المدرسه المحمديه
اداره وفريق عمل المدرسه المحمديه يسعد بانضمامك الينا حيث تستفيد وتفيد وتقضى احلى واسعد الاوقات فى صحبه الحبيب صلى الله عليه وسلم فسارع فى التسجيل وشاركنا العمل الذى يبدء من هنا وينتهى بك الى الجنه باذن الله والموقع ليس مقتصر على الاخوه المسلمين فقط بل لكل الاديان فمحمد صلى الله عليه وسلم ارسله الله رحمه ومعلم للعالمين

ملحوظه سوف يتم حزف اى مقال او تعليق لا يليق بموقع دينى ولا مجال فى الموقع لاى نوع من النشاط السياسى ومن يخالف ذلك سوف يتم طرده دون سابق انزار فالموقع ليس موقع سياسى
المدرسه المحمديه
اداره وفريق عمل المدرسه المحمديه يسعد بانضمامك الينا حيث تستفيد وتفيد وتقضى احلى واسعد الاوقات فى صحبه الحبيب صلى الله عليه وسلم فسارع فى التسجيل وشاركنا العمل الذى يبدء من هنا وينتهى بك الى الجنه باذن الله والموقع ليس مقتصر على الاخوه المسلمين فقط بل لكل الاديان فمحمد صلى الله عليه وسلم ارسله الله رحمه ومعلم للعالمين

ملحوظه سوف يتم حزف اى مقال او تعليق لا يليق بموقع دينى ولا مجال فى الموقع لاى نوع من النشاط السياسى ومن يخالف ذلك سوف يتم طرده دون سابق انزار فالموقع ليس موقع سياسى
المدرسه المحمديه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


المدرسه المحمديه صدقه جاريه على روح والدى فلا تنسى الدعاء له ولاموات المسلمين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
سحابة الكلمات الدلالية
مكتبة الصور
الأربعون النووية - صفحة 2 Empty
المدرسه المحمديه
استمع وحمل القرأن الكريم
        القرآن الكريم

 مشارى راشد
 
ولا تنسانى بالدعاء


ازرار التصفُّح
مواقع صديقه

 
 
 
 
 
نداء الإيمان
 

 
 
 
120*60 

 
المواضيع الأكثر نشاطاً
الأربعون النووية
اجمل عروض البوربوينت الدعويه
السيرة النبوية الشريفه على رابط واحد
السيرة النبوية 29 حلقه كارتون للاطفال
ليله فى بيت النبى صلى الله عليه وسلم
نفحات رمضانية
افتتاحيه القسم اقراها قبل المشاركه فى القسم
مقاطع x مقاطع + مرئية x أناشيد+ روابط مباشرة = حمل وانشر واملىء موبايلك بالمقاطع
جميع الأناشيد للمنشد : أبو أنس [ سالم بن سواد
تعليمات يجب مراعاتها في المشاركات
المواضيع الأكثر شعبية
اجمل عروض البوربوينت الدعويه
الحياة في المدينة - ميثاق التحالف الإسلامي
الأربعون النووية
جميع الأناشيد للمنشد : أبو أنس [ سالم بن سواد
جميع الأناشيد للمنشد : أبو أنس المالكي [ محمد فاروق
نفحات رمضانية
مقاطع x مقاطع + مرئية x أناشيد+ روابط مباشرة = حمل وانشر واملىء موبايلك بالمقاطع
القرآن الكريم ( جافا )
جمعيه الاعمال الخيريه بالميمون
سلسله السيره العطره للشيخ محمد حسين يعقوب

 

 الأربعون النووية

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2
كاتب الموضوعرسالة
طه الفزارى
المشرف العام
المشرف العام
طه الفزارى


ذكر
عدد المساهمات : 965
حسناتى الى الان : 13872
تاريخ الميلاد : 25/09/1980
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
العمر : 44

الأربعون النووية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأربعون النووية   الأربعون النووية - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة يوليو 17, 2009 11:07 am

الأربعون النووية - صفحة 2 14
Crying or Very sad


( دورة شرح الأربعين النوويّة )

الحـــديث " الخامس والعشرين "

الأربعون النووية - صفحة 2 1063

(
عَنْ أَبي ذَرٍّ رضي الله عنه أَيضَاً أَنَّ أُنَاسَاً مِنْ أَصحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالوا للنَّبي صلى الله عليه وسلم يَارَسُولَ الله: ذَهَبَ أَهلُ الدثورِ بِالأُجورِ، يُصَلُّوْنَ كَمَا نُصَلِّيْ، وَيَصُوْمُوْنَ كَمَا نَصُوْمُ، وَيَتَصَدَّقُوْنَ بفُضُوْلِ أَمْوَالِهِمْ، قَالَ: (أَوَ لَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللهُ لَكُمْ مَا تَصَّدَّقُوْنَ؟ إِنَّ بِكُلِّ تَسْبِيْحَةٍ صَدَقَة.وَكُلِّ تَكْبِيْرَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَحْمَيْدَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَهْلِيْلَةٍ صَدَقَةٌ وَأَمْرٌ بالِمَعْرُوْفٍ صَدَقَةٌ وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ وَفِيْ بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ قَالُوا: يَا رَسُوْلَ اللهِ أَيَأْتِيْ أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُوْنُ لَهُ فِيْهَا أَجْرٌ؟ قَالَ:أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فَيْ حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فَي الحَلالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ )
رواه مسلم.

الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013


مـعنى الحـــديــث :
أَنَ أُنَاسَاً: هؤلاء هم الفقراء قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم:
ذَهَبَ أَهلُ الدثورِ:أي أصحاب الأموال الكثيرة
بِالأُجورِ: أي الثواب عليها،
وليس قصدهم بذلك الحسد، ولا الاعتراض على قدر الله، لكن قصدهم
لعلهم يجدون أعمالاً يستطيعونها يقومون بها تقابل ما يفعله أهل الدثور.

يُصَلونَ كَمَا نُصَلي،وَيَصومُونَ كَمَا نَصوم، وَيَتَصَدَّقونَ بِفُضولِ أَموَالِهم:يعني ولا نتصدق لأنه ليس عندنا شيء، فكيف يمكن أن نسبقهم أو نكون مثلهم ! ،
هذا مراد الصحابة رضي الله عنهم وليس مرادهم قطعاً الاعتراض
على قدر الله عزّ وجل، ولا أن يحسدوا هؤلاء الأغنياء


الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

قال النبي صلى الله عليه وسلم : أَوَلَيسَ قَد جَعَلَ اللهُ لَكُم مَا تَصَّدَّقونَ بِهِ : جواب الرسول صلّى الله عليه وسلّم يعني :بلى قد جعل لكم الله ما تتصدّقون به وذكر :
إِنَ بِكُلِّ تَسبيحَةٍ صَدَقَةً : أي إذا قلت: سبحان الله فهي صدقة
وَبِكُلِّ تَكبيرَةٍ صَدَقَةً :إذا قلت الله أكبر فهذه صدقة
وَبِكُلِّ تَحميدَةٍ صَدَقَةً : إذا قلت الحمد لله فهذه صدقة

وَبِكُلِّ تَهليلَةٍ صَدَقَة : إذا قلت لا إله إلا الله فهي صدقة
وَأَمرٌ بِالمَعروفِ صَدَقَةٌ : إذا أمرت من رأيته مقصراً في شيء من الطاعات فهي صدقة
وَنَهيٌ عَن مُنكَرٍ صَدَقَةٌ : إذا رأيت شخصاً على منكر ونهيته فهي صدقة
هذه الأشياء التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إنها صدقة
يستطيعها هؤلاء الفقراء، فأنتم املئوا الزمن من التسبيح والتكبير
والتهليل والتحميد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكلها صدقات .
والأغنياء يمكن أن لا يتصدقون كل يوم، وإذا تصدقوا باليوم
لا يستوعبون اليوم بالصدقة ، فأنتم قادرون على هذا
ولما قرر النبي صلى الله عليه وسلم هذا اقتنعوا رضي الله عنهم لكن لما قال:

وَفي بُضعِ أَحَدِكُم صَدَقَةٌ : أي أن الرجل إذا أتى أهله
فله بذلك صدقة،
قالوا: يَا رَسُوْلَ اللهِ أَيَأْتِيْ أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُوْنُ لَهُ فِيْهَا أَجْرٌ؟ :هنا سؤالهم استفهاما وليس اعتراضاً، لكن يريدون أن يعرفوا
وجه ذلك، كيف يأتي الإنسان أهله وشهوته ويقال إنك مأجور؟!


الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013


أي أن الإنسان قد يستبعد هذا ولكن النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن لهم وجه ذلك فقال :
:أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فَيْ حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ وِزْرٌ؟ : والجواب هنا : نعم يكون عليه وزر لو وضعها في حرام.
فأكمل صلى الله عليه وسلم حديثه قائلاً :فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَها في الحَلالِ كَانَ لَهُ أَجرٌ : يعني لأنه استغنى عن الحرام فكان مأجوراً بهذا، وهذا ما يسمى عند العلماء بقياس العكس، أي إذا ثبت هذا ثبت ضده في ضده

وهنا تكمن قاعدة هامة في هذا الحديث ،، هي المنافسة ..
وتكون المنافسة بالأعمال الصالحة اللتي تقربنا من الله وتؤدي بنا إلى ثوابه العظيم ،
فهذه الحياة ميدان للتسابق في الأعمال الخيرية
ودليل ذلك :
قوله سبحانه وتعالي : ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾[البقرة: من الآية148]
آية أخرى ﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [الحديد: من الآية21]
آية أخرى : ﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾ [المطففين: من الآية26]
في آية رابعة يقول : ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ
عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران:133)

فالهدف من خلال مجموع هذه الآيات هي الوصول إلي مغفرة الله وجنة عرضها السماوات والأرض .

الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013


وطرق المنافسة كثيرة نذكر منها :

مجال الصدقة الذي الفقراء انطلقوا منه ، و المجالات التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم
مجال الذكر ، مجال الأمر بالمعروف ، مجال النهي عن المنكر ،و مجال المباحات .
هذه المنافسة التي طبقها الصحابة رضوان الله عليهم طبقوها هنا بشكل جماعي،>>>
( فقراء يريدون منافسة الاغنياء في طرق التقرب إلى الله سبحانه وتعالى )
أيضاً كانوا على المستوى الفردي يتسابقون ويتنافسون ، ولذلك من الذي سبق من الصحابة رضي الله عنهم ؟

أبو بكر فنال المرتبة الأولى فكان أفضل الناس بعد الأنبياء والمرسلين
وأبو بكر رضي الله عنه قال له النبي صلى الله عليه وسلم مرة
(من أصبح منكم اليوم صائما ؟ قال أبو بكر : أنا . قال : من أطعم اليوم منكم مسكينا .
قال أبو بكر : أنا . قال : من تبع منكم اليوم جنازة ؟ قال أبو بكر : أنا .)
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (ما اجتمعت في امرئ إلا دخل الجنة).
وعمر رضي الله عنه كان يحث بمنافسة أبي بكر رضي الله عنه منافسة شريفة قوية ،
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه في أحد المرّات : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق ،

فوافق ذلك مالاً فقلت : اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما . قال : فجئت بنصف مالي ،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أبقيت لأهلك ؟ قلت : مثله ،
وأتى أبو بكر بكل ما عنده فقال : يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك ؟ فقال : أبقيت لهم الله ورسوله !
قال عمر قلت : والله لا أسبقه إلى شيء أبدا . رواه الترمذي .

إذاً هؤلاء الكبار ، كبار الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يتنافسون ! ،
وإذا مشينا مع التاريخ نجد إن الذين اشتغلوا ونافسوا في عبادتهم هم الذين برزوا !
ولنتذكّر أن المسألة ليست محكورة على الشباب ، أو على الرجال ! ،
إنما حتى على مستوى النساء ، ومجالات المنافسة عديدة ومتنوّعة .

الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

من فــــوائــــد الحديــــث :

1. مسارعة الصحابة رضي الله عنهم وتسابقهم إلى العمل الصالح،
لأن هؤلاء الذين جاؤوا يقولون للرسول صلى الله عليه وسلم: إنه ذهب
أهل الدثور بالأجور لا يريدون الحسد، لكن يريدون أن يفتح لهم النبي
صلى الله عليه وسلم باباً يدركون به هذا السبق.
2. أن الصحابة رضي الله عنهم يستعملون أموالهم فيما فيه الخير في
الدنيا والآخرة، وهو أنهم يتصدقون.

3. أن الاعمال البدنية يشترك فيها الغني والفقير، لقولهم: "يُصَلونَ كَمَا نُصَلي،
وَيَصومُونَ كَمَا نَصوم" وهو كذلك، وقد يكون أداء الفقير أفضل وأكمل من أداء الغني.
4. أن النبي صلى الله عليه وسلم فتح للفقراء أبواباً من الخير،
لقوله: "أَوَلَيسَ قَد جَعَلَ اللهُ لَكُم مَا تَصَّدَّقونَ بِهِ" وذكر الأبواب.
5. تقرير المخاطب بما لا يمكنه إنكاره، لقوله: "أَوَلَيسَ قَد جَعَلَ
اللهُ لَكُم مَا تَصَدَّقونَ بِهِ" لأن هذا أبلغ في إقامة الحجة عليه.

6. أن ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم من الأعمال كله صدقة،
لكن هذه الصدقة منها واجب، ومنها غير واجب، ومنها متعدٍ،ومنها قاصر حسب ما سنذكره.
قال: ( إِنَّ بِكُلِّ تَسبيحَةٍ صَدَقَةً، وَبِكُلِّ تَكبيرَةٍ صَدَقَةً ، وَبِكُلِّ تَحميدَةٍ صَدَقَةً، وَبِكُلِّ تَهليلَةٍ صَدَقَةً)
هذا كله قاصر ومنه واجب، ومنه غير واجب.
فالتكبير منه واجب ومنه غير واجب، فتكبير الصلوات واجب،وتكبير أذكار الصلاة
بعدها مستحب،وهكذا يقال في التسبيح والتهليل.

"وَأَمرٌ بِالمَعروفِ صَدَقَةٌ، وَنَهيٌ عَن مُنكَرٍ صَدَقَةٌ" هذا من الواجب، لكن الأمر بالمعروف
تارة يكون واجباً وجوب عين على من قدر عليه ولم يوجد غيره،وكذلك النهي عن المنكر،
وتارة يكون واجب كفاية لمن قدر عليه ولكن هناك من يقوم مقامه، وتارة يكون مستحباً
وذلك في الأمر بالمعروف المستحب، والنهي عن المنكر المكروه إن صح أن يطلق عليه اسم منكر.


الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

والأمر بالمعروف لابد فيه من شرطين:

الشرط الأول: أن يكون الآمر عالماً بأن هذا معروف، فإن كان جاهلاً فإنه لا يجوز
أن يتكلم، لأنه إذا أمر بما يجهل فقد قال على الله تعالى ما لا يعلم.
الشرط الثاني:أن يعلم أن هذا المأمور قد ترك المعروف، فإن لم يعلم تركه
إياه فليستفصل، ودليل ذلك أن رجلاً دخل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه
وسلم يخطب فجلس، فقال له: "أصليت؟ قال: لا، قال: قم فصل ركعتين وتجوز فيهما"
فلم يأمره بصلاة ركعتين حتى سأله هل فعلهما أولا، فلابد أن تعلم أنه تارك لهذا المعروف.

والنهي عن المنكر كذلك لابد فيه من شروط:

الشرط الأول:أن تعلم أن هذا منكر بالدليل الشرعي،لا بالذوق ولا بالعادة ولا
بالغيرة ولا بالعاطفة، وليس مجرد أن ترى أنه منكر يكون منكراً، فقد ينكر الإنسان ما كان معروفاً .
الشرط الثاني: أن تعلم أن هذا المخاطب قد وقع في المنكر، فإن لم تعلم فلا يجوز
أن تنهى، لأنك لو فعلت لعد ذلك منك تسرعاً ولأكل الناس عرضك،
بل لابد أن تعلم أن ما وقع فيه منكر، مثال ذلك:

رأيت رجلاً في البلد يأكل ويشرب في رمضان ولنقل في المسجد الحرام،
فليس لك أن تنكر عليه حتى تسأله هل هو مسافر أم لا؟ لأنه قد يكون مسافراً
والمسافر يجوز له أن يأكل ويشرب في رمضان، فلابد أن تعلم أن هذا المخاطب
قد وقع في هذا المنكر.
الشرط الثالث: أن لا يزول المنكر إلى ما هو أعظم، فإن زال المنكر إلى ما هو
أعظم كان إنكاره حراماً، لأن إنكاره يعني أننا حولناه مما هو أخف إلى ما هو أشد.

الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

وتحت هذه المسألة أربعة أقسام:

القسم الأول: أن يزول المنكر بالكلية .
القسم الثاني: أن يخف.
القسم الثالث: أن يتحول إلى منكر مثله.
القسم الرابع: أن يتحول إلى منكر أعظم.
فإذا كان إنكار المنكر يزول فلا شك أن الإنكار واجب.
وإذا كان يخف فالإنكار واجب، لأن تخفيف المنكر أمر واجب.
وإذا كان يتحول إلى ما هو مثله فمحل نظر، هل يُرجَّح الإنكار أو لا،
فقد يرجح الإنكار لأن الإنسان إذا تغيرت به الأحوال وانتقل من شيء
إلى شيء ربما يكون أخف، وقد يكون الأمر بالعكس بحيث يكون بقاؤه
على ما هو عليه أحسن من نقله لأنه إذا تعود التنقل انتقل إلى منكرات أخرى.
وإذا كان يتحول إلى ما هو أعظم فالإنكار حرام.

فإذا قال قائل :علل أو دلل لهذه الأقسام؟

فنقول: أما إذا كان إنكاره يقتضي زواله فوجوبه ظاهر لقول الله تعالى:
(وتعاونوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ) (المائدة: الآية2) وقوله:
(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ )(آل عمران: الآية104)
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "وَالَّذي نَفسي بيَده لتَأمُرنَّ بِالمَعروفِ وَتَنهَونَّ عَنِ المُنكَر
وَلِتَأخُذنَّ عَلى يَدِ الظَالِمِ وَلِتَأطُرَنَّهُ عَلى الحقَِّّ أَطراً" وذكر الحديث وعيداً شديداً.
أما إذا كان الإنكار يؤدي إلى تخفيفه فالتعليل أن تخفيف الشر واجب،
وقد يقال: إن الأدلة السابقة دليل على هذا، لأن هذا الزائد منكر يزول
بالإنكار فيكون داخلاً فيما سبق.

