]
فالنهاية إما شقاء وإما سعادة ، فنسأله سبحانه أن يجعلنا من أهل السعادة.


الأربعون النووية Glitterline-013

فَوَالله الَّذِي لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ : هذا قسم


إِنََّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُوْنُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلاذِرَاعٌ : أي حتى يقرب أجله تماماً. وليس المعنى حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع في مرتبة العمل، لأن عمله الذي عمله ليس عملاً صالحاً،كما جاء في الحديث: ( إِنَّ أَحَدَكم لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ فيما يبدو للناس وهو من أهل النار)

لأنه أشكل على بعض الناس:كيف يعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يبقى بينه وبينها إلا ذراع ثم يسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها !!.

يقول في ذلك شيخنا اين العثيمين رحمه اللــه :
هو عَمِلَ بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس، ولم يتقدم ولم يسبق، ولكن حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع أي بدنو أجله ،
أي أنه قريب من الموت. فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فيدع العمل الأول الذي كان يعمله،
وذلك لوجود دسيسة في قلبه ( والعياذ بالله) هوت به إلى هاوية.

أقول هذا لئلاّ يظن بالله ظن السوء: فوالله ما من أحد يقبل على الله بصدق وإخلاص،
ويعمل بعمل أهل الجنة إلا لم يخذله الله أبداً.

فالله عزّ وجل أكرم من عبده، لكن لابد من بلاء في القلب.


فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا

: فيدع العمل الأول الذي كان يعمله، و هذا فيمن ذكر بعض أهل العلم أنه إما أن يكون منافقاً أو يكون لا يبالي أو نحو ذلك أو أن ظاهر عمله كذلك، لكن نيته مخالفة.

على سبيل المثال : قصة الرجل الذي كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة من غزواته عليه الصلاة والسلام،
وكان هذا الرجل لا يدع شاذة ولا فاذة للعدو إلا قضى عليها، فتعجب الناس منه وقالوا: هذا الذي كسب المعركة،
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فعظم ذلك على الصحابة رضي الله عنهم كيف يكون هذا الرجل
من أهل النار؟ فقال رجل: لألزمنه،أي أتابعه، فتابعه، فأصيب هذا الرجل الشجاع المقدام بسهم من العدو فجزع،
فلما جزع سل سيفه (والعياذ بالله) ثم وضع ذبابة سيفه على صدره ومقبضه على الأرض، ثم اتّكأ عليه حتى خرج
من ظهره، فقتل نفسه، فجاء الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره وقال: أشهد أنك رسول الله، قال: بِمَ
قال: إن الرجل الذي قلت فيه إنه من أهل النار حصل منه كذا وكذا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك:
(إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ فِيْمَا يَبْدُو للِنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ).

ويجب على المرء أن يسعى لأمرين: لتحقيق حسن الخاتمة، وتحاشي سوء الخاتمة،
وهو كل ما كان عمل الإنسان صالحاً أدى بإذن الله إلى حسن الخاتمة،
وكلما ابتعد عن الأعمال السيئة في حياته تحاشى سوء الخاتمة .
ثم لا يتكل على هذا العمل بل يُكثر من الدعاء، بسؤال الله حسن الخاتمة والثبات على هذا الدين،
فرسول الله - صلى الله عليه وسلم – كان يكثر في دعائه ( يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ) .


وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَايَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا :

ونذكر مثالاً على ذلك قصّة الأصيرم من بني عبد الأشهل من الأنصار،كان منابذاً للدعوة الإسلامية عدواً لها، ولما خرج الناس إلى غزوة أحد ألقى الله تعالى في قلبه الإيمان فآمن وخرج في الجهاد وقتل شهيداً، فجاء الناس بعد المعركة يتفقدون قتلاهم وإذا الرجل، فقالوا: ما الذي جاء بك يا فلان، أجئت حدباً على قومك، أم رغبة في الإسلام، قال: بل رغبةفي الإسلام، ثم طلب منهم أن يقرؤوا على النبي صلى الله عليه وسلم السلام، فصار هذا ختامه أن قتل شهيداً مع أنه كان منابذاً للدعوة.

الأربعون النووية Glitterline-013

من فــوائـد الحديـــث :

1 . أن نفخ الروح يكون بعد تمام أربعة أشهر، :لقوله: ثُمَّ يُرْسَلُ إِلَيْهِ المَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيْهِ الرُّوْحَ.
وينبني على هذا:
أ- أنه إذا سقط بعد نفخ الروح فيه فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين ويسمى ويعق عنه،
لأنه صار آدمياً إنساناً فيثبت له حكم الكبير.
ب. أنه بعد نفخ الروح فيه يحرم إسقاطه بكل حال، فإذا نفخت فيه الروح فلا يمكن إسقاطه،لأن إسقاطه حينئذ
يكون سبباً لهلاكه، ولايجوز قتله وهو إنسان.

2 . عناية الله تعالى بالخلق: حيث وكل بهم وهم في بطون أمهاتهم ملائكة يعتنون بهم، ووكل بهم ملائكة إذا خرجوا إلى الدنيا، وملائكة إذا ماتوا، كل هذا دليل على عناية الله تعالى بنا.


3 . أن الملائكة عليهم السلام عبيد يؤمرون وينهون، : فَيُؤمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ والآمرُ له هو الله عزّ وجل.

4 . أن هذه الأربع مكتوبة على الإنسان: رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد. : ولكن هل معنى ذلك أن لا نفعل الأسباب التي يحصل بها الرزق؟
الجواب: بلى نفعل، وما نفعله من أسباب تابع للرزق.
النبي صلى الله عليه وسلم سئل هذا السؤال، فيما رواه الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه فيما أخرجه البخاري وغيره، قال النبي صلى الله عليه وسلم مرة من المرات ( ما من نفس منفوسة إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة أو النار وإلا قد كتب شقياً أو سعيداً، فقال رجل يا رسول الله: أفلا نمكث على كتابنا ) يعني نتكل على كتابنا ( وندع العمل؟ قال: لا، اعملوا فكل ميسر لما خلق له ) فأهل السعادة ميسرون لعمل أهل السعادة وأهل الشقاوة ميسرون لعمل أهل الشقاوة، ثم قرأ صلى الله عليه وسلم ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ﴿5﴾ وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ﴿6﴾ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ﴿7﴾ وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى ﴿8﴾ وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ﴿9﴾ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ﴿10﴾﴾ [الليل:5-10] )

5 . أن الملائكة يكتبون : فلو قال لنا قائل: بأي حرف يكتبون، هل يكتبون باللغة العربية، أم باللغة السريانية، أو العبرية، أو ما أشبه ذلك؟
فالجواب: السؤال عن هذا بدعة، علينا أن نؤمن بأنهم يكتبون، أما بأي لغة فلانقول

6 . أن الإنسان لا يدري ماذا كتب له، : ولذلك أمر بالسعي لتحصيل ما ينفعه، وهذا أمر مسلّم، فكلنا لا يدري ما كتب له، ولكننا مأمورون أن نسعى لتحصيل ما ينفعنا وأن ندع ما يضرنا.

7 . أن نهايةبني آدم أحد الأمرين : إما الشقاء وإما السعادة، قال الله تعال: ( فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ)(هود: الآية105)
وقال تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ )(التغابن: الآية2)


الأربعون النووية Glitterline-013
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طه الفزارى
المشرف العام
المشرف العام
طه الفزارى


ذكر
عدد المساهمات : 965
حسناتى الى الان : 13864
تاريخ الميلاد : 25/09/1980
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
العمر : 44

الأربعون النووية Empty
مُساهمةموضوع: الحديث الخامس   الأربعون النووية I_icon_minitimeالأحد يوليو 12, 2009 8:05 am

الأربعون النووية 14
Crying or Very sad

( دورة شرح الأربعين النوويّة )


الحـــديث " الخــامس "


الأربعون النووية Glitterline-013

(عَنْ أُمِّ المُؤمِنِينَ أُمِّ عَبْدِ اللهِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - قَالَتْ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ : (مَنْ أَحْدَثَ فِيْ أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ) [59] رواه البخاري ومسلم، وفي رواية لمسلم (مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ) )



الأربعون النووية Glitterline-013

معنى الحديث :

في الرواية الاولى:

مَنْ أَحْدَثَ :أي أوجد شيئاً لم يكن .

فِيْ أَمْرِنَا : أي في ديننا وشريعتنا.

مَا لَيْسَ مِنْهُ : أي مالم يشرعه الله ورسوله.

فَهُوَ رَدٌّ: : فإنه مردود عليه حتى وإن صدر عن إخلاص، وذلك لقول الله تعالى:
(وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ) [البينة:5]
ولقوله تعالى:
( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (آل عمران:85)

كما أن هذا الحديث يمثل أيضاً منهاجاً للمسلم في علاقته مع ربه - عزّ وجلّ - فالدين ليس
بالهوى، وليس بالعقل، ( أن يخترع الإنسان من عقله ) وليس
بالمزاج، وليس بالتقليل، وليس بالرغبات
إذاً الدين منهاج ثابت جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عند الله - عزّ وجلّ -

الأربعون النووية Glitterline-013

في الرواية الثّــانية وهي روايةٍ مسلم: مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلِيْهِ أَمْرُنَا فَهوَ رَدٌّ هذه الرواية أعم من رواية مَنْ أَحْدَثَ ( السابقة )
ومعنى هذه الرواية: أن من عمل أي عمل سواء كان عبادة، أو كان معاملة،
أو غير ذلك ليس عليه أمر الله ورسوله فإنه مردود عليه.


الأربعون النووية Glitterline-013

هذا الحديث يّعتبر أصل من أصول الإسلام، دل عليه قوله تعالى:

(وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ) (الأنعام: الآية153]
وكذلك الآيات التي سقناها دالة على هذا الأصل العظيم.

وقد اتفق العلماء - رحمهم الله - أن العبادة لا تصح إلا إذا جمعت أمرين:

أولهما: الإخلاص .
والثاني: المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم ،
والمتابعة أُخذت من هذا الحديث ومن الآية التي سقناها.


الأربعون النووية Glitterline-013


من فــــوائــــد الحديــــث :


1 - تحريم إحداث شيء في دين الله ولو عن حسن قصد، ولو كان القلب يرق لذلك ويقبل عليه، لأن هذا من عمل الشيطان.
فإن قال قائل: لو أحدثت شيئاً أصله من الشريعة ولكن جعلته على صفة معينة لم يأتِ بها الدين، فهل يكون مردوداً أو لا .؟
والجواب: يكون مردوداً، مثل ما أحدثه بعض الناس من العبادات والأذكار والأخلاق وما أشبهها، فهي مردودة .

2 - وليعلم أن المتابعة لا تتحقق إلا إذا كان العمل موافقاً للشريعة في أمور ستة: سببه ، وجنسه، وقدره، وكيفيته، وزمانه، ومكانه.
فإذا لم توافق الشريعة في هذه الأمور الستة فهو باطل مردود، لأنه أحدث في دين الله ما ليس منه.

أولاً: أن يكون العمل موافقاً للشريعة في سببه: وذلك بأن يفعل الإنسان عبادة لسبب لم يجعله الله تعالى سبباً
مثل: أن يصلي ركعتين كلما دخل بيته ويتخذها سنة، فهذا مردود.
مع أن الصلاة أصلها مشروع، لكن لما قرنها بسبب لم يكن سبباً شرعياً صارت مردودة.
مثال آخر: لو أن أحداً أحدث عيداً لانتصار المسلمين في بدر، فإنه يرد عليه، لأنه ربطه بسبب لم يجعله الله ورسوله سبباً.

ثانياً: أن يكون العمل موافقاً للشريعة في الجنس، فلو تعبّد لله بعبادة لم يشرع جنسها فهي غير مقبولة،
مثال ذلك: لو أن أحداً ضحى بفرس،فإن ذلك مردود عليه ولا يقبل منه، لأنه مخالف للشريعة في الجنس،
إذ إن الأضاحي إنما تكون من بهيمة الأنعام وهي: الإبل، والبقر، والغنم.
أما لو ذبح فرساً ليتصدق بلحمها فهذا جائز، لأنه لم يتقرب إلى الله بذبحه وإنما ذبحه ليتصدق بلحمه.

ثالثاً: أن يكون العمل موافقاً للشريعة في القدر: فلو تعبد شخص لله عزّ وجل بقدر زائد على الشريعة لم يقبل منه،
ومثال ذلك: رجل توضأ أربع مرات أي غسل كل عضو أربع مرات،فالرابعة لا تقبل،
لأنها زائدة على ما جاءت به الشريعة، بل قد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثاً وقال:
( مَنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ أَسَاءَ وَتَعَدَّى وَظَلَمَ )

رابعاً: أن يكون العمل موافقاً للشريعة في الكيفية: فلو عمل شخص عملاً، يتعبد به لله وخالف الشريعة في كيفيته،
لم يقبل منه، وعمله مردود عليه.
ومثاله: لو أن رجلاً صلى وسجد قبل أن يركع، فصلاته باطلة مردودة، لأنها لم توافق الشريعة في الكيفية.
وكذلك لو توضأ منكساً بأن بدأ بالرجل ثم الرأس ثم اليد ثم الوجه فوضوؤه باطل، لأنه مخالف للشريعة في الكيفية.

خامساً: أن يكون العمل موافقاً للشريعة في الزمان: فلو صلى الصلاة قبل دخول وقتها،
فالصلاة غير مقبولة لأنها في زمن غير ما حدده الشرع.
ولو ضحى قبل أن يصلي صلاة العيد لم تقبل لأنها لم توافق الشرع في الزمان.
ولو اعتكف في غير زمنه فإنه ليس بمشروع لكنه جائز، لأن النبي صلى الله عليه وسلم
أقرّ عمر ابن الخطاب رضي الله عنه على الاعتكاف في المسجد الحرام حين نذره.
ولو أن أحداً أخّر العبادة المؤقتة عن وقتها بلا عذر كأن صلى الفجر بعد طلوع الشمس غير معذور،
فصلاته مردودة، لأنه عمل عملاً ليس عليه أمر الله ورسوله.

سادساً: أن يكون العمل موافقاً للشريعة في المكان: فلو أن أحداً اعتكف في غير المساجد بأن يكون
قد اعتكف في المدرسة أو في البيت، فإن اعتكافه لا يصح لأنه لم يوافق الشرع في مكان الاعتكاف،
فالاعتكاف محله المساجد.

فانتبهوا أخوتي لهذه الأصول الستة وطبقن عليها كل الأعمال التي تمر بنا


الأربعون النووية Glitterline-013

وهذه أمثلة على جملة من الأمور المردودة لأنها مخالفة لأمر الله ورسوله.

المثال الأول:من باع أو اشترى بعد الأذان الثاني يوم الجمعة وهو ممن تجب عليه الجمعة فعقده باطل،
لأنه مخالف لأمر الله ورسوله.فلو وقع هذا وجب رد البيع، فيرد الثمن إلى المشتري وترد السلعة إلى البائع،
ولهذا لما أُُخبِر النبي صلى الله عليه وسلم بأن التمر الجيد يؤخذ منه الصاع بصاعين والصاعين بثلاثة قال:
رده، أي رد البيع لأنه على خلاف أمر الله ورسوله

المثال الثاني :رجل صلى نفلاً بغير سبب في أوقات النهي،فعمله هذا مردود لأنه منهي عنه لنفسه.

الأربعون النووية Glitterline-013

وأمّا في رواية مسلم: مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ

منطوق الحديث: أنه إذا لم يكن عليه أمر الله ورسوله فهو مردود،
وهذا في العبادات لا شك فيه، لأن الأصل في العبادات المنع حتى يقوم دليل على مشروعيتها.

فلو أن رجلاً تعبد لله عزّ وجل بشيءٍجاء به من نفسه وأنكر عليه إنسان، فقال: ما الدليل على أنه حرام؟
فالقول هنا قول الرجل الذي انكر ويقول الدليل: هو أن الأصل في العبادات المنع والحظر حتى يقوم دليل على أنها مشروعة.

أما غير العبادات فالأصل فيها الحل، سواء من الأعيان، أو من الأعمال .

مثال الأعيان: رجل صاد طيراً ليأكله، فأُنكر عليه، فقال: ما الدليل على التحريم؟ فالقول هنا بصحة صيد الرجل
لأن الأصل الحل كما قال الله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ) (البقرة: الآية29) .

ومثال الأعمال:غير العبادات الأصل فيها الحل،ما لم ياتي نص من الشريعة يحرمها
مثال ذلك: رجل عمل عملاً في بيته، أو في سيارته،أو في لباسه أو في أي شيء

من أمور دنياه فلم ياتي فيه بتحريم وأنكر عليه رجل آخر فنقول:أين الدليل على التحريم؟
إذا الجواب أن الأصل هو الحِلّ أي المشروعيّة .

الأربعون النووية Glitterline-013

فهاتان قاعدتان مهمتان مفيدتان:

القــــاعدة الأولى في العبادات
وتقسم الى ثلاثة اقسام:


الأول: ما علمنا أن الشرع شرع من العبادات، فيكون مشروعاً.

الثاني: ما علمنا أن الشرع نهى عنه، فهذا يكون ممنوعاً.

الثالث: ما لم نعلم عنه من العبادات، فهو ممنوع.

و من خرج عن هذا المنهج خرج من مقتضى السنة، إلى مقتضى البدعة؛ ولذلك سمى الرسول -
صلى الله عليه وسلم - أن من خرج عن سنته - صلى الله عليه وسلم - خرج من السنة
إلى البدعة فقال(
عليكم بسنتي وسنة الخلافاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها
وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة
)
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - أيضاً في حديث آخر :
(
إن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم
وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار
).

القــــاعدة الثانية في المعاملات والأعيان
:فنقول هي ثلاثة أقسام أيضاً:


الأول: ما علمنا أن الشرع أذن فيه، فهو مباح، مثال على ذلك :أكل النبي صلى الله عليه وسلم من حمر الوحش .

الثاني: أما ما علمنا أن الشرع نهى عنه كعدم أكل ذات الناب من السباع، فهذا ممنوع.

الثالث: و ما لم نعلم عنه، فهو مباح، لأن الأصل في غير العبادات الإباحة.



الأربعون النووية Glitterline-013
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طه الفزارى
المشرف العام
المشرف العام
طه الفزارى


ذكر
عدد المساهمات : 965
حسناتى الى الان : 13864
تاريخ الميلاد : 25/09/1980
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
العمر : 44

الأربعون النووية Empty
مُساهمةموضوع: الحديث السادس   الأربعون النووية I_icon_minitimeالأحد يوليو 12, 2009 8:11 am

الأربعون النووية 14
Crying or Very sad
( دورة شرح الأربعين النوويّة )

الحـــديث " السّــادس "


الأربعون النووية Glitterline-013

(عَنْ أَبِيْ عَبْدِ اللهِ النُّعْمَانِ بْنِ بِشِيْر رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُوْلُ: (إِنَّ الحَلالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا أُمُوْرٌ مُشْتَبِهَات لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيْرٌ مِنَ النَّاس،ِ فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرأَ لِدِيْنِهِ وعِرْضِه، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرتَعَ فِيْهِ. أَلا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمَىً . أَلا وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ، أَلا وإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ وإذَا فَسَدَت فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ أَلا وَهيَ القَلْبُ) . )

رواه البخاري ومسلم


معنى الحديث :


إِنَّ الحَلالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الحَرَامَ بَيِّنٌ :

في هذا الحديث تقسيمً للأحكام إلى ثلاثةِ أقسام:

1 - حلال بيّن كلٌّ يعرفه : كالثمر، والبر، واللباس غير المحرم وأشياء ليس لها حصر.
2 - حرامٌ بيّن كلٌّ يعرفه : كالزنا، والسرقة، وشرب الخمر وما أشبه ذلك.
3 - مشتبه لا يعرف هل هو حلال أوحرام؟
وسبب الاشتباه فيها إما : الاشتباه في الدليل، وإما الاشتباه في انطباق الدليل على المسألة،
فتارةً يكون الاشتباه في الحكم، وتارةً يكون في محل الحكم.

( الاشتباه في الدليل ) : بأن يكون الحديث:
أولاً: هل صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أم لم يصحّ؟
ثانياً: هل يدل على هذا الحكم أو لا يدل؟
وهذا يقع كثيراً، فما أكثر ما يُشكِلُ الحديث: هل ثبت أم لم يثبت؟ وهل يدل على هذا أو لا يدل؟

( وأما الاشتباه في محل الحكم ) : فهل ينطبق هذا الحديث على هذه المسألة بعينها أو لا ينطبق؟

لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيْرٌ مِنَ النَّاسِ :
يعني هذه المشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ويعلمهن أيضاً كثير، فكثير لا يعلم وكثير يعلم،
وهنا لم ينفرد صلّى الله عليه وسلّم بـِ : لايعلمهن أكثر الناس،
فلو قال:لا يعلمهن أكثر الناس لصار الذين يعلمون قليلاً فقط .
إذاً فقوله لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيْرٌ مِنَ النَّاسِ يعني إما لقلة علمهم، وإما لقلة فهمهم، وإما لتقصيرهم في المعرفة.

الأربعون النووية Glitterline-013

فَمَن اِتَّقَى الشُّبُهَاتِ : أي تجنبها.

فَقَدِ اِسْتَبْرَأَ : أي أخذ البراءة.

لِدِيْنِهِ : فيما بينه وبين الله تعالى.

وَعِرْضِهِ : فيما بينه وبين الناس، لأن الأمور المشتبهة إذا ارتكبها الإنسان صار عرضة للناس يتكلمون في عرضه بقولهم: هذا رجل يفعل كذا ويفعل كذا، وكذلك فيما بينه وبين الله تعالى.

وَمَنْ وَقَعَ فَي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فَي الحَرَامِ: أي فعلها وَقَعَ في الحَرَامِ هذا الجملة تحتمل معنيين:
الأول:أن ممارسة المشتبهات حرام.
الثاني:أنه ذريعة إلى الوقوع في المحرم،وبالنظر في المثال الذي ضربه صلى الله عليه وسلم
يتضح لنا أي المعنيين أصح.والمثال المضروب: كَالرَّاعِي أي راعي الإبل أو البقر أو الغنم.

الأربعون النووية Glitterline-013

يَرْعَى حَوْلَ الِحمَى :

الحمى تعني المكان المُحمى أي المحذور على غير مالكه ،
مثلاً الملوك يكون لهم عادةَ مساحات وأملاك محمية يعني محذورة على الغير أي لا يقربها الناس ،

ويرعى حول الحمى أي حول المكان المحمي،لأنه قد يُتخذ مكانٌ يُحمَى ( فلا يُرعَى فيه إما بحق أو بغير حق )،
والراعي عندما يذهب بقطيعه حول هذه القطعة يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيْهِ أي يقرب أن يقع فيه ،لماذا !
لأن البهائم إذا رأت هذه الأرض المحمية مخضرة مملوءة من العشب فسوف
تدخل هذه القطعة المحمية،ويصعب منعها،

وكذلك المشتبهات إذا حام حولها العبد فإنه يصعب عليه أن يمنع نفسه عنها.
وبهذا المثال يقرب أن معنى قوله مَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الحَرَامِ أي أوشك
أن يقع في الحرام، لأن المثال يوضح المعنى.

وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمَى أَلاَ وإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارمُهُ : والمعنى:ألا وإن (حمى الله )هي ( محارم الله )،فإياك أن تقربها،لأن محارم الله كالأرض المحمية للملك لا يدخلها أحد.

الأربعون النووية Glitterline-013

أَلاَ وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةٌ :والمعنى:ألا وإن في جسد الإنسان مضغة،أي قطعة لحم بقدر ما يمضغه الإنسان عند الأكل،وهي بمقدار الشيء الصغير.

إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلاَ وَهِيَ القَلْبُ : رتب النبي صلى الله عليه وسلم الجزاء على الشرط،فمتى صلح القلب صلح الجسد،وإذا فسدت فسد الجسد كله.


الأربعون النووية Glitterline-013
من فــــوائــــد الحديــــث :


1 - أن الأشياء تنقسم إلى ثلاثة أقسام: حلال بيّن، حرام بيّن،مشتبه، وحكم كل نوع ومثاله أن نقول:
* الحلال البين لا يلام أحد على فعله، ومثاله التمتع بما أحل الله من الحبوب والثمار،فهذا حلال بين ولا معارض له.
* الحرام البيّن وهذا يلام كل إنسان على فعله،ومثاله كالخمر والميتة والخنزير وما أشبه ذلك،فهذا حكمه ظاهر معروف.
* وهناك أمور مشتبهة: وهذه محل الخلاف بين الناس،فتجد الناس يختلفون فيها فمنهم من يحرم،ومنهم من يحلل،ومنهم من يتوقف،ومنهم من يفصّل.

2 - أسباب الاشتباه أربعة: .

أولاً: قلة العلم ، فقلة العلم توجب الاشتباه،لأن واسع العلم يعرف أشياء لا يعرفها الآخرون.

ثانياً: أن يكون العمل موافقاً للشريعة في الجنس، قلة الفهم: أي ضعف الفهم،وذلك بأن يكون صاحب علمٍ واسعٍ كثير، ولكنه لا يفهم،فهذا تشتبه عليه الأمور.

ثالثاً: التقصير في التدبر ، بأن لا يتعب نفسه في التدبر والبحث ومعرفة المعاني بحجة عدم لزوم ذلك.

رابعاً: وهو أعظمها: سوء القصد ، بأن لا يقصد الإنسان إلا نصر قوله فقط بقطع النظر عن كونه صواباً أو خطأً، فمن هذه نيته فإنه يحرم الوصول إلى العلم،نسأل الله العافية،لأنه يقصد من العلم اتباع الهوى.
وهذا الاشتباه لا يكون على جميع الناس بدليلين: أحدهما من النص وهو قوله صلى الله عليه وسلم : لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيْرٌ مِنَ النَّاسِ يعني كثيراً يعلمهن،والثاني من المعنى فلو كانت النصوص مشتبهة على جميع الناس، لم يكن القرآن بياناً ولبقي شيء من الشريعة مجهولاً،وهذا متعذر وممتنع.

3 - حكمة الله عزّ وجل في ذكر المشتبهات حتى يتبين من كان حريصاً على طلب العلم ومن ليس بحريص.

4 - أنه لا يمكن أن يكون في الشريعة مالا يعلمه الناس كلهم،لقوله: لاَ يعْلَمُهُنَّ كَثِيْرٌ مِنَ النَّاسِ.

5 - الحث على اتقاء الشبهات، لكن هذا مشروط بما إذا قام الدليل على الشبهة،أما إذا لم يقم الدليل على وجود شبهة اتقاء الشبهات كان ذلك وسواساً وتعمقاً، لكن إذا وجد ما يوجب
الاشتباه فإن الإنسان مأمور بالورع وترك المشتبه، أما مالا أصل له فإن تركه تعمّق.
مثال ذلك: ما ثبت في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنه أن قوماً أتوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم
وقالوا:يا رسول الله إن قوماً يأتوننا باللحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا؟
فقال: سَمُّوْا أَنْتُمْ وَكُلُوا قالت: وكانوا حديثي عهد بكفر

فهنا هل نتّقي هذا اللحم لأنه يُخشى أنهم لم يذكروا اسم الله عليه؟
والجواب: لا نتقيه، لأنه ليس هناك ما يوجب الاتقاء، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم :
سَمُّوْا أَنْتُمْ وَكُلُوا فكأن في هذا نوعاً من اللوم عليهم، كأنه عليه الصلاة والسلام يقول: ليس
لكم شأن فيما يفعله غيركم، بل الشأن فيما تفعلونه أنتم، فسمّوا أنتم وكلوا.

ومن ذلك أيضاً: أن يقع على ثوب الإنسان أثر ولا يدري أنجاسة هو أم لا؟ فهل يتقي هذا الثوب أو لا يتقيه؟
الجواب: ينظر: إذا كان هناك احتمال أن تكون نجاسة فإنه يتجنبه، وكلما قوي الاحتمال قوي طلب الاجتناب،
وإذا لم يكن احتمال فلا يلتفت إليها، ولهذا قطع النبي صلى الله عليه وسلم هذا بقوله حين سُئل عن الرجل
يشكل عليه أحدث أم لا وهو في الصلاة فقال: لاَ يَنْصَرِفَ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتَاً أَوْ يجِدَ رِيْحَاً .

فالقاعدة: أنه إذا وجد احتمال الاشتباه فهنا إن قوي قوي تركه، وإن ضعف ضعف تركه،
ومتى لم يوجد احتمال أصلاً فإن تركه من التعمّق في الدين المنهي عنه..


6 - أن الواقع في الشبهات واقع في الحرام، لقوله: مَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الحَرَامِ


7 - حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم ،، وذلك بضرب الأمثال المحسوسة لتتبين بها المعاني المعقولة، وهذا هو طريقة القرآن الكريم،قال الله تعالى: ( وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ) (العنكبوت:43)
فمن حسن التعليم أن المعلم يقرب الأشياء المعقولة بالأشياء المحسوسة، لقوله: كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيْهِ . لقوله: مَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الحَرَامِ

8 - سد الذرائع، أي أن كل ذريعة توصل إلى محرم يجب أن تغلق لئلا يقع في المحرّم. وسد الذرائع دليل شرعي، فقد جاءت به الشريعة، ومن ذلك قول الله تعالى: ( وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ)(الأنعام: من الآية108)
فنهى عن سبّ آلهة المشركين لأنها ذريعة إلى سبّ الله تعالى، مع أن سبّ آلهة المشركين
سبٌّ بحق، وسب الله تعالى عدوٌ بغير علم.

9 - أن المدار في الصلاح والفساد على القلب، إذا صلح صلح الجسد كلّه، وإذا فسد فسد الجسد كله.
ويتفرّع على هذه الفائدة: أنه يجب العناية بالقلب أكثر من العناية بعمل الجوارح، لأن القلب عليه مدار الأعمال، والقلب هو الذي يُمتحن عليه الإنسان يوم القيامة، كما قال الله تعالى: (أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ* وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ) [العاديات:9-10] وقال تعالى: (إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ* يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ) [الطارق:8-9[

فطهّر قلبك من الشرك والبدع والحقد على المسلمين والبغضاء، وغير ذلك من الأخلاق أو العقائد المنافية للشريعة، فإن القلب هو الأصل.

10 - في الحديث ردٌّ على العصاة الذين إذا نهوا عن المعاصي قالوا: التقوى هاهنا وضرب أحدهم على صدره، فاستدل بحق على باطل، لأن الذي قال: التَّقْوَى هَاهُنَا هو النبي صلى الله عليه وسلم ومعناه في الحديث: إذا اتقى ما هاهنا اتّقت الجوارح، لكن هذا يقول: التقوى هاهنا يعني أنه سيعصي الله،والتقوى تكون في القلب.

والجواب عن هذا التشبيه والتلبيس سهل جداً بأن نقول:
لو صلح ما هاهنا، صلح ما هناك ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّه، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ .

الأربعون النووية Glitterline-013
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طه الفزارى
المشرف العام
المشرف العام
طه الفزارى


ذكر
عدد المساهمات : 965
حسناتى الى الان : 13864
تاريخ الميلاد : 25/09/1980
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
العمر : 44

الأربعون النووية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأربعون النووية   الأربعون النووية I_icon_minitimeالثلاثاء يوليو 14, 2009 7:46 am

الأربعون النووية 14
Crying or Very sad

( دورة شرح الأربعين النوويّة )


الحـــديث " السّــابــع "



(عَنْ أَبِيْ رُقَيَّةَ تَمِيْم بْنِ أَوْسٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: ( الدِّيْنُ النَّصِيْحَةُ قُلْنَا: لِمَنْ يَارَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: للهِ،ولكتابه، ولِرَسُوْلِهِ، وَلأَئِمَّةِ المُسْلِمِيْنَ، وَعَامَّتِهِمْ ) )
رواه مسلم

الأربعون النووية Glitterline-013

معنى الحديث :

الدِّيْنُ النَّصِيْحَةُ :الدين: هو الملة، والمراد به: دين الإسلام،والنصيحة هي في الشرع : إرادة الخير للمنصوح له، ففلان نصح فلانا بمعنى: أنه أراد له الخير في هذه المسألة،أو هذه القضية التي نصح فيها.وقوله ايضاً: (الدين النصيحة) كأنه حصر الدين بالنصيحة، هذا من باب الاهتمام بهذه النصيحة، بأنها تحتل مكانا كبيرا في هذا الدين، مثل قوله: (الحج عرفة) وهذا يدل على: أن عرفة الركن الأعظم من أركان الحج؛ لأنه جعل الحج هو عرفة، يعنى الوقوف بعرفة. كذلك هنا قال: (الدين النصيحة)لأن النصيحة تأخذ مكانا عظيما في الدين.

قُلْنَا: لِمَنْ يَارَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: للهِ،ولكتابه، ولِرَسُوْلِهِ، وَلأَئِمَّةِ المُسْلِمِيْنَ، وَعَامَّتِهِمْ :

أي لله عز وجلولكتابه القرآن، ولرسوله محمد صلى الله عليه وسلمولأئمة المسلمين :أئمة جمع إمام، والإمام: القدوة كما قال تعالى: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ)النحل: الآية120 أي قدوة، ومنه قول عباد الرحمنوَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً)الفرقان: الآية74 يعني أئمة المسلمين هم حكامهم وعلمائهم، فالحكام هم الذين يديرون شئون المسلمين، وعلمائهم هم الذين يديرون أمور دينهم،وعامتهم: سوى الحكام والعلماء.

الأربعون النووية Glitterline-013

النصيحة لله تتضمن أمرين:

الأول:إخلاص العبادة له.
الثاني: الشهادة له بالوحدانية في ربوبيته وألوهيته، وأسمائه وصفاته.


والنصيحة لكتابه تتضمن أموراً منها:

الأول: الذبّ عنه، بأن يذب الإنسان عنه تحريف المبطلين، ويبيّن بطلان تحريف من يحرّفه.الثاني: تصديق خبره تصديقاً جازماً لا مرية فيه، فلو كذب خبراً من أخبار الكتاب لم يكن ناصحاً،ومن شك فيه وتردد لم يكن ناصحاً.

الثالث: امتثال أوامره فما ورد في كتاب الله من أمر فامتثله، فإن لم تمتثل لم تكن ناصحاً له.الرابع: اجتناب ما نهى عنه، فإن لم تفعل لم تكن ناصحاً.الخامس: أن تؤمن بأن ما تضمنه من الأحكام هو خير الأحكام، وأنه لا حكم أحسن من أحكام القرآن الكريم.السادس: أن تؤمن بأن هذا القرآن كلام الله عزّ وجل حروفه ومعناه، تكلم به حقيقة، وتلقاه جبريل من الله عزّ وجل ونزل به على قلب النبي صلى الله عليه وسلم ليكون من المنذرين بلسان عربي مبين.

الأربعون النووية Glitterline-013

والنصيحة لرسوله تكون بأمور منها:

الأول: تجريد المتابعة له، وأن لا تتبع غيره،لقول الله تعالى لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) الأحزاب:21
الثاني: الإيمان بأنه رسول الله حقاً، لم يَكذِب، ولم يُكذَب، فهو رسول صادق مصدوق.
الثالث: أن تؤمن بكل ما أخبر به من الأخبار الماضية والحاضرة والمستقبلة.
الرابع: أن تمتثل أمره.
الخامس: أن تجتنب نهيه.
السادس: أن تذبّ عن شريعته.
الســابع: أن تعتقد أن ما جاء عن رسول الله فهو كما جاء عن الله تعالى في لزوم العمل به، لأن ما ثبت في السنة فهو كالذي جاء في القرآن . قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ) النساء: الآية59وقال تعالى (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) النساء: الآية80
الثامــن: نصرة النبي صلى الله عليه وسلم إن كان حياً فمعه وإلىجانبه،وإن كان ميتاً فنصرة سنته صلى الله عليه وسلم.

الأربعون النووية Glitterline-013

وأمّا النصيــحة لأئمّـة المسلميــن :

أئمة المسلمين هم صنفان من الناس:
الصنف الأوّل: هم العلماء، والمراد بهم العلماء الربانيون الذين ورثوا النبي صلى الله عليه وسلم علماً وعبادة وأخلاقاً ودعوة، وهؤلاء هم أولو الأمر حقيقة، لأن هؤلاء يباشرون العامة،ويباشرون الأمراء، ويبينون دين الله ويدعون إليه.

الصنف الثّاني: هم الأمراء المنفذون لشريعة الله، ولهذا نقول:العلماء مبينون، والأمراء منفذون يجب عليهم أن ينفذوا شريعة الله عزّ وجل في أنفسهم وفي عباد الله.

والنصيحة للعلماء تكون بأمورٍ منها:

الأول: محبتهم، لأنك إذا لم تحب أحداً فإنك لن تتأسّى به.
الثاني:معونتهم ومساعدتهم في بيان الحق، فتنشر كتبهم بالوسائل الإعلامية المتنوعةالتي تختلف في كل زمان ومكان.
الثالث: الذبّ عن أعراضهم، بمعنى أن لا تقرّ أحداً على غيبتهم والوقوع في أعراضهم،وإذا نسب إلى أحدٍ من العلماء الربانيين شيء يُستنكر .

الرابع: أنك إذا رأيت منهم خطأ فلا تسكت وتقول: هذا أعلم مني،بل تناقش بأدب واحترام، لأنه أحياناً يخفى على الإنسان الحكم فينبهه من هو دونه في العلم فيتنبه وهذا من النصيحة للعلماء.

الخامس: أن تدلهم على خير ما يكون في دعوة الناس، فإذا رأيت هذا العالم محباً لنشر العلمويتكلم في كل مكان وترى الناس يتثاقلونه ويقولون هذا أثقل علينا، كلما جلسنا قام يحدّث،فمن النصيحة لهذا العالم أن تشير عليهأن لا يتكلم إلا فيما يناسب المقام، لاتقل:إني إذا قلت ذلك منعته من نشر العلم، بل هذا في الواقع من حفظ العلم، لأن الناس إذا ملّوا سئموا من العالم ومن حديثه.ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخول أصحابه بالموعظة، يعني لا يكثر الوعظ عليهم مع أن كلامه صلى الله عليه وسلممحبوب إلى النفوس لكن خشية السآمة، والإنسان يجب أن يكون مع الناس كالراعي يختار ما هو أنفع وأجدى.


الأربعون النووية Glitterline-013

والنصيحة للأمراء تكون بأمور منها:

الأول: اعتقاد إمامتهم وإمرتهم، فمن لم يعتقد أنهم أمراء فإنه لم ينصح لهم،لأنه إذا لم يعتقد أنهم أمراء فلن يمتثل أمرهم ولن ينتهي عما نهوا عنه، فلا بد أن تعتقد أنه إمام أو أنه أمير،ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية، ومن تولى أمر المسلمين ولو بالغلبة فهو إمام،

الثاني:نشر محاسنهم في الرعية، لأن ذلك يؤدي إلى محبة الناس لهم،وإذا أحبهم الناس سهل انقيادهم لأوامرهم .وهذا عكس ما يفعله بعض الناس حيث ينشر المعايب ويخفي الحسنات،فإن هذا جورٌ وظلم.فمثلاً يذكر خصلة واحدة مما يُعيب به على الأمراء وينسى خصالاً كثيرة مما قاموا به من الخير، وهذا هو الجور بعينه.

الثالث: امتثال ما أمروا به وما نهوا عنه، إلا إذا كان في معصية الله عزّ وجل لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وامتثال طاعتهم عبادة وليست مجرد سياسة، بدليل أن الله تعالى أمر بها فقال عزّ وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأولي الأمر منكم) النساء:59فجعل ذلك من مأموراته عزّ وجل، وما أمر الله تعالى به فهو عبادة.
ولا يشترط في طاعتهم ألاّ يعصوا الله،فأطعهم فيما أمروا به لأنك مأمور بطاعتهم وإن عصوا الله في أنفسهم.

الرابع: ستر معايبهم مهما أمكن، وجه هذا: أنه ليس من النصيحة أن تقوم بنشر معايبهم،لما في ذلك من ملئ القلوب غيظاً وحقداً وحنقاً على ولاة الأمور،وإذا امتلأت القلوب من ذلك حصل التمرّد وربما يحصل الخروج على الأمراء فيحصل بذلك من الشر والفساد ما الله به عليم.وليس معنى قولنا: ستر المعايب أن نسكت عن المعايب، بل ننصح الأمير مباشرة إن تمكنا،وإلا فبواسطة من يتصل به من العلماء وأهل الفضل.
ولهذا أنكر أسامة بن زيد رضي الله عنه على قوم يقولون: أنت لم تفعل ولم تقل لفلان ولفلان يعنون الخليفة، فقال كلاماً معناه: (أتريدون أن أحدثكم بكل ما أحدث به الخليفة) فهذا لا يمكن.فلا يمكن للإنسان أن يحدث بكل ما قال للأمير، لأنه إذا حدث بهذا فإما أن يكون الأمير نفذ ما قال،فيقول الناس: الأمير خضع وذل، وإما أن لا ينفذ فيقول الناس: عصى وتمرّد.
ولذلك من الحكمة إذا نصحت ولاة الأمور أن لا تبين ذلك للناس،لأن في ذلك ضرراً عظيماً.

الخامس: عدم الخروج عليهم، وعدم المنابذة لهم، ولم يرخص النبي صلى الله عليه وسلمفي منابذتهم إلا كما قال: (أَنْ تَرَوا) أي رؤية عين أو رؤية علم متيقنة ( كُفْرَاً بَوَاحَاً )أي واضحاً بيّناً. ( عِنْدَكُمْ فِيْهِ مِنَ اللهِ بُرْهَانٌ ) أي دليل قاطع.
ثم إنا نقول: ما ميزان الكفر؟ فقد يرى البعض هذا كفراً و البعض لايراه كفراً، ولهذا قيد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله
( كُفْرَاً بَوَاحَاً ) ليس فيه احتمال،كما لو رأيته يسجد للصنم، أو سمعته يسب الله، أو رسوله أو ما أشبه ذلك.


الأربعون النووية Glitterline-013

النصح لعامة المسلمين:

أي عوام المسلمين، والنصح لعامة المسلمين بأن تبدي لهم المحبة، وبشاشة الوجه، وإلقاء السلام، والنصيحة، والمساعدة ، وغير ذلك مما هو جالب للمصالح دافعٌ للمفاسد.واعلم أن خطابك للواحد من العامة ليس كخطابك للواحد من الأمراء، وأن خطابك للمعاند ليس كخطابك للجاهل، فلكل مقام مقال، فانصح لعامة المسلمين ما استطعت.
وبهذا نعرف أن هذا الحديث على اختصاره جامع لمصالح الدنيا والآخرة.


من آداب النصيـــحة :

الأمر الأول: إخلاص الناصح لنصيحته، بمعنى أن يخرج الناصح هذه النصيحة بإخلاص لله -عز وجل- ويعتقد أن ذلك عبودية لله -سبحانه وتعالى- فيخلص هذه العبودية لله -جل وعلا-

الامر الثاني: أن يكون الهدف من النصيحة هو إرادة الخير،و إشاعته في المجتمع،

الأمر الثالث: من آداب النصيحة أن تكون في محلها، فالنصيحة بين الناصح والمنصوح له،وليس أمام الناس وقد قيل أنه من نصحك أمام الناس فقد فضحك،إلا إذا كانت النصيحة لعامة الناس و بإجمال القول مثال على ذلك : كقول خطيب الجمعة :ما بال أقوام،
فلا يحدد الاشخاص في العلن،أما إذا كانت النصيحة موجهة لفرد أو أفراد من الناس معينين فيجب أن تكون فيما بينه وبينهم؛ لأن النفس ترفض أن يعلن عن خفاياها وعن أمورها وعن أسرارها عند الناس،
الأمر الرابع: من الآداب أيضا العلم؛ لأن الناصح لا يتبع الشائعات، فيجب العلم بالمنصوح فيه، والعلم أيضا بما يقتضيه كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- بهذا المنصوح،

الأمر الخامس: من الآداب ايضاً إستخدام الألفاظ الطيبة، الكلام الحسن،والقول اللين في هذه النصيحة، يكفى أن نضرب مثالا واحد: الله -سبحانه وتعالى- لما أرسل موسى وهارون إلى فرعون ماذا قال؟ : ﴿ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا ﴾لذلك الله -سبحانه وتعالى- يرسم لنا منهج في الدعوة إلى الله في النصيحة أن تكون بالأسلوب الحسن والحكمة، ووضع الشيء في موضعه وهكذا؛ ولذلك يقول الله -سبحانه وتعالى- :﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ )

الأربعون النووية Glitterline-013

من فــــوائــــد الحديــــث :

1 - أهمية النصيحة في هذه المواضع،المذكورة في الحديث وَجهَ ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم جعلها الدين فقال: الدِّيْنُ النَّصِيْحةُ
2 - حسن تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم حيث يذكر الشيء مجملاً ثم يفصّله، لقوله: الدِّيْنُ النَّصِيْحَةُ.
3 - حرص الصحابة رضي الله عنهم على العلم، وأنهم لن يدعوا شيئاً يحتاج الناس إلى فهمه إلا سألوا عنه،
4 - البداءة بالأهم فالأهم، حيث بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بالنصيحة لله، ثم للكتاب،ثم للرسول صلى الله عليه وسلم ثم لأئمة المسلمين، ثم عامتهم.

5- وجوب النصيحة لأئمة المسلمين،من أمراءٍ وعلماء.
6 - الإشارة إلى أن المجتمع الإسلامي لابد له من إمام، والإمامة قد تكون عامة، وقد تكون خاصة


الأربعون النووية Glitterline-013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طه الفزارى
المشرف العام
المشرف العام
طه الفزارى


ذكر
عدد المساهمات : 965
حسناتى الى الان : 13864
تاريخ الميلاد : 25/09/1980
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
العمر : 44

الأربعون النووية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأربعون النووية   الأربعون النووية I_icon_minitimeالثلاثاء يوليو 14, 2009 7:56 am

الأربعون النووية 14
Crying or Very sad

( دورة شرح الأربعين النوويّة )



الحـــديث " الثّـــــامن "

الأربعون النووية Glitterline-013

(عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ قَالَ:أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدَاً رَسُوْلُ اللهِ وَيُقِيْمُوْا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءهَمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّ الإِسْلامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ تَعَالَى. )

رواه البخاري ومسلم


الأربعون النووية Glitterline-013
معنى الحديث :

أُمِرْتُ :أي أمرني ربي.أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ : هذا هو المأمور به ،والمقاتلة غير القتل ! - فالمقاتلة: أن يسعى في جهاد الأعداء حتى تكون كلمة الله هي العليا.-والقتل: أن يقتل شخصاً بعينه، ولهذا نقول: ليس كل ما جازت المقاتلة جاز القتلفالقتل أضيق ولا يجوز إلا بشروط معروفة، والمقاتلة أوسع، قال الله تبارك وتعالى: ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىفَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّه) الحجرات: الآية9 فأمر بقتالها وهي مؤمنة لايحل قتلها ولا يباح دمها لكن من أجل الإصلاح.

ولذلك أمرت الأمة أن توافق الإمام في قتال أهل البغي الذين يخرجون على الإمام بشبهة، قالوا: فإذا قرر الإمام أن يقاتلهم وجب على الرعيّة طاعته وموافقته دفعاً للشر والفساد، وهنا نقاتل مسلمين لأجل إقامة العدل وإزالة الفوضى. وقاتل أبو بكر الصديق رضي الله عنهمانعي الزكاة ولكن لايقتلهم، بل قاتلهم حتى يذعنوا للحق .


حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ

: (حتى) هل هي للتعليل بمعنى أن أقاتل ليشهدوا، أو هي للغاية بمعنى أقاتلهم إلى أن يشهدوا؟والجواب: هي تحتمل أن تكون للتعليل ولكن الثاني أظهر، يعني أقاتلهم إلى أن يشهدوا.حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله أي حتى يشهدوا بألسنتهم وبقلوبهم،لكن من شهد بلسانه عصم دمه وماله، وقلبه إلى الله عزّ وجل.
أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله أي لا معبود حقّ إلا الله عزّ وجل، فهو الذي عبادته حقّ، وما سواه فعبادته باطلة.

وَأَنَّ مُحَمَّدَاً رَسُوْلُ اللهِ

: هوابن عبد الله، وأبرز اسمه ولم يقل: وأني رسول الله للتفخيم والتعظيم. ورسول الله: يعني مرسله.

وَيُقِيْمُوْا الصَّلاةَ

: أي يفعلوها قائمة وقويمة على ماجاءت به الشريعة. والصلاة هنا عامة، لكن المراد بها الخاص، وهي الصلوات الخمس، ولهذا لو تركوا النوافل فلا يقاتلون

وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ

: أي يعطوها مستحقّها. والزكاة: هي النصيب المفروض في الأموال الزكوية. ففي الذهب مثلاً والفضة وعروض التجارة: ربع العشر، أي واحد من أربعين. وفيما يخرج من الأرض مما فيه الزكاة: نصف العشر إذا كان يسقى بمؤونة، والعشر كاملاً إذا كان يسقى بلا مؤونة. وفي الماشية: كما هو في السُّنة.


الأربعون النووية Glitterline-013

فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ :

أي شهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة.
عَصَمُوا: أي منعوا.

مِنِّي دِمَاءهَم وَأَمْوَالَهُم :
أي فلا يحل أن أقاتلهم وأستبيح دماءهم، ولا أن أغنم أموالهم، لأنهم دخلوا في الإسلام ،
إِلاَّ بِحَقِّ الإِسْلامِ : هذا استثناء لكنه استثناء عام، يعني: إلا أن تباح دماؤهم وأموالهم بحق الإسلام، يعنى أنه لا يتعرض إلى الدماء والأموال إلا بما أوجبه الإسلام عليهمكأن يرتكب هذا المسلم جرما يستحق القتل، كمن يقتل شخصا فيقتص منه، أو كالثيّب الزاني فيقتل مثلا،أو كمن يشرب خمرا فيجلد، أو كمن يقذف شخصا فيجلد وهكذا ..
وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ تَعَالَى : أي محاسبتهم على الأعمال على الله تعالى، أما النبي صلى الله عليه وسلم فليس عليه إلا البلاغ ، وكذلك وظيفة الدعاة هي التبليغ وليس الإجبار ! وحكم التعامل في الدنيا يكون نسبة لظاهر الأعمال؛ ولذلك عاتب النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد رضي الله عنهعندما قتل الرجل الذي قال: لا إله إلا الله ، فأسامة رضى الله عنه عندما سمع هذا المشرك يقول: لا إله إلا الله، قتله وقال للرسول صلّى الله عليه وسلّم أنّ هذا الرجل كان يتقي بقول لا إله إلا الله عن القتل فقط !لكم ماذا قال له النبي صلّى الله عليه وسلّم ! : (أشققت عن قلبه) !فلذلك التعامل في الدنيا على ما يظهره الإنسان، أما في الآخرة فالحساب عند الله سبحانه وتعالى الذي يعلم ما تخفي الصدور !إذاً علينا أن لا ندخل في نيات الأشخاص،لأن نية الإنسان بينه وبين ربه عز وجل ،


الأربعون النووية Glitterline-013
من فــــوائــــد الحديــــث :

1 - أن النبي صلى الله عليه وسلم عبد مأمور يوجه إليه الأمر كما يوجّه إلى غيره لقوله: أُمِرْتُ.2
- جواز إبهام المعلوم إذا كان المخاطب يعلمه، لقوله: أُمِرْتُ فأبهم الآمر لأن المخاطب يعلم ذلك.
3 - وجوب مقاتلة الناس حتى يقوموا بهذه الأعمال.
فإذا قال قائل: لماذا لا يكون الأمر للاستحباب؟
والجواب: لا يكون للاستحباب،لأن هذا فيه استباحة محرّم، واستباحة المحرّم لاتكون إلا لإقامة واجب.
4 - وجوب شهادة أن لا إله إلا الله بالقلب واللسان، فإن أبداها بلسانه ولاندريعما في قلبه أخذنا بظاهره ووكلنا سريرته إلى الله عزّ وجل ووجب الكفّ عنه حتى يتبين منه ما يخالف ذلك،ولا يجوز أن نتهمه ونقول: هذا الرجل قالها كاذباً، أو خوفاً من قتل أو أسر،لأننا لا ننقب عن قلوب الناس.
5 - أنه لابد أن يعتقد الإنسان أن لا معبود حق إلا الله، فلا يكفي أن يعتقد أن الله معبود بحق، لأنه إذا شهدأن الله تعالى معبود بحق لم يمنع أن غيره يعبد بحق أيضاً. فلا يكون التوحيدإلا بنفي وإثبات: لا إله إلا الله، نفي الألوهية عما سوى الله وإثباتها لله عزّ وجل.
6 - أن المقاتلة لا ترتفع إلا بشهادة أن محمداً رسول الله، وأما الدخول في الإسلام فيكون بشهادة أن لا إله إلا الله، لكن لو شهدت طائفة أن لا إله إلا الله وأبت أن تشهد أن محمداً رسول الله فإنها تقاتل.وشهادة أن محمداً رسول الله تستلزم: تجريد المتابعة له، وأن لايتبع من سواه،وتصديقه فيما أخبر واجتناب ماعنه نهى وزجر، وأن لايعبد الله إلا بما شرع.

7 - وجوب إقامة الصلاة، لأنه إذا لم يقمها فإنه لا يمتنع قتاله، بل قد قال الفقهاء - رحمهم الله - يُقاتَل أهل بلد تركوا الأذان والإقامة وإن صلوا، لأن الأذان والإقامة من شعائر الدين الظاهرة، فإذا قال قوم: نحن لا نؤذن ولانقيم ولكن نصلي، وجب أن يقاتلوا.واستدلّوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا غزا قوماً أمسك حتى يطلع الفجر،فإن سمع أذاناً كفّ عن قتالهم، وإلا قاتلهم .
كذلك قال الفقهاء: يقاتل أهل بلد تركوا صلاة العيد وإن لم تكن فرضاً على الأعيان كفريضة ا لصلوات الخمس.قالوا: لأن صلاة العيد من شعائر الإسلام الظاهرة، فيقاتل أهل البلد إذا تركوا صلاتي العيدين
8 - وجوب إيتاء الزكاة، لأنها جزء مما يمنع مقاتلة الناس.
ولابد أن يكون إيتاء الزكاة إلى مستحقّها، فلا يكفي أن يعطيها غنيّاً من أقاربه أو أصحابه لأن ذلك لايجزئ،لقوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِوَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة:60

9 - إطلاق الفعل على القول، لقوله: إِذَا فَعَلُوْا ذَلِكَ مع أن في جملة هذه الأشياء الشهادتين،وهما قول، ووجه ذلك: أن القول حركة اللسان،وحركة اللسان فعل، ويصح إطلاق الفعل على القول بأن يكون القول في جملة أفعال،كما في الحديث، فإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة من الأفعال بلا شك.

10 - أن الكفار تباح دماؤهم وأموالهم، لقوله: عَصَمُوا مِنِّيْ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ فيقتلون،أو يؤسرون حسب ما تقتضيه الحال، وتغنم أموالهم. وهذا مما اختصّ به النبي صلى الله عليه وسلم ،فقد صحّ عنه أنه قال: ( أُعْطِيْتُ خَمْسَاً لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ قَبْلِيْ: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مِسِيْرَةَ شَهْر، وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدَاً وَطَهُوْرَاً، وَأُحِلَّتْ لِيَ الغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ مِنْ قَبْلِيَ ... ) روى هذا الحديث البخاري ومسلموالغنائم هي أموال الكفار إذا أخذناها بالقتال. أما الأمم السابقة فلا تحل لهم الغنائم،وقد ورد أنهم يجمعونها ثم تنزل نار من السماء فتحرقها

11 - أنّه قد يستباح الدم والمال بحق الإسلام وإن لم يكن من هذه المذكورات التي في الحديث،وقد نوقش أبو بكرٍ الصّديق رضي الله عنه في قتال مانعي الزكاة فأجاب: بأن الزكاة حق المال، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: إِلاَّ بِحَقِّ الإِسْلامِ وقال رضي الله عنه: والله لو منعوني عناقاً -أو قال: عقالاً - كانوا يؤدونه إلى النبي صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على ذلك.
12 - أن حساب الخلق على الله عزّ وجل، وأنه ليس على الرسول صلى الله عليه وسلم إلا البلاغ،وكذلك ليس على من ورث الرسول إلا البلاغ، والحساب على الله عزّ وجل.


الأربعون النووية Glitterline-013

فلا تحزن أيها الداعي إلى الله إذا لم تقبل دعوتك، فإذا أدّيت ما يجب عليك فقد برئت الذمة والحساب على الله تعالى،كما قال الله تعالى لنبيّه صلى الله عليه وسلم: (لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ* إِلاَّ مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ) الغاشية:22-23 يعني لكن من تولى وكفر (فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ*إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ ) الغاشية:24-26 فلا تحزن أيها الداعي إلى الله إذا رد قولك، أو إذا لم يقبل لأول مرة، لأنك أديت ما يجب عليك.ولكن اعلم أنك إذا قلت حقاً تريد به وجه الله فلابد أن يؤثر، حتى لو رد أمامك فلابد أن يؤثر،وفي قصة موسى عليه السلام عبرة للدعاة إلى الله،وذلك أنه جُمعَ له السحرة من كل وجه في مصر، واجتمعوا، وألقوا حبالهم وعصيّهم حتى كانت الأرض تمشي ثعابين،حتى إن موسى عليه السلام خاف (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى) طـه:67فلما اجتمعوا كلهم قال لهم: (وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى) طـه:61كلمات يسيرة، قال الله عزّ وجل: (فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى) طـه:62 يعني أنهم تنازعوا فوراً، والفاء في قوله: (فَتَنَازَعُوا) للسببية والترتيب والتعقيب.فتأمل كيف أثرت هذه الكلمات من موسى عليه السلام بهؤلاء السحرة، فلابد لكلمة الحق أن تؤثر، لكن قد تؤثر فوراً وقد تتأخر.

الأربعون النووية Glitterline-013


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طه الفزارى
المشرف العام
المشرف العام
طه الفزارى


ذكر
عدد المساهمات : 965
حسناتى الى الان : 13864
تاريخ الميلاد : 25/09/1980
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
العمر : 44

الأربعون النووية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأربعون النووية   الأربعون النووية I_icon_minitimeالثلاثاء يوليو 14, 2009 8:03 am

الأربعون النووية 14
Crying or Very sad

( دورة شرح الأربعين النوويّة )


الحـــديث " التّــاسع "


(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَخْرٍ رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُوْلُ: (مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ؛ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِيْنَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ وَاخْتِلافُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ . )رواه البخاري ومسلم

الأربعون النووية Glitterline-013

معنى الحديث :


مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوْهُ : فَاجْتَنِبُوهُ أي ابتعدوا عنه، فكونوا في جانب وهو في جانب وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَأْتُوْا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ : يعني افعلوا منه ما استطعتم، أي ما قدرتم عليه.والفرق بين المنهيات والمأمورات:أن المنهيّات قال فيها: ( فَاجْتَنِبُوهُ ) ولم يقل ما استطعتم،لأن الترك سهل،وأما المأمورات في قوله( وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَأْتُوْا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ )فإنها إيجاد قد يُستَطاع وقد لا يُستَطاع، ولهذا قال في المأمورات: فأتُوا مِنْهُ مَا استَطَعتُمْوهذا يدل على رحمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بهذه الأمة.ويُستنبط من هذا الحديث قاعدة أن : ( الضرورات تُبيح المحذورات )لأنه إذا وجدت الضرورة ارتفع التحريم .. لأنّه قد يضطّر المسلم إلى أكل المحرّم إذا لم يجد أي سبيل آخر يقيه الموت من الجوع ! وما هي الضرورة إلى المحرّم؟الضرورة إلى المحرم هي: أن لا يجد سوى هذا المحرّم، وأن تندفع به الضرورة،وعلى هذا فإذا كان يجد غير المحرّم فلا ضرورة، وإذا كان لاتندفع به الضرورة فلا يحلّ.فأكل الميتة عند الجوع إذا لم يجد غيرها تندفع به الضرورة.


الأربعون النووية Glitterline-013

قوله: ( الَّذِيْنَ مِنْ قَبْلِكُمْ ) يشمل اليهود والنصارى وغيرهم، والمتبادر أنهم اليهود والنصارى،كما قال الله عزّ وجل: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ )المائدة: الآية5وذلك أن الأمم السابقة قبل اليهود والنصارى لا تكاد ترِد على قلوب الصحابة،فإن نظرنا إلى العموم قلنا المراد بقوله: مِنْ قَبْلِكُمْ جميع الأمم،وإن نظرنا إلى قرينة الحال قلنا المراد بهم: اليهود والنصاري.واليهود أشدّ في كثرة المسالله التي يُهلكون بها، ولذلك لما قال لهم نبيهم موسى عليه السلام إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً ) البقرة: الآية67جعلوا يسألون:ما هي؟ وما لونها؟ وما عملها ؟ .

قوله: ( كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ ) جمع مسألة وهي: ما يُسأل عنه.

وقوله( وَاخْتِلافُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ) يعني وأهلكهم اختلافهم،عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ وذلك بالمعارضة والمخالفة .


الأربعون النووية Glitterline-013


من فــــوائــــد الحديــــث :

1 - وجوب الكفّ عما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، لقوله: مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ.

2 - أن المنهي عنه يشمل القليل والكثير، لأنه لا يتأتّى اجتنابه إلا باجتناب قليله وكثيره،فمثلاً: نهانا عن الرّبا فيشمل قليله وكثيره.

3 - أن الكفّ أهون من الفعل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر في المنهيات أن تُجتنب كلّها،لأن الكفّ سهل

4 - أنه لا يجب من فعل المأمور إلا ما كان مستطاعاً، لقوله: وَمَا أَمرْتُكُمْ بِهِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ فإن قال قائل: هل هذه الجملة تفيد التسهيل، أو التشديد،ونظيرها قوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن: الآية16فالجواب: لها وجهان: فقد يكون المعنى: لابد أن تقوموا بالواجب بقدر الاستطاعةوأن لا تتهاونوا مادمتم مستطيعين.ويحتمل أيضاً أن المعنى: لاوجوب إلا مع الاستطاعة،

وهذا يؤيده قوله تعالى: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) البقرة: الآية286ولهذا لو أمرت إنساناً بأمر وقال: لا أستطيع، وهو يستطيع لم يسقط عنه الأمر.

5 - أن الإنسان له استطاعة وقدرة ، لقوله: مَا استَطَعْتُمْ فيكون فيه رد على الجبرية الذين يقولونإن الإنسان لا استطاعة له، لأنه مجبر على عمله، حتى الإنسان إذا حرّك يده عند الكلام،فيقولون تحريك اليد ليس باستطاعته ، بل مجبر، ولا ريب أن هذا قول باطل يترتب عليه مفاسد عظيمة.