أما إذا كان يتحول إلى ما هو أنكر فإن الإنكار حرام، ودليل ذلك قول الله
عزّ وجل : (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ )(الأنعام: الآية108)
فنهى عن سب آلهة المشركين مع أنه أمر واجب، لأن سب آلهتهم يؤدي
إلى سب من هو منزه عن كل نقص وهو الله عزّ وجل،
فنحن إذا سببنا آلهتهم سببنا بحق، وهم إذا سبوا الله سبوه عدواً بغير حق.
ويذكر عن شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - أنه مر مع صاحب له على قوم
من التتر يشربون الخمر ويفسقون، ولم ينههم شيخ الإسلام عن هذا فقال له
صاحبه: لماذا لا تنهاهم؟ وكان - رحمه الله - ممن عرف بإنكار المنكر،
فقال: لو نهيت هؤلاء لقاموا إلى بيوت الناس ونهبوها وانتهكوا أعراضهم،

وهذا أعظم مما هم عليه الآن - فانظر للفقه في دين الله عزّ وجل-
"وَفي بُضع أَحَدِكُم صَدَقَةٌ" هذه الصدقة قد تكون من الواجب تارة، ومن المستحب تارة.
إذا كان الإنسان يخاف على نفسه الزنى إن لم يأت أهله صار من الصدقة الواجبة،
وإلا فهو من الصدقة المستحبة.
وظاهر قوله: "وَفي بُضع أَحَدِكُم صَدَقَةٌ" أن ذلك صدقة وإن كان على سبيل الشهوة
لا علي سبيل الانكفاف عن الحرام، لأنه إذا كان على سبيل الانكفاف عن الحرام
فالأمر واضح أنه صدقة ، لأنه يدفع الحرام بالمباح،لكن إذا كان لمجرد الشهوة


الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

فظاهر الحديث أن ذلك صدقة، وله وجه، ومن الوجوه:

الأول: أن الإنسان مأمور أن لا يمنع نفسه ما تشتهي إذا كان ذلك في غير
معصية الله لقول النبي صلى الله عليه وسلم "إِنَّ لِنَفسِكَ عَليكَ حَقًّا" .
والثاني:أنه إذا أتى أهله فقد أحسن إلى أهله، لأن المرأة عندها من
الشهوة ما عند الرجل، فهي تشتهي الرجل كما يشتهيها، فإذا أتاها
صار محسناً إليها وصار ذلك صدقة.
7. أن الصحابة رضي الله عنهم لا يتركون شيئاً مشكلاً إلا سألوا عنه، لقولهم
"أَيأتي أَحَدنَا شَهوَتَهُ وَيَكَون لَهُ فيهَا أَجر" .

وبه نعلم أن كل شيء لم يسأل عنه الصحابة مما يُظن أنه من أمور
الدين فإن السؤال عنه بدعة، لأنه لو كان من دين الله لقيض الله من يسأل عنه حتى يتبين.
ومن ذلك: لما حدث النبي صلى الله عليه وسلم عن الدجال أن أول يوم من أيامه كسنة ،
قالوا يا رسول الله هذا اليوم الذي كسنة يكفينا فيه صلاة واحدةـ فقال "لاَ، اقدِروا لَهُ قَدرَهُ"
فكل شيء يحتاج إليه الناس في دينهم فإما أن يصدر من النبي صلى الله عليه وسلم ابتداءً،
وإما أن يُسأل عنه، ومالم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ابتداءً ولا جواباً
لسؤال وهو مما يتعلق بالدين فالسؤال عنه بدعة.

ومن ذلك ما يفعله بعض المتنطعين في أسماء الله وصفاته،
أو بعض المتنطعين فيما جاء الخبر عنه من أحوال يوم القيامة،
نقول لهؤلاء: إنكم مبتدعة، أو نقول على الأقل إن هذا بدعة،
لأنه قد يكون السائل لا يريد أن يبتدع فنقول:
هذا السؤال بدعة وإن كنا لا نصف السائل بأنه مبتدع.

فقد يكون العمل بدعة وفاعله ليس بمبتدع لأنه لا يعلم، أو لتأويل أو ما أشبه ذلك.
8. حُسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم حيث ضرب المثل الذي يقتنع به المخاطب،
وهذا من حسن التعليم أن تقرب الأمور الحسيّة بالأمور العقلية،
وذلك في قوله: "أَرَأيتُمْ لَو وَضَعَهَا فِي الحَرامِ أَكَانَ عَلَيْهِ وِزرٌ، فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الحَلالِ كَانَ لَهُ أَجرٌ".

9. أن القياس حجة، فقياس الموافقة كثير جداً ولا إشكال فيه بأن تقيس هذا الشيء
على هذا الشيء في حكم من الأحكام يجب هذا قياساً على هذا، ويحرم هذا قياساً على هذا.
لكن قياس العكس صحيح أيضاً،لأن النبي صلى الله عليه وسلم قاس هذا القياس قياس عكس،
يعني فإذا كانت الشهوة الحرام وزراً فالشهوة الحلال أجر، وهذا واضح.
10. أن الاكتفاء بالحلال عن الحرام يجعل الحلال قربة وصدقة،لقوله: "وَفِي بُضْع أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ"

الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طه الفزارى
المشرف العام
المشرف العام
طه الفزارى


ذكر
عدد المساهمات : 965
حسناتى الى الان : 13872
تاريخ الميلاد : 25/09/1980
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
العمر : 44

الأربعون النووية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأربعون النووية   الأربعون النووية - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة يوليو 17, 2009 11:10 am

الأربعون النووية - صفحة 2 14
Crying or Very sad


( دورة شرح الأربعين النوويّة )

الحـــديث " السادس والعشرون "

الأربعون النووية - صفحة 2 1063

(
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلُّ يَومٍ تَطْلُعُ فِيْهِ الشَّمْسُ: تَعْدِلُ بَيْنَ اثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَتُعِيْنُ الرَّجُلَ في دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُ لَهُ عَلَيْهَا أَو تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَبِكُلِّ خُطْوَةٍ تَمْشِيْهَا إِلَى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ، وَتُمِيْطُ الأَذى عَنِ الطَّرِيْقِ صَدَقَةٌ )
رواه البخاري ومسلم.



الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013
مـعنى الحـــديــث :

كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ:السلامى هي المفاصل، وقيل:العظام، والمعنى واحد لايختلف،
لأن كل عظم مفصول عن الآخر بفاصل فإنه يختلف عنه في الشكل،
وفي القوة، وفي كل الأمور وهذا من تمام قدرة الله عزّ وجل فليس
الذراع كالعضد، وليست الأصابع كالكف، فكل ما فصل عن غيره من
العظام فله ميزة خاصة، ولذلك كان على كل سلامى صدقة.
وجاء في صحيح مسلم أن السلامى ثلاثمائة وستون مفصلاً،
هكذاجاء في الحديث عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال : "إنه خلق كل إنسان من بني آدم
على ستين وثلاثمائة مفصل..." أخرجه مسلم،
والطب الحديث يوافق هذا - سبحان الله -
مما يدل على أن رسالة النبي صلى الله عليه وسلم حق.
وقوله عَلَيْهِ صَدَقَةٌ:أي كل مفصل عليه صدقة
وقولهكُلُّ يَومٍ تَطْلُعُ فِيْهِ الشَّمسُ: يعني كل يوم يصبح على كل
عضو من أعضائنا صدقة، أي ثلاثمائة وستون في اليوم،
فيكون في الأسبوع ألفين وخمسمائة وعشرين.
لكن من نعمة الله أن هذه الصدقة عامة في كل القربات،
فكل القربات صدقات، وهذا شيء ليس بصعب على الإنسان،
مادام كل قربة صدقة فما أيسر أن يؤدي الإنسان ما يجب عليه.


الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

ثم قالتَعْدِلُ بَينَ اثنَيْنِ صَدَقَة:تعدل أي تفصل بينهما إما بصلح وإما بحكم،
والأولى العدل بالصلح إذا أمكن ما لم يتبين للرجل أن الحكم لأحدهما،
فإن تبين أن الحكم لأحدهما حرم الصلح، وهذا قد يفعله بعض القضاة،
يحاول أن يصلح مع علمه أن الحق مع المدعي أو المدعى عليه،
وهذا محرم لأنه بالإصلاح لابد أن يتنازل كل واحد عما ادعاه فيحال بينه وبين حقه.
إذاً العدل بين اثنين بالصلح أو بالحكم يكون صدقة،
لكن إن علم أن الحق لأحدهما فلا يصلح، بل يحكم بالحق.

وَتُعِيْنُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ :أي بعيره مثلاً "تَحْمِلُهُ عَلَيْهَا" إذا كان لايستطيع
أن يركب تحمله أنت وتضعه على الرحل هذا صدقة
"أَو تَحْمِلُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ" متاعه ما يتمتع به في السفر من طعام وشراب
وغيرهما، تحمله على البعير وتربطه، هذا صدقة.
وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ: أي كلمة طيبة سواء طيبة في حق الله
كالتسبيح والتكبير والتهليل، أو في حق الناس كحسن الخلق صدقة.

وَبِكُلِّ خُطوَةٍ تَخْطُوهَا إِلَى الصَّلاةِ صَدَقَة : سواء بعدت المسافة أم قصرت،
وإذا كان قد تطهر في بيته وخرج إلى الصلاة لايخرجه إلا الصلاة
لم يخط خطوة إلا رفع الله له بها درجة، وحطّ عنه بها خطيئة.
فيكتسب شيئين: رفع الدرجة، وحطّ الخطيئة.
وقد استحب بعض العلماء - رحمهم الله - أن يقارب الإنسان خطواته
إذا ذهب إلى المسجد، ولكن هذا استحباب في غير موضعه، ولادليل عليه،
لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبر أن بكل خطوة يخطوها إلى الصلاة
صدقة لم يقل: فليدن أحدكم خطواته، ولو كان هذا أمراً مقصوداً مشروعاً
لبيّنه النبي صلى الله عليه وسلم .

ولكن لايباعد الخطا قصداً ولايدنيها قصداً، بل يمشي على عادته.
وَتُمِيطُ الأذَى عَنِ الطَّرِيْقِ صَدَقَةٌ : أي تزيل الأذى وهو ما يؤذي المارة من
حجر أو زجاج أو قاذورات فأي شيء يؤذي المارين إذا أميط عن طريقهم فإنه صدقة.



الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

من فــــوائــــد الحديــــث :

1. وجوب الصدقة على كل إنسان كل يوم تطلع فيه الشمس عن كل
عضو من أعضائه، لأن قوله: "عَلَيهِ صَدَقَة" وعلى للوجوب،
ووجه ذلك: أن كل إنسان يصبح سليماً يجب عليه أن يشكر الله عزّ وجل،
سليماً في كفه، في ذراعه، في عضده، في ساقه، في فخذه،
في كل عضو من أعضائه عليه نعمة من الله عزّ وجل فليشكرها.
فإن قال قائل: قد يكون في إحصاء ذلك صعوبة؟
فالجواب: أنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يجزئ من ذلك -
أي بدلاً عنه، لأن (من) هنا بدليّة بمعنى بدل ذلك - ركعتان يركعهما من الضحى،
فإذا ركعت ركعتين من الضحى صار الباقي نفلاً وتطوعاً.

ويؤخذ من هذه الرواية: أنه ينبغي للإنسان أن يداوم على ركعتي الضحى،
وجه ذلك: أنها تأتي بدلاً عن هذه الصدقات أي بدلاً عن ثلاثمائة وستين صدقة،
وهذا القول هو الراجح: أنه تسن المداومة على ركعتي الضحى.
ووقتها: من ارتفاع الشمس قيد رمح في رأي العين،
إلى قبيل الزوال يعني بعد طلوع الشمس بنحو ثلث ساعة إلى قبيل الزوال بعشر أوخمس دقائق،
وآخر الوقت أفضل.
وأقلها ركعتان وأكثرها لاحد له، فصلِّ ما شئت فأنت على خير.
فلننظر جميعاً إلى فضل الله سبحانه وتعالي إذا أن ركعتان في الضحى تُعطينا بإذن الله
ثلاث مائة وستين صدقة تغني عن ثلاث مائة وستين صدقة وفضل الله سبحانه وتعالي واسع ،
ونحمده سبحانه وتعالى على فضله وكرمه .


الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

2. أن الشمس هي التي تدور على الأرض، فيأتي النهار بدل الليل،
لقوله: "تَطْلُعُ فِيْهِ الشَّمْسُ" وهذا واضح أن الحركة حركة الشمس،
ويدل لهذا قول الله تعالى:
(وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَال)(الكهف: الآية17)
أربعة أفعال مضافة إلى الشمس،
وقال تعالى عن سليمان: ( فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ) (صّ: 32)
أي الشمس (بِالْحِجَابِ) أي بالأرض، وقال النبي صلى الله عليه وسلم
لأبي ذرٍّ رضي الله عنه حين غربت الشمس: أَتَدْرِيْ أَيْنَ تَذْهَبُ ؟
قَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فأضاف الذهاب إليها أي إلى الشمس.

3. فضيلة العدل بين الاثنين، وقد حث الله عزّ وجل على الصلح فقال تعالى:
( وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا
أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ) (النساء: 128)

فالصلح خير، والعدل بين الخصمين في الحكم واجب.


الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

4. الحث على معونة الرجل أخاه، لأن معونته إياه صدقة،
سواء في المثال الذي ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم أو في غيره.
المثال الذي ذكره هو: أن يعينه في دابته فيحمله عليها أو يرفع له عليها متاعه،
ولكنْ هناك أمثال كثيرة ومن ذلك:
لو وجدت إنساناً على الطريق وطلب منك أن تحمله إلى البلد وحملته،
فإنه يدخل في هذا من باب أولى.
ولكن هل يجب عليك أن تحمله، أولا يجب؟
الجواب: إن كان في مهلكة وأمنت منه وجب عليك أن تحمله وجوباً لإنقاذه من الهلكة،
والمهلكة إما لقلة الماشي فيها، أو لأن فيها قطاع طريق ربما يقضون على هذا الرجل.
فإن لم تأمن من هذا الرجل فلا يلزمك أن تحمله، مثل أن تخاف من أن يغتالك
أو يحول مسيرك إلى اتجاه آخر بالقوة فلا يلزمك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ" .
إذاً معنى الحديث الحث على معونة إخوانك المسلمين حتى في غير المثال الذي ذكره
النبي صلى الله عليه وسلم، وكلما كان أخوك أحوج إلى معونتك كانت المعونة أفضل،
وكلما كانت المعونة أنفع لأخيك كانت أفضل.
وليس من هذا النوع أن تعين زميلك في وقت الاختبار على معرفة الجواب الصحيح،

ويقال: هذا منكر وخيانة للأمانة، وأنت لو فعلت فقد أعنته على منكره فلايجوز.


الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013
5
. الحث على الكلمة الطيبة لقوله: "وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ" والله لا أطيب من كلام
الله عزّ وجل القرآن،كل كلمة في القرآن فهي صدقة.
والكلمة الطيبة تكون طيبة في أسلوبها، وفي موضوعها، وفي إلقائها،
وفي نواح أخرى، فإذا رأيت شخصاً وتكلمت معه بكلام طيب مثل: السلام عليكم،
حياكم الله، صبحكم الله بالخير فهذه كلمة طيبة لكن بشرط أن لايكون ذلك مملاً
بمعنى أن تبقى معه مدة وأنت تقول مثل هذا الكلام، لأنه إذا كان مملاً انقلب إلى غير طيب،
ولكل مقام مقال.
المهم القاعدة: كل كلمة طيبة فهي صدقة.
6. أن إزالة الأذى عن الطريق صدقة، وبقياس العكس نقول: وضع الأذى في الطريق
جريمة وأذية، ويتفرع على هذه الفائدة:
إذا كان إماطة الأذى عن الطريق الحسّي صدقة فإماطة الأذى عن الطريق المعنوي
أبلغ وذلك ببيان البدع والمنكرات وغيرها، والمنكرات كسفاسف الأخلاق من الدعارة
واللواط وشرب الخمر والدخان وغيرها، فبيان هذه الأشياء لئلا يمارسها الناس
تعتبر صدقة وأعظم من إماطة الأذى عن الطريق الحسي.
ومن إماطة الأذى عن الطريق المعنوي قتل داعية الفساد، لكنه ليس إلينا بل إلى ولي الأمر.

7. أن كل ما يقرب إلى الله عزّ وجل من عبادة وإحسان إلى خلقه فإنه صدقة،
وما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم فهو أمثلة على ذلك. والله الموفق.


الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طه الفزارى
المشرف العام
المشرف العام
طه الفزارى


ذكر
عدد المساهمات : 965
حسناتى الى الان : 13872
تاريخ الميلاد : 25/09/1980
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
العمر : 44

الأربعون النووية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأربعون النووية   الأربعون النووية - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة يوليو 17, 2009 11:13 am

الأربعون النووية - صفحة 2 14
Crying or Very sad


دورة شرح الأربعين النوويّة )

الحـــديث " السابع والعشرون "

الأربعون النووية - صفحة 2 1063


(عن النواس بن سـمعـان -رضي الله تعالى عـنه- عـن النبي -صلى الله عـليه وسلم- قـال :
( الـبـر حـسـن الـخلق، والإثـم ما حـاك في نـفـسـك وكـرهـت أن يـطـلع عــلـيـه الـنـاس )
رواه مسلم.
وفي رواية أخرى :

(وعن وا بصة بن معبد رضى الله عنه ، قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال :
( جئت تسأل عن البر و الإثم ؟ ) قلت : نعم ؛ قال : ( استفت قلبك ؛ البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن اليه القلب ،
والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر ، وإن أفتاك الناس وأفتوك ) )

حديث حسن ، في مسندي الإمام أحمد بن حنبل ، و الدارمي بإسناد حسن .

الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

مـعنى الحـــديــث :

قوله صلى الله عليه وسلم البر:أي الذي ذكره الله تعالى في القرآن ،
فقال ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى )(المائدة: الآية2)
والبر كلمة تدل على كثرة الخير ، فهو اسم جامع لكل خير ، وهو أيضاً البر: اسم جامع لكل معروف ،
ويدخل فيه جميع العبادات التي شرعها الله سبحانه وتعالى مثل : الصلوات الفريضة والنافلة ،
الصيام ، الحج ، الزكاة بأنواع الإنفاق الخيري ، الطاعات للوالدين ، صلة الأرحام إلي غير ذلك من الطاعات ،

حسن الخلق :أي حسن الخلق مع الله ، وحسن الخلق مع عباد الله ،
فأما حسن الخلق مع الله فان تتلقي أحكامه الشرعية بالرضا والتسليم ،
وأن لا يكون في نفسك حرج منها ولا تضيق بها ذرعا ،
فإذا أمرك الله بالصلاة والزكاة والصيام وغيرها فإنك تقابل هذا بصدر منشرح.

وأيضا حسن الخلق مع الله في أحكامه القدرية ، فالإنسان ليس دائما مسرورا
حيث يأتيه ما يحزنه في ماله أو في أهله أو في نفسه أو في مجتمعه والذي قدر
ذلك هو الله عز وجل فتكون حسن الخلق مع الله ، وتقوم بما أمرت به وتنزجر عما نهيت عنه .
أما حسن الخلق مع الناس فقد سبق أنه : بذل الندى وكف الأذى والصبر على الأذى ، وطلاقة الوجه .
وهذا هو البر والمراد به البر المطلق ، وهناك بر خاص كبر الوالدين مثلا وهو الإحسان
إليهما بالمال والبدن والجاه وسائر الإحسان .


الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

وهل يدخل بر الوالدين في قوله ( حسن الخلق )؟
فالجواب : نعم يدخل لأن بر الوالدين لا شك أنه خلق حسن محمود كل أحد يحمد فاعله عليه .

ثم قالالإثم ما حاك في نفسك:أي تردد وصرت منه في قلق
وكرهت أن يطلع عليه الناس :لأنه محل ذم وعيب ، فتجدك مترددا فيه وتكره أن يطلع الناس عليك وهذه الجملة إنما
هي لمن كان قلبه صافيا سليما ، فهذا هو الذي يحوك في نفسه ما كان إثما ويكره أن يطلع عليه الناس .
أما المتمردون الخارجون عن طاعة الله الذين قست قلوبهم فهؤلاء لا يبالون ،
بل ربما يتبجحون بفعل المنكر والإثم ، فالكلام هنا ليس عاما لكل أحد بل هو خاص
لمن كان قلبه سليما طاهرا نقيا ؛ فإنه إذا هم بإثم وإن لم يعلم أنه إثم من قبل الشرع
تجده مترددا يكره أن يطلع الناس عليه ، وهذا ضابط وليس بقاعدة ، أي علامة على الإثم في قلب المؤمن .

الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

من فــــوائــــد الحديــــث :

1. حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم حيث يتقدم للسائل
بما في نفسه ليستريح ويطمئن لقوله ( جئت تسأل عن البر ؟) .

2. أن (نعم) جواب لإثبات ما سئل عنه فقول وابصة رضي الله عنه (نعم )
أي جئت أسأل عن البر ؛ ولهذا لو أجاب الإنسان بها من سأله عن شيء
فمعناها إثبات ذلك الشيء .
3. جواز الرجوع إلى القلب والنفس لكن بشرط أن يكون هذا الذي رجع إلى قلبه
ونفسه ممن استقام دينه ؛ فإن الله عز وجل يؤيد من علم الله منه صدق النية .

4. أن الصوفية وأشباههم استدلوا بهذا الحديث على أن الذوق دليل شرعي
يرجع إليه لأنه قال : (استفت قلبك) فما وافق عليه القلب فهو بر.
فيقال : هذا لا يمكن لأن الله تعالى أنكر على من شرعوا دينا لم يأذن به الله،
ولا يمكن أن يكون ما أنكره الله حقا أبدا .

ثم إن الخطاب هنا لرجل صحابي حريص على تطبيق الشريعة فمثل هذا يؤيده الله عز وجل
ويهدي قلبه حتى لا يطمئن إلا إلى أمر محبوب إلى الله عز وجل


الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

5. أن لا يغتر الإنسان بإفتاء الناس لا سيما إذا وجد في نفسه ترددا ؛ فإن كثيراً
من الناس يستفتي عالما أو طالب علم فيفتيه ثم يتردد ويشك ؛

فهل لهذا الذي تردد وشك أن يسأل عالما آخر ؟
الجواب : نعم بل يجب عليه أن يسأل عالما آخر إذا تردد في جواب الأول .
فإذا أفتانا أهل العلم انتهى الكلام والتفكير في المسألة ، فكلام العالم بالشرع لغير العالِم هو قطع!
فإن كان مصيباً هذا العالم فله أجران وإن كان مخطئاً وقد أعمل اجتهاده فله أجر .

6. أن المدار في الشرعية على الأدلة لا على ما أشتهر بين الناس لأن الناس
قد يشتهر عندهم شيء ويفتون به وليس بحق ، فالمدار على الأدلة الشرعية
7. الإثم هو في المساحة المترددة ، التي بدورها تجر للوقوع في الأمر المحرم هذا في حال عدم تبيان الحكم الشرعي ! ،


الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

أما إذا تبين الحكم الشرعي فهو حينئذ القائم >> يعني إذا كان الحكم حلال فهو حلال وإذا كان حرام فهو حرام ،
حتّى ولو خالف مزاج الإنسان وهواه ورغباته لذلك مجرّد الاعتماد على ما يحيكه الصدر
لا يعفي الإنسان عن السؤال الشرعي الخاص بالمسالة التي يفكّر فيها .

8. هذا الحديث يقوى شخصية الإنسان لأنّه يكون منتجاً إذ يحثّ على مراقبة المسلم
لنفسه في الحال وهذا هو المؤمن الصادق ،وسيكون هذا الإنسان المراقب لنفسه بإذن الله إنسان منتج عامل
لا يُبالي بالنظر الدنيوي للآخرين وإنما ينظر إلى الله سبحانه وتعالي ، فيُصبح العمل عمل منتج وقائم ومأجور عليه أيضا بإذن الله ..
كذلك هذا الحديث يبني الشخصية بإيجاد رقيب من النفس على النفس فيبقى المرء سائراً في خط مستقيم في هذه الحياة

الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طه الفزارى
المشرف العام
المشرف العام
طه الفزارى


ذكر
عدد المساهمات : 965
حسناتى الى الان : 13872
تاريخ الميلاد : 25/09/1980
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
العمر : 44

الأربعون النووية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأربعون النووية   الأربعون النووية - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة يوليو 17, 2009 11:20 am

الأربعون النووية - صفحة 2 14
Crying or Very sad


دورة شرح الأربعين النوويّة )

الحـــديث " الثامن والعشرون "




الأربعون النووية - صفحة 2 1063

(عَن أَبي نَجِيحٍ العربَاضِ بنِ سَاريَةَ رضي الله عنه قَالَ:
وَعَظَنا رَسُولُ اللهِ مَوعِظَةً وَجِلَت مِنهَا القُلُوبُ وَذَرَفَت مِنهَا العُيون. فَقُلْنَا: يَارَسُولَ اللهِ
كَأَنَّهَا مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَأَوصِنَا، قَالَ:
(أُوْصِيْكُمْ بِتَقْوَى اللهِ عز وجل وَالسَّمعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلافَاً كَثِيرَاً؛
فَعَلَيكُمْ بِسُنَّتِيْ وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المّهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ
فإنَّ كلّ مُحدثةٍ بدعة، وكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ )
رواه أبو داود والترمذي وقال : حديث حسن صحيح..


الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

مـعنى الحـــديــث :

وَعَظَنا: الوعظ:التذكير بما يلين القلب سواء كانت الموعظة
ترغيباً أو ترهيباً، وكان النبي صلى الله عليه وسلم
يتخول أصحابه بالموعظة أحياناً.

وَجلَت مِنهَا القُلُوبُ:أي خافت منها القلوب كما قال الله تعالى:
(الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ )(الأنفال: الآية2)

وَذَرَفَت مِنهَا العُيون:كَأنَّها" أي هذه الموعظة "مَوعِظَةَ مُوَدِِّعٍ" وذلك
لتأثيرها في إلقائها،وفي موضوعها،وفي هيئة الواعظ لأن كل هذا مؤثر،
حتى إننا في عصرنا الآن تسمع الخطيب فيلين قلبك وتخاف وتبكي،
فإذا سمعته مسجلاً لم تتأثر، فتأثير المواعظ له أسباب منها:
الموضوع،وحال الواعظ،وانفعاله.


الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

قَالَ أوصيكُم بِتَقوَى الله عزّ وجل:هذه الوصية مأخوذة من قول الله تعالى:
(وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ)(النساء: الآية131)
فتقوى الله رأس كل شيء.
ومعنى التقوى: طاعة الله بامتثال أمره واجتناب نهيه على علم وبصيرة.
ولهذا قال بعضهم في تفسيرها: أن تعبد الله على نور من الله،
ترجو ثواب الله، وأن تترك ما حرم الله، على نور من الله، تخشى عقاب الله.
وقال بعضهم:
خل الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى
واعمل كماش فوق أر ض الشوك يحذر ما يرى
لاتحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى

وَالسَّمعُ والطَّاعَة : أي لولاة الأمر بدليل قوله وَإِن تَأمَّر عَليكُم
والسمع والطاعة بأن تسمع إذا تكلم، وأن تطيع إذا أمر،
وسيأتي إن شاء الله في بيان الفوائد حكم هذه الجملة العظيمة،
لكن انظر أن النبي صلى الله عليه وسلم خصها بالذكر بعد ذكر
التقوى مع أن السمع والطاعة من تقوى الله لأهميتها ولعظم التمرد عليها.

وَإن تَأمَّر عَلَيكُم: أي صار أميراً "عبد" أي مملوكاً.
فَإِنَّهُ مَن يَعِش مِنكُم :أي تطول به الحياة "فَسَيَرى" والسين هنا
للتحقيق اختِلاَفاً كَثيراً في العقيدة، وفي العمل ، وفي المنهج،
وهذا الذي حصل، فالصحابة رضي الله عنهم الذين عاشوا طويلاً
وجدوا من الاختلاف والفتن والشرور ما لم يكن لهم في الحسبان.
ثم أرشدهم صلى الله عليه وسلم إلى ما يلزمونه عند هذا الاختلاف،
فقال: "فَعَلَيكُم بِسَّنتي" أي الزموا سنتي، والمراد بالسنة هنا:
الطريقة التي هو عليها ، فلا تبتدعوا في دين الله عزّ وجل ما ليس منه ،
ولا تخرجوا عن شريعته.


الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَاشِدين : الخلفاء الذين يخلفون رسول الله صلى الله عليه
وسلم في أمته، وعلى رأسهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
فإن أبا بكر الصديق رضي الله عنه هو الخليفة الأول لهذه الأمة،
نص النبي صلى الله عليه وسلم على خلافته نصاً يقرب من اليقين،
وعامله بأمور تشير إلى أنه الخليفة بعده.
مثال ذلك: أتته امرأة في حاجة لها فوعدها وعداً، فقالت: يا رسول الله إن لم أجدك؟
قال: "ائتِي أَبَا بَكر"
وقال : "يَأَبَى اللهُ وَرَسُولُهُ وَالمُؤمِنونَ إِلا أَبَا بَكرٍ"
وأمر أن تسد جميع الأبواب المشرَّعة على المسجد إلا باب أبي بكر،
وجعله خليفته في الصلاة بالمسلمين حين مرض ،
وهذه إمامة صغرى،يشير بذلك إلى أنه يتولى الإمامة الكبرى،
وجعله أميراً على الحجيج في السنة التاسعة خلفاً عنه.
فهو الخليفة بالنص الذي يقرب من اليقين.

ثم الخليفة من بعده عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأنه أولى الناس
بالخلافة بعد أبي بكر الصديق رضي الله عنه فإنهما صاحبا رسول
الله صلى الله عليه وسلم وكان كثيراً ما يقول: ذهبت أنا وأبو بكر وعمر،
وجئت أنا وأبو بكر وعمر ،فرأى أبو بكر رضي الله عنه
أن أحق الناس بالخلافة عمر رضي الله عنه.

وخلافة عمر رضي الله عنه ثابتة شرعاً لأنها وقعت من خليفة،
ثم صارت الخلافة لعثمان رضي الله عنه بمشورة معروفة رتبها عمر رضي الله عنه،
ثم صارت بعد ذلك لعلي رضي الله عنه هؤلاء هم الخلفاء الراشدون لا إشكال فيهم.


الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

وقوله:المهديين : صفة مؤكدة لما سبق، لأنه يلزم من كونهم راشدين
أن يكونوا مهديين، إذ لا يمكن رشد إلا بهداية،وعليه فالصفة هنا ليست
صفة احتراز ولكنها صفة توكيد وبيان علة،يعني أنهم رشدوا لأنهم مهديون.

عَضُّوا عَلَيهَا بالنَّوَاجِذِ:أي على سنتي وسنة الخلفاء وهي أقصى
الأضراس ومن المعلوم أن السنة ليست جسماً يؤكل،
لكن هذا كناية عن شدة التمسك بها،أي أن الإنسان يتمسك بهذه السنة
حتى يعض عليها بأقصى أضراسه.
وَإيَّاكُم : هنا لمّا حث على التمسك بالسنة حذر من البدعة.
فقال :وَإيَّاكُم وَمُحدَثَاتِ الأُمور : أي اجتنبوها،والمراد بالأمور هنا الشؤون،
والمراد بالشؤون شؤون الدين،لا المحدثات في أمور الدنيا،
لأن المحدثات في أمور الدنيا منها ما هو نافع فهو خير،
ومنها ما هو ضار فهو شر،لكن المحدثات في أمور الدين كلها شر،

ولهذا قال: "فَإِنَّ كُلَّ مُحدَثَةٍ بِدعَة" لأنها ابتدعت وأنشئت من جديد.
كُل بِدعَةٍ ضَلالَة :أي كل بدعة في دين الله عزّ وجل فهي ضلالة .


الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

من فــــوائــــد الحديــــث :

1. مشروعية الموعظة،ولكن ينبغي أن تكون في محلها،وأن لا يكثر فيُمِل،
لأن الناس إذا ملوا ملوا الواعظ والموعظة، وتقاصرت هممهم
عن الحضور،ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم
يتخول أصحابه بالموعظة،وكان بعض الصحابة يعظ أصحابه
كل يوم خميس، يعني في الأسبوع مرة.

2. أنه ينبغي للواعظ أن تكون موعظته مؤثرة باختيار الألفاظ الجزلة المثيرة
،وهذا على حسب الموضوع،فإن كان يريد أن يعظ الناس لمشاركة في جهاد
أو نحوه فالموعظة تكون حماسية،وإن كان لعمل الآخرة
فإن الموعظة تكون مرققة للقلوب.
3. أن المخاطب بالموعظة إذا كانت بليغة فسوف يتأثر لقوله:
"وَجِلَت مِنهَا القُلُوبُ، وَ ذَرَفَت مِنهَا العُيونُ" .
4. أن القلب إذا خاف بكت العين، وإذا كان قاسياً، نسأل الله عزّ وجل أن يبعدنا
وإياكم من قسوة القلب،لم تدمع العين.


الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

5. أنه جرت العادة أن موعظة المودع تكون بليغة مؤثرة،لأن المودع لن يبقى
عند قومه حتى يكرر عليهم الموعظة فيأتي بموعظة مؤثرة يُذَكر بها بعد ذلك
لقولهم: "كَأَنَّهَا مَوعِظَةُ موَدِِّعٍ" .
6. طلب الإنسان من العالم أن يوصيه،لقولهم رضي الله عنهم "فَأَوصِنَا".
ولكن هل هذا يكون بدون سبب،أو إذا وجد سبب لذلك؟
الظاهر الثاني: بمعنى أنه ليس كلما قابلت أحداً تقول:أوصني،
فإن هذا مخالف لهدي الصحابة فيما يظهر،لكن إذا وجد سبب كإنسان
قام وعظ وبيَّن فلك أن تقول أوصنا وأما بدون سبب فلا،
ومن ذلك السفر، أي إذا أراد الإنسان أن يسافر وقال مثلاً للعالِم أوصني، فهذا مشروع.
7. أن أهم ما يوصى به العبد تقوى الله عزّ وجل لقوله: "أُوصيكُم بِتَقوَى الله"

8. فضيلة التقوى حيث كانت أهم وأولى وأول ما يوصى به العبد.
9. وصية النبي صلى الله عليه وسلم بالسمع والطاعة لولاة الأمور،
والسمع والطاعة لهم واجب بالكتاب والسنة،قال الله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ )(النساء: الآية59)
فجعل طاعة أولي الأمر في المرتبة الثالثة ولكنه لم يأت بالفعل (أطيعوا )
لأن طاعة ولاة الأمور تابعة لطاعة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم،
ولهذا لو أمر ولاة الأمور بمعصية الله عزّ وجل فلا سمع ولا طاعة.

وظاهر الحديث وجوب السمع والطاعة لولي الأمر وإن كان يعصي الله عزّ وجل
إذا لم يأمرك بمعصية الله عزّ وجل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"اسمَع وَأَطِع وَإِن ضَرَبَ ظَهرَكَ وَأَخَذَ مَالَكَ" وضرب الظهر وأخذ المال
بلا سبب شرعي معصية لا شك، فلا يقول الإنسان لولي الأمر:
أنا لا أطيعك حتى تطيع ربك، فهذا حرام، بل يجب أن يطيعه وإن لم يطع ربه.
أما لو أمر بالمعصية فلا سمع ولا طاعة، لأن رب ولي الأمر ورب الرعية
واحد عزّ وجل، فكلهم يجب أن يخضعوا له عزّ وجل،
فإذا أمرنا بمعصية الله قلنا: لا سمع ولا طاعة.


الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

10. ثبوت إمرة العبد،لقوله: "وَإِن تَأَمرَ عَلَيكُم عَبدٌ" ولكن هل يلزم طاعة
الأمير في كل شيء، أو فيما يتعلق بالحكم؟
الجواب:الثاني، أي فيما يتعلق بالحكم ورعاية الناس، فلو قال لك الأمير مثلاً:
لا تأكل اليوم إلا وجبتين. أو ما أشبه ذلك فلم يجب عليك أن توافق إلا أنه يحرم
عليك أن تنابذ، بمعنى أن تعصيه جهاراً لأن هذا يفسد الناس عليه.
11. وجوب طاعة الأمير وإن لم يكن السلطان، لقوله: "وَإِن تَأَمرَ عَلَيكُم"
ومعلوم أن الأمة الإسلامية من قديم الزمان فيها خليفة وهو السلطان،
وهناك أمراء للبلدان، وإذا وجبت طاعة الأمير فطاعة السلطان من باب أولى.
وهنا سؤال يكثر: إذا أمَّر الناس عليهم أميراً في السفر، فهل تلزمهم طاعته؟
فالجواب: نعم، تلزمهم طاعته،وإذا لم نقل بذلك لم يكن هناك فائدة من تأميره،
لكن طاعته فيما يتعلق بأمور السفر لا في كل شيء،إلا أن الشيء
الذي لا يتعلق بأمور السفر لا تجوز منابذته فيه، مثال ذلك:
لو قال أمير السفر:اليوم كل واحد منكم يلبس ثوبين لأنه سيكون الجو بارداً.

فهنا لا تلزم طاعته، لكن لا تجوز منابذته بمعنى: لا يجوز لأحد أن يقول لن
ألبس ثوبين، لأن مجرد منابذة ولاة الأمور تعتبر معصية.
12. ظهور آية من آيات النبي صلى الله عليه وسلم في قوله:
"فَإِنَّهُ مَن يَعِش مِنكُم فَسَيَرَى اختِلافاً كَثيرَاً" فقد وقع الأمر كما
أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم.
فإن قيل: وهل يمكن أن نطبق هذه الجملة في كل زمان،بمعنى أن نقول:
من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً؟
فالجواب: لا نستطيع أن نطبقها في كل زمان،لكن الواقع أن من طال عمره
رأى اختلافاً كثيراً.

الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

كان الناس فيما سبق أمة واحدة، حزباً واحداً،ليس هناك تشتت ولا تفرق ثم اختلفوا،
في بلادنا هذه كان الناس منقادين لأمرائهم،منقادين لعلمائهم حتى إن الرجل يأتي
مع خصمه إلى القاضي وهو يرى أن الحق له فيحكم القاضي عليه،
ثم يذهب مطمئن القلب مستريحاً،وإذا قيل له: يا فلان كيف غلبك خصمك؟
قال:الشرع يُخْلِفُ. والآن الأمر بالعكس،تجد الخصم إذا حُكِم عليه والحكم حق
ذهب يماطل،ويطالب برفع المعاملة للتمييز،ومجلس القضاء الأعلى وإن كان
يرى الحق عليه وليس له لكن يريد أن يضر بصاحبه،والاختلاف الآن وقع،
أحص مثلاً أفكار الناس لا تكاد تحصيها، منهم من فكره إلحاد،

ومنهم من فكره دون ذلك، ومنهم من فكره سيء في الأخلاق، ومنهم من دون ذلك.
13. وجوب التمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم عند الاختلاف، لقوله:
"فَعَلَيكُم بِسنَّتي" والتمسك بها واجب في كل حال لكن يتأكد عند وجود الاختلاف.
14. أنه يجب على الإنسان أن يتعلم سنة النبي صلى الله عليه وسلم ،
وجه ذلك: أنه لا يمكن لزومها إلا بعد علمها وإلا فلا يمكن.

15. أن للخلفاء سنة متبعة بقول النبي صلى الله عليه وسلم،
وعلى هذا فما سنه الخلفاء الراشدون أُعتبر سنة للرسول صلى الله عليه وسلم
بإقراره إياهم، ووجه كونه أقره أنه أوصى باتباع سنة الخلفاء الراشدين.
وبهذا نعرف سفه هؤلاء القوم الذين يدعون أنهم متبعون للسنة
وهم منكرون لها،ومن أمثلة ذلك:
قالوا:إن الأذان الأول يوم الجمعة بدعة، لأنه ليس معروفاً في عهد النبي صلى
الله عليه وسلم إنما هو من سنة عثمان رضي الله عنه، فيقال لهم: وسنة عثمان
رضي الله عنه هل هي هدر أو يؤخذ بها مالم تخالف سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
الجواب:الثاني لا شك، عثمان رضي الله عنه لم يخالف الرسول صلى الله عليه وسلم
في إحداث الأذان الأول، لأن السبب الذي من أجله أحدثه عثمان رضي الله عنه ليس
موجوداً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، ففي عهد النبي صلى الله عليه وسلم
كانت المدينة صغيرة،متقاربة، لا تحتاج إلى أذان أول، أما في عهد عثمان رضي الله عنه
اتسعت المدينة وكثر الناس وصار منهم شيء من التهاون
فاحتيج إلى أذان آخر قبل الأذان الذي عند مجيء الإمام.

الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

وهذا الذي فعله عثمان رضي الله عنه حق وسنة النبي صلى الله عليه وسلم،
ثم إن له أصلاً من سنة النبي صلى الله عليه وسلم وهو أنه في رمضان كان
يؤذن بلال وابن أم مكتوم رضي الله عنه، بلال رضي الله عنه يؤذن قبل الفجر ،
وبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن أذانه لا لصلاة الفجر ولكن ليوقظ النائم،
ويرجع القائم للسحور، فعثمان رضي الله عنه زاد الأذان الأول من أجل أن
يقبل الناس البعيدون إلى المسجد ويتأهبوا فهو إذاً سنة من وجهين:
من جهة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر باتباع سنة الخلفاء
ورأي عثمان رضي الله عنه خير من رأينا.

تــــــــــــــــــــــــــــــــــــــابع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طه الفزارى
المشرف العام
المشرف العام
طه الفزارى


ذكر
عدد المساهمات : 965
حسناتى الى الان : 13872
تاريخ الميلاد : 25/09/1980
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
العمر : 44

الأربعون النووية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأربعون النووية   الأربعون النووية - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة يوليو 17, 2009 11:23 am

ومن جهة أخرى أن له أصلاً في سنة النبي صلى الله عليه وسلم .
16. أنه إذا كثرت الأحزاب في الأمة فلا تنتم إلى حزب،
فقد ظهرت طوائف من قديم الزمان مثل الخوارج والمعتزلة
والجهمية والرافضة،ثم ظهرت أخيراً إخوانيون وسلفيون
وتبليغيون وما أشبه ذلك، فكل هذه الفرق اجعلها على اليسار
وعليك بالأمام وهو ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله:
"عَلَيكُم بِسُنَّتي وَسُنََّة الخُلَفَاء الرَاشِدين"
ولا شك أن الواجب على جميع المسلمين أن يكون مذهبهم مذهب السلف
لا الانتماء إلى حزب معين يسمى السلفيين، والواجب أن تكون الأمة الاسلامية
مذهبها مذهب السلف الصالح لا التحزب إلى من يسمى ( السلفيون) فهناك طريق
السلف وهناك حزب يسمى (السلفيون) والمطلوب اتباع السلف،
إلا أن الإخوة السلفيين هم أقرب الفرق إلى الصواب ولكن مشكلتهم كغيرهم
أن بعض هذه الفرق يضلل بعضاً ويبدعه ويفسقه،

ونحن لا ننكر هذا إذا كانوا مستحقين، لكننا ننكر معالجة هذه البدع بهذه الطريقة ،
والواجب أن يجتمع رؤساء هذه الفرق، ويقولون:
بيننا كتاب الله عزّ وجل وسنة رسوله فلنتحاكم إليهما لا إلى الأهواء والآراء
، ولا إلى فلان أو فلان، فكلٌّ يخطئ ويصيب مهما بلغ من العلم والعبادة
ولكن العصمة في دين الإسلام.

فهذا الحديث أرشد فيه النبي صلى الله عليه وسلم إلى سلوك طريق مستقيم
يسلم فيه الإنسان، ولا ينتمي إلى أي فرقة إلا إلى طريق السلف الصالح
سنة النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين المهديين.
17. الحث على التمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وسنة الخلفاء
الراشدين تمسكاً تاماً، لقوله: "عضوا عَلَيهَا بالنَّوَاجِذِ".

الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

18. التحذير من البدع، أي من محدثات الأمور، لأن (إيَّا) في قوله
"وَإيَّاكم" معناها التحذير من محدثات الأمور لكن في الدين،
أما في الدنيا إما مطلوب وإما مذموم حسب ما يؤدي إليه من النتائج.
فمثلاً: أساليب الحرب وأساليب الاتصالات،وأساليب المواصلات كلها محدثة،
لم يوجد لها نوع فيما سبق، ولكن منها صالح ومنها فاسد حسب ما تؤدي إليه،
فالمُحَذَّر منه المحدث في الدين عقيدة،أو قولاً،أو عملاً،فكل محدثة في الدين
صغرت أو كبرت فإنها بدعة، هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم،
فإن قال قائل: كيف نجمع بين هذه الكلية العامة الواضحة البينة:
"كُلَّ مُحدَثَةٍ بدعَةٌ" وبين قوله صلى الله عليه وسلم
"مَن سَنَّ في الإسلامِ سُنَةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجرُها وَأَجرُ مَن عَمِلَ بِهَا إِلَى يَوم القِيامَةِ"
فالجواب من وجهين:
الوجه الأول:أن معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "مَن سَنَّ في الإسلامِ سُنَّةً حَسَنَةً"
أي من ابتدأ العمل بالسنة، ويدل لهذا أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكره بعد أن
حث على الصدقة للقوم الذين وفدوا إلى المدينة ورغب فيها، فجاء الصحابة
كلٌّ بما تيسر له، وجاء رجل من الأنصار بصرة قد أثقلت يده فوضعها في
حجر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "مَن سَنَّ في الإسلامِ سُنَّةً حَسَنَةَ فَلَهُ
أَجرَها وَأَجرُ مَن عَمِلَ بِهَا إِلَى يَومِ القِيامَةِ" أي ابتدأ العمل سنة ثابتة،
وليس أنه يأتي هو بسنة جديدة، بل يبتدئ العمل لأنه إذا ابتدأ العمل
سن الطريق للناس وتأسوا به وأخذوا بما فعل.
الوجه الثاني:أن يقال: "مَن سَنَّ في الإسلامِ سُنَّةً حَسَنَةً" أي سن
الوصول إلى شيء مشروع من قبل كجمع الصحابة المصاحف
على مصحف واحد، فهذا سنة حسنة لاشك، لأن المقصود
من ذلك منع التفرق بين المسلمين وتضليل بعضهم بعضاً.

كذلك أيضاً جمع السنة وتبويبها وترتيبها، فهذه سنة حسنة يتوصل بها إلى حفظ السنة.
إذاً يُحمَل قوله: "مَن سَنَّ في الإسلامِ سُنَّةً حَسَنَةَ" على الوسائل إلى
أمور ثابتة شرعاً، ووجه هذا أننا نعلم أن كلام النبي صلى الله عليه وسلم
لا يتناقض، ونعلم أنه لو فُتِحَ الباب لكل شخص أو لكل طائفة أن تبتدع
في الدين ما ليس منه لتمزقت الأمة وتفرقت،وقد قال الله عزّ وجل:
(إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ
إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) (الأنعام:159)


الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

19
. أن جميع البدع ضلالة ليس فيها هدى، بل هي شر محض حتى
وإن استحسنها من ابتدعها فإنها ليست حسنى،بل ولا حسنة لقول
النبي صلى الله عليه وسلم: "كُلَّ بِدعَةٍ ضَلالَة" ولم يستثنِ النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً.
وبناءً على هذا يتبين خطأ من قسم البدع إلى خمسة أقسام أو إلى ثلاثة أقسام،
وأنه ليس على صواب، لأننا نعلم علم اليقين أن أعلم الناس بشريعة الله رسول
الله صلى الله عليه وسلم ، وأن أنصح الخلق لعباد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وأن أفصح الخلق نطقاً محمد صلى الله عليه وسلم ،

وأن أصدق الخلق خبراً رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
أربعة أوصاف كلها مجتمعة على الأكمل في قول النبي صلى الله عليه وسلم
ثم يأتي مَنْ بعده ويقول: البدعة ليست ضلالة،
بل هي أقسام: حسنة ،ومباحة،ومكروهة، ومحرمة،وواجبة.
سبحان الله العظيم،يعني لولا إحسان الظن بهؤلاء العلماء لكانت المسألة كبيرة،
أن يقسموا ما حكم النبي صلى الله عليه وسلم بأنه ضلالة إلى أقسام: حسن و قبيح.
إذاً نقول: من ابتدع بدعة وقال: إنها حسنة. فإما أن لا تكون بدعة، وإما أن لا تكون حسنة قطعاً.
مثال ذلك: قالوا من البدع الحسنة جمع المصاحف في مصحف واحد،

ومن البدع الحسنة كتابة الحديث، ومن البدع الحسنة إنشاء الدور لطلاب العلم وهكذا.
فنقول هذه ليست بدعة، وهي حسنة لا شك لكن ليست بدعة،هذه وسيلة
إلى أمر مقصود شرعاً، نحن لم نبتدع عبادة من عندنا لكن أمرنا بشيء
ورأينا أقرب طريق إليه هذا العمل فعملناه.
وهناك فرق بين الوسائل والذرائع وبين المقاصد، لأن جميع الأمثلة التي قالوا:
إنها حسنة تنطبق على هذا، أي أنها وسائل إلى أمر مشروع مقصود.
ومثال آخر قول جماعة: إن الميكرفون الذي يؤدي الصوت إلى البعيد بدعة
ولا يجوز العمل به؟

الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

فنقول: هو وسيلة حسنة ، لأنه يوصل إلى المقصود، وقد اختار النبي صلى الله عليه وسلم
للأذان مَنْ هو أندى صوتاً لأنه يبلغ أكثر، وقال للعباس رضي الله عنه في غزوة حنين:
نادى يا عباس لأنه كان صيتاً رضي الله عنه .
إذاً رفع الصوت مطلوب، وهذه وسيلة من وسائله، ولهذا لما رُكِّبَ الميكرفون
(مكبّر الصوت) في المسجد - الجامع الكبير بعنيزة- أول ما ركب على زمن
شيخنا عبد الرحمن بن سعدي - رحمه الله - خطب في ذلك خطبة
وأثنى على الذي أتى به وهو أحد المحسنين- رحمه الله -
وقال: هذا من النعمة. وصدق،وهو من النعمة لأنه وسيلة إلى أمر مقصود.
كذلك أيضاً الاتصالات، الآن نتصل عن طريق الهاتف إلى أقصى العالم،
فهل نقول استعمال هذا الهاتف بدعة لا تجوز؟

الجواب:لا نقول هذا، لأنه وسيلة، وقد يكون إلى خير أو إلى شر.
فعلى كل حال: يجب أن نعرف الفرق بين ما كان غاية وما كان ذريعة.
يوجد أناس أحدثوا أذكاراً يذكرون الله فيها على هيئات معينة،
وقالوا: إن قلوبنا ترتاح إلى هذا الشيء، فهل نقول: هذا بدعة حسنة أو لا؟
الجواب:لا، لأنهم أحدثوا في دين الله ما ليس منه،فإن النبي صلى الله عليه وسلم
لم يتعبد الله عزّ وجل على هذا الوجه، وعلى هذا فقِس.
إذاً الواجب علينا أن نقول: سمعنا وآمنا وصدقنا بان كل بدعة ضلالة،
وأنه لا حسن في البدع تصديقاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ونقول:
ما ادعى صاحبه أنه بدعة حسنة فهو إما أن لا يكون حسناً وظنه حسناً،
وإما أن لا يكون بدعة، أما أن يكون بدعة وحسناً فهذا لايمكن،
ويجب علينا أن نؤمن بهذا عقيدة.

الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

ولا يمكن أن نجادل أهل الباطل في بدعهم إلا بهذا الطريق بأن نقول:
كل بدعة ضلالة.
فإن قال قائل: ماذا تقولون في قول الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه
حين جمع الناس في قيام رمضان على إمام واحد، وخرج ليلة من الليالي فوجد
الناس يصلون بإمام واحد فقال: نعمت البدعة هذه فسماها بدعة؟
أجاب بعض العلماء بأن المراد بالبدعة هنا البدعة اللغوية لاالشرعية،
ولكن هذا الجواب لا يستقيم، كيف البدعة اللغوية وهي صلاة؟
والصواب أنها بدعة نسبية بالنسبة لهجران هذا القيام بإمام واحد،
وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أول من سن القيام بإمام واحد - أعني التراويح -
فقد صلى بأصحابه ثلاث ليال في رمضان ثم تخلف خشية أن تفرض،

وتُرِكَت، وأصبح الناس يأتون للمسجد يصلي الرجل وحده ، والرجلان جميعاً،
والثلاثة أوزاعاً، فرأى عمر رضي الله عنه بثاقب سياسته أن يردهم إلى السنة الأولى
وهي الاجتماع على إمام واحد فجمعهم على تميم الداري وأُبي بن كعب رضي الله عنهما
وأمرهما أن يصليا بالناس إحدى عشرة ركعة ،
كما كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة.
فيكون قوله: نعمت البدعة يعني بالبدعة النسبية، أي بالنسبة إلى أنها
هجرت في آخر عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهد أبي بكر الصديق
رضي الله عنه وفي أول خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ،
وإلا فنحن نؤمن بأن كل بدعة ضلالة،


الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

ثم هذه الضلالات تنقسم إلى: بدع مكفرة، وبدع مفسقة ، وبدع يعذر فيها صاحبها.
ولكن الذي يعذر صاحبها فيها لا تخرج عن كونها ضلالة، ولكن يعذر الإنسان
إذا صدرت منه هذه البدعة عن تأويل وحسن قصد.
والبدعة المكفرة أو المفسقة لا نحكم على صاحبها أنه كافر أو فاسق حتى تقوم
عليه الحجة، لقول الله تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا
رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ) (القصص:59)
وقال عزّ وجل: ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)(الاسراء: الآية15)
ولو كان الإنسان يكفر ولو لم تقم عليه الحجة لكان يعذب،
وقال عزّ وجل: (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ )(النساء: الآية165)
والآيات في هذه كثيرة.

فعلينا أن نتئد وأن لا نتسرع، وأن لا نقول لشخص أتى ببدعة واحدة من آلاف السنن إنه رجل مبتدع.
فانتبهوا لهذه المسائل الدقيقة، ولا تتسرعوا، ولا تتهاونوا باغتياب العلماء السابقين واللاحقين،
لأن غيبة العالم ليست قدحاً في شخصه فقط، بل في شخصه وما يحمله من الشريعة، لأنه إذا ساء ظن الناس
فيه فإنهم لن يقبلوا ما يقول من شريعة الله، وتكون المصيبة على الشريعة أكثر.
ثم إنكم ستجدون قوماً يسلكون هذا المسلك المشين فعليكم بنصحهم، وإذا وجد فيكم من لسانه منطلق

في القول في العلماء فانصحوه وحذروه وقولوا له: اتق الله، أنت لم تُتَعَبَّد بهذا،
وما الفائدة من أن تقول فلان فيه فلان فيه، بل قل: هذا القول فيه كذا وكذا بقطع النظر عن الأشخاص.
لكن قد يكون من الأفضل أن نذكر الشخص بما فيه لئلا يغتر الناس به، لكن لا على سبيل العموم هكذا في المجالس،
لأنه ليس كل إنسان إذا ذكرت القول يفهم القائل، فذكر القائل جائز عند الضرورة،
وإلا فالمهم إبطال القول الباطل، والله الموفق.


الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طه الفزارى
المشرف العام
المشرف العام
طه الفزارى


ذكر
عدد المساهمات : 965
حسناتى الى الان : 13872
تاريخ الميلاد : 25/09/1980
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
العمر : 44

الأربعون النووية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأربعون النووية   الأربعون النووية - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة يوليو 17, 2009 11:28 am

الأربعون النووية - صفحة 2 14
Crying or Very sad


دورة شرح الأربعين النوويّة )


الحديث التاسع والعشرون ...

الأربعون النووية - صفحة 2 1063


عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله أخبرني عن عمل يدخلني الجنة و يباعدني عن النار ؟ قال - لقد جئت تسأل عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه : تعبد الله لا تشرك به شيئاً وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت , ثم قال : ألا أدلك على أبواب الخير ؟ الصوم جُنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار , وصلاة الرجل في جوف الليل ثم تلا - تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُون*فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونََ - ]السجدة16-17]... ثم قال ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه ؟ - قلت : بلى , يا رسول الله قال " رأسٍ الإسلام , وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد " ثم قال : ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ " فقلت ك بلى يا رسول الله , فأخذ بلساني وقال - كف عليك هذا - فقلت : يا نبي الله , و إنا لمؤاخذون بما نتكلم ؟ فقال- ثكلتك أمك , وهل يكب الناس في النار على وجوههم - أو قال - على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ؟! - رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح .

الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013


*الشرح:

عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال - قلت يا رسول الله أخبرني عن عمل يدخلني الجنة و يباعدني عن النار - الجنة هي الدار التي أعدها الله عزوجل لعباده المتقين , فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر , والنار هي الدار التي أعدها الله عزوجل للكافرين , وفيها من العذاب الشديد ما هو معلوم في الكتاب والسنة , سأل عن هذا الأمر لأنه أهم شيء عنده رضي الله عنه وينبغي لكل مؤمن أن يكون هذا أهم شيء عنده , أن يدخل الجنة ويباعد عن النار .

وهذا هو غاية الفوز لقوله تعالى -... فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ- ]ال عمران 185] فقال النبي صلى الله عليه وسلم - لقد سألت عن عظيم - أي شيء ذي عظمة وهو الفوز بالجنة والنجاة من النار ولكن قال - وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه - ويحتمل أن يكون قوله- عن عظيم - عن العمل الذي يدخل الجنة ويباعده عن النار - وإنه - أي ذلك العمل - ليسير عن من يسره الله تعالى عليه - أي سهل على من سهله الله عليه ثم فصل له ذلك بقوله - تعبد الله ولا تشرك به شيئاً - وعبادة الله سبحانه وتعالى هي القيام بطاعته امتثالاً لأمره واجتناباً لنهيه مخلصاً له - لا تشرك به شيئاً- أي لا ملكاً مقرباً ولا نبياً مرسلاً , لأنه من شرط العبادة والإخلاص له عزوجل .

الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

والأمر الثاني : من العمل الذي يدخل الجنة ويباعد عن النار إقامة الصلاة حيث قال - وتقيم الصلاة - ومعنى إقامتها أن تأتي بها مستقيمة تامة الأركان والواجبات والشروط وتكميلها بمكملاتها .

الأمر الثالث: - وتؤتي الزكاة - وهي المال الذي أوجبه الله عزوجل وجل يخرجه الإنسان من أموال معينة بشروط معروفة إلى أهلها المستحقين لها , وهذا معروف في كتب العلماء رحمهم الله .

الأمر الرابع : أي شهر رمضان وهو أيضاً معلوم والصوم هو التعبد لله تعالى بالإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس .

الأمر الخامس : -وتحج البيت - أي تقصد البيت الحرام وهو الكعبة لأداء المناسك .

وهذه أركان الإسلام الخمسة , تعبد الله لا تشرك به شيئاً وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت .

وشهادة أن محمداً رسول الله داخلة في شهادة أن لا إله إلا الله إذا لم تذكر معها , لأن شهادة أن لا إله إلا الله معناها لا معبود حق إلا الله ومن عبادة الله التصديق برسوله صلى الله عليه وسلم واتباعه .

ثم قال أي النبي صلى الله عليه وسلم - ألا أدلك على أبواب الخير؟ - يعني على ما تتوصل به إلى الخير , كأنه قال نعم , فقال النبي صلى الله عليه وسلم - الصوم جُنة - يعني أنه وقاية يقي من المعاصي في حال الصوم ويقيه من النار يوم القيامة ثم قال صلى الله عليه وسلم- والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار - الصدقة هي بذل المال للفقير المحتاج تقرباً لله سبحانه وتعالى وتقرباً وإحساناً إلى الفقير وهذه الصدقة تطفئ الخطيئة , أي ما أخطأ به الإنسان من ترك واجب أو فعل محرم - كما يطفئ الماء النار - وكلنا يعرف أن إطفاء المار للنار لا يبقي من النار شيئاً , كذلك الصدقة لا تبقي من الذنوب شيئاً .

- وصلاة الرجل في جوف الليل - أي تطفئ الخطيئة كما يطفئ المار النار , وجوف الليل وسطه وأفضل صلاة الليل النصف الثاني أو ثلث الليل بعد النصف الأول وقد كان داود عليه السلام ينام نصف اللي ويقوم ثلثه وينام سدسه ثم قرأ - تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُون*فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونََ - ]السجدة16-17]... قرأها استشهاداً بها , و الاية كما هو ظاهر فيها أنها تتجافى جنوبهم عن المضاجع يعني للصلاة في الليل وينفقون مما رزقهم الله وهاتان هما الصدقة وصلاة الليل اللتان ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث .

ثم قال صلى الله عليه وسلم - ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ - قلت بلى يا رسول الله قال- رأس الإسلام - الأمر يعني الشأن الذي هو أعظم الشئون ورأسه الإسلام يعلو ولا يعلى عليه وبالإسلام يعلو الإنسان على شرار عباد الله من الكفار والمشركين والمنافقين , وعموده –أي عمود الإسلام الصلاة , لأن عمود الشيء ما يبنى عليه الشيء ويستقيم به الشيء ولا يستقيم إلا به وإنما كانت الصلاة عمود الإسلام , لأن تركها يخرج الإنسان من الإسلام إلى الكفر والعياذ بالله وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله والسنام ما علا ظهر البعير وذروة أعلاه وإنما ذروة سنام الإسلام الجهاد في سبيل الله , لأن به يعلو المسلمون على أعدائهم .

الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

ثم قال صلى الله عليه وسلم - ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ - أي بما به ملاك هذا الأمر كله- فقلت بلى يا رسول الله فأخذ بلسانه - وقال - كف عليك هذا - يعني لا تطلقه بالكلام لأنه خطر قلت- يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم؟ - هذه جملة استفهامية والمعنى هل نحن مؤاخذون بما نتكلم به ؟ .

فقال النبي صلى الله عليه وسلم - ثكلتك أمك - أي فقدتك حتى كانت ثكلى من فقدك , وهذه الجملة لا يراد بها معناها , وإنما يراد بها الحث والإغراء , على فهم ما يقال , فقال - ثكلتك أمك , وهل يكب الناس في النار على وجوههم - أو قال - على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ؟ - , أو هنا للشك من الراوي هل قال النبي صلى الله عليه وسلم-على وجوههم - أو قال - على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم - أي إلا ما تحصد ألسنتهم من الكلام والمعنى أن اللسان إذا أطلقه الإنسان كان سبباً أن يُكب على وجهه في النار والعياذ بالله .

*وهذا الحديث فيه فوائد كثيرة :

حرص الصحابة رضي الله عنهم على الأعمال التي تدخلهم الجنة وتباعدهم من النار وأن هذا هو أهم شيء عندهم ولهذا سأل معاذ بن جبل رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم عن عمل يدخله الجنة ويباعده عن النار .

*ومنها : إثبات الجنة والنار وهما الان موجودتان وهما لا يفنيان أبداً .

*ومنها : بيان أن سؤال معاذ بن جبل رضي الله عنه عظيم لأن عوضه عظيم والعوض على قدر المعوض ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - لقد سألت عن عظيم - أي سألت عن عمل عظيم بدليل ما ترتب عليه من جزاء .

ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا الشيء العظيم يسير على من يسره الله عليه , فيستفاد من هذا أنه ينبغي للإنسان أن يلجأ إلى الله عزوجل في طلب تيسير الأمور وليعلم أن من أسباب تيسير الله تقوى الله لقوله تعالى - ... وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا - ]الطلاق4] .

الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

*ومن فوائد هذا الحديث : أن أول شيء وأعظمه توحيد الله عزوجل والإخلاص لله لقوله - تعبد الله ولا تشرك به شيئاً - .

ومن فوائد هذا الحديث: : أهمية الصلاة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكرها بعد الإخلاص فإن قال قائل : أين الشهادة الثانية ؟ شهادة أم محمداً رسول الله , قلنا : إنها معلومة من قوله - تعبد الله لا تشرك به شيئاً - وسبق بيان ذلك .

*ومن فوائد الحديث : تقديم الزكاة على الصوم لأنها أكد .

*ومن فوائد الحديث: تقديم الصوم على الحج لأنه يتكرر كل عاف بخلاف الحج فإنه لا يجب إلا في مرة في العمر .

*ومن فوائد الحديث : الإشارة في هذه الجملة إلى أركان الإسلام الخمسة - تعبد الله لا تشرك به شيئاً وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت - .

*ومن فوائد الحديث : عرض المسألة على الطالب بالتشويق لقوله - ألا أدلك على أبواب الخير ؟ - .

*ومن فوائد الحديث : أن للخير أبواباً وهذه الأبواب لها مداخل وهو يشبه قول الرسول صلى الله عليه وسلم - الإيمان بضع وسبعون شعبة -

*ومن فوائد الحديث : أن الصوم جنة , أي مانع للصائم من اللغو والرفث ومن قول الزور والعمل به والجهل , وهو أيضاً جنة للصائم من النار يقيه النار لقوله تعالى - الصوم لي وأنا أجزي به - .

*ومن فوائد الحديث : فضيلة الصدقة لقوله صلى الله عليه وسلم - والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار - .

*ومن فوائد خذا الحديث : أن صلاة الرجل في جوف الليل تطفئ الخطيئة لقول النبي صلى الله عليه وسلم - والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وصلاة الرجل في جوف الليل -


الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

*ومن فوائد الحديث : ان النبي صلى الله عليه وسلم يستدل بالقران لأنه تلي قوله تعالى - تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُون*فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونََ- ]السجدة16-17] .

*ومن فوائد هذا الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم يعرض المسائل بضيغة الاستفهام لتنبيه المخاطب كما مر في هذا الحديث .

*ومن فوائد الحديث : أن الأمر –أي شأن الخلق – له رأس وله عمود وله ذروة سنام فرأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة يعني عمود الإسلام الصلاة , وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله .

*ومن فوائد هذا الحديث : أن تارك الصلاة كافر لقوله صلى الله عليه وسلم - وعموده –أي عمود الإسلام- الصلاة - ومعلوم أن العمود إذا سقط البنيان وهذا القول الراجح من أقوال أهل العلم بأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة وقد بينا ذلك في رسالة لنا في هذا الأمر .

*ومن فوائد هذا الحديث : أن الجهاد في سبيل الله فيه علو الإسلام ورفعته لقوله - ذروة سنامه الجهاد-.

*ومن فوائد هذا الحديث : أن الذي يملك هذا كله هو حفظ اللسان لقوله صلى الله عليه وسلم " ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ - فقلت ك بلى يا رسول الله , فأخذ بلساني وقال - كف عليك هذا " .

الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

*ومن فوائد هذا الحديث : جواز التعليم بالإشارة , لأنه صلى الله عليه وسلم أخذ بلسان نفسه وقال : - كف عليك هذا -.

*ومن فوائد هذا الحديث : خطر اللسان على الإنسان لقوله صلى الله عليه وسلم - ثكلتك أمك , وهل يكب الناس في النار على وجوههم - أو قال - على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ؟!- .

*ومن فوائد هذا الحديث : تحري ما نقل في الحديث من أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال - على وجوههم أو على مناخرهم - , وهذا يدل على الأمانة التامة في نقل الحديث , والله الحمد .

الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طه الفزارى
المشرف العام
المشرف العام
طه الفزارى


ذكر
عدد المساهمات : 965
حسناتى الى الان : 13872
تاريخ الميلاد : 25/09/1980
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
العمر : 44

الأربعون النووية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأربعون النووية   الأربعون النووية - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة يوليو 17, 2009 11:31 am

الأربعون النووية - صفحة 2 14
Crying or Very sad


دورة شرح الأربعين النوويّة )

الحـــديث " الثلاثين"

الأربعون النووية - صفحة 2 1063

(عَنْ أَبِيْ ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ جُرثُومِ بنِ نَاشِرٍ رضي الله عنه عَن رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ اللهَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلا تُضَيِّعُوهَا، وَحَدَّ حُدُودَاً فَلا تَعْتَدُوهَا وَحَرَّمَ أَشْيَاءَ فَلا تَنْتَهِكُوهَا، وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً لَكُمْ غَيْرَ نِسْيَانٍ فَلا تَبْحَثُوا عَنْهَا )
الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013
مـعنى الحـــديــث :


فَرَضَ:أي أوجب قطعاً، لأنه من الفرض وهو القطع ،
يعني ألزم بالعمل بها.

فَرَائِضَ : الفرائض مثل الصلوات الخمس، والزكاة، والصيام،والحج،وبر الوالدين،
وصلة الأرحام، ومالا يحصى.

فَلا تُضَيِّعُوهَا:أي تهملوها فتضيع ، بل حافظوا عليها.

وَحَدَّ حُدودَاً فَلا تَعتَدوها :الحد في اللغة المنع، ومنه الحد بين الأراضي
لمنعه من دخول أحد الجارين على الآخر، وفي الاصطلاح قيل:إن المراد
بالحدود الواجبات والمحرمات.

فالواجبات حدود لا تُتعدى، والمحرمات حدود لا تقرب.

وقال بعضهم: المراد بالحدود العقوبات الشرعية كعقوبة الزنا،
وعقوبة السرقة وما أشبه ذلك.


الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

ولكن الصواب الأول،أن المراد بالحدود في الحديث محارم الله عزّ وجل
الواجبات والمحرمات، لكن الواجب نقول:لا تعتده أي لاتتجاوزه، والمحرم
نقول: لا تقربه، هكذا في القرآن الكريم لما ذكر الله تعالى تحريم الأكل
والشرب على الصائم قال: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا )(البقرة: الآية229)
ولما ذكر العدة وما يجب فيها قال: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقرَبُوهَا )[البقرة:187].

وَحَرَّمَ أَشيَاء فَلا تَنتَهِكوهَا: أي فلا تفعلوها، مثل :الزنا، وشرب الخمر،
والقذف، وأشياء كثيرة لا تحصى.

وَسَكَتَ عَنْ أَشيَاء رَحمَةً لَكُمْ غَيرَ نسيَان فَلا تَبحَثوا عَنهَا:سكت عن أشياء أي لم يحرمها ولم يفرضها.
قال: سكت بمعنى لم يقل فيها شيئاً ، ولا أوجبها ولا حرمها.

وقوله: "غَيْرَ نسيَان" أي أنه عزّ وجل لم يتركها ناسياً ( وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً)(مريم: الآية64)
ولكن رحمة بالخلق حتى لا يضيق عليهم.

"فَلا تَبحَثوا عَنهَا" أي لا تسألوا عنها .

هذا الحديث هو في رسم الحدود ، فالمرء عندما يريد أن يشتري مثلاً منزلاً
يجب أن يعرف ما الذي له وما الذي عليه وما هي حدود هذا المنزل
حتى لا يتعدى على غيره ،،،

و الله - سبحانه وتعالى - عندما خلقنا في هذه الدنيا خلقنا لمهمة عظيمة ،
هي مهمة التكليف المجملة بعبادة الله - عزّ وجلّ -
ولهذه العبادة حدود نميز من خلالها ما الذي نفعله ومالذي لا نفعله أو نتركه أو لا نتركه وهكذا ...
وهي مبينة لنا هنا في هذا الحديث في حدود أربعة :

* فرئض لا نضيعها *

* حدود لا نعتديها *

* محرمات لا ننتهكها *

* أشياء مسكوت عنها لا نبحث عنها *


الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

من فــــوائــــد الحديــــث :

1- إثبات أن الأمر لله عزّ وجل وحده، فهو الذي يفرض،وهو الذي يوجب،
وهو الذي يحرم، فالأمر بيده، لا أحد يستطيع أن يوجب مالم يوجبه الله،
أو يحرم مالم يحرمه الله،لقوله: "إِنَّ اللهَ فَرَضَ فَرَائض" ...وقَالَ: "وَحَرمَ أَشيَاء"

فإن قال قائل: هل الفرض والواجب بمعنى واحد، أو الفرض غير الواجب؟

فالجواب:أما من حيث التأثيم بترك ذلك فهما واحد.

وأما من حيث الوصف:هل هذا فرض أو واجب؟
فقد اختلف العلماء- رحمهم الله- في هذا ، فقال بعضهم:

الفرض ما كان دليله قطعياً، والواجب ما كان دليله ظنياً.

وقال آخرون: الفرض ما ثبت بالقرآن، والواجب ما ثبت بالسنة.

وكلا القولين ضعيف، والصواب: أن الفرض والواجب بمعنى واحد،
ولكن إذا تأكد صار فريضة، وإذا كان دون ذلك فهو واجب،
هذا هو القول الراجح في هذه المسألة .

الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

2 - أن الدين الإسلامي ينقسم إلى فرائض ومحرمات.

3 - وجوب المحافظة على فرائض الله عزّ وجل، مأخوذ من النهي
عن إضاعتها، فإن مفهومه وجوب المحافظة عليها.

4- أن الله عزّ وجل حد حدوداً، بمعنى أنه جعل الواجب بيناً والحرام بيناً:
كالحد الفاصل بين أراضي الناس، وقد سبق في حديث النعمان بن بشير
رضي الله عنهما أن الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات.

5 - تحريم تعدي حدود الله، لقوله: "فَلاَ تَعتَدوهَا".

6 - أنه لا يجوز تجاوز الحد في العقوبات،فالزاني مثلاً إذا زنا وكان بكراً
فإنه يجلد مائة جلدة ويغرّب عاماً، ولا يجوز أن نزيد على مائة جلدة،
ونقول يجلد مائة وخمسين مثلاً، فإن هذا محرم.

فإن قال قائل: إذا اقتصرنا على مائة جلدة ربما يكثر الزنا، وإذا زدنا يقل؟

فالجواب:أأنتم أعلم أم الله؟ وما دام الله عزّ وجل فرض مائة جلدة فلا نتجاوزها،
بالاضافة إلى تغريب عام على خلاف بين العلماء في ذلك، هل يغرب أو لا،
فالتغريب ثبت بالسنة، والخلاف بين العلماء على ذلك معروف.

7 - وصف الله عزّ وجل بالسكوت، هذا من تمام كماله عزّ وجل،
أنه إذا شاء تكلم وإذا شاء لم يتكلم.

8 - أنه يحرم على الإنسان أن ينتهك محارم الله عزّ وجل، لقوله: "حَرَّمَ أَشيَاء فَلا تَنتَهِكُوهَا".


الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

وطرق التحريم كثيرة، منها: النهي، ومنها: التصريح بالتحريم،ومنها: ذكر العقوبة على الفعل،
ولإثبات التحريم طرق.

9 - أن ما سكت الله عنه فلم يفرضه، ولم يحده، ولم ينه عنه فهو الحلال،
لكن هذا في غير العبادات،فالعبادات قد حرم الله عزّ وجل أن يشرع أحد الناس عبادة لم يأذن بها الله عزّ وجل،
فتدخل في قوله: "حَرَّمَ أَشيَاء فَلاَ تَنتَهِكُوهَا".

ولهذا نقول:إن من ابتدع في دين الله ما ليس منه من عقيدة أو قول أو عمل فقد
انتهك حرمات الله، ولا يقال هذا مما سكت الله عزّ وجل عنه، لأن الأصل في
العبادات المنع حتى يقوم دليل عليها،وغير ذلك الأصل فيه الإباحة، فما سُكِتَ عنه فهو مباح.