الأربعون النووية Glitterline-013


6 - أن الإنسان إذا لم يقدر على فعل الواجب كله فليفعل ما استطاع منه.مثال على ذلك :الصلاة إن لم يستطاع أداؤها قياماً تؤدى جلوساً

7 - لاينبغي للإنسان إذا سمع أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقول: هل هو واجب أم مستحبّ؟لقوله: فَأْتُوا مِنْهُ مَا استَطَعْتُمْ ولا تستفصل، فأنت عبد منقاد لأمر الله عزّ وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم.لكن إذا وقع العبد وخالف فله أن يستفصل في أمره،لأنه إذا كان واجباً فإنه يجب عليه التوبة،وإذا كان غير واجب فالتوبة ليست واجبة.


8 - أن ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أو نهى عنه فإنه شريعة،سواء كان ذلك في القرآن أم لم يكن، فُيعمل بالسنة الزائدة على القرآن أمراً أو نهياً.هذا من حيث التفصيل،لأن في السنة ما لا يوجد في القرآن على وجه التفصيل، لكن في القرآن ما يدل على وجوب اتباع السنة،وإن لم يكن لها ذكر في القرآن مثل قول الله تعالى: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ) النساء: الآية80 ومثل قول الله تعالى: ( فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ ) الأعراف: الآية158 فالقرآن دلّ على أن السنة شريعة يجب العمل بها،سواء ذكرت في القرآن أم لا.


9. أن كثرة المسائل سبب للهلاك ولاسيّما في الأمور التي لايمكن الوصول إليها مثل مسائل الغيبكأسماء الله وصفاته، وأحوال يوم القيامة،لاتكثر السؤال فيها فتهلك،وتكون متنطّعاً متعمّقاً.وأما مايحتاج الناس إليه من المسائل الفقهية فلا حرج من السؤال عنها مع الحاجة لذلك، فإن كان طالب علم فليسأل وليبحث، لأن طالب العلم مستعدٌ لإفتاء من يستفتيه.أما إذا كان غير طالب علم فلا يكثر السؤال.


10.أن الأمم السابقة هلكوا بكثرة المسالله، وهلكوا بكثرة الاختلاف على أنبيائهم.

11. التحذير من الاختلاف على الأنبياء، وأن الواجب على المسلم أن يوافق الأنبياء عليهم الصلاة والسلاموأن يعتقدهم أئمة وأنهم عبيد من عباد الله، أكرمهم الله تعالى بالرسالة،وأن خاتمهم محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسله إلى جميع الناس،وشريعته هي دين الإسلام الذي ارتضاه الله تعالى لعباده،وأن الله لايقبل من أحدٍ ديناً سواه،قال تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ) آل عمران: الآية19


الأربعون النووية Glitterline-013
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طه الفزارى
المشرف العام
المشرف العام
طه الفزارى


ذكر
عدد المساهمات : 965
حسناتى الى الان : 13864
تاريخ الميلاد : 25/09/1980
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
العمر : 44

الأربعون النووية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأربعون النووية   الأربعون النووية I_icon_minitimeالجمعة يوليو 17, 2009 9:29 am

الأربعون النووية 14
Crying or Very sad





( دورة شرح الأربعين النوويّة )

الحـــديث " العاشــر "

الأربعون النووية Glitterline-013


(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ ‏{‏ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ‏}‏ وَقَالَ ‏{‏ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ‏}‏ ‏"‏ ‏.‏ ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ ‏"‏ ‏.‏ . ) رواه مسلم

الأربعون النووية Glitterline-013

معنى الحديث :

إِنَّ اللهَ تَعَالَى طَيِّبٌ : كلمة طيب بمعنى طاهر منزّه عن النقائص،لايعتريه الخبث بأي حال من الأحوال، لأن ضد الطيب هو الخبيث،كما قال الله عزّ وجل قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ ) المائدة: الآية100 ، وقال: (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَات)النور: الآية26 ومعنى هذا أنه لايلحقه جل وعلا شيء من العيب والنقص. فهو عزّ وجل طيب في ذاته، وفي أسمائه، وفي صفاته، وفي أحكامه، وفي أفعاله، وفي كل ما يصدر منه، وليس فيها رديء بأي وجه.

لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا: فهو سبحانه وتعالى، لا يقبل إلا الطيب من الأقوال، والأعمال وغيرها، وكل رديء فهو مردودٌ عند الله عزّ وجل، فلا يقبل الله إلا الطيب، ومن ذلك الصدقة بالمال الخبيث لايقبلها الله عزّ وجل، لأنه لايقبل إلا طيباً،ولهذا جاء في الحديث الصحيح: ( مَنْ تَصَدَّقَ بِعِدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ طَيِّبٍ وَلاَ يَقْبَلُ اللهَ إِلاَّ الطَّيِّبَفَإنَّ اللهَ تَعَالَى يَأْخُذُهَا بِيَمِيْنِهِ يُرَبِّيها كما يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُوْنَ مِثْلَ الجَبَلِ ) رواه البخاري ومسلم



الأربعون النووية Glitterline-013

فالطّيب من الأعمال: ما كان خالصاً لله، موافقاً للشريعة.

والطيب من الأموال: ما اكتسب عن طريق حلال، وأما ما اكتسب عن طريق محرّم فإنه خبيث.

وَإَنَّ اللهَ أَمَرَ المُؤمِنِينَ بمَا أَمَرَ بِهِ المُرْسَلِيْنَ :

هنا تَعْلَيةً لشأن المؤمنين، وأنهم أهلٌ أن يوجّه إليهم ما أمر به الرسل، فقال عزّ وجل في أمر المرسلين: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً )(المؤمنون: الآية51) فأمر الرسل أن يأكلوا من الطيبات وهي التي أحلها الله عزّ وجل، واكتسبت عن طريق شرعي. فإن لم يحلّها الله كالخمر فإنه لايؤكل، وإن أحلَّه الله ولكن اكتسب عن طريق محرّم فإنه لايؤكل،

وأضرب لذلك مثَلين:الأول: رجل أكل من شاة ميتة، فهذا لم يأكل من الطيبات، لأن الله تعالى حرّم أكل الميتة. وهذا محرّم لذاته.

الثاني: رجل غصب شاة وذبحها وأكل منها، فحكمها أنها ليست بطيبة وهي محرّمة لكسبها.

وَاعْمَلُوْا صَالحَاً : أي اعملوا عملاً صالحاً. فأمرهم بالأكل الذي به قوام البدن، ثم أمرهم بالعمل الذي يكون نتيجة للأكل، لكنه قال: وَاعْمَلُوا صَالِحَاً وصالح العمل هو ما جمع بين: الإخلاص والمتابعة. ولهذا روي عن بعض السلف أنه قال: العمل الصالح ماكان خالصاً صواباً. أي خالصاً لله صواباً على شريعة الله.وقال تعالى في أمر المؤمنين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ )البقرة: الآية172كما قال للرسل: (كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) فأمر المؤمنين بما أمر به المرسلين.

إذاً نقول: المؤمنون مأمورون بالأكل من الطيبات، والمرسلون كذلك مأمورون بالأكل من الطيبات.

ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيْلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ:


يعني ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً لهذا الرجل: "يُطِيْلُ السَّفَرَ" والسفر من أسباب إجابة الدعاء، ولاسيما إذا أطاله.

أَشْعَث أَغْبَرَ : يعني أشعث في شعره أغبر من التراب،أي أنه لا يهتم بنفسه بل أهم شيء عنده الدعاء.

يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاء: ومد اليدين إلى السماء من أسباب إجابة الدعاء،كما جاء في الحديث: ( إنَّ اللهَ حَيِيٌّ كَرِيْمٌ يَسْتَحِييْ مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفعَ يَديْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرَاً)صححه الالباني

يَا رَبّ يَا رَبّ : نداء بوصف الربوبية،لأن ذلك وسيلة لإجابة الدعاء، إذ إن إجابة الدعاء من مقتضيات الربوبية.

وَ مَطْعَمُهُ حَرَامٌ: يعني طعامه الذي يأكله حرام، أي حرام لذاته أولكسبه.

وَمَشرَبُهُ حَرَامٌ :يعني شربه الذي يشربه حرام، إما لذاته أو لكسبه.

وغُذِيَ بالحَرَامِ : يعني أنه تغذّى بالحرام الحاصل من فعل غيره.

فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لذلك : اسم استفهام، والمراد به الاستبعاد، يعني يبعد أن يستجاب لهذا، مع أن أسباب الإجابة موجودة.وهذا للتحذير من أكل الحرام، وشربه، ولبسه، والتغذّي به.

الأربعون النووية Glitterline-013


من فــــوائــــد الحديــــث


: 1 - أن من أسماء الله تعالى الطيّب، لقوله: إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ وهذا يشمل طيب ذاته، وأسمائه،وصفاته، وأفعاله، وأحكامه.

2 - كمال الله عزّ وجل في ذاته، وصفاته وأفعاله، وأحكامه.

3 - أن الله تعالى غنيّ عن الخلق فلا يقبل إلا الطيب، لقوله: "لايَقبَلُ إلاَّ طَيِّبَاً" فالعمل الذي فيه شرك لايقبله الله عزّ وجل لأنه ليس بطيب،وكذا التصدّق بالمال المسروق لا يقبله الله لأنه ليس بطيب، والتصدّق بالمحرّم لعينه لا يقبله الله لأنه ليس بطيب.

4 - تقسيم الأعمال إلى مقبول ومردود، لقول: "لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبَاً" فنفي القبول يدل على ثبوته فيما إذا كان طيباً، وهذا شيء ظاهر ومن ذلك أيضاً قول النبي صلى الله عليه وسلم : (لاَ يَقْبَلُ اللهُ صَلاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأ) رواه البخاري ومسلم >> هذا في العمل المقبول .

5 - أن الرسل عليهم الصلاة والسلام يؤمرون وينهون، لقوله: إِنَّ اللهَ أَمَرَ المُؤمِنينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرسَلِيْنَ وهو كذلك فالرسل عليهم الصلاة والسلام أكمل العباد عبادة لله عزّ وجل، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم في الليل حتى تتورّم قدماه،فقيل له في ذلك:إنه قد غفر الله له ماتقدّم من ذنبه وما تأخّر ،فقال صلوات الله وسلامه عليه: (أَفَلا أَكُوْنُ عَبْدَاً شَكُوْرَاً) رواه البخاري ومسلم . وقس حال النبي صلى الله عليه وسلم بحالنا اليوم، فالإنسان منا ينام إلى طلوع الفجر مع أن نعم الله علينا لا تحصى،ولقد قام مع النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة رجال شبّان وعجزوا أن يلحقوه في تهجّده.والحاصل: أن الرسل مأمورون منهيون وأنهم أقوم الناس بعبادة الله عزّ وجل.


الأربعون النووية Glitterline-013

6 - أن المؤمنين مأمورون منهيون لقوله: "وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ المُؤمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرسَلِينَ"وكلما كان الإنسان أقوى إيماناً كان أكثر امتثالاً لأمر الله عزّ وجل، وإذا رأيت من نفسك هبوطاً في امتثال الأوامر فاتّهمها بنقص الإيمان وصحح الوضع قبل أن يستشري هذا المرض فتعجز عن الاستقامة فيما بعد.

7 -استعمال ما يشجع على العمل، وجهه: قول النبي صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ الله أَمَرَ المُؤمنينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرسَلِيْنَ" فإذا علم المؤمن أن هذا من مأمورات المرسلينفإنه يتقوَّى ويتشجّع على الامتثال.

8 - الأمر بالأكل من الطيبات للمؤمنين والمرسلين. ويتفرّع على هذا فائدة: ذم من امتنع عن الطيبات بدون سبب شرعي، فلو أن إنساناً بعد أن منَّ الله على الأمة بالغنى وأنواع الثمار والفواكه قال: أنا لن آكل هذه تورّعاً لا لعدم الرّغبة، فإنه قد أخطأ وعمله خلاف عمل السلف الصالح،لأن السلف الصالح لما فتحوا البلاد صاروا يأكلون ويشربون أكلاً وشرباً لايعرفونه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ،فمن امتنع عن الطيبات بغير سبب شرعي فهو مذموم رادٌّ لمنّة الله عزّ وجل عليه،ومن المعلوم بالعقل أن ردّ منّة ذي المنّة إساءة أدب، فلو أن رجلاً من الكرماء أهدى إليك هدية ورددتهافإن هذا يعتبر سوء خلق وأدب، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرد الهدية ، ولو كانت الهدية شيئاً قليلاً فإنه يقبلها ويثيب عليها.والخلاصة: أن الامتناع عن الطيّبات لغير سبب شرعي مذموم.

9 - أنه يجب شكر نعمة الله عزّ وجل بالعمل الصالح لقوله تعالى: ( كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً)المؤمنون: الآية51 وفي المؤمنين قال: ( كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّه)البقرة: الآية172ويتفرّع من الجمع بين الآيتين: أن الشكر هو العمل الصالح،لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ اللهَ أَمَرَ المُؤمِنِيْنَ بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرْسَلِينَ" والذي أمر به المرسلين شيئان:

الأول: الأكل من الطيبات .

والثاني: العمل الصالح. فليس كل من قال: الشكر لله، والحمد لله يكون شاكراً حتى يعمل صالحاً، ولهذا قال بعض الفقهاء: الشكر طاعة المنعم، أي القيام بطاعته، وهذا معنى قوله (وَاعْمَلُوا صَالِحاً ) المؤمنون 51


10 - توجيه الأمر لمن هومتّصف به،لقوله: وَاعْملُوا صَالِحَاً فوجه الأمر بالعملالصالح للمرسلين مع أنهم يعملون الصالحات ولا شك في ذلك، وهذا كقوله تعالى لرسوله محمد : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ)الأحزاب: الآية1وقوله: ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ) الأحزاب:37 ففي هذه الآيات أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بالتقوى مع أنه صلى الله عليه وسلم أتقى الناس لله عزّ وجلوالواحد منا -ونحن مفرطون - إذا قيل له: اتق الله.انتفخ غضباً، ولو قيل له: الله يهديك، لقال:وما الذي أنا واقع فيه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخاطبه ربه بقوله: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ) الأحزاب:1 فالرسل عليهم الصلاة والسلام مأمورون بالعمل الصالح وإن كانوا يعملونه تثبيتاً لهم على ماهم عليه ليستمرّوا عليه.


الأربعون النووية Glitterline-013

11 - تحريم الخبائث، لقوله: {مِنْ الطَيِّبَاتِ} وقوله في المؤمنين: { مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ } [البقرة:172]. *لكن ماهو مدار الخبث: الجواب: الخبيث ما استخبثه الشرع،و لا يرجع إلى أذواق الناس،

12 - استبعاد إجابة آكل الحرام لو عمل من أسباب الإجابة ما عمل،لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر.... وقال بعد ذلك أَنَّى يُسْتَجَابُ لذلك وهذا استفهام استبعاد. لكن هل هذا يعني أنه يستحيل أن يجاب؟والجواب: لا، لأن الإنسان قد يستبعد شيئاً ولكن يقع، وإلا فإن النبي صلى الله عليه وسلم استبعد هذا تنفيراً عن أكل الحرام.

13 - أن السفر من أسباب إجابة الدعاء، وجه هذا: أنه وردت أحاديث في أن المسافر لاتردّ دعوته، ثم إن ذِكْرَ الرسول صلى الله عليه وسلم السفر يدل على أن للسفر تأثيراً في إجابة الدعاء،ولاسيما إذا أطال السفر وبعد عن الوطن فإن قلبه يكون أشد انكساراً ولجوءاً إلى الله عزّ وجل.

14 - أن الشعث والغبرة من أسباب إجابة الدعاء. لكن هذا قد يرد عليه أن التورع عن المباحات بدون سبب شرعي مذموم، فيقال المراد بالحديث:أن هذا الرجل يهتم بأمور الآخرة أكثر من اهتمامه بأمور الدنيا. 15 - أن رفع اليدين في الدعاء من أسباب الإجابة. ويكون الرفع بأن ترفع يديك تضم بعضهما إلى بعض على حذاء الثُّندُؤتين أي أعلى الصدر،ودعاء الابتهال ترفع أكثر من هذا، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم في دعاء الاستسقاءرفع يديه كثيراً حتى ظن الظانّ أن ظهورهما نحو السماء من شدة الرفع،وكلما بالغت في الابتهال فبالغ في الرفع.

وهنا مسألة: هل رفع اليدين مشروع في كل دعاء؟ الجواب: هذا على ثلاثة أقسام:القسم الأول: ما ورد فيه رفع اليدين . والقسم الثاني: ماورد فيه عدم الرفع.والقسم الثالث: مالم يرد فيه شيء.

فمثال القسم الأول: إذا دعا الخطيب باستسقاء، أو استصحاء فإنه يرفع يديه والمأمومون كذلك،لما رواه البخاري في حديث أنس رضي الله عنه في قصّة الأعرابي الذي طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبة الجمعة أن يستسقي فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ورفع الناس أيديهم معه يدعونومما جاء في السنة رفع اليدين في القنوت في النوازل أو في الوتر. وكذلك رفع اليدين على الصفا وعلى المروة،وفي عرفة، وما أشبه ذلك فالأمر في هذا واضح.

الثاني: ماورد فيه عدم الرفع كالدعاء حال خطبة الجمعة في غير الاستسقاء والاستصحاء،فلو دعا الخطيب للمؤمنين والمؤمنات أو لنصر المجاهدين في خطبة الجمعة فإنه لايرفع يديه،ولو رفعهما لأنكر عليه، ففي صحيح مسلم عن عمارة بن رؤيبة أنه رأى بشر بن مروان على المنبر رافعاً يديه فقال: "قبح الله هاتين اليدين،لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزيد أن يقول بيده هكذا.وأشار بإصبعه المسبحة"، وكذلك رفع اليدين في دعاء الصلاة كالدعاء بين السجدتين،والدعاء بعد التشهّد الأخير ،وما أشبه ذلك، هذا أيضاً أمره ظاهر.

الثالث: ما لم يرد فيه الرفع ولا عدمه: فالأصل الرّفع لأنه من آداب الدعاء ومن أسباب الإجابة،قال النبي صلى الله عليه وسلم "إِنَّ اللهَ حَيِيٌّ كَرِيْمٌ يَسْتَحْيِيْ مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ إِلَيْهِ يَدَيْهَ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرَاً" . لكن هناك أحوال قد يُرَجَّحُ فيها عدم الرّفع وإن لم يرد كالدعاء بين الخطبتين مثلاً،فهنا لا نعلم أن الصحابة كانوا يدعون فيرفعون أيديهم بين الخطبتين، فرفع اليدين في هذه الحال محلّ نظر، فمن رفع على أن الأصل في الدعاء رفع اليدين فلا يُنْكَرُ عليه، ومن لم يرفع بناءً على أن هذا ظاهر عمل الصحابة فلا ينكر عليه،فالأمر في هذا إن شاء الله واسع.

16 - أن من أسباب إجابة الدعاء التوسل إلى الله تعالى بالربوبية لقوله: "يَا رَبّ يَا رَبّ" وقد ورد في حديث: أن الإنسان إذا قال: يارب يارب يارب قال الله تعالى: ماذا تريد، أو كلمة نحوها،ثم استجاب له، ولهذا تجد أكثر الأدعية الموجودة في القرآن مصدرة بـ: يارب.ولما سمع بعض السلف داعياً يقول: ياسيدي، فقال: لاتقل ياسيدي، قل ما قالت الرسل: يارب . وذلك لأن العدول عن الألفاظ الشرعية غلط؛ وإن كان الإنسان يجد أن ذلك أشد تعظيماً.

وهذه بليّة ابتُليَ بها كثير من الناس، تجدهم يأتون بأسجاع كثيرة من الأدعية لا زمام لها،وربما يكون بعضها محذوراً،ويعدلون عن الأدعية الشرعية، ولهذا أوصي بأن لا تعدلوا عن الأدعية الشرعية إلى غيرها،إلامن له حاجة خاصة ،يريد أن يسأل ربه إياها، فهذا شيء آخر، لكن تأتي بأسجاع طويلة عريضة لاأصل لها ولا زمام ،فهذا خلاف ما ينبغي للإنسان إذا دعا الله عزّ وجل.

17 -التحذير البالغ من أكل الحرام، لأن أكل الحرام من أسباب ردّ الدعاءوإن توفرت أسباب الإجابة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "فَـَأنى يُسْتَجَابُ لذلك" هذا مع أن أكل الحرام - والعياذ بالله - سبب لانصراف الإنسان عن القيام بواجب الدين،لأن البدن يكون متغذّياً على شيءٍ فاسد، والمتغذي على فاسد سيؤثر عليه هذا الغذاء.


الأربعون النووية Glitterline-013
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طه الفزارى
المشرف العام
المشرف العام
طه الفزارى


ذكر
عدد المساهمات : 965
حسناتى الى الان : 13864
تاريخ الميلاد : 25/09/1980
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
العمر : 44

الأربعون النووية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأربعون النووية   الأربعون النووية I_icon_minitimeالجمعة يوليو 17, 2009 9:34 am

الأربعون النووية 14
Crying or Very sad




دورة شرح الأربعين النوويّة )



الحـــديث " الحادي عشر "


الأربعون النووية Glitterline-013



(عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ بنِ أبِي طالبٍ سِبْطِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَرَيْحَانَتِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا
قَالَ: حَفِظْتَ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم : (دَعْ مَا يَرِيْبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيْبُكَ) . )
رواه الترمذي والنسائي وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

الأربعون النووية Glitterline-013


معنى الحديث :

سِبْطِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم : أي ابن ابنته الحسن ابن فاطمة رضي الله عنهما وأرضاهما
والسبط : هوابن البنت، وابن الابن يسمى: حفيداً،

وأما قوله: وَرَيحَانَتهُ : الريحانة هي تلك الزهرة الطيبة الرائحة،وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين بأنهما ريحانتاه
وقوله: "دَعْ" أي اترك
"مَا يرِيْبُكَ" أي ما يلحقك به ريب وشك وقلق
إِلَى
"مَا لاَ يَرِيْبُكَ" أي إلى شيءٍ لايلحقك به ريبٌ ولا قلق.

هذا الحديث من جوامع الكلم وما أجوده وأنفعه للعبد إذا سار عليه، فالعبد يرد عليه شكوك في أشياء كثيرة،
فنقول: دع الشك إلى ما لاشكّ فيه حتى تستريح وتسلم، فكل شيء يلحقك به شكّ وقلق وريب اتركه إلى أمر


الأربعون النووية Glitterline-013

لا يلحقك به ريب، وهذا مالم يصل إلى حد الوسواس، فإن وصل إلى حد الوسواس فلا تلتفت له.
وهذا يكون في العبادات، ويكون في المعاملات، ويكون في النكاح، ويكون في كل أبواب العلم.
ومثال ذلك في العبادات: رجل انتقض وضوؤه، ثم صلى، وشكّ هل توضّأ بعد نقض الوضوء أم لم يتوضّأ ؟

فوقع في الشكّ ، فإن توضّأ فالصلاة صحيحة، وإن لم يتوضّأ فالصلاة باطلة، وبقي في قلق.
فنقول: دع ما يريبك إلى ما لايريبك، فالريب هنا صحة الصلاة، وعدم الريب أن تتوضّأ وتصلي.
وعكس المثال السابق : رجل توضّأ ثم صلى وشك هل انتقض وضوؤه أم لا؟
فنقول: دع ما يريبك إلى ما لايريبك، عندك شيء متيقّن وهو الوضوء،
ثم شككت هل طرأ على هذا الوضوء حدث أم لا؟
فالذي يُترك هو الشك: هل حصل حدث أو لا؟ وأرح نفسك، واترك الشك.


الأربعون النووية Glitterline-013

كذلك أيضاً في النّكاح: كما لو شكّ الإنسان في شاهدي النكاح هل هما ذوا عدل أم لا؟
فنقول: إذا كان الأمر قد تم وانتهى فقد انتهى على الصحة ودع القلق لأن الأصل في
العقود الصحة حتى يقوم دليل الفساد.

في الرّضاع: شَكُّ المرضعةِ هل أرضعت الطفل خمس مرات أو أربع مرات؟
نقول: الذي لاريب فيه الأربع، والخامسة فيها ريب، فنقول: دع الخامسةواقتصر على أربع ،
وحينئذ لايثبت حكم الرضاع.

هذا الباب بابٌ واسعٌ لكنه في الحقيقة طريق مستقيم إذا مشى الإنسان عليه في حياته
حصل على خير كثير: "دَعْ مَا يرِيْبُكَ إِلَى مَا لاَيَرِيْبُكَ".

الأربعون النووية Glitterline-013


وقد تَقَدَّمَ أَنَّ هذا مقيّد بما إذا لم يكن وسواساً، فإن كان وسواساً فلا يلتفت إليه،
وعدم الالتفات إلى الوسواس هو ترك لما يريبه إلى ما لايريبه،
ولهذا قال العلماء - رحمهم الله - الشك إذا كثر فلا عبرة به، لأنه يكون وسواساً،
وعلامة كثرته: أن الإنسان إذا توضّأ لا يكاد يتوضأ إلا شك، وإذا صلى لا يكاد يصلي إلا شك،


فهذا وسواس فلا يلتفت إليه، وحينئذ يكو ن قد ترك ما يريبه إلى ما لايريبه.
مثال آخر: رجل أصاب ثوبه نجاسة وغسلها، وشكّ هل النجاسة زالت أم لم تزل؟ يغسلها ثانية،
لأن زوالها الآن مشكوك فيه، وعدم زوالها هو الأصل، فنقول:دع هذا الشك وارجع إلى الأصل
واغسلها حتى تتيقّن أو يغلب على ظنك أنها زالت.

الأربعون النووية Glitterline-013


ونستنبط قواعد مهمّة :

القاعدة الأولى : أن نعمل بالواضح تماماً الذي لا شكّ فيه أي أن نأخذ بالورع والورع هوترك ما شك فيه إلى ما لا شك فيه، .

القاعدة الثانية : ليس الورع أن أترك الحلال ، وأذهب إلى أن ألبس الشيء الرديء، أو أن آخذ كل شيء من الرديء،

فهذا ليس ورعاً هذا بخل، وبعد عما أحل الله - سبحانه وتعالى - ، فالورع ترك ما فيه شبهة أو شك ،

القاعدة الثالثة : إذا تعارض الشك واليقين، فأذهب إلى اليقين وهذه قاعدة مهمة سواء كانت في المال أو في غيره،
وفى العبادات بالدرجة الأولى
فهذا الحديث من نتائجه إذا عمل المسلم به ؛ ارتاحت نفسيته، وسلم دينه،
وسلمت معاملاته، وحينئذ يربي نفسه على الحزم، والقوة، والتعامل مع هذه الأمور بحزم وقوة، ويبعد
مرض الشك، و الوسواس، و التردد الذي نشتكي منه كثيرا في حياتنا اليومية وحياتنا
العبادية، فيتعامل مع نفسه بهذا الحزم والله - سبحانه وتعالى - يعفو عن الخطأ والزلل

الأربعون النووية Glitterline-013

من فــــوائــــد الحديــــث :

1 - أن الدين الإسلامي لا يريد من أبنائه أن يكونوا في شكّ ولا قلق، لقوله: دَعْ مَا يرِيْبُكَ إِلَى مَا لاَيَرِيْبُكْ.
2 - أنك إذا أردت الطمأنينة والاستراحة فاترك المشكوك فيه واطرحه جانباً،لاسيّما بعد الفراغ من العبادة

حتى لايلحقك القلق، ومثاله: رجل طاف بالبيت وانتهى وذهب إلى مقام إبراهيم ليصلي،
فشك هل طاف سبعاً أو ستًّا فماذا يصنع؟
الجواب: لايصنع شيئاً، لأن الشك طرأ بعد الفراغ من العبادة،
إلا إذا تيقن أنه طاف ستًّا فيكمل إذا لم يطل الفصل.
- مثال آخر: رجل انتهى من الصلاة وسلم، ثم شك هل صلى ثلاثاً أم أربعاً، فماذا يصنع؟
الجواب: لايلتفت إلى هذا الشك، فالأصل صحة الصلاة مالم يتيقن أنه صلى ثلاثاً فيأتي بالرابعة
إذا لم يطل الفصل ويسلم ويسجد للسهو ويسلم.
2 - أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطي جوامع الكلم، واختصر له الكلام اختصاراً،

لأن هاتين الجملتين:"دع مايريبك إلى مالايريبك" لو بنى عليهما الإنسان مجلداً ضخماً لم يستوعب ما يدلان عليه من المعاني،

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الأربعون النووية Glitterline-013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طه الفزارى
المشرف العام
المشرف العام
طه الفزارى


ذكر
عدد المساهمات : 965
حسناتى الى الان : 13864
تاريخ الميلاد : 25/09/1980
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
العمر : 44

الأربعون النووية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأربعون النووية   الأربعون النووية I_icon_minitimeالجمعة يوليو 17, 2009 9:38 am

الأربعون النووية 14
Crying or Very sad



( دورة شرح الأربعين النوويّة )


الحـــديث " الثاني عشر "

الأربعون النووية Glitterline-013

(عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : (مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَيَعْنِيْهِ) . )

حديثٌ حسنٌ، رواه الترمذي وغيره

الأربعون النووية Glitterline-013

معنى الحديث :

مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ المَرْءِ: يعني من كمال إسلام المرء وتمامه

تَرْكُهُ مَا لاَيَعْنِيْهِ: ما لا يهمه من أمور دينه ودنياه.

هذا الحديث أصل في أدب التعامل مع الآخرين، وهذا الحديث من جوامع كلم النبي - صلى

الله عليه وسلم - وأن هاتين الكلمتين أدت إلى قواعد عظيمة في الدين، ومن ثم في التعامل.


الأربعون النووية Glitterline-013


في هذا الحديث جملة من المسائل:

المسألة الأولى : أن الإيمان والإسلام يزيد وينقص؛ لذلك قال النبي - صلى الله عليه

وسلم - ( من حسن إسلام المرء ) معناه أن إسلام المرء قد يكون قوياً، وقد يكون

ضعيفاً، وقد يكون مرتفعاً، وقد يكون أقل ارتفاعاً، فهو ضعيف، (ضعيف في دينه وفى

إسلامه)؛ إذا اقترف من المعاصي،وعلى ذلك نقول أن الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعة

وينقص بالمعصية.

هذا الحديث يدل على أمر أيضاً في تكوين شخصية المسلم، وأن مما يربي شخصية المسلم

ومما يقويها ومما يكملها ومما يرفعها إلى أعلى : الاشتغال بالمفيد، وما يعود على

الإنسان بالمنفعة في دينه ودنياه، وهذا عامل من أهم العوامل لرقي شخصية المسلم .


الأربعون النووية Glitterline-013

المسألة الثانية : أن الإنسان عندما يترك مالا يعنيه وينشغل بالمفيد له عدة إيجابيات وفوائد :

1. من هذه الفوائد نماء الشخصية، والثقة بالنفس، والإنتاج.

2. سبب لنماء المجتمع، والمجتمع إذا لم يكن عاملاً حينئذ كان مجتمعَ خور

وضعف، لكن إذا عمل أفراده فهذا سبب لنمائه وتقدمه وتفوقه .

3. سبب للوفاق، والوئام، والتلاحم، والتعاطف، والتراحم بين الناس؛ لأن

كلاً يشتغل بما يفيده ويعيد فائدته إلى الآخرين .

4. هذا الحديث يربي في المسلم أن تكون همته عالية، فيشتغل بمعالي الأمور؛

أما إذا اشتغل الناس بغير المفيد؛ فهذا يثمر أموراً سيئة، وأمور سلبية : منها ضعف الدين،

ومنها كسب السيئات والآثام، ومنها ضعف رابطة المجتمع، ومنها إيجاد البغضاء

والشحناء والتحاسد بين الناس، وأخير : سبب لعدم دخول الجنة؛ لأن الإنسان اشتغل بما

لا يفيده وبقدر هذا تكون نتائجه وأضراره السلبية.