وحينئذ نذكر مسألة يكثر السؤال عنها،ربما نعرف حكمها من هذا الحديث:
يسأل بعض الناس ولاسيما النساء:هل يجوز للإنسان أن يزيل شعر الساق، أو شعر الذراع أو لا يجوز؟

فالجواب: الشعور ثلاثة أقسام:

الأول : ما نهي عن إزالته.

الثاني : ما أمر بإزالته.

الثالث: ما سكت عنه.

الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

فأما ما أمر بإزالته فمعروف:كالعانة والإبط للرجال والنساء والشارب بالنسبة للرجال ،
فهذا مأمور بإزالته، لكن الشارب لا يؤمر بإزالته نهائياً كالحلق مثلاً، حتى إن الإمام
مالك- رحمه الله - قال: ينبغي أن يؤدب من حلق شاربه،لأن الحديث أحفوا الشوَارب

والثاني: ما نهي عن إزالته كشعر اللحية بالنسبة للرجال،
فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإعفائها وقال: خَالِفُوا المَجوسَ خَالِفُوا المُشرِكينَ

وشعر الحاجبين بالنسبة للنساء لقوله صلّى الله عليه وسلّم : ( لعن الله النامصة والمتنمصة)
وخص المرأة لأنها هي التي تفعله غالباً للتجمل ، وإلا فلو صنعه الرجال لكان ملعوناً كما تلعن المرأة والعياذ بالله
وإن كان بغير نتف كالقص أو بالحلق فإن بعض أهل العلم يرون أنه كالنتف لأنه تغيير لخلق الله ،
فلا فرق بين أن يكون نتفاً أو يكون قصاً أو حلقاً وهذا أحوط بلا ريب ، فعلى المرء أن يتجنب ذلك سواء كان رجلاً أو امرأة.

القسم الثالث: بقية الشعور التي ليس فيها أمر ولا نهي، فقال بعض الناس:
إن أخذها حرام،لقول الله تعالى عن إبليس: (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ)(النساء: الآية119)
هذا يستثنى منه ما أمر بإزالته كالختان وما أشبه ذلك.

قالوا: وهذا مغير لخلق الله، بينما كان ساقه فيه الشعر أو ذراعه فيه الشعر أصبح الآن ليس فيه شعر.



الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

ولاشك أن هذا القول والاستدلال وجيه، لكن إذا رأينا أن النبي صلى الله عليه وسلم
قسم الأشياء إلى ثلاثة أقسام قلنا: هذا مما سكت عنه، لأنه لو كان ينهى عنه لألحق
بما نهي عنه، وهذه قرينة تمنع أن يكون هذا من باب تغيير خلق الله عزّ وجل
أو يقال: هو من التغيير المباح.

والذي نرى في هذه المسالة : أن الشعر يبقى ولا يحلق ولا يقص، اللهم إلا إذا كثر
بالنسبة للنساء حتى شوه الخلقة،فالمرأة محتاجة إلى الجمال والتجمل، فلا بأس.

وأما الرجال فيقال: كلما كثر الشعر دلّ ذلك على قوة الرجل.

10 - أنه لا ينبغي البحث عما سكت الله تعالى عنه ورسوله .

وهل هذا النهي في عهد الرسالة ، أم إلى الآن ؟

في هذا قولان للعلماء منهم من قال: هذا خاص في عهد الرسالة، لأن ذلك عهد نزول الوحي،
فقد يسأل الإنسان عن شيء لم يُحرم فيحرم من أجله، أو عن شيء لم يجب فيوجب من أجله،
كما سأل الأقرع بن حابس النبي صلى الله عليه وسلم حين قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"إِنَّ اللهَ فَرَضَ عَلَيكُم الحَجَّ" فقام الأقرع وقال:يا رسول الله أفي كل عام؟ وهذا سؤال في غير محله،
اللهم إلا إذا كان الأقرع بن حابس أراد أن يزيل الوهم الذي قد يعلق في أفهام بعض الناس،
فالله أعلم بنيته، لكن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"لَو قُلتُ نَعَم لَوَجَبَت وَمَا استَطَعتُم، الحَجَّ مَرَةً فَمَا زَادَ فَهُوَ تَطَوع" ،
من أعظم الناس جرماً من يسأل عن شيء لم يحرم فيحرم من أجل مسألته،
أو لم يوجب فيوجب من أجل مسألته.

أما بعد عهد الرسالة فلا بأس أن يبحث الإنسان.


الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

ولكن الصواب في هذه المسالة أن النهي حتى بعد عهد الرسالة
إلا أنه إذا كان المراد بالبحث الاتساع في العلم كما يفعله طلبة العلم،
فهذا لا بأس به، لأن طالب العلم ينبغي أن يعرف كل مسألة يحتمل وقوعها
حتى يعرف الجواب، وأما إذا لم يكن كذلك فلا يبحث، بل يمشي على ما كان عليه الناس.

ومن ذلك: البحث عن اللحوم وعن الأجبان وعما يرد إلى البلاد من بلاد الكفار فلا تبحث،
ولا تقل: هل هذا حلال أو حرام؟ ولهذا قال ابن عمر رضي الله عنهما لما سئل عن اللحم
في السوق، ما كان من لحم في سوقنا فسوف نشتريه ولا نسأل.

كذلك أيضاً لا نبحث عن مسائل الغيب ونتعمق فيها، ولا نبحث في صفات الله عزّ وجل
عن كيفيتها، لأن هذا من التعمق، ولا نأتي بمعضلات المسائل التي فيها: أرأيت إن كان كذا،
ولو كان كذا، ولو كان كذا كما يوجد من بعض طلبة العلم الآن، يوجد أناس يفرضون
مسائل ليست واقعة ولن تقع فيما يظهر، ومع ذلك يسألون ، وهم ليسوا في مكان البحث،
بل يسألون سؤالاً عاماً، فهذا لا ينبغي.

ومن ذلك أيضاً :ما كان الناس قد عاشوا عليه لا تبحث عنه إلا إذا علمت أنه حرام،
فيجب بيان الحكم .

من ذلك : الذين قالوا:إن أذان الجمعة الثاني الذي زاده عثمان رضي الله عنه هذا بدعة لا يجوز،
فنقول لهم: أين الدليل؟ ثم يأتي إنسان آخر،ويقول : ليس بين أذان الجمعة الأول والثاني إلا دقائق،
فنقول له: من الذي قال لك ابحث عن هذا؟ فالناس من أزمنة كثيرة تتوالى عليهم العلماء والأذان
الأول يكون قبل الثاني بخمس وأربعين دقيقة أو ستين دقيقة،
والناس يمشون على هذا، فلا تبحث، دع الناس على ما هم عليه.

ثم لو فرض أنه ثبت أن بين الأذان الثاني والأول في زمن عثمان رضي الله عنه
خمس أو عشر دقائق، فالوقت اختلف الآن، كانت المدينة صغيرة أقل من قرية
من قرانا اليوم، أما اليوم فتباعدت الأقطار حيث يحتاج الإنسان أن يأتي من
أقصى المدينة إلى المسجد إلى وقت، فليقدم الأذان الأول بحيث يتأهب الناس ويحضرون.

أشياء كثيرة من هذا النوع،ولكن هذا الحديث ميزان "فلا تَبحَثُوا عَنهَا".


الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

11 - إثبات رحمة الله عزّ وجل في شرعه، لقوله: "رَحمَةً بِكُم" وكل الشرع رحمة،
لأن جزاءه أكثر بكثير من العمل،فالحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى
أضعاف كثيرة، ومع ذلك فالله عزّ وجل خفف عن العباد ،
وسكت عن أشياء كثيرة لم يمنعهم منها ولم يلزمهم بها.

12 - انتفاء النسيان عن الله عزّ وجل، لقوله "غَيرَ نسيَان" وقد جاء ذلك في
القرآن الكريم،فقال الله عزّ وجل: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً)[مريم: 64] وقال موسى
عليه الصلاة والسلام لفرعون لما سأله ما بال القرون الأولى:
(قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى) (طـه: 52)

فإن قال قائل: ما الجواب عن قول الله تعالى: (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ)(التوبة: الآية67) فأثبت لنفسه النسيان؟

فالجواب:أن المراد:النسيان هنا نسيان الترك، يعني تركوا الله فتركهم.
فهؤلاء تعمدوا الشرك وترك الواجب، ولم يفعلوا ذلك نسياناً. إذاً:
(نَسُوا اللَّهَ) [التوبة:67] أي تركوا دين الله (فَنَسِيَهُمْ) أي فتركهم.

أما النسيان الذي هو الذهول عن شيء معلوم فهذا لا يمكن أن يوصف الله عزّ وجل به،
بل يوصف به الإنسان،لأن الإنسان ينسى، ومع ذلك لا يؤاخذ بالنسيان لأنه وقع بغير اختيار.

14 - حسن بيان النبي صلى الله عليه وسلم حيث ساق الحديث بهذا التقسيم الواضح البين والله أعلم.

الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طه الفزارى
المشرف العام
المشرف العام
طه الفزارى


ذكر
عدد المساهمات : 965
حسناتى الى الان : 13872
تاريخ الميلاد : 25/09/1980
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
العمر : 44

الأربعون النووية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأربعون النووية   الأربعون النووية - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة يوليو 17, 2009 11:52 am

الأربعون النووية - صفحة 2 14
Crying or Very sad


( دورة حفظ الأربعين النوويّة )

الحـــديث " الحادي والثلاثون "


الأربعون النووية - صفحة 2 1063

(عَنْ أَبي العَباس سَعدِ بنِ سَهلٍ السَّاعِدي رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله: دُلَّني عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمَلتُهُ أَحَبَّني اللهُ، وَأَحبَّني النَاسُ ؟ فَقَالَ: (ازهَد في الدُّنيَا يُحِبَّكَ اللهُ ، وازهَد فيمَا عِندَ النَّاسِ يُحِبَّكَ النَّاسُ )

حديث حسن رواه ابن ماجة وغيره بأسانيد حسنة..

الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013


مـعنى الحـــديــث :


قوله "جَاءَ رَجُلٌ" لم يعين اسمه، ومثل هذا لا حاجة إليه،
ولاينبغي أن نتكلف بإضاعة الوقت في معرفة هذا الرجل،
وهذا يأتي في أحاديث كثيرة، إلا إذا كان يترتب على معرفته
بعينه اختلاف الحكم فلابد من معرفته.

وقوله: "دُلني عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَملتُهُ أَحَبَّني الله،وَأَحبَّني النَّاس"
هذا الرجل طلب حاجتين عظيمتين، أولهما محبة الله عزّ وجل والثانية محبة الناس.

فدله النبي صلى الله عليه وسلم على عمل معين محدد،
فقال: "ازهَد في الدُّنيَا" والزهد في الدنيا الرغبة عنها،
وأن لا يتناول الإنسان منها إلا ما ينفعه في الآخرة،
وهو أعلى من الورع، لأن الورع: ترك ما يضر من أمور الدنيا ،
والزهد: ترك مالا ينفع في الآخرة، وترك ما لا ينفع أعلى من ترك ما يضر،
لأنه يدخل في الزهد الطبقة الوسطى التي ليس فيها ضرر ولا نفع،
فالزهد يتجنب مالا نفع فيه، وأما الوَرَع فيفعل ما أبيح له،لكن يترك ما يضره.

وقوله: "يُحِبكَ الله" هو بالجزم على أنه جواب : ازهَد

والدنيا: هي هذه الدار التي نحن فيها، وسميت بذلك لوجهين:

الوجه الأول: دنيا في الزمن.

الوجه الثاني: دنيا في المرتبة.

فهي دنيا في الزمن لأنها قبل الآخرة، ودنيا في المرتبة لأنها دون الآخرة بكثير جداً،
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لَمَوضِعُ سوطِ أَحَدِكُم في الجَنَّةِ خَيرٌ مِنَ الدُّنيَا وَمَا فيهَا"
وقال النبي صلى الله عليه وسلم "ركعَتَا الفَجرِ خَيرٌ مِنَ الدُّنيَا وَمَا فيهَا" إذاً الدنيا ليست بشيء.

ولذلك لا تكاد تجد أنه يمر عليك شهر أو شهران أو أكثر إلا وقد أصبت
بالسرور ثم أعقبه حزن، وما أصدق وصف الدنيا في قول الشاعر:

فيوم علينا ويوم لنا ويوم نساء ويوم نسر


وهذه الغاية محبة الله - جلّ جلاله – بلا شك من أعظم الغايات؛ لأنه إذا أحبك
الله أحبك الناس، وإذا أحبك الله دخلت الجنة، وإذا أحبك الله - سبحانه وتعالى – نلت
سعادة الدارين ( الدنيا و الآخرة،) ولذلك جاء في الدعاء ( اللهم أعني على حبك وكل عمل يقربني إلى حبك )
فمحبة الله - سبحانه وتعالى - مطلب عظيم ،

والمقصود بمحبة الناس محبة الصالحين وإن أحب الإنسانَ من غير الصالحين لا مانع ؛
لأن الإنسان المحبوب يحبه الصالح ويحبه غير الصالح،
لكن لماذا محبة الناس تعتبر هدف ؟ لأنها دليل على محبة الله ودليل على رضا الله
والدليل على ذلك ما جاء في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم – حينما كان مرة من المرات جالساً
مع أصحابه فمرت جنازة فأثنوا عليها خيراً، فقال النبي: - صلى الله عليه وسلم – ( هي في الجنة ) .

ومرت جنازة أخرى فأثنوا عليها شراً قال: ( هي في النار ) فسألوا النبي – صلى الله
عليه وسلم – عن ذلك فقال: ( أنتم شهود الله في أرضه ) يعني أثنيتم عليه خيراً فهذا دليل
على ثناء الله له، والآخر أثنيتم عليه شراً فهذا دليل على بغض الله له- أو كما جاءعن النبي صلى الله عليه وسلم .

إذاً: نلخص هذه المسألة أن محبة الله - عزّ وجلّ – هدف يسعى له الإنسان ،ومحبة
الناس هي هدف لأنها دليل على محبة الله - عزّ وجلّ – لكن إذا تعارضت مع محبة الله
فلا شك في أننا نقدم ما يرضى الله - سبحانه وتعالى – وما يحبه الله على ما يحبه
الناس.

ما الطريق الموصل إلى محبة الله !!
إن الطرق كثيرة وبين لنا النبي صلى الله عليه وسلم المجمل فقال :
( ازهد في الدنيا يحبك الله ) يعني أعرض عن الدنيا .

ولكن هل الإعراض عن الدنيا هنا أن نموت أو نقتل أنفسنا !!
طبعا لا إنما الإعراض يكون عن الإندماج الكلي في الشهوات والملذات ونسيان أمر الله سبحانه وتعالى
وليس المقصود بالزهد في الدنيا أن نجلس في مكان مظلم أو مكان بعيد عن الناس
ولا نأكل ولا نشرب ؛ لأنه آت من الدنيا ولا نتمتع بطيباتها ولا نتمتع بأرزاق الله سبحانه وتعالى فيها ،
وليس المقصود أن نموت و نعرض عن الدنيا لننتقل إلى الآخرة !،
فالنبي صلى الله عليه وسلم هو أزهد الناس في الدنيا ولم يعرض عن الدنيا كلياً أكل من طيباتها ولبس
من الملابس الحسنة وتمتع بالنساء وقال - صلى الله عليه وسلم :
( حبب إليّ من دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة ) .

إنما المقصد هنا : أن لا نسترسل مع هذه الدنيا فتلهينا عن المطالب العليا في الآخرة .
فلا يكون هدفنا الوصول إلى أعلى المناصب أوالإنشغال بتجميع الثروة
أوالتزود من هذه الدنيا بأمور أكثر مما أحتاج بكثير جداً فتكون هي شغلي الشاغل،

فالزاهد الذي لبس متوسط اللباس وتعامل بالنظافة ولم يجعل الدنيا هدفه
وجعل الآخرة والفوز فيها هو هدفه الرئيسي وشغله الشاغل ومع ذلك تمتّع بالطيبات التي أحلها الله عزّ وجلّ له .

ومن خلال هذا نعلم أن من علامات الزهد العمل بما فرضه الله سبحانه وتعالى على الإنسان والعمل بما
استطاع من النوافل والمُستحبات وكذلك ترك ما حرم الله سبحانه وتعالى
و ترك ما يشغل عن الله سبحانه وتعالى وعن الفوز بالدار الآخرة .
و السعي لزيادة الرصيد في الآخرة عند الله سبحانه وتعالى .

ويُقال لطالب الزهد في الدنيا ، أنّه لا بد من الزهد في فضول الأموال والجاه جميعاً، حتى يكمل الزهد في حظوظ النفس،
‏وقد قال ابن المبارك ‏:‏ أفضل الزهد إخفاء الزهد، وينبغى أن يعول في هذا على ثلاث علامات

الأولى ‏:‏ أن لا يفرح بموجود، ولا يحزن بمفقود، كما قال تعالى ‏{‏لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم‏}‏ ‏[‏الحديد ‏:‏ 23‏]‏
وهذا علامة الزهد في المال‏.‏

الثاني‏:‏ أن يستوي عنده ذامه ومادحه، وهذه علامة الزهد في الجاه‏.‏

الثالث‏:‏ أن يكون أنسه بالله، والغالب على قلبه حلاوة الطاعة‏.‏فأما محبة الدنيا ومحبة الله تعالى،
فهما في القلب كالماء والهواء في القدح، إذا دخل الماء خرج الهواء، فلا يجتمعان‏.
‏قيل لبعضهم‏:‏ إلام أفضى بهم الزهد‏؟‏ قال‏:‏ إلى الأنس بالله‏.‏
وقال يحيى بن معاذ‏:‏ الدنيا كالعروس، ومن يطلبها ماشطتها (الماشطة : التي تحس المشط وحرفتها ومعناها هنا ‏:‏ تزينها‏)
و‏الزاهد يسخم ‏(يقال‏:‏ سخم الله وجهه‏:‏ أي سوده من السخمة وهى السواد‏.‏‏)وجهها، وينتف شعرها، ويخرق ثوبها،
والعارف مشتغل بالله تعالى عنها‏.‏

الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013


قوله: "وازهَد فيمَا عِندَ النَاس يُحِبكَ النَّاس" أي لا تتطلع لما في أيديهم،
ارغب عما في أيدي الناس يحبك الناس،
وهذا يتضمن ترك سؤال الناس أي أن لا تسأل الناس شيئاً،
لأنك إذا سألت أثقلت عليهم، وكنت دانياً سافلاً بالنسبة لهم،
فإن اليد العليا المعطية خير من اليد السفلى الآخذة.

الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

من فــــوائــــد الحديــــث :

1- علوهمم الصحابة رضي الله عنهم، فلا تكاد تجد أسئلتهم إلا لما فيه خير في الدنيا
أو الآخرة أو فيهما جميعاً.

وهنا السؤال : هل الصحابة رضي الله عنهم إذا سألوا مثل هذا السؤال يريدون
أن يطلعوا فقط، أو يريدون أن يطلعوا ويعملوا؟

الجواب:الثاني،بخلاف كثير من الناس اليوم-نسأل الله أن لايجعلنا منهم- يسألون
ليطلعوا على الحكم فقط لا ليعملوا به،ولذلك تجدهم يسألون عالماً ثم عالماً ثم
عالماً حتى يستقروا على فتوى العالم التي توافق أهواءهم،
ومع ذلك قد يستقبلونها بنشاط وقد يستقبلونها بفتور.

2 - إثبات محبة الله عزّ وجل،أي أن الله تعالى يحب محبة حقيقية.

ولكن هل هي كمحبتنا للشيء؟

الجواب:لا، حتى محبة الله لنا ليست كمحبتنا لله، بل هي أعلى وأعظم،
وإذا كنا الآن نشعر بأن أسباب المحبة متنوعة،وأن المحبة تتبع تلك
الأسباب وتتكيف بكيفيتها فكيف بمحبة الخالق؟!! لا يمكن إدراكها.


3 - أن الإنسان لا حرج عليه أن يطلب محبة الناس،أي أن يحبوه،
سواء كانوا مسلمين أو كفاراً حتى نقول:لا حرج عليه أن يطلب محبة
الكفار له، لأن الله عزّ وجل قال:
( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ )(الممتحنة: الآيةCool
ومن المعلوم أنه إذا برهم بالهدايا أو الصدقات فسوف يحبونه،
أو عدل فيهم فسوف يحبونه،والمحذور أن تحبهم أنت،
ولهذا جاء في الحديث وإن كان ضعيفاً أن النبي صلى الله عليه وسلم
إذا أقبل على البلد قال: "اللَّهمَّ حَبِّبْنَا إِلَى أَهْلِهَا،وَحبَب صَالِحي أَهْلِهَا إِلَينَا" ،
فلما أراد المحبة الصادرة منه قال: "صَالِحي أَهْلِهَا"
ولما أراد المحبة الصادرة من الناس قال: حَبِّبنَا إِلَى أَهْلِهَا مطلقاً.

4 - فضيلة الزهد في الدنيا، ومعنى الزهد: أن يترك مالا ينفعه في الآخرة.

وليس الزهد أنه لا يلبس الثياب الجميلة، ولا يركب السيارات الفخمة،
وإنما يتقشف ويأكل الخبز بلا إدام وما أشبه ذلك، ولكن يتمتع بما أنعم الله عليه،
لأن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده، وإذا تمتع بالملاذ على هذا الوجه
صار نافعاً له في الآخرة،ولهذا لا تغتر بتقشف الرجل ولبسه رديء الثياب،
فربَّ حية تحت القش،ولكن عليك بعمله وأحواله.

5 - أن الزهد مرتبته أعلى من الورع، لأن الورع ترك ما يضر ،
والزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة.

6 - أن الزهد من أسباب محبة الله عزّ وجل لقوله "ازهَد في الدنيَا يُحِبكَ اللهُ"
ومن أسباب محبة الله للعبد وهو أعظم الأسباب: اتباع النبي صلى الله عليه وسلم
لقوله تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) (آل عمران: 31)

7 -الحث والترغيب في الزهد فيما عند الناس، لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعله
سبباً لمحبة الناس لك، وهذا يشمل أن لا تسأل الناس شيئاً،
وأن لاتتطلع وتعرِّض بأنك تريد كذا.

مثال الأول:أن ترى مع شخص من الناس ما يعجبك من قلم أوساعة،
وتقول يا فلان : هذه ساعة طيبة،ألا تهديها عليَّ، فإن الهدية تذهب السخيمة،
وتهادوا تحابوا، وأتى بالمواعظ من أجل أن يأخذ الساعة ،
لكن إذا كان هذا ذكياً قال: وأنت أيضاً أهد عليَّ ساعتك ويأتي له بالنصوص.

أقول:إن سؤال الناس ما عندهم لا شك أنه من أسباب إزالة المحبة والمودة،
لأن الناس يستثقلون هذا ويستهجنون الرجل ويستذلونه،واليد العليا خير من اليد السفلى.

مثال ثان: أن تعرض بأنك تريده كأن تقول:ما شاء الله هذا القلم الذي معك ممتاز،
ليتني أحصل على مثله،وهذا كأنك تقول له:أعطني إياه.

فمثل هذا عليك أن تردعه، إذا طلب منك هذا فقل له: ابحث عنه في السوق،
لأنني لا أحب أن الناس تدنو أنفسهم إلى هذا الحد، دع نفسك عزيزة ولا تستذل.

ولكن هنا مسألة: إذا علمت أن صاحبك لو سألته لسره ذلك، فهل تسأله؟

الجواب:نعم،لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى اللحم على النار قال:
"ألم أرَ البرمة على النار" قالوا:يا رسول الله: هذا لحم تصدق به على بريرة،
فقال: "هو لها صدقة، ولنا هدية"،لأننا نعلم علم اليقين أن بريرة رضي الله عنها
سوف تسر، فإذا علمت أن سؤالك يسر صاحبك فلا حرج والله الموفق.

الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طه الفزارى
المشرف العام
المشرف العام
طه الفزارى


ذكر
عدد المساهمات : 965
حسناتى الى الان : 13872
تاريخ الميلاد : 25/09/1980
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
العمر : 44

الأربعون النووية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأربعون النووية   الأربعون النووية - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة يوليو 17, 2009 11:56 am

الأربعون النووية - صفحة 2 14
Crying or Very sad


[b]( دورة حفظ الأربعين النوويّة )

الحـــديث " الحادي والثلاثون "


الأربعون النووية - صفحة 2 1063

(عَنْ أَبي العَباس سَعدِ بنِ سَهلٍ السَّاعِدي رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله: دُلَّني عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمَلتُهُ أَحَبَّني اللهُ، وَأَحبَّني النَاسُ ؟ فَقَالَ: (ازهَد في الدُّنيَا يُحِبَّكَ اللهُ ، وازهَد فيمَا عِندَ النَّاسِ يُحِبَّكَ النَّاسُ )

حديث حسن رواه ابن ماجة وغيره بأسانيد حسنة..

الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

مـعنى الحـــديــث :


قوله "جَاءَ رَجُلٌ" لم يعين اسمه، ومثل هذا لا حاجة إليه،
ولاينبغي أن نتكلف بإضاعة الوقت في معرفة هذا الرجل،
وهذا يأتي في أحاديث كثيرة، إلا إذا كان يترتب على معرفته
بعينه اختلاف الحكم فلابد من معرفته.

وقوله: "دُلني عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَملتُهُ أَحَبَّني الله،وَأَحبَّني النَّاس"
هذا الرجل طلب حاجتين عظيمتين، أولهما محبة الله عزّ وجل والثانية محبة الناس.

فدله النبي صلى الله عليه وسلم على عمل معين محدد،
فقال: "ازهَد في الدُّنيَا" والزهد في الدنيا الرغبة عنها،
وأن لا يتناول الإنسان منها إلا ما ينفعه في الآخرة،
وهو أعلى من الورع، لأن الورع: ترك ما يضر من أمور الدنيا ،
والزهد: ترك مالا ينفع في الآخرة، وترك ما لا ينفع أعلى من ترك ما يضر،
لأنه يدخل في الزهد الطبقة الوسطى التي ليس فيها ضرر ولا نفع،
فالزهد يتجنب مالا نفع فيه، وأما الوَرَع فيفعل ما أبيح له،لكن يترك ما يضره.

وقوله: "يُحِبكَ الله" هو بالجزم على أنه جواب : ازهَد

والدنيا: هي هذه الدار التي نحن فيها، وسميت بذلك لوجهين:

الوجه الأول: دنيا في الزمن.

الوجه الثاني: دنيا في المرتبة.

فهي دنيا في الزمن لأنها قبل الآخرة، ودنيا في المرتبة لأنها دون الآخرة بكثير جداً،
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لَمَوضِعُ سوطِ أَحَدِكُم في الجَنَّةِ خَيرٌ مِنَ الدُّنيَا وَمَا فيهَا"
وقال النبي صلى الله عليه وسلم "ركعَتَا الفَجرِ خَيرٌ مِنَ الدُّنيَا وَمَا فيهَا" إذاً الدنيا ليست بشيء.

ولذلك لا تكاد تجد أنه يمر عليك شهر أو شهران أو أكثر إلا وقد أصبت
بالسرور ثم أعقبه حزن، وما أصدق وصف الدنيا في قول الشاعر:

فيوم علينا ويوم لنا ويوم نساء ويوم نسر


وهذه الغاية محبة الله - جلّ جلاله – بلا شك من أعظم الغايات؛ لأنه إذا أحبك
الله أحبك الناس، وإذا أحبك الله دخلت الجنة، وإذا أحبك الله - سبحانه وتعالى – نلت
سعادة الدارين ( الدنيا و الآخرة،) ولذلك جاء في الدعاء ( اللهم أعني على حبك وكل عمل يقربني إلى حبك )
فمحبة الله - سبحانه وتعالى - مطلب عظيم ،

والمقصود بمحبة الناس محبة الصالحين وإن أحب الإنسانَ من غير الصالحين لا مانع ؛
لأن الإنسان المحبوب يحبه الصالح ويحبه غير الصالح،
لكن لماذا محبة الناس تعتبر هدف ؟ لأنها دليل على محبة الله ودليل على رضا الله
والدليل على ذلك ما جاء في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم – حينما كان مرة من المرات جالساً
مع أصحابه فمرت جنازة فأثنوا عليها خيراً، فقال النبي: - صلى الله عليه وسلم – ( هي في الجنة ) .

ومرت جنازة أخرى فأثنوا عليها شراً قال: ( هي في النار ) فسألوا النبي – صلى الله
عليه وسلم – عن ذلك فقال: ( أنتم شهود الله في أرضه ) يعني أثنيتم عليه خيراً فهذا دليل
على ثناء الله له، والآخر أثنيتم عليه شراً فهذا دليل على بغض الله له- أو كما جاءعن النبي صلى الله عليه وسلم .

إذاً: نلخص هذه المسألة أن محبة الله - عزّ وجلّ – هدف يسعى له الإنسان ،ومحبة
الناس هي هدف لأنها دليل على محبة الله - عزّ وجلّ – لكن إذا تعارضت مع محبة الله
فلا شك في أننا نقدم ما يرضى الله - سبحانه وتعالى – وما يحبه الله على ما يحبه
الناس.

ما الطريق الموصل إلى محبة الله !!
إن الطرق كثيرة وبين لنا النبي صلى الله عليه وسلم المجمل فقال :
( ازهد في الدنيا يحبك الله ) يعني أعرض عن الدنيا .

ولكن هل الإعراض عن الدنيا هنا أن نموت أو نقتل أنفسنا !!
طبعا لا إنما الإعراض يكون عن الإندماج الكلي في الشهوات والملذات ونسيان أمر الله سبحانه وتعالى
وليس المقصود بالزهد في الدنيا أن نجلس في مكان مظلم أو مكان بعيد عن الناس
ولا نأكل ولا نشرب ؛ لأنه آت من الدنيا ولا نتمتع بطيباتها ولا نتمتع بأرزاق الله سبحانه وتعالى فيها ،
وليس المقصود أن نموت و نعرض عن الدنيا لننتقل إلى الآخرة !،
فالنبي صلى الله عليه وسلم هو أزهد الناس في الدنيا ولم يعرض عن الدنيا كلياً أكل من طيباتها ولبس
من الملابس الحسنة وتمتع بالنساء وقال - صلى الله عليه وسلم :
( حبب إليّ من دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة ) .

إنما المقصد هنا : أن لا نسترسل مع هذه الدنيا فتلهينا عن المطالب العليا في الآخرة .
فلا يكون هدفنا الوصول إلى أعلى المناصب أوالإنشغال بتجميع الثروة
أوالتزود من هذه الدنيا بأمور أكثر مما أحتاج بكثير جداً فتكون هي شغلي الشاغل،

فالزاهد الذي لبس متوسط اللباس وتعامل بالنظافة ولم يجعل الدنيا هدفه
وجعل الآخرة والفوز فيها هو هدفه الرئيسي وشغله الشاغل ومع ذلك تمتّع بالطيبات التي أحلها الله عزّ وجلّ له .

ومن خلال هذا نعلم أن من علامات الزهد العمل بما فرضه الله سبحانه وتعالى على الإنسان والعمل بما
استطاع من النوافل والمُستحبات وكذلك ترك ما حرم الله سبحانه وتعالى
و ترك ما يشغل عن الله سبحانه وتعالى وعن الفوز بالدار الآخرة .
و السعي لزيادة الرصيد في الآخرة عند الله سبحانه وتعالى .

ويُقال لطالب الزهد في الدنيا ، أنّه لا بد من الزهد في فضول الأموال والجاه جميعاً، حتى يكمل الزهد في حظوظ النفس،
‏وقد قال ابن المبارك ‏:‏ أفضل الزهد إخفاء الزهد، وينبغى أن يعول في هذا على ثلاث علامات

الأولى ‏:‏ أن لا يفرح بموجود، ولا يحزن بمفقود، كما قال تعالى ‏{‏لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم‏}‏ ‏[‏الحديد ‏:‏ 23‏]‏
وهذا علامة الزهد في المال‏.‏

الثاني‏:‏ أن يستوي عنده ذامه ومادحه، وهذه علامة الزهد في الجاه‏.‏

الثالث‏:‏ أن يكون أنسه بالله، والغالب على قلبه حلاوة الطاعة‏.‏فأما محبة الدنيا ومحبة الله تعالى،
فهما في القلب كالماء والهواء في القدح، إذا دخل الماء خرج الهواء، فلا يجتمعان‏.
‏قيل لبعضهم‏:‏ إلام أفضى بهم الزهد‏؟‏ قال‏:‏ إلى الأنس بالله‏.‏
وقال يحيى بن معاذ‏:‏ الدنيا كالعروس، ومن يطلبها ماشطتها (الماشطة : التي تحس المشط وحرفتها ومعناها هنا ‏:‏ تزينها‏)
و‏الزاهد يسخم ‏(يقال‏:‏ سخم الله وجهه‏:‏ أي سوده من السخمة وهى السواد‏.‏‏)وجهها، وينتف شعرها، ويخرق ثوبها،
والعارف مشتغل بالله تعالى عنها‏.‏

الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013


قوله: "وازهَد فيمَا عِندَ النَاس يُحِبكَ النَّاس" أي لا تتطلع لما في أيديهم،
ارغب عما في أيدي الناس يحبك الناس،
وهذا يتضمن ترك سؤال الناس أي أن لا تسأل الناس شيئاً،
لأنك إذا سألت أثقلت عليهم، وكنت دانياً سافلاً بالنسبة لهم،
فإن اليد العليا المعطية خير من اليد السفلى الآخذة.

الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

من فــــوائــــد الحديــــث :

1- علوهمم الصحابة رضي الله عنهم، فلا تكاد تجد أسئلتهم إلا لما فيه خير في الدنيا
أو الآخرة أو فيهما جميعاً.

وهنا السؤال : هل الصحابة رضي الله عنهم إذا سألوا مثل هذا السؤال يريدون
أن يطلعوا فقط، أو يريدون أن يطلعوا ويعملوا؟

الجواب:الثاني،بخلاف كثير من الناس اليوم-نسأل الله أن لايجعلنا منهم- يسألون
ليطلعوا على الحكم فقط لا ليعملوا به،ولذلك تجدهم يسألون عالماً ثم عالماً ثم
عالماً حتى يستقروا على فتوى العالم التي توافق أهواءهم،
ومع ذلك قد يستقبلونها بنشاط وقد يستقبلونها بفتور.

2 - إثبات محبة الله عزّ وجل،أي أن الله تعالى يحب محبة حقيقية.

ولكن هل هي كمحبتنا للشيء؟

الجواب:لا، حتى محبة الله لنا ليست كمحبتنا لله، بل هي أعلى وأعظم،
وإذا كنا الآن نشعر بأن أسباب المحبة متنوعة،وأن المحبة تتبع تلك
الأسباب وتتكيف بكيفيتها فكيف بمحبة الخالق؟!! لا يمكن إدراكها.


3 - أن الإنسان لا حرج عليه أن يطلب محبة الناس،أي أن يحبوه،
سواء كانوا مسلمين أو كفاراً حتى نقول:لا حرج عليه أن يطلب محبة
الكفار له، لأن الله عزّ وجل قال:
( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ )(الممتحنة: الآية
ومن المعلوم أنه إذا برهم بالهدايا أو الصدقات فسوف يحبونه،
أو عدل فيهم فسوف يحبونه،والمحذور أن تحبهم أنت،
ولهذا جاء في الحديث وإن كان ضعيفاً أن النبي صلى الله عليه وسلم
إذا أقبل على البلد قال: "اللَّهمَّ حَبِّبْنَا إِلَى أَهْلِهَا،وَحبَب صَالِحي أَهْلِهَا إِلَينَا" ،
فلما أراد المحبة الصادرة منه قال: "صَالِحي أَهْلِهَا"
ولما أراد المحبة الصادرة من الناس قال: حَبِّبنَا إِلَى أَهْلِهَا مطلقاً.

4 - فضيلة الزهد في الدنيا، ومعنى الزهد: أن يترك مالا ينفعه في الآخرة.

وليس الزهد أنه لا يلبس الثياب الجميلة، ولا يركب السيارات الفخمة،
وإنما يتقشف ويأكل الخبز بلا إدام وما أشبه ذلك، ولكن يتمتع بما أنعم الله عليه،
لأن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده، وإذا تمتع بالملاذ على هذا الوجه
صار نافعاً له في الآخرة،ولهذا لا تغتر بتقشف الرجل ولبسه رديء الثياب،
فربَّ حية تحت القش،ولكن عليك بعمله وأحواله.

5 - أن الزهد مرتبته أعلى من الورع، لأن الورع ترك ما يضر ،
والزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة.

6 - أن الزهد من أسباب محبة الله عزّ وجل لقوله "ازهَد في الدنيَا يُحِبكَ اللهُ"
ومن أسباب محبة الله للعبد وهو أعظم الأسباب: اتباع النبي صلى الله عليه وسلم
لقوله تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) (آل عمران: 31)

7 -الحث والترغيب في الزهد فيما عند الناس، لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعله
سبباً لمحبة الناس لك، وهذا يشمل أن لا تسأل الناس شيئاً،
وأن لاتتطلع وتعرِّض بأنك تريد كذا.

مثال الأول:أن ترى مع شخص من الناس ما يعجبك من قلم أوساعة،
وتقول يا فلان : هذه ساعة طيبة،ألا تهديها عليَّ، فإن الهدية تذهب السخيمة،
وتهادوا تحابوا، وأتى بالمواعظ من أجل أن يأخذ الساعة ،
لكن إذا كان هذا ذكياً قال: وأنت أيضاً أهد عليَّ ساعتك ويأتي له بالنصوص.