مثلاً : هذا يشتغل بالغيبة والنميمة ضر نفسه وضر غيره،

وآخر ضيع وقته ونام طول الليل والنهار فهذا ضيع وقته، أو نام في النهار وسهر في الليل

على غير المفيد؛ فضيع قدراته، وممتلكاته، وما منحه الله - سبحانه وتعالى - من المواهب،

وهذا إنسان تعامل بالحرام وضيع ماله وضيع أسرته، وهكذا .


الأربعون النووية Glitterline-013


من فــــوائــــد الحديــــث :

1 - أن الإسلام جمع المحاسن، وقد ألّف شيخنا عبد الرحمن بن سعدي - رحمه الله -

رسالة في هذا الموضوع: (محاسن الدين الإسلامي) وكذلك ألّف الشيخ عبد العزيز

بن محمد بن سلمان - رحمه الله -رسالة في هذا الموضوع.

ومحاسن الإسلام كلّها تجتمع في كلمتين: قال الله عز وجل:

(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ) النحل: الآية90.


2 - أن ترك الإنسان ما لايهتم به ولا تتعلق به أموره وحاجاته من حسن إسلامه.

3 - أن من اشتغل بما لا يعنيه فإن إسلامه ليس بذاك الحسن، وهذا يقع كثيراً لبعض الناس

فتجده يتكلم في أشياء لاتعنيه، أو يأتي لإنسان يسأله عن أشياء لاتعنيه ويتدخل فيما لايعنيه،

وكل هذا يدل على ضعف الإسلام.

4 - أنه ينبغي للإنسان أن يتطلب محاسن إسلامه فيترك ما لايعنيه ويستريح،

لأنه إذا اشتغل بأمور لاتهمّه ولاتعنيه فقد أتعب نفسه.

الأربعون النووية Glitterline-013



وهنا قد يَرِدُ إشكالٌ:

وهو هل ترك العبد ما لايعنيه هو ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟


والجواب: لا، لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مما يعني الإنسان، كما قال الله عزّ وجل:

(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) آل عمران: الآية104

فلو رأيت إنساناً على منكر وقلت له: يا أخي هذا منكر لايجوز. فليس له الحق أن يقول: هذا لايعنيك،

ولو قاله لم يقبل منه، لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يعني الأمة الإسلامية كلها.

ومن ذلك أيضاً: ما يتعلق بالأهل والأبناء والبنات فإنه يعني راعي البيت أن يدلّهم على الخير ويأمرهم به

ويحذرهم من الشر وينهاهم عنه. قال الله عزّ وجل:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) التحريم: الآية6


الأربعون النووية Glitterline-013
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طه الفزارى
المشرف العام
المشرف العام
طه الفزارى


ذكر
عدد المساهمات : 965
حسناتى الى الان : 13864
تاريخ الميلاد : 25/09/1980
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
العمر : 44

الأربعون النووية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأربعون النووية   الأربعون النووية I_icon_minitimeالجمعة يوليو 17, 2009 9:42 am

الأربعون النووية 14
Crying or Very sad


( دورة شرح الأربعين النوويّة )

الحـــديث " الثالث عشر "

الأربعون النووية Glitterline-013

(عَنْ أَبِيْ حَمْزَة أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ خَادِمِ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لاَ يُؤمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيْهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) . )رواه البخاري ومسلم

الأربعون النووية Glitterline-013

معنى الحديث

: هذا الحديث يمثل قاعدة عظيمة من قواعد الأدب سواء في الأعمال الظاهرة، أو في التأدب الباطني، فهو يمثل قاعدة من قواعد الأدب الظاهرة والباطنة.

لاَ يُؤمِنُ أَحَدُكُمْ :الإيمان في اللغة هو: الإقرار المستلزم للقبول والإذعان والإيمانوهو مطابق للشرع وقيل: هو التصديق فالإيمان في اللغة حقيقة : إقرار القلب بما يَرِد عليه، وليس التصديق.فمن أقرّ بدون قبول وإذعان فليس بمؤمن، ومحل الإيمان: القلب واللسان والجوارح، فالإيمان يكون بالقلب، ويكون باللسان، ويكون بالجوارح،


الأربعون النووية Glitterline-013

أي أن قول اللسان يسمى إيماناً، وعمل الجوارح يسمى إيماناً،والدليل: قول الله عزّ وجل: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ )البقرة: الآية143قال المفسّرون: إيمانكم: أي صلاتكم إلى بيت المقدس، وقال النبي صلى الله عليه وسلم :"الإِيْمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً فَأَعْلاهَا قَوْلُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله، وأدنْاهَا إِمَاطَةُ الأذى عَنِ الطَّرِيْقِوَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيْمَانِ" أعلاها قول: :لا إله إلا الله، هذا قول اللسانوأدناها : إماطة الأذى عن الطريق وهذا فعل الجوارح، والحياء عمل القلب.وأما القول بأن الإيمان محلّه القلب فقط، وأن من أقرّ فقد آمن فهذا غلط ولا يصحّ.

الأربعون النووية Glitterline-013

وقولهحَتَّى يُحَبَّ : (حتى) هذه للغاية، يعني: إلى أن "يُحَبَّ لأَخِيْه" والمحبة: لاتحتاج إلى تفسير،ولايزيد تفسيرها إلا إشكالاً وخفاءً، فالمحبة هي المحبة، ولا تفسَّر بأبين من لفظها.

وقولهلأَخِيْهِ:أي المؤمن مَا يُحبُّ لِنَفْسِهِ: من خير ودفع شر ودفاع عن العرض وغير ذلك،وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَيَدْخُلَ الجَنَّةَ فَلْتَأتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ،وَلْيَأتِ إِلَى النَّاسِ مَا يُحِبُّ أَنْ يُؤتَى إِلَيْهِ" الشاهد هنا قوله: وَلْيَأتِ إِلَى النَّاسِ مَا يُحِبُّ أَنْ يُؤتَى إِلَيْهِ .

الأربعون النووية Glitterline-013

وهناكَ مسألة مهمة في هذا الحديث أتمنى من التركيز فيها::

هي أن الإنسان قد لا يرتفع عند الله بكثرة صلاة ولا بكثرة صيام ولا بكثرة أعمال، ولكن ترفعه الأعمال القلبية التي يجدها في قلبه لإخوانه المسلمين، فهذا الذي سلم قلبه من الغش والغل والحقد والحسد والبغضاء،


الأربعون النووية Glitterline-013

فلا يكره مسلما، ولا يتمنى زوال النعمة عنه، ولا يقف حجرا في طريقه، ولا يشاغبه في أعماله ولا يبغضه ولا يعترض بأذى له أي - سلم قلبه من الأحقاد ، الضغائن ،البغضاء والحسد -يرتفع بها عند الله –تعالى-؛ ولذلك في الأثر الذي يؤثر عن عبد الله بن عمرو بن العاص -أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: ( يطلع عليكم رجل من أهل الجنة)، فدخل رجل غير معروف، فتبعه عبد الله بن عمرو ابن العاص ثم ذهب إليه، وقال: بيني وبين أبي خصومة، وأريد أن تستضيفني هذه الليلة، فرحب به وأضافه،وعبد الله بن عمرو يطالع أعمال الرجل، فلم يجد عملا بينا في الليلة الأولى، والليلة الثانية،والليلة الثالثة، ثم صارحه فقال: لم يكن بيني وبين أبي شيء، لكن القصة كذا،قال النبي - صلى الله عليه وسلم -( يطلع عليكم رجل من أهل الجنة) وأنا لم أر عندك مزيد من الأعمال، قال: هو كما رأيت، لكني لا أنام على فراشي في كل ليلة إلا نزعت من قلبي كل ما شابه من غل وحقد وحسد،ولا أتمنى إلا الخير للناس، فقال: تلك التي جعلتك تصل إلى هذه المنزلة ومن يطيقه.إذًا مما يخل بالأخوة هذه الأمراض القلبية: الحسد، البغضاء، الكره لإخوانه المسلمين،


الأربعون النووية Glitterline-013


تمني زوال النعمة عنهم، حسدهم فيما أعطاهم الله -سبحانه وتعالى- محبة الشر لهم، وأن على المسلم أن يزيل هذه الصفات المشينة، وأن يعلم أن الذي أعطاهم قادر أن يعطيه، وأن الذي منع قادر أن يمنع عنهم،وأن المتصرف في هذه الأمور هو الله -سبحانه وتعالى-. وهذه الأمراض القلبية من الأمراض الفتاكة الشديدة التي يدخل الشيطان إلى قلب المؤمن من خلالها، وتتطور إذا عمل الإنسان عمل يؤدي إلى هذا، كمن يؤذي جيرانه، كمن يؤذي إخوانه،و كمن يؤذي الآخرين أيا كانوا بأي نوع من أنواع الأذى؛

لأن مصدر الأذى موجود في القلب سواء حسد أو غل أو بغضاء، بالإضافة إلى أن هذه الأمراض إذا دخلت إلى قلب المسلم سببت له أمراضا فعلية:كثير من القلق الذي يعتري بعض الناس، كثير من الاكتئاب، كثير من التردد والشكوك كلها أو كثير منها الذي نراه في واقع بعض الناس، مصدرها ما حصل في القلب من الحسد أو البغضاء أو من تمني زوال النعمة عن الآخرين أو كره الآخرين كيف يكون؟

مثال على ذلك:أن الإنسان عندما يحسد إنسان آخر؛ لأن الله أعطاه مال فيستمر يغلى في قلبه، فإذا سمع أن فلان كسب في سلعة كذا أو زاد ربحه فيه بنسبة كذا يعتصر قلبه؛ لأنه لا يريد، وكل ما سمع أنه نال من الخير كذا، اشترى سيارة من نوع كذا اعتصر قلبه، اشترى بيت من نوع كذا اعتصر قلبه أكثر، فصار تفكيره وساوسه أحواله كلها في حال هذا الذي أعطاه الله –تعالى- فسبب له قلق،و تفكير زائد، و أرق من نومه، هذا الأرق والقلق ارتد على جسمه،ولذا المؤمن السليم الذي نظف قلبه لا يكون عنده قلق ولا اكتئاب ولا اضطراب ولا تردد ولا شكوك ولا أوهام لان قلبه سليم مرتاح.

الأربعون النووية Glitterline-013

وهنا مسألة : كيف يستطيع الإنسان أن ينظف قلبه من هذه الأمراض القلبية ؟ إن الإنسان في حياته الدنيا في صراع مع الشيطان، فالإنسان يريد أن يجلب الخير لنفسه، والشيطان يريد أن يدفع الخير عنه، فالعملية فيها صراع قوي بين الإنسان الذي يريد الخير لنفسه وللآخرين، وبين الشيطان الذي أخذ العهد على نفسه بأن يدافع هذه الخيرية التي عند الإنسان فيزرع هذا الشر؛ لذلك كانت الأعمال القلبية بمنزلة عالية عند الله -عز وجل-؛لأنها فيها مدافعة، من هنا تحتاج إلى تربية، وهذه التربية مع الزمن يحسها الإنسان بنفسه،


الأربعون النووية Glitterline-013


عندما تسمع أن زميلك وأنت في مستوى معين أنه أخذ جيد جدا أو ممتاز، هل تفرح أو تحزن؟ فإن فرحت فهذه علامة على أن قلبك نظيف،وتقاس هذه المعادلة على عدة امور..وإن أصيب أخوك بمصيبة مثلاً مات قريب له يعني محبوب له فأنت عند سماعك للخبرأحزنك هذا؟ أم جعل في قلبك نوعا من الفرح والتشفي لمصابه ؟فتجد في هذا الاختبار أنك تدافع نفسك فعلا ،فإذا وجدت أنك تحب الخير للناس؛ولا تفرح لمصابهم فأنت حينئذ في قلبك الخير الكثير.


الأربعون النووية Glitterline-013


ومن هنا نرى عظمة هذا الحديث عندما يوجه النبي - صلى الله عليه وسلم – هذا التوجيه الكبير: أن يحب المرء لأخيه ما يحب لنفسه، ويجعل هذا عنصر من عناصر زيادة الإيمان؛ لذلك نأتي للنتيجة النهائية أن يدرب نفسه على محبة الآخرين على محبة إخوانه الآخرين المحبة القلبية التي يرى أثرها ظاهرا على أعماله وسلوكه، ومن هنا جاءت تشريعات الإسلام بارتفاع مستوى هذه المحبة، بأن يعمل الإنسان على مستوى ارتفاع هذه المحبةبالعمل بتشريعات الإسلام، النصيحة ،الأمر بالمعروف، التوجيه ،الإرشاد، إطعام الطعام،وإفشاء السلام هذه الأشياء وأمثالها ترفع من مستوى المحبة بين المسلمين .

الأربعون النووية Glitterline-013

لذلك على المسلم كما يعمل بأسباب زيادة المحبة يعمل بمقتضيات المحبة يعني :ما ينبني على هذه المحبة، فيفرح لأفراح أخيه المسلم، ولذلك جاءت التشريعات في التهنئة عندما يأتي المسلم ما يفرحه في أي مجال، نجح في الامتحان، كسب مكسب عظيم من أمور الدنيا،أو من أمور الآخرة، أيضا أن يحزن لأحزانه؛ ولذلك جاءت التعزية عند الإصابة، عندما يصاب الإنسانبمصيبة وبالذات المصائب الكبرى أيضا جاءت المواساة أن يواسيه عند الحاجة كما في المواساةفي زيارة المريض وعيادة المريض، وأن يدعوا له بالشفاء والعافية والأجر والثواب عند الله -سبحانه وتعالى-،ولذلك جاءت أيضا التوجيهات للنصح والإرشاد عندما يراه أخطأ الطريق، وانحرف من الطريق الصحيح إلى طريق غير صحيح، كما جاءت المساعدة عندما يحتاج إلى مساعدتك.. من هنا نرى عظمة هذا التوجيه العظيم الذي كان من جوامع كلم النبي - صلى الله عليه وسلم – وهذه الأمور لا شك ترفع من مستوى الإيمان الذي ينشده المسلم، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -(لا يؤمن أحدكم؛ حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).

الأربعون النووية Glitterline-013

من فــــوائــــد الحديــــث :

1 - جواز نفي الشيء لانتفاء كماله، لقول: "لايُؤمِنُ أَحَدُكُم حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيْهِ"ومثله قوله: "لا يُؤمنُ مَنْ لا يَأَمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ"ومن الأمثلة على نفي الشيء لانتفاء كماله قول النبي صلى الله عليه وسلم :"لاصَلاةَ بِحَضْرَةِ طَعَام" أي لا صلاة كاملة، لأن هذا المصلي سوف يشتغل قلبه بالطعام الذي حضر،

2 - وجوب محبة المرء لأخيه ما يحب لنفسه، لأن نفي الإيمان عن من لايحب لأخيه ما يحب لنفسه يدلعلى وجوب ذلك، إذ لايُنفى الإيمان إلا لفوات واجب فيه أو وجود ما ينافيه.

3 - التحذير من الحسد، لأن الحاسد لا يحب لأخيه ما يحب لنفسه، بل يتمنّى زوال نعمة الله عن أخيه المسلم.وقد اختلف أهل العلم في تفسير الحسد: فقال بعضهم تمنّي زوال النعمة عن الغير . وقال بعضهم الحسد هو: كراهة ما أنعم الله به على غيره، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -يقول: إذا كره العبد ما أنعم الله به على غيره فقد حسده، وإن لم يتمنَّ الزوال .

4 - أنه ينبغي صياغة الكلام بما يحمل على العمل به، لأن من الفصاحة،صياغة الكلام بما يحمل على العمل به،والشاهد لهذا قوله: "لأَخِيهِ" لأن هذه يقتضي العطف والحنان والرّقة، ونظير هذا قول الله عزّ وجل في آية القصاص: (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْء)البقرة: الآية178 ، مع أنه قاتل، تحنيناً وتعطيفاً لهذا المخاطب.فإن قال قائل: هذه المسألة قد تكون صعبة، أي: أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك،

الأربعون النووية Glitterline-013

بمعنى: أن تحب لأخيك أن يكون عالماً،وأن يكون غنياً، وأن يكون ذا مال وبنين، وأن يكون مستقيماً، فقد يصعب هذا؟ فنقول: هذا لايصعب إذا مرّنت نفسك عليه، مرّن نفسك على هذا يسهل عليك،أما أن تطيع نفسك في هواها فنعم سيكون هذا صعباً.فإن قال تلميذ من التلاميذ: هل يدخل في ذلك أن ألقن زميلي في الاختبار لأنني أحب أن أنجح فألقنه لينجح؟فالجواب: لا، لأن هذا غشّ، وهو في الحقيقة إساءة لأخيك وليس إحساناً إليه، لأنك إذا عودته الخيانة اعتاد عليها،ولأنك تخدعه بذلك حيث يحمل شهادة ليس أهلاً لها.
الأربعون النووية Glitterline-013
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طه الفزارى
المشرف العام
المشرف العام
طه الفزارى


ذكر
عدد المساهمات : 965
حسناتى الى الان : 13864
تاريخ الميلاد : 25/09/1980
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
العمر : 44

الأربعون النووية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأربعون النووية   الأربعون النووية I_icon_minitimeالجمعة يوليو 17, 2009 9:47 am

الأربعون النووية 14
Crying or Very sad




( دورة شرح الأربعين النوويّة )

الحـــديث " الرابع عشر "


الأربعون النووية Glitterline-013

(عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثـلاث : الـثـيـب الــزاني، والـنـفـس بـالنفس، والـتـارك لـديـنـه الـمـفـارق للـجـمـاعـة‏"‏‏.‏ . )

رواه البخاري ومسلم

الأربعون النووية Glitterline-013

معنى الحديث :

لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ :أي لا يحل قتله،
امرِئٍ مُسْلِمٍ :التعبير بذلك لايعني أن المرأة يحل دمها، ولكن التعبير بالمذكر في القرآن والسنة
أكثر من التعبير بالمؤنث، لأن الرجال هم الذين تتوجه إليهم الخطابات وهم المعنيّون بأنفسهم وبالنساء.
إِلاَّ بإِحْدَى ثَلاثٍ :يعني بواحدة من الثلاث:
الثَّيِّبُ الزَّانِيْ، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّاركُ لِدِيْنِهِ المُفَارِقُ للجمَاعَةِ :

الأربعون النووية Glitterline-013


الثَّيِّبُ الزَّانِي : فالثيب الزاني يحلّ دمه، والثيب هو : الذي جامع في نكاح صحيح،أي متزوج
فإذا زنا بعد أن أنعم الله عليه بنعمة النكاح الصحيح صار مستحقاً للقتل،
ومفهوم قوله "الثَّيِّبُ" لأن البكر( اي الأعزب الغير متزوج ) لايحل دمه إذا زنا،
وهو الذي لم يجامع في نكاح صحيح،
ويكون قتله رجماً بالحجارة حتى الموت
فإن قال قائل: ما الحكمة من كونه يقتل على هذا الوجه ؟

الأربعون النووية Glitterline-013

فالجواب: أن شهوة الجماع لا تختص بعضو معين، بل تشمل كل البدن، فلما تلذذ بدن الزاني المحصن بهذه اللذة المحرّمة
كان من المناسب أن يذوق البدن كلّه ألم هذه العقوبة التي هي الحدّ، فالمناسبة إذاً ظاهرة.
ويثبت الزنا بشهادة أربعة رجال مرضيين أنهم رأوا ذكر الزاني في فرج المزني بها ولابدّ،
والشهادة على هذا الوجه صعبة جداً، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:
إنه لم يثبت الزنا بالشهادة قطّ، وهو في وقته.

والطريق الثاني لثبوت الزنا أن يقرّ الزاني بأنه زنا

وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ :المقصود به القصاص،
أي أنه إذا قتل إنسانٌ إنساناً آخر عمداً ، مكافئاً له في الدين والحرية والرّق قتل به.
يقُتِلَ حينئذٍ هذا الإنسان بالشروط المعروفة.

الأربعون النووية Glitterline-013

وعلى قولنا: في الدين وهو أهم شيء لايقتل المسلم بالكافر، لأن المسلم أعلى من الكافر،
ويقتل الكافر بالمسلم لأنه دونه.
وهل يشترط أن لايكون القاتل من أصول المقتول، أو لا يشترط؟

فالجواب: قال بعض أهل العلم إنه يشترط أن لايكون القاتل من أصول المقتول،

والأصول هم: الأب والأم والجد والجدة وما أشبه ذلك، وقالوا: لا يقتل والد بولده

واستدلّوا بحديث: "لايُقتَلُ الوَالِدُ بوَلَدِهِ"،

وبتعليل قالوا: لأن الوالد هو الأصل في وجود الولد فلا يليق أن يكون الولد سبباً في إعدامه.
وقال بعض أهل العلم: هذا ليس بشرط، وأنه يقتل الوالد بالولد إذا علمنا أنه قتله عمداً،
واستدلوا بعموم الحديث: "النَّفْسُ بالنَّفسِ" وعموم قوله تعالى: (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ)المائدة: من الآية45.
وأجابوا عن أدلة الآخرين فقالوا: الحديث ضعيف، ولايمكن أن يقاوم النصوص المحكمة الدّالة على قتل النفس بالنفس.

الأربعون النووية Glitterline-013

وأما التعليل فالتعليل عليل، وجه ذلك: أن الوالد إذا قتل الولد ثم قتِلَ به فليس الولد هو السبب في إعدامه،
بل السبب في إعدامه فعل الوالد القاتل، فهو الذي جنى على نفسه، وهذا القول هو الراجح لقوة دليله بالعمومات
التي ذكرناها، ولأن هذا من أشدّ قطيعة الرحم، فكيف نعامل هذا القاطع الظالم المعتدي بالرّفق واللين، ونقول: لا قصاص عليه.

فالصواب: أن الوالد يقتل بولده سواء بالذكر كالأب، أو الأنثى كالأم.

وَالتَّاركُ لِدِيْنِهِ المُفَارِقُ للجمَاعَةِ:
يعني بذلك المرتدّ بأي نوع من أنواع الرّدة.
و المراد بالجماعة أي جماعة المسلمين فالمرتد يقتل .
ولكن هل يستتاب قبل أن يقتل؟
في ذلك خلاف بين العلماء: منهم من قال: لايستتاب، بل بمجرّد أن يثبت كفره فإنه يقتل لقول النبي صلى الله عليه وسلم :

"مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلوهُ" ولم يذكر استتابة.
ومنهم من قال: يستتاب ثلاثة أيام إن كان ممن تقبل توبتهم، لأن المرتدين بعضهم تقبل توبتهم،
وبعضهم لاتقبل، فإذا كان ممن تقبل توبته فإننا نستتيبه ثلاثة أيام، أي نحبسه ونقول:
لك مهلة ثلاثة أيام فإن أسلم رفعنا عنه القتل، وإن لم يسلم قتلناه.

الأربعون النووية Glitterline-013

والصحيح في الاستتابة: أنها ترجع إلى اجتهاد الحاكم، فإن رأى من المصلحة استتابته استتابه،
وإلا فلا، لعموم قوله : "مَنْ بَدَّلَ دِيْنَهُ فَاقتُلُوهُ" ولأن الاستتابة وردت عن الصحابة رضي الله عنهم.
وهذا يختلف فقد يكون هذا الرجل الكافر أعلن كفره واستهتر فلاينبغي أن نستتيبه، وقد يكون أخفى كفره
وتاب إلى الله ورأينا منه محبة التوبة، فلكل مقام مقال.
وقولنا: يستتاب من تقبل توبته إشارة إلى أن المرتدين قسمان:
قسم تقبل توبتهم، وقسم لاتقبل.

الأربعون النووية Glitterline-013

قال أهل العلم: من عظمت ردته فإنه لاتقبل توبته بأن سب الله، أو سب رسوله، أو سب كتابه،
أو فعل أشياء منكرة عظيمة في الردة، فإن توبته لاتقبل، ومن ذلك المنافق فإنه لاتقبل توبته،
لأن المنافق من الأصل يقول إنه مسلم، فلا تقبل توبته.
وقيل: إن توبته مقبولة ولو عظمت ردته ولو سب الله أو رسوله أو كتابه ولو نافق،
وهذا القول هو الراجح، لكن يحتاج إلى تأنٍّ ونظر: هل هذا الرجل يبقى مستقيماً أو لا؟
فإذا علمنا من حاله أنه صادق التوبة قبلنا توبته لعموم قوله تعالى:

(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً ) الزمر: من الآية53
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : "التَّوبَةُ تَهْدِمُ مَا قَبْلَهَا" وهذا عام، وهذا القول هو الراجح وله أدلة.
اما المستهزئ فتقبل توبته بدليل قول الله تعالى:
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ* لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ

إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ) [التوبة:65-66] ولا عفو إلا بالتوبة.
وفي المنافقين قال الله تعالى(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا *

إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ
يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً)النساء:145-146 .


الأربعون النووية Glitterline-013

فالصواب: أن كل كافر أصلي أو مرتدّ إذا تاب من أي نوع من الكفر فإن توبته مقبولة.
ولكن مثل هؤلاء يحتاجون إلى مراقبة أحوالهم: هل هم صادقون،أو هم يستهزؤون بنا؟
يقولون: إنهم رجعوا إلى الإسلام وهم لم يرجعوا

وإذا تاب يرتفع عنه القتل، لأن إباحة قتله إنما كانت لكفره، فإذا قبلنا توبته ارتفع الكفرعنه فارتفع قتله
إلا من سب الرسول صلى الله عليه وسلم فإن توبته تقبل لكن يجب أن يقتل،
ويقتل مسلماً بحيث نغسله ونكفنه ونصلي عليه وندفنه مع المسلمين، لكننا لانبقيه حياً.

ومن سب الله عزّ وجل إذا تاب فإنه لا يقتل.
فإن قال قائل: على ضوء هذا الكلام أيكون سب الله عزّ وجل دون سب الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
فالجواب: لا والله لا يكون، بل سب الله أعظم، لكن الله تعالى قد أخبرنا أنه عافٍ عن حقه إذا تاب العبد،
فإذا تاب علمنا أن الله تاب عليه.

الأربعون النووية Glitterline-013

أما الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه لم يقل: من سبّني أو استهزأ بي ثم تاب فأنا أسقط حقي،
وعلى هذا فنحن نقتله لأن سب الرسول صلى الله عليه وسلم حق آدمي لم نعلم أنه عفا عنه.
فإن قال قائل: إن النبي صلى الله عليه وسلم عفا عن أناس سبّوه في عهده وارتفع عنهم القتل؟
فالجواب: هذا لا يمنع ما قلنا به لأن الحق حقه، وإذا عفا علمنا أنه أسقط حقه فسقط،

لكن بعد موته هل نعلم أنه أسقط حقه؟
الجواب: لا نعلم، ولا يمكن أن نقيس حال الموت علىحال الحياة،لأننا نعلم أن هذا القياس فاسد،
ولأننا نخشى أن يكثر سب الرسول صلى الله عليه وسلم لأن هيبة الرسول صلى الله عليه وسلم
في حياته أعظم من هيبته بعد مماته. والله أعلم.

الأربعون النووية Glitterline-013

من فــــوائــــد الحديــــث :

1.احترام دماء المسلمين، لقوله: "لايَحِلُّ دَمُ امرِئٍ مُسلمٍ" وهذا أمر مجمع عليه دلَّ عليه الكتاب والسنة والإجماع،
قال الله تعالى في القرآن الكريم:
(وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) النساء: 93
فقتل المسلم المعصوم الدم من أعظم الذنوب، ولهذا أول ما يقضى بين الناس في الدماء.

2. أن غير المسلم يحلّ دمه ما لم يكن معَاهَداً، أومستأمِناً، أو ذميّاً، فإن كان كذلك فدمه معصوم.
والمعاهد: من كان بيننا وبينه عهد، كما جرى بين النبي صلى الله عليه وسلم وقريش في الحديبية.
والمستأمن: الذي قدم من دار حرب لكن دخل إلينا بأمان لبيع تجارته أو شراء أو عمل،
فهذا محترم معصوم حتى وإن كان من قوم أعداء ومحاربين لنا، لأنه أعطي أماناً خاصاً.

والذّميّ: وهو الذي يسكن معنا ونحميه ونذبّ عنه، وهذا هو الذي يعطي الجزية بدلاً عن حمايته وبقائه في بلادنا.

إذاً قوله: "لايَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ" يخرج بذلك غير المسلم فإن دمه حلال إلا هؤلاء الثلاثة.

3. حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم حيث يرد كلامه أحياناً بالتقسيم، لأن التقسيم يحصر المسائل
ويجمعها وهو أسرع حفظاً وأبطأ نسياناً.

4. أن الثيب الزاني يقتل، برجمه بالحجارة، وصفته: أن يوقف ويرميه الناس بحجارة لاكبيرة ولا صغيرة،
لأن الكبيرة تقتله فوراً فيفوت المقصود من الرّجم، والصغيرة يتعذّب بها قبل أن يموت، بل تكون وسطاً،

فالثيب الزاني يرجم بالحجارة حتى يموت،سواء كان رجلاً أم امرأة.

الأربعون النووية Glitterline-013
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طه الفزارى
المشرف العام
المشرف العام
طه الفزارى


ذكر
عدد المساهمات : 965
حسناتى الى الان : 13864
تاريخ الميلاد : 25/09/1980
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
العمر : 44

الأربعون النووية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأربعون النووية   الأربعون النووية I_icon_minitimeالجمعة يوليو 17, 2009 9:51 am

الأربعون النووية 14
Crying or Very sad



( دورة شرح الأربعين النوويّة )

الحـــديث " الخامس عشر "

(عَن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرَاً أَو لِيَصْمُتْ، وَمَنْ كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ، ومَنْ كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ‏ . )
رواه البخاري ومسلم


الأربعون النووية Glitterline-013

معنى الحديث :

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم– : (مـن كـان يـؤمن بالله، والـيـوم الآخـر )
،هذه الصيغة ترد في بعض الأحاديث، والمقصود هنا: من كان يؤمن إيماناً كاملاً، ولا
يصح تقدير من كان يؤمن وضدها لا يؤمن مطلقاً؛ لأنه المقصود الإيمان الكامل .
مَنْ كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ : الإيمان بالله عرفناه سابقاً في حديث جبريل، وكذلك الإيمان باليوم الآخر،


الأربعون النووية Glitterline-013

فَلْيَقُلْ خَيْرَاً : "فَلَيَقُلْ خَيرَاً" اللام للأمر، والخير نوعان:

خير في المقال نفسه، وخير في المراد به.
أما الخير في المقال: فأن يذكر الله عزّ وجل ويسبّح ويحمد ويقرأ القرآن ويعلم العلم
ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فهذا خير بنفسه.
وأما الخير لغيره: فأن يقول قولاً ليس خيراً في نفسه ولكن من أجل إدخال السرور على جلسائه،
فإن هذا خير لما يترتب عليه من الأنس وإزالة الوحشة وحصول الإلفة، لأنك لو جلست مع قوم
ولم تجد شيئاً يكون خيراً بذاته وبقيت صامتاً من حين دخلت إلى أن قمت صار في هذا وحشة وعدم إلفة،
لكن تحدث ولو بكلام ليس خيراً في نفسه ولكن من أجل إدخال السرور على جلسائك، فإن هذا خير لغيره.
أَو لِيَصْمُتْ، : أي يسكت.
فالكلام إذا كان خيراً فهو أفضل، فإن لم يكن خيراً فالسكوت أولى .


الأربعون النووية Glitterline-013


وهنا مسألة هل الكلام أفضل، أو السكوت أفضل؟

فيجب أولاً هنا المقارنة، إذا كان الكلام خيراً فهو أفضل مثل أن يتضمّن مسألة الذكر، والقرآن، والأمر بالمعروف،
والنهي عن المنكر، و إذا كان هذا الكلام سيؤدى إلى شر، فالسكوت أفضل؛ ولذلك قال النبي – صلى الله عليه وسلم – هنا:

( فليقل خيراً، أو ليصمت ) .

بناء على هذا: فعلى المسلم أن يعوِّد لسانه على الكلام الطيب، وعلى الكلام الذي فيه نفع،
وفيه فائدة، و فيه دلالة على الخير، يرفعه عند الله - سبحانه وتعالى – ولا يخفضه !


الأربعون النووية Glitterline-013

وَمَنْ كَانَ يُؤمِنُ باللهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ : أي جاره في البيت،
والظاهر أنه يشمل حتى جاره في المتجر كجارك في الدكان مثلاً،
لكن الجار في البيت هو الأظهر هنا، وكلما قرب الجار منك كان حقه أعظم.


وأطلق النبي صلى الله عليه وسلم الإكرام فقال: "فليُكْرِم جَارَهُ" ولم يقل مثلاً بإعطاء الدراهم
أو الصدقة أو اللباس أو ما أشبه هذا، وكل شيء يأتي مطلقاً في الشريعة فإنه يرجع فيه إلى العرف،
فالإكرام إذاً ليس معيناً بل ما عدّه الناس إكراماً، ويختلف من جار إلى آخر، فجارك الفقير ربما يكون إكرامه برغيف خبز،
وجارك الغني لايكفي هذا في إكرامه، وجارك الوضيع ربما يكتفي بأدنى شيء في إكرامه، وجارك الشريف يحتاج إلى أكثر

والجار: هل هو الملاصق، أو المشارك في السوق، أو المقابل أو ماذا؟
هذا أيضاً يرجع فيه إلى العرف، لكن قد ورد أن الجار أربعون داراً من كل جانب ،
وهذا في الوقت الحاضر صعب جداً.
في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أربعون داراً مساحتهم قليلة، لكن في عهدنا أربعون داراً قرية،
فإذا قلنا إن الجار أربعون داراً والبيوت قصور صار فيها صعوبة، ولهذا نقول:
إن صح الحديث فهو مُنَزَّل على الحال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن لم يصح رجعنا إلى العرف.
ولا شك أن كلما قرب الجار كان أولى بالحقوق من غيره .


الأربعون النووية Glitterline-013

والجار له حق أياً كان، فإن كان قريباً لجاره، فله ثلاثة حقوق،
حق القرابة، حق الجوار، حق الإسلام،
إن كان ليس قريباً، وهو مسلم فله
حقان :حق الإسلام، وحق الجوار،
وإن كان الجار كافراً، فله حق واحد، وهو حق الجوار،
إذاً، الجار على أي صفة من الصفات فله حق، حتى ولو كان كافراً، لا كما يظن بعض
الناس، فالجار وإن كان كافراً فله حق، في إطعامه، واشرابه، بزيارته بالتحية له،

ودعوته إلى هذا الدين بالمعاملة الحسنة معه وهكذا فمن أعظم ما يهدى لهذا الجار، هو نصيحته، والنبي - صلى الله عليه وسلم – طبق هذا مع جاره اليهودي، عندما مرض، مع أنه يهودي، وزاره النبي - صلى الله عليه وسلم – ، ودعاه إلى الإسلام، وكان شاباً،

فالتفت الشاب إلى أبيه كأنه يستأذنه، قال: أطع أبا القاسم، ففرح النبي – صلى الله عليه وسلم – فرحاً شديداً قال:

( الحمد لله الذي أنقذه بي من النار )، وهذا من أعظم ما يكرم به الجار ..


الأربعون النووية Glitterline-013

وَمَنْ كَانَ يُؤمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ فَليُكرِمْ ضَيْفَهُ : الضيف هو النازل بك، كرجل مسافر نزل بك، فهذا ضيف يجب إكرامه بما يعد إكراماً.
قال بعض أهل العلم - رحمهم الله -: إنما تجب الضيافة إذا كان في القرى أي المدن الصغيرة،
وأما في الأمصار والمدن الكبيرة فلايجب، لأن هذه فيها مطاعم وفنادق يذهب إليها
ولكن القرى الصغيرة يحتاج الإنسان إلى مكان يؤويه.
ولكن ظاهر الحديث أنه عام: "فَليُكْرِمْ ضَيْفَهُ"


الأربعون النووية Glitterline-013

من فــــوائــــد الحديــــث :

1. وجوب السكوت إلا في الخير، لقوله: "مَنْ كَانَ يُؤمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ فَليَقُلْ خَيرَاً أو لِيَصمُتْ"
هذا ظاهر الحديث، ولكن ظاهر أحوال الناس أن ذلك ليس بواجب، وأن المقال ثلاثة أقسام: خير، وشر، ولغو.

فالخير: هو المطلوب. والشر: محرم، أي أن يقول الإنسان قولاً شراً سواء كان القول شراً في نفسه أو شراً فيما يترتب عليه
واللغو: ما ليس فيه خير ولاشرّ فلا يحرم أن يقول الإنسان اللغو، ولكن الأفضل أن يسكت عنه.
ويقال: إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب، وكم كلمة ألقت في قلب صاحبها البلاء،
والكلمة بيدك ما لم تخرج من لسانك، فإن خرجت من لسانك لم تملكها.
وإذا دار الأمر بين أن أسكت أو أتكلم فالمختار السكوت،لأن ذلك أسلم.

2. الحث على حفظ اللسان لقوله: "مَنْ كَانَ يُؤمِنُ باللهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيرَاً أَوْ لِيَصْمُتْ"

ولما حدث النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل رضي الله عنه قال له: أَلا أُخْبِرُكَ بِمِلاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟
قَالَ: بَلَى يَارَسُولَ اللهِ، فَأَخذَ بِلِسَانِ نَفْسِهِ وَقَالَ: كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا ، قَالَ: يَارَسُولَ اللهِ،وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ ؟
- الجملة استفهامية - قَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَامُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّار عَلَى وُجُوهِهِم،
أَو قَالَ: "عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلسِنَتِهِمْ" فاحرص على أن لاتتكلم إلا حيث كان الكلام خيراً،
فإن ذلك أقوى لإيمانك وأحفظ للسانك وأهيب عند إخوانك.


الأربعون النووية Glitterline-013

3. وجوب إكرام الجار لقوله: "مَنْ كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ واليَومِ الآخِرِ فَليُكرِمْ جَارَهُ" وهذا الإكرام مطلق يرجع فيه إلى العرف،
فتارة يكون إكرام الجار بأن تذهب إليه وتسلم عليه وتجلس عنده. وتارة تكون بأن تدعوه إلى البيت وتكرمه،
وتارة بأن تهدي إليه الهدايا، فالمسألة راجعة إلى العرف.

4. ان دين الإسلام دين الألفة والتقارب والتعارف بخلاف غيره، فإنك ترى أهل الملة الواحدة لايكاد يعرف بعضهم بعضاً،
متفرقون، حتى الجار لايدري ماذا يحدث لجاره.

5. وجوب إكرام الضيف بما يعد إكراماً، وذلك بأن تتلقاه ببشر وسرور، وتقول: ادخل حياك الله وما أشبه ذلك من العبارات.
وظاهر الحديث أنه لافرق بين الواحد والمائة، لأن كلمة (ضيف) مفرد مضاف فيعم، فإذا نزل بك الضيف فأكرمه بقدر ما تستطيع.
لكن إذا كان بيتك ضيقاً ولامكان لهذا الضيف فيه ولست ذا غنى كبير بحيث تعد بيتاً للضيوف،
فهل يكفي أن تقول: يا فلان بيتي ضيق والعائلة ربما إذا دخلت أقلقوك،
ولكن خذ مثلاً مبلغاً من المال - حسب الحال - تبيت بها في الفندق فهل يكفي هذا أو لايكفي ؟

الجواب: للضرورة يكفي، وإلا فلا شك أنك إذا أدخلته البيت ورحبت به وانطلق وجهك معه أنه أبلغ في الإكرام،

ولكن إذا دعت الضرورة إلى مثل ما ذكرت فلابأس، فهذا نوع من الإكرام، والله أعلم
من هنا: نلخص إلى أن المسلم كالنخلة، أينما وجدت نفعت، والنخلة كل ما فيها ينفع، ابتداء بثمرتها إلى سعفها إلى خوصها، إلى كربها، وكل ما فيها فهو نافع المسلم.


الأربعون النووية Glitterline-013
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طه الفزارى
المشرف العام
المشرف العام
طه الفزارى


ذكر
عدد المساهمات : 965
حسناتى الى الان : 13864
تاريخ الميلاد : 25/09/1980
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
العمر : 44

الأربعون النووية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأربعون النووية   الأربعون النووية I_icon_minitimeالجمعة يوليو 17, 2009 9:54 am

الأربعون النووية 14
Crying or Very sad




( دورة شرح الأربعين النوويّة )



الحـــديث " الســادس عشر "


الأربعون النووية Glitterline-013
(عن أبي هريرة رضي الله عنه : (أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني قال لا تغضب فردد مرارا قال لا تغضب). . )
رواه البخاري

معنى الحديث :
أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني :
الوصية: هي الطلب بما ينفع الإنسان، أو بما يحذر منه الإنسان ، وهي العهد إلى الشخص بأمر هام،
كما يوصي الرجل مثلاً على ثلثه أوعلى ولده الصغير أو ما أشبه ذلك

الأربعون النووية Glitterline-013

قَالَ: لاَتَغْضَبْ :
الغضب: يعبر عنه العلماء بأنه: غليان دم القلب فيظهر أثره على الجوارح .
ويمكن أن يعبر بتعبير آخر، فيُقال: هو حال انفعال، تسبب سرعة في الدورة الدموية، تظهر أثر هذه السرعة على وجه الإنسان،
وعلى حواسه عموما،ً وعلى حركاته، وعلى سلوكه ، فالغضب جمرة يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم فيغلي القلب،
ولذلك يحمرّ وجهه وتنتفخ أوداجه وربما يقف شعره !
فهل مراد الرسول صلى الله عليه وسلم لاتغضب أي لايقع منك الغضب، أو المعنى: لاتنفذ الغضب ؟


الأربعون النووية Glitterline-013

لننظر: أما الأول فإن ضبطه صعب،لأن الناس يختلفون في هذا اختلافاً كبيراً،
لكن لامانع أن نقول: أراد قوله: "لاَ تَغْضَبْ" أي الغضب الطبيعي، بمعنى أن توطن نفسك وتبرّد الأمر على نفسك.
وأما المعنى الثاني: وهو أن لا تنفذ مقتضى الغضب فهذا حق، فينهى عنه.
إذاً كلمة "لاَ تَغْضَبْ" هل هي نهي عن الغضب الذي هو طبيعي أو هي نهي لما يقتضيه الغضب ؟

إن نظرنا إلى ظاهر اللفظ قلنا: "لاَ تَغْضَبْ" أي الغضب الطبيعي، لكن هذا فيه صعوبة،
وله وجه يمكن أن يحمل عليه بأن يقال: اضبط نفسك عند وجود السبب حتى لاتغضب.
والمعنى الثاني لقوله: لاَ تَغْضَبْ أي لا تنفذ مقتضى الغضب،
فلو غضب الإنسان وأراد أن يطلّق امرأته، فنقول له: اصبر وتأنَّ.
فَرَدَّدَ الرَّجُلُ مِرَارَاً ، - أَيْ قَالَ: أَوْصِنِي - قَالَ: "لاَ تَغْضَبْ"

الأربعون النووية Glitterline-013

أمّا إن تحدّثنا عن مسألة الوقاية من الغضب :

فإنه ينبغي للمسلم أن يتقي أسباب الغضب، كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم –: (لا تغضب)؛
ومن اتقاء أسباب الغضب:
- أن يستمر الإنسان على طهارة، فعندما يخرج من بيته، يخرج على وضوء دائماً،
لأن الوضوء يطفئ نار الشيطان،
- كثرة ذكر الله - عزّ وجلّ – ؛لأنه لا يجتمع في قلب المسلم كثرة ذكر الله عزّ وجلّ والشيطان .
فإن الإنسان إذا صار مستمراًُ مع ذكر الله سبحانه وتعالى ابتعد عنه الشيطان؛
فلذلك ينبغي على الإنسان أن يحافظ على أذكار الصباح، أذكار المساء، الأذكار التي رُبطت بوقت،
أو رُبطت بمكان، الأذكار التي ربطت بأحوال، كذلكم الأذكار المطلقة، مثل سبحان الله والحمد لله،
ولا إله إلا الله، والله أكبر، لا حول ولا قوة إلا بالله، فكلما أكثر من ذكر الله ابتعد عنه الشيطان.
- تجنب أسباب الغضب، فلا ينظر الإنسان للناس بتعالي، لا ينظر للناس بأنانية، وحب الذات،
لا ينظر للناس بأنه الأحق منهم في كل شيء، فيجب أن يدرب نفسه على التواضع،
و معاملة الناس المعاملة الطيبة ، فلا يكن مكفهر الوجه، مبغضاً عند الناس، مما يؤدي إلى سرعة الغضب .

-تجّنب تبادل التهم، والظنون، فحينئذ تبادل التهم هذه يؤدي إلى الغضب الشديد، وسوء النية،
كذلك السخرية بالناس، والتنابز بالألقاب، والغيبة، والنميمة، كل هذه لما تنقل لإنسان آخر يغضب غضب شديد،
ويؤدي إلى هذا الغضب، ومن ثم تحصل أضراره الكثيرة؛ لذلك يجب على الإنسان أن يتجنب هذه الأسباب
- التدريب والتدريب، كما هو للأجسام، وكما هو للعقول، كذلك للأخلاق؛ ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(إنما العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم ) .

فالتدريب أمر مهم، كأن يدرب الإنسان نفسه على الأخلاق، ومن أهم الأخلاق الحلم، وكظم الغيظ،
فيتدرب و يجرب مرة مرتين، خصوصاً الذين وجدوا في بيئة يسرع إليهم الغضب،
فمن هنا ينبغي أن يتدرب شيئا فشيئا، فسيجد - بإذن الله تعالى- أنه وصل إلى درجة من الحلم،


الأربعون النووية Glitterline-013

مــن فــــوائــــد الحديــــث :

1 - حرص الصحابة رضي الله عنهم على ماينفع، لقوله: "أَوصِنِيْ" ،
والصحابة رضي الله عنهم إذا علموا الحق لايقتصرون على مجرّد العلم، بل يعملون،
وكثير من الناس اليوم يسألون عن الحكم فيعلمونه ولكن لايعملون به،
أما الصحابة رضي الله عنهم فإنهم إذا سألوا عن الدواء استعملوا الدواء، فعملوا.

2 - أن المخاطب يخاطب بما تقتضيه حاله وهذه قاعدة مهمة، فإذا قررنا هذا لايرد
علينا الإشكال الآتي وهو أن يقال: لماذا لم يوصه بتقوى الله عزّ وجل،كما قال الله عزّ وجل:
(وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ )النساء: الآية131

فالجواب: أن كل إنسان يخاطب بما تقتضيه حاله، فكأن النبي صلى الله عليه وسلم عرف
من هذا الرجل أنه غضوب فأوصاه بذلك.

مثال آخر: رجل أتى إليك وقال: أوصني، وأنت تعرف أن هذا الرجل يصاحب الأشرار،
فيصح أن تقول: أوصيك أن لاتصاحب الأشرار، لأن المقام يقتضيه.

ورجل آخر جاء يقول: أوصني، وأنت تعرف أن هذا الرجل يسيء العشرة إلى أهله،
فتقول له: أحسن العشرة مع أهلك.فهذه القاعدة التي ذكرناها يدل عليها جواب النبي صلى الله عليه وسلم
، أي أن يوصى الإنسان بما تقتضيه حاله لا بأعلى ما يوصى به، لأن أعلى ما يوصى به غير هذا.

الأربعون النووية Glitterline-013

3 - النهي عن الغضب، لقوله: "لاَ تَغْضَبْ" لأن الغضب يحصل فيه مفاسد عظيمة إذا نفذ
الإنسان مقتضاه، فكم من إنسان غضب فطلّق فجاء يسأل،
وكم من إنسان غضب فقال: والله لا أكلم فلاناً فندم وجاء يسأل.

فإن قال قائل: إذا وجد سبب الغضب، وغضبَ الإنسان فماذا يصنع؟
نقول: هناك دواء - والحمد لله - لفظي وفعلي .

أما الدواء اللفظي: إذا أحس بالغضب فليقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
لأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً قد غضب غضباً شديداً فقال:
"إِنِّي أَعلَمُ كَلِمَةً لوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ مَايَجِد - يعني الغضب - لَوقَالَ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ".
وأما الدواء الفعلي: إذا كان قائماً فليجلس، وإذا كان جالساً فليضطّجع،لأن تغير حاله الظاهر
يوجب تغير حاله الباطن، فإن لم يفد فليتوضّأ، لأن اشتغاله بالوضوء ينسيه الغضب،
ولأن الوضوء يطفئ حرارة الغضب.

وهل يقتصر على هذا؟
الجواب: لايلزم الاقتصار على هذا، قد نقول إذا غضبت فغادر المكان، وكثير من الناس يفعل هذا،
أي إذا غضب خرج من البيت حتى لايحدث ما يكره فيما بعد .

4 - أن الدين الإسلامي ينهى عن مساوئ الأخلاق لقوله: "لاَ تَغضبْ" والنهي عن مساوئ
الأخلاق يستلزم الأمر بمحاسن الأخلاق، فعوّد نفسك التحمل وعدم الغضب، فقد كان الأعرابي يجذب
رداء النبي صلى الله عليه وسلم حتى يؤثر في رقبته صلى الله عليه وسلم ثم يلتفت إليه ويضحك
مع أن هذا لو فعله أحد آخر فأقل شيء أن يغضب عليه،فعليك بالحلم ما أمكنك ذلك حتى يستريح
قلبك وتبتعد عن الأمراض الطارئة من الغضب كالسكر، والضغط وما أشبهه. والله المستعان


الأربعون النووية Glitterline-013
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طه الفزارى
المشرف العام
المشرف العام
طه الفزارى


ذكر
عدد المساهمات : 965
حسناتى الى الان : 13864
تاريخ الميلاد : 25/09/1980
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
العمر : 44

الأربعون النووية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأربعون النووية   الأربعون النووية I_icon_minitimeالجمعة يوليو 17, 2009 9:59 am

الأربعون النووية 14
Crying or Very sad



( دورة شرح الأربعين النوويّة )


الحـــديث " السابع عشر "

الأربعون النووية Glitterline-013
(عَنْ أَبِي يَعْلَى شَدَّادِ بنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ اللهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ. فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا القِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيْحَتَهُ). )
رواه مسـلم


الأربعون النووية Glitterline-013

معنى الحديث :
إِنَّ اللهَ كَتَبَ الإِحْسَانُ عَلَى كُلِّ شَيء:أي في كل شيء، ولم يقل: إلى كل شيء،بل قال: على كل شيء،
يعني أن الإحسان ليس خاصاً بشيء معين من الحياة بل هو في جميع الحياة.

ثم ضرب أمثلة فقال:فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا القِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ : والفرق بينهما: أن المقتول
لايحل بالقتل كما لو أراد إنسان أن يقتل كلباً مؤذياً، فنقول: أحسن القتلة. وكذا إذا أراد أن يقتل ثعباناً
فنقول: أحسن القتلة، وإذا ذبح فنقول: أحسن الذبحة، وهذا فيما يؤكل، أي يحسن الذبحة بكل ما يكون فيه
الإحسان، ولهذا قال: "وَليُحدّ أحدكم شَفْرَته" أي السكين، وحدُّها يعني حكها حتى تكون قوية القطع،
أي يحكها بالمبرد أو بالحجر أو بغيرهما حتى تكون حادة يحصل بها الذبح بسرعة.



الأربعون النووية Glitterline-013

وَلْيُرِحْ ذَبِيْحَتَهُ : اللام للأمر، أي وليرح ذبيحته عند الذبح بحيث يمر السكين بقوة وسرعة .
هذه الحديث يمثل قاعدة كلية من قواعد الدين ومبدأ عظيما من مبادئه،نراه حسب التفصيل الآتي:
الإحسان هو مبدأ من مبادئ الدين يجب أن يتعامل به المسلم في جميع المواضع؛
كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- (إن الله كتب الإحسان على كل شيء)

والله -جل وعلا- يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ )النحل: 90،
والإحسان فوق مستوى العدل فهو أعلى مرتبة منه وكلاهما مأمور به
وعندما نلاحظ كثيرا من الآيات والأحاديث النبوية نجد تعميق في هذا المبدأ
وسنفصل هنا بما يقتضيه المقام،:

الأربعون النووية Glitterline-013

1. الإحسان في التعامل مع الله -عز وجل- :هو من أعلى أنواع الإحسان وسماه جبريل
في الحديث المشهور: (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك) فعندما يستشعر
المسلم أثناء عبوديته لله -عز وجل- أنه يرى الله -عز وجل- أو أن الله يراه فإنه يصل إلى درجة
عليا من عبوديته لله -عز وجل-، فأعلى مقام العبودية أن يصل إلى هذا المستوى بحيث
ينسى ما أمامه، وما خلفه، وما عن يمينه، وما عن شماله،
فلا يتجه إلى العبادات إلاّ باتقان وخشوع وهذا لاستشعاره بأن الله سبحانه وتعالى يراه

2.الإحسان مع الخلق سواء الانسان الذي هو أعلى مراتب الخلق أو الحيوان أو مما ليس فيه حياة

أ. فتعامل المسلم مع الإنسان : يجب أن يكون بالإحسان أي بهذه القاعدة العظيمة سواء كان هؤلاء
الخلق من أقرب الأقربين أو من أبعد الأبعدين، وأقرب الأقربين هم الوالدان وإن علو،
كما قال الله –تعالى-: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾الإسراء: 23،

وهناك الإحسان القولي والفعلي للوالدين سواءً بالخدمة أوالقيام بحاجاتهم المادية والمعنوية
ومع أبعد الأبعدين ممن لا ينتمي إليك بقرابة ولا صداقة وزمالة ولا بجيرة ولا بشيء،
ومع غير المسلمين يجب أن يكون التعامل معهم بالإحسان لماذا؟

لأن الله –تعالى- يقول: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ﴾البقرة:83،
ومعنى الناس هنا المسلمون وغير المسلمين،

و كيفية التعامل بالإحسان مع خلق الله تكون بهذه النقاط بالقول أو الفعل أو بالمال :
بالقول :أن لا أتكلم مع الناس الا بالكلام الطيب وأعلى الكلام الطيب الدعوة إلى الله ؛ لذلك قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ ﴾ فصلت: 33،
فأعلى القول فيما بينك وبين الآخرين هو الدعوة إلى الله -عز وجل- كما أن الدعوة هي أحسن القول،
فكذلك يجب أن تكون هذه الدعوة بالحسنى،كما قال الله - سبحانه وتعالى -:

﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ﴾النحل:125
وفي المناظرة والمجادلة ﴿ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾النحل:125

فالمجادَل هنا أيا كان مسلمًا، كافرًا، صغيرًا أو كبيرًا يجب أن يكون بالحسنى،و الكلام اللين اللطيف،
كما قال الله سبحانه وتعالى :﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ آل عمران: 195
وقال الله سبحانه وتعالى لموسى وهارون في مخاطبتهم فرعون ﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا ﴾طه: 44،
إذًا المخاطبة تكون بالقول اللين، والنبي صلى الله عليه وسلم حذر من السباب والشتائم والكلام البذيء،
فالنبي -صلى الله عليه وسلم- كان على خلق عظيم في قوله و أعماله.

الإحسان بالفعل : كأن تعطف على الفقير ، المحتاج ، المسكين و اليتيم،
تقوم بخدماتك للآخرين: تشفع لهذا، تقوم بخدمة هذا، ترشد هذا، تنبه هذا،

الإحسان أيضا بالمال: يشمل: الصدقة على الفقراء والمساكين، التبرعات لأهل الخير
للمجالات الخيرية، الشفاعة لأحد الأوقاف ، كل ما كان فيه خدمة للآخرين يكون
هذا من باب الإحسان المالي، إذًا الإحسان للناس أيا كانواوكلما قربت درجة الإنسان بالنسبة لك، يجب أن يعلوا إحسانك إليه

الأربعون النووية Glitterline-013

ب. الإحسان إلى الحيوان، وهذا مثل به النبي -صلى الله عليه وسلم-، الإحسان إلى
الحيوان مجالاته كثيرة، وليت جمعيات الرفق بالحيوان تسمع ما جعله الإسلام في
التعامل مع الحيوان وهو مبدأ الإحسان،
فالإحسان إلى الحيوان يكون بعدم إيذائه، بعدم تركه يجوع ويعطش،

ولذلك يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في تكريس هذا المبدأ (وفي كل كبد رطبة أجر)،
وفي الحديث الآخر (دخلت امرأة النار في هرة حبستها، لا هي أطعمتها، ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض )

ج. الإحسان في الأشياء الأخرى،: كالإحسان إلى البيئة بعدم إفساد هذه البيئة، و المحافظة على نظافتها ،
أو المحافظة على المنشآت كالمطارات مثلا ، الأسواق العامة الحدائق العامة،و أماكن جلوس الناس؛
ولذلك جاء في الأحاديث الحديث الكبير المشهور (الإيمان بضع وستون شعبة،
أو
بضع وسبعون شعبة: أعلاها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق) والرسول
-صلى الله عليه وسلم- في الحديث الآخر قال(اتقوا اللاعنين) في حديث آخر (اتقوا الملاعن الثلاثة) ذكر منها: البول، والغائط تحت الشجرة في الظل، أو البول في طريق الناس،
أيضا من الإحسان إلى الأشياء إتقان العمل،
قال النبي –صلى الله عليه وسلم- (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه)،

الأربعون النووية Glitterline-013

وهناك مسألة مهمة : كيف نوفق بين التعامل مع الكافر بالإحسان مع أن الله أمرنا أن نتبرأ منهم ؟

هذه مسألة غاية في الأهمية ، ولذلك يخلط كثير من الناس في قضية الولاء و البراء،
وفي قضية التعامل. . فالتعامل مع غير المسلم:أن أتعامل معه بالحسنى، كما تعامل معه النبي -صلى الله عليه وسلم-
- كان له جار يهودي، وكان يزوره،وكان يمر على اليهود، وهم جالسون مع المسلمين،
ويسلم عليهم إذا كانوا مختلطين مع المسلمين، فكان يتعامل معهم بالحسنى -عليه الصلاة والسلام-،
وهذا التعامل لا نخلطه في مسألة الولاء و البراء،

فالمحبة القلبية للمسلم مقدمة بلا شك، وأن يتبرأ المسلم من الكفر وأهله في القلب،
والتبرأ بالقلب لا يعني التبرأ المطلق، مثلا يعني: أن يكون الوالد والوالدة، من غير المسلمين،
ففي هذه الحالة لا يتبرأ المرء منهم من المحبة الفطرية لأن الله -سبحانه وتعالى-لما قال عن الوالدين المشركين

قال: ﴿ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً ﴾لقمان: 15،
فالنفوس جبلت على محبة الوالد والولد، لكن ليست هذه المحبة الإيمانية التي تجعلني أساويه بأخي المسلم،
فحينئذ المحبة الفطرية لا ينسخها مسألة الولاء و البراء للمؤمنين والمؤمنات،
طبعا في غير هذه المحبة الفطرية يجب ألا تتعارض مع الأمر الشرعي، فإذا الوالد
الكافر أو الابن الكافر طلب من أبيه أو طلب منه أبيه الكافر أمرا يخالف أمر الله
–تعالى- فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق،

وهذه مسائل دقيقة يجب التنبه إليها، ونحن نقرر مبدأ الإحسان،
فالتعامل مع الوالدين الكافرين بالحسنى لا يتعارض مع أصل مبدأ الولاء و البراء


الأربعون النووية Glitterline-013

من فــــوائــــد الحديــــث :

1. رأفة الله عزّ وجل بالعباد، وأنه كتب الإحسان على كل شيء. ويدخل في ذلك الإحسان
إلى شخص تدله الطريق،وكذا إطعام الطعام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وما ذكره
النبي صلى الله عليه وسلم من القتل والذبح مجرد أمثلة.
ــــــــ
2. الحث على الإحسان في كل شيء، لأن الله تعالى كتب ذلك أي شرعه شرعاً مؤكداً.

الأربعون النووية Glitterline-013
ــــــــ
3. أنك إذا قتلت شيئاً يباح قتله فأحسن القتلة، ولنضرب لهذا مثلاً: رجل آذاه كلب من الكلاب
وأراد أن يقتله، فله طرق في قتله كأن يقتله بالرصاص، أو برضّ الرأس، أو بإسقائه السم،
أو بالصعق بالكهرباء، أنواع كثيرة من القتل، فنقتله بالأسهل، وأسهلها كما قيل: الصعق بالكهرباء،
لأن الصعق بالكهرباء لايحس المقتول بأي ألم ولكن تخرج روحه بسرعة من غير أن يشعر، فيكون هذا أسهل شيء.
يستثنى من ذلك القصاص، ففي القصاص يُفعل بالجاني كما فُعِل بالمقتول ، ودليل ذلك قصة اليهودي
الذي رضّ رأس الجارية، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يُرَضَّ رأسه بين حجرين.
ــــــــ
4 . أن الله عزّ وجل له الأمر وإليه الحكم، لقوله: "إِنَّ اللهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ"
وكتابة الله تعالى نوعان: كتابة قدرية، وكتابة شرعية.
الكتابة القدرية لابد أن تقع، والكتابة الشرعية قد تقع من بني آدم وقد لاتقع.

مثال الأول: قول الله تعالى: ( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ)الانبياء:105 فهذه كتابة قدرية.

ومثال الثاني: قوله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ )البقرة: الآية216 أي كتب كتابة شرعية.

وقوله: (وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ) يجب أن تعلم أن الضمير في قوله: (وَهُوَ) يعود على القتال وليس يعود على الكتابة،

لأن الصحابة رضي الله عنهم لايمكن أن يكرهوا فريضة الله لكن يكرهون القتل ويقاتلون فيقتلون.
وفرق بين أن يكره الإنسان حكم الله، أو أن يكره المحكوم به.
ومن الكتابة الشرعية قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَام)البقرة: الآية183 أي كتب شرعاً.

الأربعون النووية Glitterline-013
ــــــــ
5. أن الإحسان شامل في كل شيء، كل شيء يمكن فيه ا لإحسان لقوله: إِنَّ الله كَتَبَ الإِحسَانَ عَلَى كِلِّ شَيء
ــــــــ
6. حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم بضرب الأمثال، لأن الأمثلة تقرّب المعاني في قوله: إِذَا قَتَلتُمْ.. إِذَا ذَبَحْتُمْ .

الأربعون النووية Glitterline-013
ــــــــ
7. وجوب إحسان القِتلة،لأن هذا وصف للهيئة لا للفعل.
وإحسان القتلة على القول الراجح هو اتباع الشرع فيها سواء كانت أصعب أو أسهل،
ــــــــ
8. أن نحسن الذبحة، بأن نذبحها على الوجه المشروع، والذبح لابد فيه من شروط:
(1) أهلية الذابح بأن يكون مسلماً أو كتابياً، فإن كان وثنياً لم تحل ذبيحته، وإن كان مرتدّاً لم تحل ذبيحته،
وعلى هذا فتارك الصلاة لاتحل ذبيحته لأنه ليس مسلماً ولا كتابياً.