أقول:إن سؤال الناس ما عندهم لا شك أنه من أسباب إزالة المحبة والمودة،
لأن الناس يستثقلون هذا ويستهجنون الرجل ويستذلونه،واليد العليا خير من اليد السفلى.

مثال ثان: أن تعرض بأنك تريده كأن تقول:ما شاء الله هذا القلم الذي معك ممتاز،
ليتني أحصل على مثله،وهذا كأنك تقول له:أعطني إياه.

فمثل هذا عليك أن تردعه، إذا طلب منك هذا فقل له: ابحث عنه في السوق،
لأنني لا أحب أن الناس تدنو أنفسهم إلى هذا الحد، دع نفسك عزيزة ولا تستذل.

ولكن هنا مسألة: إذا علمت أن صاحبك لو سألته لسره ذلك، فهل تسأله؟

الجواب:نعم،لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى اللحم على النار قال:
"ألم أرَ البرمة على النار" قالوا:يا رسول الله: هذا لحم تصدق به على بريرة،
فقال: "هو لها صدقة، ولنا هدية"،لأننا نعلم علم اليقين أن بريرة رضي الله عنها
سوف تسر، فإذا علمت أن سؤالك يسر صاحبك فلا حرج والله الموفق.

الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013


عدل سابقا من قبل طه الفزارى في الأحد يوليو 19, 2009 7:05 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طه الفزارى
المشرف العام
المشرف العام
طه الفزارى


ذكر
عدد المساهمات : 965
حسناتى الى الان : 13872
تاريخ الميلاد : 25/09/1980
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
العمر : 44

الأربعون النووية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأربعون النووية   الأربعون النووية - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة يوليو 17, 2009 12:03 pm

الأربعون النووية - صفحة 2 14
Crying or Very sad


( دورة حفظ الأربعين النوويّة )

الحـــديث " الثاني والثلاثون "


الأربعون النووية - صفحة 2 1063

(عنْ أَبي سَعيدٍ سَعدِ بنِ مَالِك بنِ سِنَانٍ الخُدريِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهٍِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ) حَدِيْث حَسَنٌ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَةَ، وَالدَّارَقطْنِيّ وَغَيْرُهُمَا مُسْنَدَاً، وَرَوَاَهُ مَالِكٌ في المُوَطَّأِ مُرْسَلاً عَنْ عَمْرو بنِ يَحْيَى عَنْ أَبِيْهِ عَن النبي صلى الله عليه وسلم فَأَسْقَطَ أَبَا سَعِيْدٍ ،وَلَهُ طُرُقٌ يُقَوِّيْ بَعْضُهَا بَعْضَاً. )

حديث حسن رواه ابن ماجة وغيره بأسانيد حسنة..

الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

مـعنى الحـــديــث :


قوله "لاَ ضَرَرَ" الضرر معروف،والضرر يكون في البدن ويكون في المال،
ويكون في الأولاد، ويكون في المواشي وغيرها.

: "ولا ضرار" أي ولا مضارة

والفرق بين الضرر والضرار:

أن الضرر يحصل بدون قصد، والمضارة بقصد، ولهذا جاءت بصيغة المفاعلة.

مثال ذلك: رجل له جار وعنده شجرة يسقيها كل يوم، وإذا بالماء يدخل على جاره
ويفسد عليه، لكنه لم يعلم، فهذا نسمية ضرراً.

مثال آخر: رجل بينه وبين جاره سوء تفاهم، فقال : لأفعلن به ما يضره،
فركب موتوراً له صوت كصوت الدركتر عند جدار جاره وقصده الإضرار بجاره، فهذا نقول مضار.

والمضار لا يرفع ضرره إذا تبين له بل هو قاصده،
وأما الضرر فإنه إذا تبين لمن وقع منه الضرر رفعه.

وهذا الحديث أصل عظيم في أبواب كثيرة، ولا سيما في المعاملات:كالبيع والشراء والرهن والارتهان، وكذلك في الأنكحة يضار الرجل
زوجته أو هي تضار زوجها، وكذلك في الوصايا يوصي الرجل وصية يضر بها الورثة.

فالقاعدة: متى ثبت الضرر وجب رفعه، ومتى ثبت الإضرار وجب رفعه مع عقوبة قاصد الإضرار.

من ذلك مثلاً: كانوا في الجاهلية يطلق الرجل المرأة فإذا شارفت انقضاء العدة راجعها،
ثم طلقها ثانية فإذا شارفت انقضاء العدة راجعها، ثم طلقها ثالثة ورابعة،
لقصد الإضرار،فرفع الله تعالى ذلك إلى حد ثلاث طلقات فقط.

مثال آخر: رجل طلق امرأته ولها أولاد منه،حضانتهم للأم إلا إذا تزوجت،
والمرأة تريد أن تتزوج ولكن تخشى إذا تزوجت أن يأخذ أولاده، فتجده يهددها
ويقول:إن تزوجتي أخذت الأولاد،وهو ليس له رغبة في الأولاد ولا يريدهم،
ولو أخذهم لأضاعهم لكن قصده المضارة بالمرأة بأن لا تتزوج،
فهذا لا شك أنه حرام وعدوان عليها، ولو تزوجت وأخذ أولادها منها مع قيامها
بواجب الحضانة ورضا زوجها الثاني بذلك، لكن قال:أريد أن أضارها،ونعرف أنه
إذا أخذهم لم يهتم بهم، بل ربما يدعهم تحت رعاية ضرة أمهم، يعني الزوجة الثانية،
وما ظنك إذا كان أولاد ضرتها تحت رعايتها سوف تهملهم، وسوف تقدم أولادها عليهم،
وسوف تهينهم، ولكنه أخذهم للمضارة، فهذا لا شك أنه من المحرم.


مثال آخر: رجل له ابن عم بعيد لا يرثه غيره، فأراد أن يضاره وأوصى بثلث ماله مضارة
لابن العم البعيد أن لا يأخذ المال، فهذا أيضاً حرام.

ولو سرنا على هذا الحديث لصلحت الأحوال، لكن النفوس مجبولة على الشح والعدوان،
فتجد الرجل يضار أخاه،وتجده يحصل منه الضرر ولا يرفع الضرر.


مثال آخر : ويدخل أيضاً في الأمور المالية كالتدليس،
الغش في المعاملات بالمكر الخداع ،
بيع البعض على بيع البعض، شراء البعض على شراء البعض .

كذلك يدخل في مجال النكاح والطلاق، فلا يخطب المرء على خطبة أخيه .

كذلك في ضرر الضرة لضرتها فلا تطلب طلاق أختها .

كذلك يدخل في الإجارات والشركة والشركات والمؤسسات ونحوها،
كذلك يدخل في التعامل في الأمور التي نسميها اليوم الإنسانية مع
الجيران مع الأصحاب مع الأصدقاء مع عامة الناس حتى الضرر
لغير المسلم يعني المعاهد الذمي نتعامل معه فلا يجوز الضر به بماله أو بذاته ،
الضرر أيضاً في الميراث فلا يضر فلان يعطى أكثر مما يعطى فلان .


كذلك يدخل في باب الوصايا والأوقاف فإذا كانت الوصية زادت عن الثلث معنى ذلك فيها
مضارة لهؤلاء الورثة والله سبحانه وتعالى نهى عن ذلك .

كذلك في الأوقاف لا يجوز إيقاف المال كله وفيه مجموعة من الورثة محتاجين إلى هذا المال.

كذلك الضرر في الأعراض يدخل مثلاً كمسائل الغيبة ،النميمة، الحسد ،
والمضارة أيضاً بين الموظفين يأتي موظف لينقل كلاماً للمسئول عن الموظف الآخر
أو عن موظف في دائرة أخرى لمسئول آخر لقصد المضارة .


فنستنبط هذه القاعدة أن الضرر مرجعه في جميع هذه الأبواب تفويت مصلحة أو جلب مفسدة .

وهناك ضرر على مستوى المجتمع بأكمله ويكمن على سبيل المثال في بعض الاعتداءات سواء بالقتل بالنسبة للأبدان،
أو سرق الاموال وغيرها من قِبل عصابات السرقة التي توتر المجتمع وتخلّ قوامه .

وكذلك الضرر في الجوانب الصحية مثل قضية الأمراض المعدية فإنه لا يجوز أن أُدخل إنساناً
مصاباً بمرض معدٍ في مجتمع ينتشر من خلاله هذا المرض .

ينبني على هذه القاعدة ( لا ضرر ) أنه إذا وقع الضرر يجب أن يزال فتكون بإزالته من ولي الأمر أومن شخص بعينه ،

مثلاً في قضية الأسرة، رب الأسرة هو الذي يجب عليه أن يزيل الضرر ،
أما إذا كان في مسائل القذف وتوابعها مثل المخدرات ونحوها فيزيله ولي الأمر والقاضي
والمسئول عن هذه الأمور وكذلك الناس يتعاونون معهم في هذا الباب.

فالضرر يُزال، ولا يعطف على الضار من الناس إنما يعطف على المجتمع بأكمله في
قضية إزالة الضرر، فقد لا يزال الضرر إلا بضرر!،
لكن علينا أن ننتبه إلا أنّ الضرر لا يُزال بضرر مثله، إنما إذا اضطرينا لإزالته بالضرر فيتوجّب أن يكون أخفّ منه ..

لذلك قالوا الضرر لا يزال بمثله وإنما الضرر الأكبر يُدفع بالضرر الأخف

وهؤلاء الذين نشروا الفاحشة أو الذين روجوا المخدرات وغيرهم الذين يقتلون ويشردون،
فإنّه قد لا يُزال ضررهم عن المجتمع إلاّ بضرر آخر ! لكني ينبغي لهذا الضرر الآخر أن يكون أخفّ ..

على سبيل المِثال ننظر لقضية القاتل ، فإنه طبعاّ بقتله هذا قد ألحق الضرر بغيره ،
والله سبحانه وتعالى يقول :﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾[البقرة:179].

والقصاص معناه أننا نقتص من المُعتدي، وبالتالي هذا القاتل تُزهق روحه ..
وهنا نقول أن القتل بالنسبة لهذا الشخص يعتبر ضرر به ، لكن هذا الضرر يعتبر أخف من الضرر الذي ألحقه القاتل بالمجتمع بأكمله ،
و في هذا الضرر الأخف ( نعني قتل هذا الشخص القاتل ) حياة للمجتمع بأكلمه .

فالضرر يزال لكن لا يزال بمثله وإنما يزال بالضرر الأخف وهكذا .

وعلينا أن ندرك في هذا الحديث أن الله سبحانه وتعالى عدل وبنى هذا الكون على العدالة
وأوجب العدالة بين الناس، فلمَّا يُنفى الضرر معنى ذلك أن هذا مطلب لوجود العدل وإشاعته بين الناس
ولذلك قال الله سبحانه وتعالى :﴿ قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ ﴾[الأعراف:29] .

والقسط هو العدل ومعنى العدل أن يأخذ كل إنسان حقه ومن حقه ألا يتعدى أحد عليه وألا
يتعدى على أحد يعني لا يضر أحداً ولا يضره أحد .

هذا الحديث يعتبر قاعدة من قواعد الشريعة، وهي أن الشريعة لا تقر الضرر، وتنكر الإضرار أشد وأشد والله الموفق.



الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طه الفزارى
المشرف العام
المشرف العام
طه الفزارى


ذكر
عدد المساهمات : 965
حسناتى الى الان : 13872
تاريخ الميلاد : 25/09/1980
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
العمر : 44

الأربعون النووية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأربعون النووية   الأربعون النووية - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة يوليو 17, 2009 12:07 pm

الأربعون النووية - صفحة 2 14
Crying or Very sad



( دورة حفظ الأربعين النوويّة )

الحـــديث " الثالث والثلاثون "



الأربعون النووية - صفحة 2 1063


(عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدعوَاهُمْ لادَّعَى رِجَالٌ أَمْوَال قَومٍ وَدِمَاءهُمْ، وَلَكِنِ البَينَةُ عَلَى المُدَّعِي، وَاليَمينُ عَلَى مَن أَنكَر" )

حديث حسن رواه البيهقي هكذا بعضه في الصحيحين.

الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

مـعنى الحـــديــث :


قوله "لَو يُعطَى" المعطي هو من له حق الإعطاء كالقاضي مثلاً والمصلح بين الناس.

وقوله "بِدَعوَاهُم" أي بادعائهم الشيء،سواء كان إثباتاً أو نفياً.

كأن يدعي شخصاً مّا على آخر بأنّه قد أخذ منه ألف ريال

فمثال الإثبات هنا :أن يقول المُدعي : أنا أطلب من فلاناً ألف ريال.

ومثال النفي:أن ينكر المُدعي عليه ما يجب عليه لفلان،

"لادعَى رِجَال"المراد بهم الذين لا يخافون الله تعالى،وأما من خاف الله تعالى
فلن يدعي ماليس له من مال أو دم،

"أَموَال قَوم"أي بأن يقول هذا لي، هذا وجه.

ووجه آخر أن يقول: في ذمة هذا الرجل لي كذا وكذا ، فيدعي ديناً أو عيناً.

"وَ دِمَاءهُم"بأن يقول: هذا قتل أبي، هذا قتل أخي وما أشبه ذلك،
أو يقول: هذا جرحني، فإن هذا نوع من الدماء.

فلو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال أموال قوم ودماءهم، لأن كل إنسان
لا يخاف الله عزّ وجل لا يهمه أن يدعي الأموال والدماء.

"وَلَكِنِ البَينَةُ"البينة: ما يبين به الحق، وتكون في إثبات الدعوى "عَلَى المُدَعي"
"وَاليَمين" أي دفع الدعوى "عَلَى مَنْ أَنكَر" .

فهنا مدعٍ ومدعىً عليه، والمدعي : عليه البينة، والمدعى عليه: عليه اليمين ليدفع الدعوى.

نطرح مثالاً على ذلك لعلّه يُبسط قاعدة هذا الحديث :

ادّعت هيام على شذى بأنها قد سرقت حُليّها ( من ذهبٍ وفضة ...)
في هذه الحالة وُجبَ على هيام أن تأتي بدليل يؤكد دعواها ( وهذا هو البينة )
فإن أنكرت شذى ذلك يجب عليها اليمين كي تدفع الدعوى عنها .

"وَاليَمين عَلَى مَنْ أَنكَر"أي من أنكر دعوى المدعي.

هذا الحديث أصل عظيم في القضاء، وهو قاعدة عظيمة في القضاء
ينتفع بها القاضي وينتفع بها المصلح بين اثنين وما إلى ذلك.

فهو أصلا في التقاضي ،،، ينظم مجرى تنظيم الدعوة عند
القاضي عندما يطلب إنسان دعوى على آخر.


الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

إنّ هذا الحديث له أهمية كبرى ... لأن الناس متفاوتون في قدراتهم وفي طلباتهم
متفاوتون في كل أمور الحياة ، من صفات وأرزاق وأخلاق فلذلك نتيجةً لهذا التفاوت
لابد من تنظيم عملية التقاضي ليصل الحق إلى أهله لماذا؟

لأن هذا الدين دين عدل والله سبحانه وتعالى عدل أمر بالعدل
ولكي نصل إلى هذه العدالة لابد من أن يجري القضاء بين الناس
بما يحقق هذه العدالة ..
والله سبحانه وتعالى ذكر هذا المبدأ في مواضع كثيرة

﴿ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بالحق
ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ﴾
[ص: 26 ] إ

﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ ﴾ [النحل: 90 ].

ولا يستقيم الكون كله إلا بالعدل ووإلاّ اختل نظام الكون عن ما خلقه الله سبحانه وتعالى

ولذلك جاء النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث !
لأن الإنسان قد ينسى فيدعي ما ليس له أحيانا لذلك لابد من التنبيه الدقيق على أساس قاعدة هذا الحديث ..

فهذا الحديث تنظيم لقضية الدعوى عند القاضي عندما يدعي فلان على فلان أو على مجموعة من الناس قضية معينة
كيف تصير هذه الدعوة ؟
البينة على المدعي واليمين على من أنكر ..

الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013

من فــوائــــد هذا الحـديــث:

1. أن الدعوى تكون في الدماء والأموال، لقوله "أَموَال قَوم وَدِمَاءهُم" وهو كذلك،
وتكون في الأموال الأعيان، وفي الأموال المنافع،كأن يدعي أن هذا أجره بيته
لمدة سنة فهذه منافع، وتكون أيضاً في الحقوق كأن يدعي الرجل أن زوجته
لا تقوم بحقه أو بالعكس، فالدعوى بابها واسع، لكن هذا الضابط،
وذكر المال والدم على سبيل المثال، وإلا قد يدعي حقوقاً أخرى.

2. أن الشريعة جاءت لحماية أموال الناس ودمائهم عن التلاعب.

3. أن البينة على المدعي، والبينة أنواع منها: الشهادة ،
قال الله تعالى:
(وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ) (البقرة: الآية282)

ومن البينة : ظاهر الحال فإنها بينة،
فلو اختلف الزوجان في أواني البيت، فقالت الزوجة: الأواني لي،
وقال الزوج:الأواني لي. فننظر حسب الأواني: إذا كانت من الأواني التي يستعملها
الرجال فهي للزوج،وإذا كانت من الأواني التي يستعملها النساء فهي للزوجة،
وإذا كانت صالحة لهما فلابد من البينة على المدعي.

فإذاً القرائن بينة، وعليه فالبينات لا تختص بالشهود فقط.

ومن العمل بالقرائن قصة سليمان عليه السلام، فإن سليمان عليه السلام مرت به
امرأتان معهما ولد، وكانت المرأتان قد خرجتا إلى البر فأكل الذئب ولد الكبرى،
واحتكمتا إلى داود عليه السلام، فقضى داود عليه السلام بأن الولد للكبيرة
اجتهاداً منه، لأن الكبيرة قد تكون انتهت ولادتها والصغيرة في مستقبل العمر.

فخرجتا من عند داود عليه السلام وكأنهما - والله أعلم - في نزاع، فسألهما
سليمان عليه السلام فأخبرتاه بالخبر، فدعا بالسكين وقال: سأشق الولد نصفين،
أما الكبيرة فوافقت، وأما الصغيرة فقالت: الولد ولدها يا نبي الله، فقضى به للصغيرة،

لأن هنا بينة وهي القرينة الظاهرة التي تدل على أن الولد للصغيرة لأنها أدركتها الشفقة
وقالت: كونه مع كبيرة ويبقى في الحياة أحب إلي من فقده الحياة،
والكبيرة لا يهمها هذا، لأن ولدها قد أكله الذئب.

كذلك قصة يوسف عليه السلام مع امرأة العزيز لما قال الحاكم:
(إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ*وَإِنْ كَانَ
قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ*فَلَمَّا رَأى قَمِيصَهُ
قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ)
(يوسف:26-28)

ومن ذلك أيضاً :امرأة ادعت على زوجها أن له سنة كاملة لم