الأربعون النووية Glitterline-013

فإذا قال قائل: ما هو الدليل على أن ذبيحة الكتابي حلال؟

فالجواب: قول الله عزّ وجل: ( وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ)المائدة: الآية5
قال ابن عباس رضي الله عنهما: طعامهم: ما ذبحوه، والكتابي: هو اليهودي أو النصراني
(2) أن تكون الآلة مما يباح الذبح بها، وهي: كل ما أنهر الدم من حديد أو فضة أو ذهب أو حصى أو قصب،
أي شيء لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ فَكُلْ ومعنى: أَنْهَرَ الدَّمَ أي أساله.
فلو أن إنساناً ذبح بحجر له حد وأنهر الدم، فالذبيحة حلال، إلا أنه يستثنى شيئان:
السن، والظفر، علل النبي صلى الله عليه وسلم هذا بقوله:
أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظِّفْرُ فَمُدَى الحَبَشَة أي سكاكين الحبشة.
(3) إنهار الدم أي إسالته، ويكون إنهار الدم بقطع الودجين وهما العرقان الغليظان المحيطان بالحلقوم،

وهذان العرقان متصلان بالقلب فإذا قطعا انهال الدم بكثرة وغزارة، ثم ماتت الذبيحة بسرعة.
والدليل على إنهار الدم قول النبي صلى الله عليه وسلم : مَا أَنهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسمُ اللهِ عَلَيْهِ فَكُلْ، فاشترط إنهار الدم
(4) ذكر اسم الله عليها عند الذبح، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مَا أَنهرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ

الأربعون النووية Glitterline-013

فَكُلْ فإذا كان إنهار الدم شرطاً فكذلك التسمية شرط،بل إن الله تعالى أكد هذا بقوله:
(وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وإنه لفِسْقُ)الأنعام: الآية121
فإذا ذبح إنسان ذبيحة ولم يسمّ فالذبيحة حرام.
فإذا نسي أن يسمي فإنها حرام، لأن الشرط لايسقط بالنسيان بدليل أن الرجل لو صلى محدثاً ناسياً فصلاته غير صحيحة،

ولأن الله تعالى قال: (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ)الأنعام:121 وأطلق بالنسبة للذابح.
يستثنى من قولنا: أن يقطع الودجين وهما في الرقبة ما ليس مقدوراً عليه من الحيوان،فالذي ليس مقدوراً
عليه يحل بطعنه في أي موضع كان من بدنه، فلو ندّ لنا بعير - أي هرب - وعجزنا عن إدراكه ورميناه
بالرصاص وأصابت الرصاصة بطنه وخرقت قلبه ومات، فإنه يكون حلالاً لأنه غير مقدور عليه.
وكذلك لو سقط في بئر ولم نتمكن من النزول إليه للننحره ورميناه وأصابت الرصاصة أي مكان من بدنه فمات فهو حلال
.


الأربعون النووية Glitterline-013


ومن فوائد الحديث في هذا المجال أيضاً :
-وجوب حد الشفرة، لأن ذلك أسهل للذبيحة، ومعنى إحدادها: أن يمسحها بشيء يجعلها حادة،
فإن ذبح بشفرةكالّة أي ليست بجيدة ولكن قطع ما يجب قطعه فالذبيحة حلال لكنه آثم حيث لم يحد الشفرة.
ولا يحد الشفرة أمامها لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن تحد الشفار، وأن توارى عن البهائم ،أي تغطى.
ولأنه إذا حدها أمامها فهي تعرف، ولهذا أحياناً إذا حد الشفرة أمام الذبيحة هربت خوفاً من الذبح وعجزوا عنها.
- وجوب إراحة الذبيحة وذلك بسرعة الذبح، فلا يبقى هكذا يحرحر بل بسرعة لأنه أريح لها.
ــــــــ
9. إذا أراد الإنسان أن يؤدب أهله، أو ولده فليؤدب بإحسان؟
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَن لاَ يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدَاً تَكْرَهُونَهُ،
فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضرِبُوهُنَّ ضَرْبَاً غَيْرَ مُبَرِّحٍ فنقول:حتى في التأديب إذا أدبت فأحسن التأديب ولاتؤدّب بعنف.
وبعض الناس يؤدّب بعنف يظن أن ذلك أنفع، وليس هكذا، بل اضرب ضرباً لاتسرف فيه.
ولهذا قال العلماء في كتاب الجنايات: لو أنه ضرب ولده ضرباً أسرف فيه ومات ضمنه،
أما إذا أدّبه تأديباً عادياًبدون عنف ثم مات فلا ضمان عليه والله أعلم.
ــــــــ

وهنا نتساءل: أين الذين يتهمون هذا الدين بأنه دين إرهابي ، أو دين يتعدى على الآخرين !
ففي هذا الحديث تكريس مبدأ الإحسان سواء مع الإنسان وكذلك مع الحيوان، فإذا كان هذا التعامل مع الحيوان،
فكيف يكون التعامل مع الإنسان؟!

كذلك هذا الإحسان إذا تعامل به المسلم مع الناس، ومع الحيوان، ومع البيئة، ومع
عمله وغير ذلك، ماذا تكون النتيجة؟ (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ)الرحمن: 60،
، والله - سبحانه وتعالى – أخبر أنه يحب المحسنين فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ ﴾ البقرة:195
فليست المسألة عطية مقابل عطية، إنما المسألة رحمة الله، ومحبة الله -عز وجل- وأيضا سينال ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت،
ولا خطر على قلب بشر

الأربعون النووية Glitterline-013
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طه الفزارى
المشرف العام
المشرف العام
طه الفزارى


ذكر
عدد المساهمات : 965
حسناتى الى الان : 13864
تاريخ الميلاد : 25/09/1980
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
العمر : 44

الأربعون النووية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأربعون النووية   الأربعون النووية I_icon_minitimeالجمعة يوليو 17, 2009 10:02 am

الأربعون النووية 14
Crying or Very sad


( دورة حفظ الأربعين النوويّة )

الحـــديث " الثــامن عشر "

الأربعون النووية Glitterline-013

(عَنْ أَبِيْ ذَرٍّ جُنْدُبِ بنِ جُنَادَةَ وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُعَاذِ بِنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ( اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ ) . )
رواه الترمذي وقال: حديث حسن. وفي بعض النسخ: حسنٌ صحيح.
الأربعون النووية Glitterline-013

معنى الحديث :

اتَّقِ اللهَ : أي اتخذ وقاية من عذاب الله عز وجل، وذلك بفعل أوامره واجتناب نواهيه.
بعض أهل العلم يعبر عن التقوى بتعبيرات مختلفة كلها تعود إلى امتثال الأوامر، واجتناب النواهي.
من ذلكم مثلا: بعضهم قال: التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله، ترجو ثواب
الله، وأن تجتنب معاصي الله؛ خشية الوقوع في عذاب الله .
وبعضهم يعبر عن التقوى بأن تعمل بما أمرك الله، فلا يفقدك حيث أمرك، ولا يجدك حيث نهاك،

الأربعون النووية Glitterline-013

عوامل التقوى كثيرة من أهمها: :

1 - أن يربي الإنسان نفسه، أن يستشعر عظمة الله سبحانه وتعالى

2 - المحافظة على الفرائض ،لأن أفضل ما تقرب به العبد لربه -عز وجل- هو ما افترضه عليه سبحانه وتعالى
3 - الإكثار من القراءة لكتاب الله -عز وجل-؛ لأن فيه لفتات كبيرة لصفات المتقين ولأحوال الأنبياء
و الرسل و لعوامل التقوى وما يجب أن يعمله الإنسان،
فكثرة القراءة في كتاب الله تجعله قريبًا من هذه التقوى ومن المتقين بإذن الله عز وجل
4 - والنوافل لها أثر كبير في زيادة التقوى
5 - كذلك مصاحبة الأخيار المتقين، والقراءة في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأحواله،
و القراءة في سير الصحابة والتابعين والأئمة وأهل الفضل والإحسان،
فكل هذا يجعل الإنسان يرى أن هؤلاء قدوة يتشبه بهم.


الأربعون النووية Glitterline-013

حَيْثُمَا كُنْتَ : حيث: ظرف مكان، أي في أي مكان كنت سواء في العلانية أو في السر،
وسواء في البيت أو في السوق، وسواء عندك أناس أو ليس عندك أناس


وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا: إذا فعلت سيئة فأتبعها بحسنة،فهذه الحسنة تمحو السيئة
واختلف العلماء - رحمهم الله - هل المراد بالحسنة التي تتبع السيئة هي التوبة، فكأنه قال: إذا أسأت فتب، أو المراد العموم؟

الصواب: الثاني، أن الحسنة تمحو السيئة وإن لم تكن توبة، دليل هذا قوله تعالى:
(وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات) هود: الآية114
ولما سأل النبي صلى الله عليه وسلم رجل وقال: إنه أصاب من امرأة ما يصيب الرجل من امرأته إلا الزنا،
وكان قد صلى معهم الفجر، فقال: أصليت معنا صلاة الفجر؟ قال: نعم، فتلا عليه الآية: ( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات ) هود: 114
وهذا يدل على أن الحسنة تمحو السيئة وإن لم تكن هي التوبة.

وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ: أي عامل الناس بخلق حسن.
والخُلُق: هو الصفة الباطنة في الإنسان، والخَلْقُ: هو الصفة الظاهرة،والمعنى: عامل الناس بالأخلاق الحسنة بالقول وبالفعل.


الأربعون النووية Glitterline-013

فما هو الخلق الحسن؟

قال بعضهم: الخلق الحسن: كف الأذى، وبذل الندى، والصبر على الأذى - أي على أذى الغير - والوجه الطلق.
كف الأذى منك للناس.
بذل الندى أي العطاء.
الصبر على الأذى لأن الإنسان لايخلو من أذية من الناس.
الوجه الطلق: طلاقة الوجه.

وضابط ذلك ما ذكره الله عزّ وجل في قوله: (خُذِ الْعَفْوَ ) الأعراف:199أي خذ ما عفا وسهل من الناس،
ولاترد من الناس أن يأتوك علىما تحب لأن هذا أمر مستحيل، لكن خذ ما تيسر(وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) الأعراف:199

وهل الخلق الحسن جِبْلِيٌّ أو يحصل بالكسب؟

الجواب: بعضه جبلي، وبعضه يحصل بالكسب، قال النبي صلى الله عليه وسلم لأشجّ عبد قيس:
"إِنَّ فِيْكَ لَخُلُقَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ: الحِلْمُ وَالأَنَاةُ" قال: يارسول الله أخلقين تخلّقت بهما أم جبلني الله عليهما؟

قال: "بَلْ جَبَلَكَ اللهُ عَلَيْهِمَا" قال: الحمد لله الذي جبلني على ما يحب.
فالخلق الحسن يكون طبيعياً بمعنى أن الإنسان يمنّ الله عليه من الأصل بخلق حسن.
ويكون بالكسب بمعنى أن الإنسان يمرّن نفسه على الخلق الحسن حتى يكون ذا خلق حسن.
والعجيب أن الخلق الحسن يُكسِب الإنسان الراحة والطمأنينة وعدم القلق لأنه مطمئن من نفسه في معاملة غيره.



الأربعون النووية Glitterline-013
من فــــوائــــد الحديــــث :

1 - وجوب تقوى الله عزّ وجل حيثما كان الإنسان، لقوله: "اتَّقِ الله حَيْثُمَا كُنْتَ" وذلك بفعل أوامره
واجتناب نواهيه سواء كنت في العلانية أو في السر.

وأيهما أفضل: أن يكون في السر أو في العلانية؟

وفي هذا تفصيل: إذا كان إظهارك للتقوى يحصل به التأسّي والاتباع لما أنت عليه فهنا إعلانها أحسن وأفضل،
ولهذا مدح الله الذين ينفقون سرّاً وعلانية، وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إِلَى يَومِ القِيَامَةِ"
أما إذا كان لايحصل بالإظهار فائدة فالإسرار أفضل،لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيمن يظلّهم الله في ظله:
"رَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِيْنُهُ"

وهل الأفضل في ترك المعاصي إعلانه أو إسراره؟

يقال فيه ما قيل في الأوامر، فمثلاً إذا كان الإنسان يريد أن يدخل في عمل فقيل له:إنه يشتمل على محرم كالأمور الربوية
فتركه جهاراً، فذلك أفضل لأنه يُتأسّى به، وأما إذا كان الأمر لايتعدى إلى الغير ولا ينتفع به فالإسرار أفضل.
فإن قال قائل: قوله صلى الله عليه وسلم : "اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ" هل يشمل فعل الأوامر في أماكن غير لائقة كالمراحيض مثلاً؟

الجواب: لا تفعل الأوامر في هذه الأماكن، ولكن انوِ بقلبك أنك مطيع لله عزّ وجل ممتثل لأمره مجتنب لنهيه.
2 - أن الحسنات يذهبن السيئات لقوله: أَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا.
3 - فضل الله عزّ وجل على العباد وذلك لأننا لو رجعنا إلى العدل لكانت الحسنة لاتمحو السيئة
إلا بالموازنة، وظاهر الحديث العموم.

الأربعون النووية Glitterline-013

وهل يُشترط أن ينوي بهذه الحسنة أنه يمحو السيئة التي فعل؟

فالجواب: ظاهر الحديث: لا، وأن مجرد فعل الحسنات يذهب السيئات،
وهذا من نعمة الله عزّ وجل على العبادومن مقتضى كون رحمته سبقت غضبه.
4 - الحث على مخالقة الناس بالخلق الحسن، لقوله: "وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ".

فإن قيل: معاملة الناس بالحزم والقوة والجفاء أحياناً هل ينافي هذا الحديث أو لا؟

فالجواب: لا ينافيه، لأنه لكل مقام مقال، فإذا كانت المصلحة في الغلظة والشدة فعليك بها،
وإذا كان الأمر بالعكس فعليك باللين والرفق، وإذا دار الأمر بين اللين والرفق أو الشدة والعنف فعليك باللين والرفق،
لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ اللهَ رَفِيْقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ" ولقد جرت أشياء كثيرة تدل على فائدة الرفق
ومن ذلك: مرّ يهودي بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال: السام عليك يامحمد - والسام يعني الموت -
فقالت عائشة رضي الله عنها : عليك السام واللعنة - جزاءً وفاقاً وزيادة أيضاً -
فنهاها النبي صلى الله عليه وسلم وقال:
"إِنَّ اللهَ رَفِيْقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ وَإِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الكَتَابِ فَقُولُوا وَعَلَيْكُمْ" . والله الموفّق


الأربعون النووية Glitterline-013
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طه الفزارى
المشرف العام
المشرف العام
طه الفزارى


ذكر
عدد المساهمات : 965
حسناتى الى الان : 13864
تاريخ الميلاد : 25/09/1980
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
العمر : 44

الأربعون النووية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأربعون النووية   الأربعون النووية I_icon_minitimeالجمعة يوليو 17, 2009 10:06 am

الأربعون النووية 14
Crying or Very sad




( دورة شرح الأربعين النوويّة )


الحـــديث " التاسع عشر"


الأربعون النووية Glitterline-013

عَنْ أَبِي عَبَّاسٍ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:
كُنْتُ خَلْفَ النبي صلى الله عليه وسلم يَومَاً فَقَالَ: (يَا غُلاَمُ إِنّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ : احْفَظِ اللهَ يَحفَظك، احْفَظِ اللهَ تَجِدهُ تُجَاهَكَ،
إِذَاَ سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَاَ اسْتَعَنتَ فَاسْتَعِن بِاللهِ، وَاعْلَم أَنَّ الأُمّة لو اجْتَمَعَت عَلَى أن يَنفَعُوكَ بِشيءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ
إِلا بِشيءٍ قَد كَتَبَهُ اللهُ لَك، وإِن اِجْتَمَعوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشيءٍ لَمْ يَضروك إلا بشيءٍ قَد كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ،
رُفعَت الأَقْلامُ، وَجَفّتِ الصُّحُفُ)

رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح


- وفي رواية - غير الترمذي: (اِحفظِ اللهَ تَجٍدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إلى اللهِ في الرَّخاءِ يَعرِفْكَ في الشّدةِ،
وَاعْلَم أن مَا أَخطأكَ لَمْ يَكُن لِيُصيبكَ، وَمَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُن لِيُخطِئكَ، وَاعْلَمْ أنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ،

وَأَنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَربِ، وَأَنَّ مَعَ العُسرِ يُسراً) )

.



الأربعون النووية Glitterline-013
مـعنى الحـــديــث :

كُنْتُ خَلْفَ النبي: يحتمل أنه راكب معه ويحتمل أنه يمشي خلفه،
وأياً كان فالمهم أنه أوصاه بهذه الوصايا العظيمة.
يَا غُلامُ:لأن ابن عباس رضي الله عنهما كان صغيراً،

فإن النبي صلى الله عليه وسلم توفي وابن عباس

قد ناهز الاحتلام يعني من الخامسة عشر إلى السادسة عشر أو أقل .

إني أُعَلمُكَ كَلِمَاتٍ: قال ذلك من أجل أن ينتبه لها
.



الأربعون النووية Glitterline-013


الكلمة الأولى >>اِحْفَظِ اللهَ يَحفَظكَ:
هذه كلمة عظيمة جليلة واحفظ تعني احفظ حدوده وشريعته بفعل أوامره واجتناب نواهيه وكذلك

بأن تتعلم من دينه ما تقوم به عبادتك ومعاملاتك وتدعو به إلى الله عزّ وجل،واحفظ الله يحفظك

في دينك وأهلك ومالك ونفسك لأن الله سبحانه وتعالى يجزي المحسنين بإحسانه وأهم هذه الأشياء
هو أن يحفظك في دينك ويسلمك من الزيغ والضلال لأن الإنسان كلما اهتدى زاده الله عزّ وجل هدى
(وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ) محمد:17 ،
وعُلِمَ من هذا أن من لم يحفظ الله فإنه لا يستحق أن يحفظه الله عزّ وجل وفي هذا الترغيب على حفظ حدود الله عزّ وجل .
،


الأربعون النووية Glitterline-013

الكلمة الثانية >> احْفَظِ اللهَ تَجِدهُ تجَاهَكْ:

ونقول في قوله: احْفَظِ اللهَ كما قلنا في الأولى،

ومعنى تجده تجاهك وأمامك معناهما واحد يعني تجد الله عزّ وجل أمامك يدلك على كل خير

ويقربك إليه ويهديك إليه ويذود عنك كل شر ولا سيما إذا حفظت الله بالاستعانة به فإن الإنسان
إذا استعان بالله عزّ وجل وتوكل عليه كان الله حسبه ولا يحتاج إلى أحد بعد الله قال تعالى:
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) الأنفال:64
أي حسبك وحسب من اتبعك من المؤمنين فإذا كان الله حسب الإنسان فإنه لن يناله سوء
ولهذا قال: "احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تجَاهَكَ" .

الكلمة الثالثة >>إذَا سَألْتَ فَاسْأَلِ الله:
إذا سالت حاجة فلا تسأل إلاالله عزّ وجل ولاتسأل المخلوق شيئاً

وإذا قدر أنك سألت المخلوق ما يقدر عليه فاعلم أنه سبب من الأسباب وأن المسبب هو الله عزّ وجل

لو شاء لمنعه من إعطائك سؤالك فاعتمد على الله تعالى.

الكلمة الرابعة >>وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ:
فإذا أردت العون وطلبت العون من أحد فلا تطلب العون

إلا من الله عزّ وجل، لأنه هو الذي بيده ملكوت السموات والأرض، وهو يعينك إذا شاء وإذا أخلصت
الاستعانة بالله وتوكلت عليه أعانك، وإذا استعنت بمخلوق فيما يقدر عليه فاعتقد أنه سبب، وأن الله
هو الذي سخره لك. وفي هاتين الجملتين دليل على أنه من نقص التوحيد أن الإنسان يسأل غير الله،
ولهذا تكره المسألة لغير الله عزّ وجل في قليل أو كثير، والله سبحانه وتعالى إذا أراد عونك يسر لك
العون سواء كان بأسباب معلومة أو غير معلومة، فقد يعينك الله بسبب غير معلوم لك, فيدفع عنك من
الشر ما لا طاقة لأحد به، وقد يعينك الله على يد أحد من الخلق يسخره لك ويذلِّله لك حتى يعينك، ولكن
مع ذلك لا يجوز لك إذا أعانك الله على يد أحد أن تنسى المسبب وهو الله عزّ وجل.

الأربعون النووية Glitterline-013

الكلمة الخامسة >>وَاعْلَم أَنَّ الأُمّة لو اجْتَمَعَت عَلَى أن يَنفَعُوكَ بِشيءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلا بِشيءٍ قَد كَتَبَهُ اللهُ لَك:
الأمة كلها من أولها إلى آخرها لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك,

وعلى هذا فإن نفع الخلق الذي يأتي للإنسان فهو من الله في الحقيقة لأنه هو الذي كتبه له وهذا حث لنا
على أن نعتمد على الله عزّ وجل ونعلم أن الأمة لا يجلبون لنا خيراً إلا بإذن الله عزّ وجل.

الكلمة السادسة >> وإِن اِجْتَمَعوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشيءٍ لَمْ يَضروك إلا بشيءٍ قَد كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ:
وعلى هذا فإن نالك ضرر من أحد فاعلم أن الله قد كتبه عليك فارض بقضاء الله وبقدره،

ولا حرج أن تحاول أن تدفع الضر عنك،لأن الله تعالى يقول(وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا ) الشورى: الآية40 .

الكلمة السابعة >> رُفعَت الأَقْلامُ، وَجَفّت الصُّحُفُ :
يعني أن ما كتبه الله عزّ وجل قد انتهى
فالأقلام رفعت والصحف جفت ولا تبديل لكلمات الله
..



الأربعون النووية Glitterline-013

قوله رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وفي رواية غير الترمذي: "اِحفظِ اللهَ تَجدهُ أَمَامَكَ"

وهذا بمعنى "احْفَظِ اللهَ تَجِدهُ تُجَاهَكَ، تَعَرَّفْ إلى اللهِ في الرَّخاءِ يَعرِفُكَ في الشّدةِ" يعني قم بحق الله

عزّ وجل في حال الرخاء وفي حال الصحة وفي حال الغنى يَعرِفكَ في الشّدةِ إذا زالت عنك الصحة
وزال عنك الغنى واشتدت حاجتك عرفك بما سبق لك أو بما سبق فعل الخير الذي تعرفت به إلى الله عزّ وجل.
"وَاعْلَم أَنَّ مَا أَخطَأَكَ لَمْ يَكُن ليُصيبَكَ، وَمَا أَصَابَكَ لَم يَكُن ليُخطِئُكَ" أي ما وقع عليك فلن يمكن دفعه،
وما لم يحصل لك فلا يمكن جلبه، ويحتمل أن المعنى، يعني أن ما قدر الله عزّ وجل أن يصيبك فإنه لا يخطئك،
بل لابد أن يقع لأن الله قدره.

وأن ما كتب الله عزّ وجل أن يخطئك رفعه عنك فلن يصيبك أبداً، فالأمر كله بيد الله،وهذا يؤدي إلى أن يعتمد
الإنسان على ربه اعتماداً كاملاً ثم قال: "وَاعْلَمْ أنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ" فهذه الجملة فيها الحث على الصبر،
لأنه إذا كان النصر مع الصبر فإن الإنسان يصبر من أجل أن ينال النصر، والصبر هنا يشمل الصبر على طاعة الله
وعن معصيته وعلى أقداره المؤلمة، لأن العدو يصيب الإنسان من كل جهة فقد يشعر الإنسان أنه لن يطيق عدوه
فيتحسر ويدع الجهاد، وقد يشرع في الجهاد ولكن إذا أصابه الأذى استحسر وتوقف، وقد يستمر ولكنه يصيبه
الألم من عدوه فهذا أيضاً يجب أن يصبر، قال الله تعالى: (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ) آل عمران: الآية140
وقال الله تعالى: (وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا
لا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً) النساء:104 فإذا صبر الإنسان وصابر ورابط فإن الله سبحانه ينصره.
وقوله: "وَاعْلَمْ أَن الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ" الفرج انكشاف الشدة والكرب، فكلما اكتربت الأمور فإن الفرج قريب،
لأن الله عزّ وجل يقول في كتابه: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوء) النمل: الآية62
فكل يسر بعد عسر بل إن العسر محفوف بيسرين، يسر سابق ويسر لاحق قال الله تعالى:
(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) ،
قال ابن عباس رضي الله عنه "لَن يَغلُبَ عسرٌ يُسرَين" .
.

الأربعون النووية Glitterline-013

7. من فــــوائــــد الحديــــث :

1. ملاطفة النبي صلى الله عليه وسلم لمن هو دونه حيث قال: "يَا غُلام إني أُعَلِمُكَ كَلِماتٍ".

2. أنه ينبغي لمن ألقي كلاماً ذا أهمية أن يقدم له ما يوجب لفت الانتباه حيث قال: "يَا غُلاَمُ إني أُعَلِمُكَ كَلِماتٍ".
3. أن من حفظ الله حفظه الله لقوله: "احفَظ الله يَحفَظكَ".
4. أن من أضاع الله - أي أضاع دين الله - فإن الله يضيعه ولا يحفظه،قال تعالى:

(وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) الحشر: 19

5. أن من حفظ الله عزّ وجل هداه ودله على ما فيه الخير، وأن من لازم حفظ الله له أن يمنع عنه الشر.
6. أن الإنسان إذا احتاج إلى معونة فليستعن بالله، ولكن لا مانع أن يستعين بغير الله ممن يمكنه
أن يعينه لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
"وتُعينَ الرجُلَ في دَابَّتِهِ فَتَحمِلَهُ عَليها أَو تَرْفَعَ لَهُ عَليها مَتَاعَهُ صَدَقَة".
7. أن الأمة لن تستطيع أن تنفع أحداً إلا إذا كان الله قد كتبه له، ولن يستطيعوا أن يضروا أحداً
إلا أن يكون الله تعالى قد كتب ذلك عليه.

8. أنه يجب على المرء أن يكون معلقاً رجاءه بالله عزّ وجل وأن لايلتفت إلى المخلوقين،فإن المخلوقين لا يملكون له ضراً ولا نفعاً.

الأربعون النووية Glitterline-013

9. أن كل شيء مكتوب منتهٍ منه، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله عزّ وجل
كتب مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة..

10. في الرواية الأخرى أن الإنسان إذا تعرف إلى الله عزّ وجل بطاعته في الصحة والرخاء
عرفه الله تعالى في حال الشدة فلطف به وأعانه وأزال شدته.

11. أن الإنسان إذا كان قد كتب الله عليه شيئاً فإنه لا يخطئه، وأن الله عزّ وجل
إذا لم يكتب عليه شيئاً فإنه لا يصيبه.
12. البشارة العظيمة للصابرين، وأن النصر مقارن للصبر.
13. فيه البشارة العظيمة أيضاً بأن تفريج الكربات وإزالة الشدائد مقرون بالكرب،
فكلما كر ب الإنسان الأمر فرج الله عنه.

14. البشارة العظيمة أن الإنسان إذا أصابه العسر فلينتظر اليسر،
وقد ذكر الله تعالى ذلك في القرآن الكريم،فقال تعالى:
(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) فإذا عسرت بك الأمور فالتجيء
إلى الله عزّ وجل منتظراً تيسيره مصدقاً بوعده.
15. تسلية العبد عند حصول المصيبة، وفوات المحبوب على أحد المعنيين في قوله:
"وَاعْلَم أن مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُن لِيُخطِئكَ ، وَمَا أخطأَكَ لَمْ يَكُن لِيصيبَك"
فالجملة الأولى تسلية في حصول المكروه،والثانية تسلية في فوات المحبوب. والله الموفق
الأربعون النووية Glitterline-013
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طه الفزارى
المشرف العام
المشرف العام
طه الفزارى


ذكر
عدد المساهمات : 965
حسناتى الى الان : 13864
تاريخ الميلاد : 25/09/1980
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
العمر : 44

الأربعون النووية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأربعون النووية   الأربعون النووية I_icon_minitimeالجمعة يوليو 17, 2009 10:11 am

الأربعون النووية 14
Crying or Very sad



( دورة شرح الأربعين النوويّة )
الحـــديث " العشرون "

الأربعون النووية 1063

(عَنْ أَبيْ مَسْعُوْدٍ عُقبَة بنِ عَمْرٍو الأَنْصَارِيِّ البَدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم (إِنَّ مِمَّا أَدرَكَ النَاسُ مِن كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأُولَى إِذا لَم تَستَحِ فاصْنَعْ مَا شِئتَ) . )

الأربعون النووية Glitterline-013
مـعنى الحـــديــث :

إِنَّ مِما أَدرَكَ الناسُ: أي إن بعض الذي أدركه الناس من كلام النبوة الأولى...
وقوله: النبوَةِ الأُولَى يعني السابقة، فيشمل النبوة الأولى على الإطلاق، والنبوة الأولى
بالنسبة لنبوة النبي صلى الله عليه وسلم فعليه نفسر : النبوَةِ الأُولَى أي السابقة

إذا لَم تَستَحْيِ فَاصْنَع مَا شِئت:هذه الكلمة من كلام النبوة الأولى،
والحياء هو عبارة عن انفعال يحدث للإنسان عند فعل ما لا يجمله ولا يزينه، فينكسر ويحصل الحياء.

الأربعون النووية Glitterline-013

وقوله: "إِذا لَم تَستَحْيِ" يحتمل معنيين:
المعنى الأول:إذا لم تكن ذا حياء صنعت ما تشاء، فيكون الأمر هنا بمعنى الخبر،
لأنه لا حياء عنده، يفعل الذي يخل بالمروءة والذي لا يخل.
المعنى الثاني: إذا كان الفعل لا يُستَحَيى منه فاصنعه ولا تبالِ.
فالأول عائد على الفاعل، والثاني عائد على الفعل.
والمعنى: لا تترك شيئاً إذا كان لا يُستَحيى منه.
فاصنَع مَا شِئت: أي افعل،والأمر هنا للإباحة على المعنى
الثاني،
أي إذا كان الفعل مما لا يستحيى منه فلا حرج.
وهي للذم على المعنى الأول، أي أنك إذا لم يكن فيك حياء صنعت ما شئت

الحياء من حيث حكمه هل هو ممدوح أو مذموم ؟:

الحياء منه ممدوح ومنه مذموم

فالحياء الممدوح هو الذي يمنع من فعل القبائح والرذائل ويمنع من اقتراف المعاصي
ولذلك مُدح به النبي صلي الله عليه وسلم
والله جل وعلا مدح به بنتي شعيب عندما جاءموسى عليه الصلاة والسلام وسقى لهما ثم ذهبا إلي أبيهما
فأمر أبوهما أن تذهب واحدة لتناديه إليه قال الله سبحانه وتعالي ﴿فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ ﴾
(القصص: من الآية25)
إذن هذه شهادة من الله سبحانه وتعالي على أن الحياء خلق ممدوح لأنها جاءت في مخاطبة هذا
الرجل الأجنبي عنها باستحياء ،

ومن الحياء الممدوح ما يمنع من الاعتداء سواء الاعتداء على الأموال ، الأبدان و الأعراض
ولذلك يجب أن يتصف به المسلم وبالأخص المرأة المسلمة لأنها مجبولة عليه فإذا خالفت هذه
الجبلة دخلت في المذموم ولذلك نرى كثير من تصرفات بعض النساء خلاف خلق الحياء
فاللتي تخرج زينتها وتخرج متجملة متطيبة وتحادث الرجال كيفما شاءت
وقد تنزل في الأسلوب فتتعامل بالمصطلحات السوقية ونحو ذلك وكل هذا خلاف الحياء الممدوح ،


الأربعون النووية Glitterline-013
القسم الثاني الحياء المذموم : والحياء المذموم إما أن يقود إلي فعل القبائح أو
يمنع من فعل المحاسن والواجبات والمستحبات.
و من الحياءأيضا ما يسمى مجاملة مقيتة فيحجز عن فعل المعروف أو يدفع إلي فعل المنكر
و يمنع من فعل المستحبات لذلك يقول المجاهد بن جبر رحمه الله :
"لا ينال العلم مستحى ولا مستكبر"

لأن الحياء هنا في طلب العلم مذموم إذا منع من السؤال ،
ولذلك عائشة رضي الله عنها مدحت نساء الأنصار لأنهن لم يمنعهن الحياء عن التفقه في
الدين وأم سليم لما جاءت للنبي صلي الله عليه وسلم قالت إن الله لا يستحي من الحق
هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت ،

فالحياء إذا منع من السؤال للتفقه في الدين كان مذموماً
فنقول الحياء المذموم هو الذي يدفع للمجاملات المقيتة وحين إذن يمتنع الإنسان عن فعل الطاعات
أو يرتكب فعل المعاصي كما هو حاصل مع مجاملات بعض الشباب أو بعض الفتيات بعضهم مع بعض
في أمور بعض المعاصي ،كالذي يؤجل صلاته لأن صديقه لا يصلي
أو كاللتي تخجل من الخروج بملابس محتشمة خشية استهزاء رفقاء السوء بها..الخ


الأربعون النووية Glitterline-013


والحياء يا أخواتي خلق عالي لأنه شعبة من شعب الإيمان كما أخبر النبي صلي الله عليه وسلم في الحديث
المشهور الصحيح" الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة
الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الأيمان"

أيضا الحياء الممدوح يقود إلي فعل الخيرات الكثيرة ويحجز عن فعل المعاصي و يرفع
الدرجات ويكفر السيئات ويضفي على الإنسان السكينة والطمأنينة ومن ثم هذا
العبد الحيي يكون محبوبا مقبولا عند الآخرين يكون يرتاح إليه الناس لا يخافون من لسانه
ولا يخافون من تصرفاته ولا يخافون أن يوقعهم في مكروه أو في مصيبة ونحو ذلك.
إذن هذا توجيه من النبي صلي الله عليه وسلم إلي أن يتخلق المسلم بهذا الخلق
فيتخلق بالحياء الممدوح ويمتنع عن الحياء المذموم


الأربعون النووية Glitterline-013
من فــــوائــــد الحديــــث :

1.أن الآثار عن الأمم السابقة قد تبقى إلى هذه الأمة، لقوله: إِنَّ مِمَا أَدرَكَ الناسُ مِن كَلاَمِ النُّبوَةِ الأُولَى وهذا هو الواقع.
وما سبق عن الأمم السابقة إما أن ينقل عن طريق الوحي في القرآن، أو في السنة ،أو يكون مما تناقله الناس.
فأما في القرآن ففي قوله عزّ وجل:
(بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * َالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى * إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى* صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى) [الأعلى:16-19] ،

وما جاءت به السنة فكثير، كثيراً ما يذكر النبي صلى الله عليه وسلم عن بني إسرائيل ما يذكر.
وأما ما يؤثر عن النبوة الأولى: فهذا ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول:ما شهد شرعنا بصحته،فهو صحيح مقبول.
القسم الثاني:ما شهد شرعنا ببطلانه، فهو باطل مردود.

القسم الثالث:ما لم يرد شرعنا بتأييده ولا تفنيده،فهذا يتوقف فيه،وهذا هو العدل.
ولكن مع ذلك لا بأس أن يتحدث به الإنسان في المواعظ وشبهها إذا لم يخشَ أن يفهم المخاطَب أنه صحيح.

2. أن هذه الجملة: إِذا لَم تَستَحْيِ فاصنَع مَا شِئت مأثورة عمن سبق من الأمم،
لأنها كلمة توجه إلى كل خلق جميل.

الأربعون النووية Glitterline-013

3. الثناء على الحياء، سواء على الوجه الأول أو الثاني،
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الحَيَاءُ شُعبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ
والحياء نوعان:
الأول: فيما يتعلق بحق الله عزّ وجل.
الثاني: فيما يتعلق بحق المخلوق.
أما الحياء فيما يتعلق بحق الله عزّ وجل فيجب أن تستحي من الله عزّ وجل أن يراك حيث نهاك، وأن يفقدك حيث أمرك.
وأما الحياء من المخلوق فأن تكفَّ عن كل ما يخالف المروءة والأخلاق.
فمثلاً: في المجلس العلمي لو أن إنساناً في الصف الأول مدَّ رجليه، فإنه لا يعتبر حياءً لأن هذا يخالف المروءة،
لكن لو كان مجلس بين أصحابه ومدَّ رجليه فإن ذلك لا ينافي المروءة، ومع هذا فالأولى أن يستأذن
ويقول: أتأذنون أن أمدَّ رجلي؟.
ثم الحياء نوعان أيضاً من وجه آخر:
نوع غريزي طبيعي، ونوع آخر مكتسب.

النوع الأول: فإن بعض الناس يهبه الله عزّ وجل حياءً، فتجده حيياً من حين الصغر، لا يتكلم إلا عند الضرورة،
ولا يفعل شيئاً إلا عند الضرورة، لأنه حيي.
النوع الثاني: مكتسب يتمرن عليه الإنسان، بمعنى أن يكون الإنسان غير حيي ويكون فرهاً باللسان،
وفرهاً بالأفعال بالجوارح، فيصحب أناساً أهل حياء وخير فيكتسب منهم، والأول أفضل وهو الحياء الغريزي.
ولكن اعلم أن الحياء خلق محمود إلا إذا منع مما يجب، أو أوقع فيما يحرم ، فإذا منع مما يجب فإنه مذموم
كما لو منعه الحياء من أن ينكر المنكر مع وجوبه، فهذا حياء مذموم، أنكر المنكر ولا تبالِ، ولكن بشرط أن يكون ذلك
واجباً وعلى حسب المراتب والشروط، وحياء ممدوح وهو الذي لا يوقع صاحبه في ترك واجب ولا في فعل محرم.

4. أن من خلق الإنسان الذي لا يستحيي أن يفعل ما شاء ولا يبالي،
ولذلك تجد الناس إذا فعل هذا الرجل ما يستحيى منه
يتحدثون فيه ويقولون: فلان لا يستحيي فعل كذا وفعل كذا وفعل كذا.

5. ومن فوائد الحديث على المعنى الثاني: أن ما لا يستحيى منه فالإنسان حل في
فعله لقوله: إذَا لَم تَستَحْيِ فَاصنَع مَا شِئت.
6. فيه الرد على الجبرية، لإثبات المشيئة للعبد.
الأربعون النووية Glitterline-013
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طه الفزارى
المشرف العام
المشرف العام
طه الفزارى


ذكر
عدد المساهمات : 965
حسناتى الى الان : 13864
تاريخ الميلاد : 25/09/1980
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
العمر : 44

الأربعون النووية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأربعون النووية   الأربعون النووية I_icon_minitimeالجمعة يوليو 17, 2009 10:15 am

الأربعون النووية 14
Crying or Very sad



( دورة شرح الأربعين النوويّة )

الحـــديث " الحادي والعشرين "

الأربعون النووية 1063

(عَنِ أَبيْ عَمْرٍو، وَقِيْلَ،أَبيْ عمْرَةَ سُفْيَانَ بنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ يَارَسُوْلَ اللهِ قُلْ لِيْ فِي الإِسْلامِ قَوْلاً لاَ أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدَاً غَيْرَكَ؟ قَالَ: "قُلْ آمَنْتُ باللهِ ثُمَّ استَقِمْ" . )
رواه مسلم.

الأربعون النووية Glitterline-013

مـعنى الحـــديــث :

قل لي في الإسلام: أي في الشريعة.
قَوْلاً لاَ أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدَاً غَيْرَكَ؟:يعني قولاً يكون حداً فاصلاً جامعاً مانعاً
فقال له:
"قُل آمَنْتُ بِاللهِ" :أي أقررت به على حسب ما يجب علي من الإيمان بوحدانيته في الربوبية والألوهية والأسماء والصفات.
ثُمَّ استَقِم: أي سر على صراط مستقيم، فلا تخرج عن الشريعة لا يميناً ولا شمالاً.
فقوله صلّى الله عليه وسلّم: "قُل آمَنْتُ بِاللهِ" يعني أمره بأمر قلبي في وقوله "ثُمَّ استَقِم" أي على طاعته، فهذا أمر فعلي يُعنى بالجوارح.
فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم كلمتين: "آمَنْتُ بِاللهِ" محل الإيمان القلب "ثُمَّ استَقِم" وهذا في عمل الجوارح.
وهذا حديث جامع، من أجمع الأحاديث
إذ أن الإيمان بالله يتضمن الإخلاص له في العبادة، والاستقامة تتضمن التمشي على شريعته عزّ وجل،
فيكون جامعاً لشرطي العبادة وهما: الإخلاص والمتابعة.

نقف مع هذا الحديث الوقفات الآتية :
الوقفة الأولى :المسلم دائماً وأبداً يحرص على ما ينفعه في الدنيا وفي الآخرة،
لذلك كان الصحابة رضوان الله عليهم، يسارعون كلما وجدوا فرصة إلى سؤال النبي
– صلى الله عليه وسلم – وهذا الصحابي الجليل سأل عن هذا السؤال، الذي استفادت
الأمة كلها من جوابه إذ أجابه النبي – صلى الله عليه وسلم –
بهاتين الكلمتين أو بهذه الجملة البليغة العظيمة التي تحوي معاني كثيرة .،

الأربعون النووية Glitterline-013

الوقفة الثانية : : السؤال ينبغي أن يكون بأعلى مستوى فهنا نلاحظ الصحابي - رضي الله
عنه – قال لا أسأل عنه أحد غيرك، إذا أعطني الزبدة التي أستغني بها عن أي سؤال آخر
لذلك بعض الناس يسأل عن أسئلة جزئية بسيطة سهلة ولا يسأل عن الأسئلة العظيمةالكبيرة،
فتجده يتقعر في سؤال أو في مناقشة قضية قد تكون يعني لها جانب استحباب أحياناً
أو قد تكون مباحة فقط لكن الأسئلة على الواجبات الكبرى و المحرمات الكبرى لا يهتم بها

الوقفة الثالثة : : في قوله - صلى الله عليه وسلم – ( قل آمنت بالله ) .
هنا أعطتنا هذه الجملة أو هذا الجواب أن السعادة الدنيوية أو الأخروية لابد لها من
ركنين، الركن الأول : الإيمان ،
والركن الثاني : الاستقامة، ولكن قبل أن نتجاوز الإيمان نلاحظ أن النبي – صلى الله
عليه وسلم – قال ( قل آمنت بالله ) فجمع بين القول والاعتقاد .
القول من قوله ( قل آمنت ) والاعتقاد من آمنت بالله إذاً الإيمان لابد أن يشتمل على
القول والاعتقاد وبطبيعة الحال جاءت الاستقامة التي هي العمل .
فلذلك اشتملت هذه الجملة على تعريف الإيمان بأنه يشمل القول والاعتقاد والعمل .
الوقفة الرابعة : : في قوله ثم استقم، هذه الجملة متفق مع قوله - سبحانه وتعالى –
﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا ﴾[فصلت:30].
فما هذه الاستقامة ؟
هي المداومة على الطريق المستقيم أو بالمداومة على طاعة الله وعلى ترك المعاصي

.
الأربعون النووية Glitterline-013


هذا على الإجمال أما على التفصيل فهي عدة مجالات نذكر منها :

المجال الأول:يجب أن تكون الاستقامة فى أمور الاعتقادو الإيمان،
أي فيما أوجه إليه عباداتي ونسكي وما يترتب عليه أمر هذه العبادات
فقد تكون الأعمال طيبة من صلاة وصيام وزكاة غير خالصة لله عزّ وجل
أي قد يكون قام بها المرء للرياء و للسمعة
فنقول إذا لم تكن هذه الأعمال موجهة لله سبحانه وتعالى فهي خرجت عن طريق الاستقامة
إذاً أمور العبودية يجب أن تكون لله - سبحانه وتعالى- ولذلك الله سبحانه وتعالى قبل قوله
﴿ اهدنا الصراط المستقيم ﴾ ماذا قال ؟
﴿ إياك نعبد وإياك نستعين ﴾ .
والخلاصة أنّه لابد أن تتوجه العبادة لله - سبحانه وتعالى – وحده لا شريك له .

المجال الثاني : : الاستقامة فى عبوديتنا المباشرة لله - سبحانه وتعالى –
صلاتنا يجب أن تكون كما أمر الله – سبحانه وتعالى – صيامنا كذلك، زكاتنا كذلك، حجنا وعمرتنا كذلك،
الطاعات الأخرى بر الوالدين، وصلة الأرحام التعامل مع الآخرين، قراءة القرآن، ذكر الله – سبحانه وتعالى-
يجب أن يكون وفق ما شرع الله- سبحانه وتعالى – إذا الاستقامة على العبادة أن تكون كما شرع الله - سبحانه وتعالى - . .

المجال الثالث : : الاستقامة فى التشريع وهذا يغفل عنه كثير من الناس،
الاستقامة فى التشريع معناه أنني أرضى بحكم الله - سبحانه وتعالى – قال تعالى في محكم كتابه :
((فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ﴾)
ولذلك نفى الإيمان عمن يطلب التحاكم إلى غير - سبحانه وتعالى – من المؤمنين
﴿ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ﴾.
إذاً لابد من القبول بحكم الله - جل وعلا – فالاستقامة على التشريع لابد منها

الأربعون النووية Glitterline-013

المجال الرابع : : الاستقامة على الأخلاق
بعض الناس تجده يصلي ما شاء الله لكن لسانه سليط وبذيء، وتعامله مع الناس جاف،
هذا لم يستقم على طاعة الله ولو كان مظهره مظهر الطائع ومتجنب لكثير من الأمور مثل المحرمات مثلا لا
يتعامل بالربا لا يتعامل بالغش والتدليس لكن لسانه سليط .
أو تجده مستقيم فى عبادته وفى أخلاقه لكن تعامله المالي سيء فيبخس الناس حقوقهم
يغشهم فى أموالهم يتعامل بالربا هل هذا مستقيم؟ هذا غير مستقيم، إذا لابد من
الاستقامة بالتعامل وفى الأخلاق وهنا لأهمية الأخلاق نص عليها فى الاقتداء بالنبى -
صلى الله عليه وسلم – فقال الله - سبحانه وتعالى -
﴿ وإنك لعلي خلق عظيم ﴾
﴿ لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة ﴾ .

إذاً لابد أن تكون الإستقامة فى الأخلاق سواء كانت الأخلاق فيما بين الإنسان وبين أسرته
أو بينه وبين الناس حتى الأخلاق فى التعامل مع الكفار، كما يظن بعض الناس أنه إذا كان كافر
أنني لا مانع أن أكذب عليه، لا مانع أن أغشه، لا مانع أن أدلس عليه، لا مانع أن أختلس ماله
وهذا كله من يتعامل بمثل هذه المعاملة غير مستقيم، لأن الله - سبحانه وتعالى – قال فى مسألة القول
﴿ وقولوا للناس حسنا ﴾.

المجال الخامس : :الاستقامة أيضاًَ فى الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى وفى العمل لهذا الدين
لذلك يجب كما أنت مؤمن بالله، كما أنت مصلى ومزكي وعابد لله سبحانه وتعالى كما أنت تتعامل مع
الناس التعامل الحسن بخلق حسن كما أنت تتعامل المعاملات المالية كوفق ما شرع الله -
سبحانه وتعالى – كذلك فى دعوتك للآخرين، التي هي أعلى مجالات القول
يجب أن تكون مستقيماً على منهاج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -في الدعوة إليه.
.


الأربعون النووية Glitterline-013

المجال السادس : : الاستقامة فى الحياة عموماً، بمعنى التكامل فى مجالات الحياة،
وهذه أيضاً يغفل عنها كثير من الناس، مثل الاستقامة فى التفكير،
عندما الإنسان مثلاً يريد أن يفكر فى أي أمر خير ولو كان أمراً بسيطاً، أو سهلاً، أو يريد أن يفكر فى
مشروع كبير يجب أن يكون مستقيماً فى تفكيره، لا ينحرف تفكيره يميناً أو يساراً
ولا يفكرمثلاً بأنه لا مانع فى البدايات أن يتعامل بالربا حتى يسقيم المشروع ويقوم
على رجليه ثم حينئذ يتنازل عن التعاملات الحرام !!
ولذلك يجب أن نجعل التفكير سليم فى تعاملنا مع أنفسنا مع من حولنا ،

وكذلك مع الله سبحانه وتعالى ، ولا ننسى أنّ للنيّة الحسنة أو السيئة أثرها على أعمال العبد .

الأربعون النووية Glitterline-013

من فــــوائــــد الحديــــث :

1.حرص الصحابة رضي الله عنهم على العلم، وذلك لما يرد على النبي صلى الله عليه وسلم منهم من الأسئلة.
2. عقل أبي عمرو أو أبي عمرة رضي الله عنه حيث سأل هذا السؤال العظيم الذي فيه النهاية، ويستغنى عن سؤال أي أحد.
3. أن الإنسان ينبغي له أن يسأل عن العلم السؤال الجامع المانع حتى لا تشتبه عليه العلوم وتختلط،
لقوله: "قَولاً لا أَسأَلُ عَنهُ أَحَدَاً غَيْرَك"،وفي هذا إشكال وهو قوله: "لا أَسأَلُ عَنهُ أَحَدَاً غَيْرَك"
4. أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطي جوامع الكلم حيث جمع كل الدين في كلمتين:"آمَنتُ بِاللهِ، ثُمَّ استَقِم"
وهذا يشهد له قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (الاحقاف:13)
وقوله تبارك وتعالى:
(إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (فصلت:30)
وقوله تعالى: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا)[هود:112] والآيات في هذا المعنى كثيرة ..


الأربعون النووية Glitterline-013

5. التعبير بكلمة الاستقامة دون التعبير المشهور عند الناس الآن بكلمة الالتزام، فإن الناس اليوم إذا أرادوا
أن يثنوا على شخص بالتمسك بالدين قالوا: فلان ملتزم، والصواب أن يقال: فلان مستقيم كما جاء في القرآن والسنة .
6. أن من قصر في الواجبات فما استقام، بل حصل عنده انحراف،
والانحراف تكون شدته بقدر ما ترك من الواجبات أو فعل من المحرمات.
7. أنه ينبغي للإنسان أن يتفقد نفسه دائماً: هل هو مستقيم أو غير مستقيم؟ فإن كان مستقيماً حمد الله
وأثنى عليه وسأل الله الثبات، وإن كان غير مستقيم وجب عليه الاستقامة وأن يعدل سيره إلى الله عزّ وجل.
فمن أخر الصلاة عن وقتها فهو غير مستقيم ، لأنه أضاع الصلاة.
ومن منع الزكاة فهو غير مستقيم لأنه أضاع الزكاة.
ورجل يعتدي على الناس في أعراضهم فغير مستقيم، لفعل المحرم.
ورجل يغش الناس ويخادعهم في البيع والشراء والإجارة والتأجير وغير ذلك فهذا غير مستقيم.
فالاستقامة وصف عام شامل لجميع الأعمال ، والله الموفق.
الأربعون النووية Glitterline-013
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طه الفزارى
المشرف العام
المشرف العام
طه الفزارى


ذكر
عدد المساهمات : 965
حسناتى الى الان : 13864
تاريخ الميلاد : 25/09/1980
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
العمر : 44

الأربعون النووية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأربعون النووية   الأربعون النووية I_icon_minitimeالجمعة يوليو 17, 2009 10:20 am

الأربعون النووية 14
Crying or Very sad



دورة شرح الأربعين النوويّة )


الحـــديث " الثاني والعشرين "

الأربعون النووية 1063
(عَنْ أَبيْ عَبْدِ اللهِ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "أَرَأَيتَ إِذا صَلَّيْتُ المَكْتُوبَاتِ، وَصُمْتُ رَمَضانَ، وَأَحلَلتُ الحَلاَلَ، وَحَرَّمْتُ الحَرَامَ، وَلَمْ أَزِدْ عَلى ذَلِكَ شَيئاً أَدخُلُ الجَنَّة ؟ قَالَ: نَعَمْ". )
رواه مسلم.


الأربعون النووية Glitterline-013

مـعنى الحـــديــث :

يقول جابر رضي الله عنه: إن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا الرجل لا نحتاج لمعرفة عينه،
لأن المقصود القضية التي وقعت، ولا نحتاج إلى التعب في البحث عنه،
اللهم إلا أن يكون تعيينه مما يختلف به الحكم فلابد من التعيين.

أَرَأَيتَ: بمعنى أخبرني.

صَليتُ المَكتوبَات:وهن خمس صلوات في اليوم والليلة كما قال عزّ وجل:
(إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً)(النساء: الآية103)
وغير الخمس لا يجب إلا لسبب يقتضيه، وهذا يُعرَف بالتأمل.

وَصمتُ رَمَضَان: أي الشهر المعروف.
والصيام في اللغة الإمساك عن أي شيء،وفي الشرع هو الإمساك عن المفطرات
من طلوع الفجر إلى غروب الشمس تعبداً لله عزّ وجل.
وقولنا: تعبداً لله خرج به ما لو أمسك عن المفطرات حمية لنفسه،أو تطبباً،
فإن ذلك ليس بصيام شرعي،ولهذا لابد من تقييد التعاريف الشرعية بالتعبد.


الأربعون النووية Glitterline-013

وَأَحلَلتُ الحَلالَ: أي فعلت الحلال معتقداً حله، هذا معنى قوله: "أَحلَلت" لأن أحل الشيء لها معنيان:
المعنى الأول:الاعتقاد أنه حلال.
المعنى الثاني:العمل به.

وَحَرَّمتُ الحَرَامَ: أي اجتنبت الحرام معتقداً تحريمه.
مثال ذلك: رجل اجتنب شرب الخمر،لكن لا على أنه حرام إلا أن نفسه لا تطيب به،
فهذا لا إثم عليه، لكنه إذا تركه معتقداً تحريمه وأنه تركه لله صار مثاباً على هذا،
وسيأتي مزيد بيان لهذا إن شاء الله في آخر الفوائد.

أَدخُل الجَنة: يعني أأدخل الجنة، والجنة هي دار النعيم التي أعدها الله عزّ وجل للمتقين،
فيها مالا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر،
والجنة فيها فاكهة ونخيل ورمان وفيها لحم وماء وفيها لبن وعسل.
الاسم مطابق لأسماء ما في الدنيا ولكن الحقيقة مخالفة لها غاية المخالفة
لقول الله تعالى: (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ) (السجدة:17)
وقوله تعالى في الحديث القدسي:

(أَعْدَدْتُ لِعِبَادِيَ الصَّالِحِيْنَ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ،وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ،وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَر)
فلا تظن أن الرمان الذي في الجنة كالرمان الذي في الدنيا،
بل يختلف بجميع أنواع الاختلافات، لقوله تعالى:
(فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) [السجدة:17] ولو كان لا يختلف لكنا نعلم بهذا .
أجابه الرسول صلّى الله عليه وسلّم: نَعَم ونعم حرف جواب لإثبات المسؤول عنه، والمعنى: نعم تدخل الجنة ،

الأربعون النووية Glitterline-013

نقف مع هذه المسائل ، :

المسألة الأولى :لابد أن نضع لنا غاية كبرى في حياتنا هي ( دخول الجنة ) التي هي ( رضا الله عزّ وجلّ )
ولا مانع أن نضع لنا أهداف أخرى في الحياة وكلِّ بحسب وضعه وسنّه ومرحلته وكذلك أدائه وقدراته ولا يُقلد غيره في ذلك ،
لأن الله - سبحانه وتعالى – خلق أصابعنا مختلفة ، وكفائتنا مختلفة وأيضاً قدراتنا مختلفة !!
فالله - سبحانه وتعالى – أعطى أحدنا مثلاً ما لم يعط فلان وأعطى فلان ما لم يعطِ أحدنا ،
فالفرص متكافئة بيننا لكنّها مختلفة ، فنجد مثلاً من أعطاه الله قدرة على الحفظ ، فيستغل صاحبها هذه القدرة فيما ينفعه وأمّته ..
ونجد من أعطاه الله عزّ وجلّ حبّ للصناعات ، فيستغلها بما ينفع الأمّة الإسلاميّة ،
ومن مثلاً أعطاه الله سبحانه وتعالى حب للتعلم العلم الشرعي فيستغل ذلك في دعوة الناس إلى دين الله سبحانه وتعالى ،
يعني الأحرى أن نوّجه أهدافنا ووسائلنا بعيداً عن التقليد، وفى ضوء ما أعطانا الله - سبحانه وتعالى –
وبإمكاننا الاستعانة والاسترشاد بمن هو أكبر منّا بالعلم والخبرة ،، فمن عناصر النجاح الاستشارة والاستخارة ..

المسألة الثانية : : الإنسان العاقل والذكي الذي يريد أن يستثمر حياته ،
لابد أن يجد ويجتهد ومن الجد والاجتهاد أن يكون له همه عالية لا يكتفي بأدنى منها
الرسول صلّى الله عليه وسلّم قال : "إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس الأعلى" ولم يقل الجنة !!.
فالمسألة إذاً تحتاج إلى همة هذه الهمة تحتاج إلى عوامل أخرى منها القوة الصبر المجاهدة الجد الاجتهاد عدم ضياع الوقت،
إذاًَ اجعل همتك عالية واستخدم العوامل السليمة لذلك .
المسألة الثالثة : سماحة الإسلام ويسره ، وعدم التعقيد و الضغظ على النفس فيه ،
ومما يدل على سماحة الإسلام من هذا الحديث التكليف بالمستطاع، فلذلك من سماحة الإسلام أن لا تقوم إلا بما تستطيع،
على سبيل المثال إنسان مريض لا يستطيع أن يصلي قائماً لا نجبره على الصلاة قائماً !
بل الشرع رخصّ له الصلاة قاعداً أو حسب ما يستطيع !
أو إنسان لم يجد الماء للطهارة فإنّه يتيمم !!
ومن يسافر رخص الله - سبحانه وتعالى – له أن يجمع الصلاة أن يقصر الصلاة أن يؤجل الصيام في السفر!

المسألة الرابعة : : أن تحليل الحلال وتحريم الحرام والتزامهما بالعمل من أهم العوامل لدخول الجنة،
وتحليل الحلال وتحريم الحرام بابه واسع ومتضّمن لكلّ تكاليف ونواهي الشريعة الإسلاميّة ..


الأربعون النووية Glitterline-013

من فــــوائــــد الحديــــث :

1.حرص الصحابة رضي الله عنهم على السؤال.
2. بيان غايات الصحابة رضي الله عنهم، وأن غاية الشيء عندهم دخول الجنة،
لا كثرة الأموال، ولا كثرة البنين، ولا الترفه في الدنيا، ولهذا لما قضى أحد
الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم حاجة قال له النبي صلى الله عليه وسلم: اسْأل ماذا تريد؟
قال: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: "أِو غَيْرَ ذَلِكَ؟" قال:هو ذاك،
قال: "فَأَعِنِّيْ عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ" ، أي بكثرة الصلاة.

فهذا الرجل لم يسأل نقوداً ولا مواشي ولا قصوراً ولا حرثاً، بل سأل الجنة،
مما يدل على كمال غاياتهم رضي الله عنهم.
3. أن الإنسان إذا اقتصر على الصلاة المكتوبة فلا لوم عليه، ولا يحرم من دخول الجنة ،
لقوله: "أَرَأَيتَ إِذا صَليتُ المَكتوبَات".
فإن قال قائل: قال الإمام أحمد - رحمه الله- فيمن ترك الوتر: هو رجل سوء لا ينبغي أن تقبل له شهادة؟
فالجواب: أن كونه رجل سوء لا يمنعه من دخول الجنة، فهو رجل سوء ترك الوتر وأقله ركعة مما يدل على أنه مهمل
ولا يبالي إذ لم يطلب منه ركعات كثيرة، بل ركعة واحدة ومع ذلك يتركها.
4. أن الصلوات وكذلك الصوم من أسباب دخول الجنة،وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم
أن من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه.

الأربعون النووية Glitterline-013

5. أن لا يمتنع الإنسان من الحلال، لقوله: "وَأَحلَلتُ الحَلال" فكون الإنسان يمتنع من الحلال لغير
سبب شرعيٍّ مذموم وليس بمحمود.

6. إن الحرام: ما حرمه الله تعالى في كتابه، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ،
وتحليل الحلال وتحريم الحرام هو عام في جميع المحللات وجميع المحرمات، ولهذا قال: أَدخُل الجَنة؟ قَالَ:نَعَم .
وفي هذا الحديث إشكال: أن الرجل قال: لم أزد على ذلك شيئاً. وقد قال له النبي صلى الله عليه وسلم تدخل الجنة،
مع أنه نقص من أركان الإسلام الزكاة والحج،والزكاة مفروضة قبل الصيام،
يعني فلا يقال: لعل هذا الحديث قبل أن تفرض الزكاة، أما الحج فيمكن أن نقول إن هذا الحديث
قبل فرض الحج،لكن لا يمكن أن نقول إنه قبل فرض الزكاة، فما الجواب عن هذا؟
الجواب أن يقال: لعل النبي صلى الله عليه وسلم علم من حال الرجل أنه ليس ذا مال،
وعلم أنه إذا كان ذا مال فسوف يؤدي الزكاة،لأنه قال: "وَحَرَّمتُ الحَرَام" ومنع الزكاة من الحرام.
أما الحج فما أسهل أن نقول: لعل هذا الحديث قبل فرض الحج، لأن الحج إنما فرض في السنة التاسعة أو العاشرة.
وأما قوله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ )(البقرة: الآية196) فهذا فرض إتمامه لا ابتدائه.
وقد يقال: ذلك داخل في قوله: "حَرَّمتَ الحَرَامَ" لأن ترك الحج حرام وترك الزكاة حرام.

الأربعون النووية Glitterline-013


7. أن الجواب بـ: نعم إعادة للسؤال، لأن قوله: أَأَدْخُلُ الجَنَّةَ؟ قَالَ: نَعَمْ يعني تدخل الجنة،
ولهذا لوسئل الرجل فقيل له: أطلّقتَ امرأتك؟ قال: نعم، فإنها تطلق لأن قوله:نعم، أي طلقتها.
ولو أوجب الولي عقد النكاح وقال للرجل: زوجتك ابنتي، فقلنا له: أَقَبلْتَ؟ قال: نعم،
فإنه يكفي في القبول، لأن: نعم كإعادة السؤال.
وهكذا في كل موارد: نعم اعتبرها إعادة للسؤال.
قال النووي - رحمه الله- ومعنى حَرَّمْتَ الحَرَامَ اجتنبته، ومعنى أَحْلَلْتَ الحَلالَ فعلته معتقداً حِلَّهُ). إهـ
وهناك معنى آخر غير الذي ذكره النووي - رحمه الله وهو: أن تعتقد أن الحرام حرام ولابد،
لأنك إذا لم تعتقد أن الحرام حرام فإنك لم تؤمن بالحكم الشرعي،
وإذا لم تعتقد أن الحلال حلال فإنك لم تؤمن بالحكم الشرعي، فلابد من أن تعتقد الحلال حلالاً، والحرام حراماً.
الأربعون النووية Glitterline-013
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طه الفزارى
المشرف العام
المشرف العام
طه الفزارى


ذكر
عدد المساهمات : 965
حسناتى الى الان : 13864
تاريخ الميلاد : 25/09/1980
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
العمر : 44

الأربعون النووية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأربعون النووية   الأربعون النووية I_icon_minitimeالجمعة يوليو 17, 2009 10:24 am

الأربعون النووية 14
Crying or Very sad





( دورةشرح الأربعين النوويّة )

الحـــديث " الثالث والعشرين "


الأربعون النووية 1063

(عَنْ أَبِي مَالِكٍ الحَارِثِ بنِ عَاصِم الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: )الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيْمَانِ، والحَمْدُ للهِ تَمْلأُ الميزانَ، وسُبْحَانَ اللهِ والحَمْدُ للهِ تَمْلآنِ - أَو تَمْلأُ - مَا بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرْضِ، وَالصَّلاةُ نُورٌ، والصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ، وَالقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَو عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَو مُوبِقُهَا( )
رواه مسلم.

مـعنى الحـــديــث :
الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيْمَانِ: أي نصفه، وذلك أن الإيمان - كما يقولون - تخلية وتحلية .
التخلية: بالطهور، والتحلية: بفعل الطاعات.
فوجه كون الطهور شطر الإيمان: أن الإيمان إما فعل وإما ترك.
والتّركُ تَطَهُّرٌ، والفعل إيجاد.
فقوله: "شَطْرُ الإِيْمَانِ" قيل في معناه: التخلي عن الإشراك
لأن الشرك بالله نجاسة كما قال الله تعالى:
(إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَس)(التوبة: الآية28)
فلهذا كان الطهور شطر الإيمان،
وقيل: إن معناه أن الطهور للصلاة شطر الإيمان،
لأن الصلاة إيمان ولا تتم إلا بطهور،
لكن المعنى الأول أحسن وأعمّ.

وَالحَمْدُ للهِ تَمْلأُ المِيزَانَ : يعني قول القائل: الحمد لله يمتلئ الميزان بها،
أي الميزان الذي توزن به الأعمال كما قال الله عزّ وجل:
(وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ
مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ) (الأنبياء:47)


الأربعون النووية Glitterline-013

وَسُبْحَانَ اللهِ، وَالحَمدُ للهِ تَمْلآنِ - أو تَمْلأُ -: (أو) هذه شك من الراوي،
يعني هل قال: تملآن ما بين السماء والأرض،
أو قال:تملأ ما بين السماء والأرض.
والمعنى لا يختلف، ولكن لحرص الرواة على تحرّي الألفاظ يأتون بمثل هذا.
"سبحان الله والحمد لله": فيها نفي وإثبات.
النفي في قوله: "سُبْحَانَ اللهِ" أي تنزيهاً لله عزّ وجل عن كل ما لايليق به،
والذي ينزه الله تعالى عنه ثلاثة أشياء:
الأول: صفات النقص، فلا يمكن أن يتصف بصفة نقص.
الثاني: النقص في كماله، فكماله لايمكن أن يكون فيه نقص.
الثالث: مشابهة المخلوق.
ودليل الأول قول الله عزّ وجل: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ) (الفرقان:58)
فنفى عنه الموت لأنه نقص، وقوله: ( لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ)(البقرة: الآية255)
فنفى عنه السِّنَة والنوم لأنهما نقص.
ودليل الثاني: قول الله تعالى:
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ) (قّ:38)
فخلق هذه المخلوقات العظيمة قد يوهم أن يكون بعدها نقص
أي تعب وإعياء فقال: (وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ).
ودليل الثالث: قول الله تعالى: ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(الشورى: الآية11)
حتى في الكمال الذي هوكمال في المخلوق فالله تعالى لا يماثله.
وَالحَمْدُ للهِ الحمد يكون على صفات الكمال، فالحمد هو وصف المحمود
بالكمال مع المحبة والتعظيم، فتكون هذه الجملة: "سُبْحَانَ اللهِ، والحَمْدُ للهِ"
فيها: نفي النقص بالأنواع الثلاثة، وإثبات الكمال.
"تَملآنِ - أَو تَمْلأُ - مَا بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ"

الأربعون النووية Glitterline-013

والذي بين السماء والأرض مسافة لايعلمها إلا الله عزّ وجل.

وَالصَّلاةُ نورٌ : أي صلاة الفريضة والنافلة نور، نور في القلب،
ونور في الوجه، ونور في القبر، ونور في الحشر، لأن الحديث مطلق، وجرّب تجد.
إذا صلّيت الصلاة الحقيقية التي يحضر بها قلبك وتخشع جوارحك تحس
بأن قلبك استنار وتلتذّ بذلك غاية الالتذاذ،
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : "جُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاةِ"
والصدقة برهان :الصدقة المفروضة والصدقة النافلة المستحبة ،
هي برهان أي دليل على الإيمان .
وجه ذلك: أن المال محبوب للنفوس، ولايبذل المحبوب إلا في
طلب ماهوأحب، وهذا يدلّ على إيمان المتصدق،
ولهذا سمى النبي صلى الله عليه وسلم الصدقة برهاناً.

وَالصَّبرُ ضِيَاءٌ : الصبر: حبس النفس عما يجب الصبر عنه وعليه،
قال أهل العلم: والصبر ثلاثة أنواع:
الأول: صبر عن معصية الله: بمعنى أن تحبس نفسك عن فعل
المحرّم حتى مع وجود السبب.
ومثاله: رجل حدثته نفسه أن يزني - والعياذ بالله -
فمنع نفسه، فنقول: هذا صبر عن معصية الله.
وكما جرى ليوسف عليه السلام مع امرأة العزيز، فإن امرأة العزيز
دعته إلى نفسها - والعياذ بالله - في حال هي أقوى ما يكون للإجابة،
لأنها غلّقت الأبواب وقالت: هيت لك، أي تدعوه إلى نفسها،
فقال: إنه ربي - أي سيدي _ أحسن مثواي إنه لايفلح الظالمون،
يعني فإن خنته في أهله فأنا ظالم،


الأربعون النووية Glitterline-013

ومن شدة الإلحاح همَّ بها كما قال الله عزّ وجل :
(وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ) (يوسف: الآية24)
ولم يفعل مع قوة الداعي وانتفاء الموانع، فهذا صبر عن معصية الله .
وكما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في السبعة الذين يظلّهم الله
في ظله يوم لاظلّ إلا ظله، وذكر منهم:
"رَجُلاً دَعَتْهُ امرأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللهَ"
الثاني: صبر على طاعة الله: بأن يحبس الإنسان نفسه على الطاعة
كرجل أراد أن يصلي، فدعته نفسه إلى الكسل، أو إلى الفراش،
أو إلى الطعام الذي ليس بحاجة إليه،أو إلى محادثة الإخوان،
ولكنه ألزم نفسه بالقيام للصلاة، فهذا صبر على طاعة الله.
الثالث: صبر على أقدار الله: فإن الله تعالى يقدر للعبد ما يلائم الطبيعة وما لايلائم،
والذي لايلائم يحتاج إلى صبر، بأن يحبس نفسه عن التسخّط القلبي
أو القولي أو الفعلي إذا نزلت به مصيبة.
فإذا نزل بالعبد مصيبة فإنه يحبس قلبه عن التسخط القلبي،
وأن يقول إنه يرضى عن ربه عزّ وجل.

والتسخط اللساني: بأن لايدعو بالويل والثبور كما يفعل أهل الجاهلية.
والتسخط الفعلي: بأن لايشق الجيوب، ولايلطم الخدود، وما أشبه ذلك .
فهذا نسميه صبر على أقدار الله مع أنه كره أن يقع هذا الحادث.
وهناك مرتبة فوق الصبر وهي الرضا بأقدار الله، والرضا بأقدار
الله أكمل حالاً من الصبر على أقدار الله.
والفرق: أن الصابر قد تألّم قلبه وحزن وانكسر، لكن منع نفسه من الحرام.
والراضي: قلبه تابع لقضاء الله وقدره، فيرضى ما اختاره الله له ولايهمّه،
فهومتمشٍّ مع القضاء والقدر إيجاباً ونفياً.
ولهذا قال أهل العلم: إن الرضا أعلى حالاً من الصبر،
وقالوا: إن الصبر واجب والرضا مستحب.

الأربعون النووية Glitterline-013

وأي أنواع الصبر الثلاثة أفضل؟
نقول: أما من حيث هو صبر فالأفضل الصبر علىالطاعة،
لأن الطاعة فيها حبس النفس، وإتعاب البدن.
ثم الصبر عن المعصية، لأن فيه كفُّ النفس عن المعصية ثم
الصبر على الأقدار، لأن الأقدار لاحيلة لك فيها، فإما أن
تصبر صبر الكرام، وإما أن تسلو سُلُوَّ البهائم وتنسى المصيبة،
هذا من حيث الصبر.
أما من حيث الصابر: فأحياناً تكون معاناة الصبر عن المعصية
أشد من معاناة الصبر على الطاعة.

فلو أن رجلاً هُيئَ له شرب الخمر مثلاً، بل ودعي إلى ذلك وهو يشتهيه،
ويجد معاناةمن عدم الشرب، فهو أشد عليه من أن يصلي ركعتين لاشك.
كذلك لو كان شابّاً ودعته امرأة إلى نفسها، وهي جميلة، والمكان خالٍ،
والشروط متوفرة، فأبى، فهذا فيه صعوبة أصعب مما لو صلى عشرين ركعة،
فهنا قد نقول: ثواب الصبر عن المعصية هنا أعظم من ثواب الصبر
على الطاعة لما يجده هذا الإنسان من المعاناة . فيؤجر بحسب ماحصل له من المشقّة.
"وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ" ولم يقل: إنه نور، والصلاةقال: إنها نور. وذلك لأن الضياء فيه حرارة،
كما قال الله عزّ وجل: (جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً )(يونس: الآية5) ففيه حرارة،
والصبر فيه حرارة ومرارة، لأنه شاق على الإنسان، ولهذا جعل الصلاة نوراً،
وجعل الصبر ضياءً لما يلابسه من المشقة والمعاناة.

والقُرآنُ حُجَّةٌ لَكَ اَو عَلَيْكَ : القرآن هو كلام الله عزّ وجل
الذي نزل به جبريل الأمين القوي على قلب النبي صلى الله عليه وسلم
من عند الله تعالى، لا تبديل فيه ولاتغيير، ولهذا وصف الله تعالى جبريل
الذي هو رسول الله إلى محمد صلى الله عليه وسلم بأنه قوي أمين
كما قال الله عزّ وجل:
(إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ* ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ) [التكوير:19-21]
ليتبيّن أنه عليه السلام أمين على القرآن قوي علىحفظه وعدم التلاعب به.
هذا القرآن كلام الله عزّ وجل، تكلّم به حقيقة، وسمعه جبريل عليه السلام،
ونزل به على قلب النبي صلى الله عليه وسلم .


الأربعون النووية Glitterline-013

هذا القرآن الكريم هو كلام الله لفظه ومعناه، فالأمر والنهي والخبر والاستخبار
والقصص كلها كلام الله عزّ وجل.
"القُرآنُ حُجَّةٌ لكَ أَو عَليكَ" يكون حجة لك إذا قمت بما يجب له من نصيحة
وقد سبق في حديث تميم الداري رضي الله عنه النصيحة لله ولكتابه،
وسبق هناك شرح النصيحة للكتاب فليرجع إليه .

يكون القرآن حجة لك إذا نصحت له، ويكون حجة عليك إذا لم تنصح له.
مثال ذلك: قول الله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ )(البقرة: الآية43)
هنا رجلان: أحدهما لم يقم الصلاة فيكون القرآن حجة عليه، والثاني أقام الصلاة فيكون القرآن حجة له.
ورجل آخر لم يؤت الزكاة فالقرآن حجة عليه، والثاني آتى الزكاة فالقرآن حجة له.

وبهذه المناسبة أودّ أن أذكّر نفسي وإيّاكم بمسألة مهمة وهي:
كلنا يتوضّأ إذا أراد الصلاة،لكن أكثر الأحيان يريد الإنسان أن يقوم بشرط العبادة فقط،
وهذا لابأس، ويحصل به المقصود، لكنْ هناك شيء أعلى وأتم:
أولاً: إذا أردت أن تتوضأ استشعر أنك ممتثل لأمر الله في قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ
فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)(المائدة: الآية6)
حتى يتحقق لك معنى العبادة.
ثانياً: إذا توضأت استشعر أنك متبع رسول الله ،فإنه قال: "مَنْ تَوَضّأَ نَحْوَ وُضُوئي هَذَا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ"
حينئذٍ يكون الإخلاص والمتابعة .
ثالثاً:احتسب الأجر على الله عزّ وجل بهذا الوضوء، لأن هذا الوضوء يكفر الخطايا،
فتخرج خطايا اليد مع آخر قطرة من قطرات الماء بعد غسل اليد، وهكذا البقية.
هذه المعاني الثلاثة العظيمة الجليلة أكثر الأحيان نغفل عنها، كذلك إذا أردت أن تصلي وقمت للصلاة

الأربعون النووية Glitterline-013

استشعر أمر الله بقوله: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) [البقرة:43] ثم استشعر أنك تابع لرسول الله صلى الله عليه وسلم
حيث قال: "صَلوا كَمَا رَأَيتُموني أُصَلي"ثم احتسب الأجر،لأن هذه الصلاة كفارة لما بينها وبين الصلاة الأخرى، وهلم جراً.
يفوتنا هذا كثيراً ولذلك تجدنا- نسأل الله أن يعاملنا بعفوه - لانصطبغ بآثار العبادة كما ينبغي
وإلا فنحن نشهد بالله أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولكن مَنْ مِنَ الناس إذا صلى تغير
فكره ونهته صلاته عن الفحشاء والمنكر؟! اللهم إلا قليل، لأن المعاني المقصودة مفقودة.

كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو: أي كل الناس يخرج مبكراً في الغدوة
في الصباح وهذا من باب ضرب المثل.
فَبَائِعٌ نَفْسَهُ: أي الغادي يبيع نفسه، ومعنى يبيع نفسه أنه
يكلفها بالعمل، لأنه إذا كلفها بالعمل أتعب النفس فباعها.
ينقسم هؤلاء الباعة إلى قسمين: معتق و موبق،ولهذا قال:
فَمُعْتِقُهَا أَو مُوبِقُهَا: فيكون بيعه لنفسه إعتاقاً إذا قام بطاعة الله
كما قال الله عزّ وجل:
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ)(البقرة: الآية207)
يشتري نفسه أي يبيع نفسه ابتغاء مرضاة الله عزّ وجل،
فهذا الذي باع نفسه ابتغاء مرضاة الله وقام بطاعته قد أعتقها من العذاب والنار.
والذي أوبقها هو الذي لم يقم بطاعة الله عزّ وجل حيث أمضى عمره خسراناً،
فهذا موبق لها أي مهلك لها.

لما قسم النبي صلى الله عليه وسلم الناس بالنسبة للقرآن
إلى من يكون القرآن حجة له، ومن يكون حجة عليه ذكر
أن العمل أيضاً قد يكون على الإنسان وقد يكون للإنسان،
فيكون للإنسان إذا كان عملاً صالحاً، ويكون عليه إذا كان عملاً سيئاً.
وانظر إلى هذا الحديث: "كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائِعٌ نَفْسَهُ" يتبين لك أن
الإنسان لابد أن يعمل إما خيراً وإما شراً.


الأربعون النووية Glitterline-013

من فــــوائــــد الحديــــث :
1. الحث على الطهور الحسي والمعنوي، وجه ذلك أنه قال: "الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيْمَانِ"
2. أن الإيمان يتبعض، فبعضه فعل وبعضه ترك، وهو كذلك.

3. فضيلة حمد الله عزّ وجل حيث قال: إنها تملأ الميزان.
4. إثبات الميزان، والميزان جاء ذكره في القرآن عدة مرات، جاء ذكره
مجموعاً وذكره مفرداً فقال الله عزّ وجل: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ) [الأنبياء:47]

وقال تعالى: (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ) (القارعة:6)
وجاء ذكره في السنة صريحاً في قوله صلى الله عليه وسلم:
"كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلى اللِسانِ، ثَقِيلَتَانِ في المِيزَانِ، حَبيبَتَانِ إلى الرَّحمَنِ:
سُبحَانَ الله وَ بِحَمدِهِ سُبحَانَ الله العَظيم" وكذلك في هذ الحديث.

5. فضيلة الجمع بين سبحان الله والحمد لله لقوله
"سُبحَانَ الله وَ الحَمدُ لِلهِ تَملآنِ مَا بَينَ السَمَاءِ وَ الأَرضِ"
ووجه ذلك أن الجمع بينهما جمع بين نفي العيوب والنقائص وإثبات الكمالات.
ففي "سُبحَانَ الله" نفي العيوب والنقائص، وفي "الحَمدُ لِلهِ" إثبات الكمالات.

6. أن الصلاة نور ويتفرع على هذا:
الحث على كثرة الصلاة. ولكن يرد علينا أن كثيراً من المصلين
وكثيراً من الصلوات من المصلي الواحد لا يشعر الإنسان بأنها نور، فما الجواب؟
الجواب أن نقول: إن كلام الرسول صلى الله عليه وسلم حق لا إشكال فيه،
لكن عدم استنارة القلب لخلل في السبب أو وجود مانع.
فمن خلط صلاته برياء فهنا خلل في السبب، لأنه لم يخلص.
ومن صلى لكن قلبه يتجول يميناً وشمالاً فهنا مانع يمنع من كمال
الصلاة فلا تحصل النتيجة، وقس على هذا كل شيء رتب الشرع
عليه حكماً وتخلف فاعلم أن ذلك إما لوجود مانع، أو لاختلال سبب،
وإلا فكلام الله عزّ وجل حق وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم حق.

الأربعون النووية Glitterline-013

7. الحث على الصدقة، لقوله: "الصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ".
8. أن بذل المحبوب يدل على صدق الباذل، والمحبوب الذي يُبذَل في الصدقة هو المال.
9. الحث على الصبر وأنه ضياء وإن كان فيه شيء من الحرارة، لكنه ضياء ونور لقوله: "وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ".
10. أن حامل القرآن إما غانم وإما غارم، وليس هناك مرتبة لا له ولا عليه،
إما للإنسان وإما على الإنسان، ويتفرع على هذه الفائدة:
أن يحاسب الإنسان نفسه هل عمل بالقرآن فيكون حجة له،أو لا، فيكون حجة عليه فليستعتب.

11.عظمة القرآن وأنه لن يضيع هكذا سدىً، بل إما للإنسان وإما على الإنسان.
12. بيان حال الناس وأن كل الناس يعملون من الصباح، وأنهم يبيعون أنفسهم،

فمن باعها بعمل صالح فقد أعتقها، ومن باعها بعمل شيء فقد أوبقها.
13. أن الحرية حقيقة هي القيام بطاعة الله عزّ وجل، وليس إطلاق الإنسان نفسه
ليعمل كل سيء أراده، قال ابن القيم - رحمه الله - في النونية:
هربوا من الرق الذي خلقوا له وبلوا برق النفس والشيطان
فكل إنسان يفر من عبادة الله فإنه سيبقى في رق الشيطان .
الأربعون النووية Glitterline-013
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طه الفزارى
المشرف العام
المشرف العام
طه الفزارى


ذكر
عدد المساهمات : 965
حسناتى الى الان : 13864
تاريخ الميلاد : 25/09/1980
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
العمر : 44

الأربعون النووية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأربعون النووية   الأربعون النووية I_icon_minitimeالجمعة يوليو 17, 2009 10:29 am

الأربعون النووية 14
Crying or Very sad



( دورة شرح الأربعين النوويّة )
الحـــديث " الرابع والعشرين "

الأربعون النووية 1063

(عَنْ أَبي ذرٍّ الغِفَارْي رضي الله عنه عَن النبي صلى الله عليه وسلم فيمَا يَرْويه عَنْ رَبِِّهِ عزَّ وجل أَنَّهُ قَالَ: (يَا عِبَادِيْ إِنِّيْ حَرَّمْتُ الظّصلى الله عليه وسلمَ عَلَى نَفْسِيْ وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمَاً فَلا تَظَالَمُوْا، يَا عِبَادِيْ كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُوْنِي أَهْدِكُمْ، يَاعِبَادِيْ كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلاَّ مَنْ أَطْعَمْتُهُ فاَسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يَا عِبَادِيْ كُلُّكُمْ عَارٍ إِلاَّ مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُوْنِيْ أَكْسُكُمْ،

يَا عِبَادِيْ إِنَّكُمْ تُخْطِئُوْنَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوْبَ جَمِيْعَاً فَاسْتَغْفِرُوْنِيْ أَغْفِرْ لَكُمْ، يَا عِبَادِيْ إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوْا ضَرِّيْ فَتَضُرُّوْنِيْ وَلَنْ تَبْلُغُوْا نَفْعِيْ فَتَنْفَعُوْنِيْ، يَاعِبَادِيْ لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوْا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فَيْ مُلْكِيْ شَيْئَاً. يَا عِبَادِيْ لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوْا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِيْ شَيْئَاً،

يَا عِبَادِيْ لَوْ أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوْا فِيْ صَعِيْدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُوْنِيْ فَأَعْطَيْتُ كُلَّ وَاحِدٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِيْ إِلاَّ كَمَا يَنْقُصُ المِخْيَطُ إَذَا أُدْخِلَ البَحْرَ، يَا عِبَادِيْ إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيْهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيْكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرَاً فَليَحْمَدِ اللهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ يَلُوْمَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ )
رواه مسلم.

الأربعون النووية Glitterline-013
مـعنى الحـــديــث :

"قوله فيمَا يَرْويَهُ عَنْ رَبِِّهِ" أي نقل الحديث عن الله عزّ وجل،
وهذا الحديث يسمى عند المحدثين قدسياً،
والحديث القدسي: كل ما رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عزّ وجل.
لأنه منسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم تبليغاً، وليس من القرآن بالإجماع،
وإن كان كل واحد منهما قد بلغه النبي صلى الله عليه وسلم أمته عن الله عزّ وجل.
وهذا الحديث نداءٌ من الله عزّ وجل أبلغنا به أصدق المخبرين وهو محمد صلى الله عليه وسلم.
يَاعِبَادِي: يشمل كل من كان عابداً بالعبودية العامة والعبودية الخاصة.
إِنِّي حَرَّمتُ الظُّلمَ عَلَى نَفسِي: أي منعته مع قدرتي عليه،
وإنما قلنا: مع قدرتي عليه لأنه لو كان ممتنعاً على الله لم يكن ذلك مدحاً ولاثناءً،
إذ لايُثنى على الفاعل إلا إذا كان يمكنه أن يفعل أو لا يفعل.
وَجَعَلتُهُ بَينَكُمْ مُحَرَّمَاً: أي صيّرته بينكم محرماً.
فَلا تَظَالَمُوا: هذا عطف معنوي على قوله: "جَعَلتُهُ بَينَكُمْ مُحَرَّمَاً"
أي فبناء على كونه محرماً لاتظالموا، أي لا يظلم بعضكم بعضاً
.



الأربعون النووية Glitterline-013

يَا عِبَاديَ كُلُّكُم ضَالٌّ :أي تائه عن الطريق المستقيم
إِلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ : أي علمته ووفقته،و علمته هذه هداية الإرشاد و وفقته هداية التوفيق
فَاستَهدُونِي أَهدِكُمْ:أي اطلبوا مني الهداية لامن غيري أهدكم،
وهذا جواب الأمر، وهذا كقوله: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) [غافر:60]

الأربعون النووية Glitterline-013

يَاعِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلاَّ مَنْ أَطْعَمْتُهُ : أي كلكم جائع إلا من أطعمه الله،
وهذا يشمل ما إذا فقد الطعام، أو وجد ولكن لم يتمكن الإنسان من الوصول إليه،
فالله هو الذي أنبت الزرع، وهو الذي أدرّ الضرع، وهو الذي أحيا الثمار،
واقرأ من سورة الواقعة من قول الله تعالى:
(أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ* أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ*نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ
وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ*عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لا تَعْلَمُونَ*و َلَقَدْ
عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ*أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ*أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ
أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ* لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ*إِنَّا لَمُغْرَمُونَ*
بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ* أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ* أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ
أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ* لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ* أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ
الَّتِي تُورُونَ* أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ* نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً
وَمَتَاعاً لِلْمُقْوِينَ* فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) [الواقعة:58-74] ،

الأربعون النووية Glitterline-013


تجد كيف تحدّى الله الخلق في هذه الآيات لابالنسبة للمأكول، ولا المشروب،
ولا ما يصلح به المأكول والمشروب. فكلّنا جائع إلا من أطعمه الله.
كذلك أيضاً يمكن أن يوجد الطعام لكن قد لا يتمكن الإنسان منه:إما لكونه محبوساً،
أو مصاباً بمرض، أو بعيداً عن المحل الخصب والرخاء.
فَاسْتَطْعِمُونِي : أي اطلبوا مني الإطعام، وإذا طلبتم ذلك ستجدونه.
أُطْعِمْكُمْ: أطعم: فعل مضارع مجزوم على أنه جواب الأمر.
الأربعون النووية Glitterline-013

يَاعِبَادِي كُلُّكُم عَارٍ: فكلنا عار، لأننا خرجنا من بطون أمهاتناعراة
إِلاّ مَنْ كَسَوتُهُ فَاستَكْسُونِي أَكْسُكُمْ:سواء كان من فعل الإنسان
كالكبير يشتري الثوب، أو من فعل غيره كالصغير يُشترى له الثوب،
وربما يقال: إنه يشمل لباس الدين، فيشمل الكسوتين: كسوة الجسد الحسيّة، وكسوة الروح المعنوية.
يَاعِبَادي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ:أي تجانبون الصواب، لأن الأعمال إما خطأ وإما صواب،
فالخطأ مجانبة الصواب وذلك إما بترك الواجب، وإما بفعل المحرّم.

وقوله: بِالَّليْلِ الباء هنا بمعنى: (في) كما هي في قول الله تعالى:
(وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ*وَبِاللَّيْل) [الصافات:137-138] أي وفي الليل.
وَأَنَا أَغفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعَاً:أي أسترها وأتجاوز عنها مهما كثرت،
ومهما عظمت، ولكن تحتاج إلى الاستغفار.
فَاستَغفِرُونِي أَغْفِر لَكُم:أي اطلبوا مغفرتي، إما بطلب المغفرة
كأن يقول: اللهم اغفر لي، أو: أستغفر الله وأتوب إليه.
وإما بفعل ما تكون به المغفرة،
فمن قال: سبحان الله وبحمده مائة مرة غفرت خطاياه ولوكانت مثل زبد البحر.



الأربعون النووية Glitterline-013

يَاعِبَاديَ إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضُرِّيْ فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفعِي فَتَنْفَعُونِي:أي لن تستطيعوا أن تضروني ولا أن تنفعوني، لأن الضار والنافع هو الله عزّ وجل والعباد لايستطيعون هذا، وذلك لكمال غناه عن عباده عزّ وجل.
يَاعِبَادِيَ لَو أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتقَى
قَلبِ رَجُلٍ وَاحدٍ مِنكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئَاً: يعني لو أن كل العباد من الإنس والجن الأولين والآخرين كانوا على أتقى قلب رجل
ما زاد ذلك في ملك الله شيئاً، وذلك لأن ملكه عزّ وجل عام واسع لكل شيء، للتقيّ والفاجر.
ووجه قوله: "مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلكِي شَيئَاً" أنهم إذا كانوا على أتقى قلب رجل واحد
كانوا من أولياء الله، وأولياء الله عزّ وجل جنوده، وجنوده يتسع بهم ملكه،
كما لوكان للملك من ملوك الدنيا جنود كثيرون فإن ملكه يتسع بجنوده.
ثم قال: "يَاعِبَادِيَ لَو أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفجَرِ قَلبِ
رَجُلٍ وَاحدٍ مِنكُمْ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِن مُلْكِي شَيْئَاً"
ووجه ذلك: أن الفاجر عدو لله عزّ وجل فلا ينصر الله،
ومع هذا لاينقص من ملكه شيئاً لأن الله تعالى غني عنه.

الأربعون النووية Glitterline-013

يَاعِبَادِيَ لَو أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا في صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلونِي
فَأَعطَيتُ كُلَّ وَاحِدٍ مَسأَلَتَهُ:أي إذا قاموا في أرض واحدة منبسطة،
وذلك لأنه كلما كثر الجمع كان ذلك أقرب إلى الإجابة.
مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلاَّ كَمَا يَنْقُصُ المِخْيَطُ إذَا أُدْخِلَ البَحرَ: وهذا من باب المبالغة في عدم النقص، لأن كل واحد يعلم أنك لو
أدخلت المخيط وهو الإبرة الكبيرة في البحر ثم أخرجتها فإنها
لا تنقص البحر شيئاً ولا تغيره، وهذاكقوله تعالى:
( لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ)(الأعراف: الآية40)
إذ من المعلوم أن الجمل لايمكن أن يدخل في سم الخياط، فيكون هذا مبالغة في عدم دخولهم الجنة.
كذلك هنا من المعلوم أن المخيط لو أدخل في البحر لم ينقص شيئاً، فكذلك لو أن أول الخلق
وآخرهم وإنسهم وجنهم سألوا الله عزّ وجل وأعطى كل إنسان مسألته مهما بلغت فإن ذلك
لاينقص ما عنده إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، ومن المعلوم أن المخيط إذا أدخل البحر
لاينقص البحر شيئاً، وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
"يَدُ اللهِ مَلأى سحَّاءَ" أي كثيرة العطاء "الَّليلَ والنَّهَارَ" أي في الليل والنهار
"أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرض فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ" أي لم ينقص "مَا فِي يَمِيْنِهِ" .



الأربعون النووية Glitterline-013

يَاعِبَادِيَ إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ:هذه جملة فيها حصر طريقه: (إنما) أي ما هي إلا أعمالكم
أُحْصِيْهَا لَكُمْ أي أضبطها تماماً بالعدّ لازيادة ولانقصان،
لأنهم كانوا في الجاهلية لايعرفون الحساب فيضبطون الأعداد بالحصى، وفي هذا يقول الشاعر:
ولستُ بالأكثر منهمْ حصى وإنّما العزّة للكاثرِ
يعني أن عددكم قليل، وإنما العزة للغالب في الكثرة.

ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا: أي في الدنيا والآخرة، وقد يكون في الدنيا فقط، وقد يكون في الآخرة فقط.
قد يكون في الدنيا فقط: فإن الكافر يجازى على عمله الحسن لكن في الدنيا لا في الآخرة،
والمؤمن قد يؤخر له الثواب في الآخرة، وقد يجازى به في الدنيا وفي الآخرة،
قال الله تعالى:
( مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) (الشورى:20)
وقال عزّ وجل: ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيد)(الاسراء: الآية18)
وقال عزّ وجل: ( وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً) (الاسراء:19)
إذاً فالتوفية تكون في الدنيا دون الآخرة للكافر، أما المؤمن فتكون في الدنيا والآخرة جميعاً، أو في الآخرة فقط.
فَمَنْ وَجَدَ خَيْرَاً فَليَحْمَدِ اللهَ:أي من وجد خيراً من أعماله فليحمد الله على الأمرين:
على توفيقه للعمل الصالح، وعلى ثواب الله له

وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ:أي وجد شراً أو عقوبة "فَلا يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفسَهُ" لأنه لم يُظلم،
واللوم: أن يشعر الإنسان بقلبه بأن هذا فعل غير لائق وغير مناسب، وربما ينطق بذلك بلسانه.
يُتبع بإذن الله سًبحانه وتعالى ،
الأربعون النووية Glitterline-013
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الأربعون النووية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 2انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المدرسه المحمديه :: مع الحبيب :: احاديث الرسول-
انتقل الى: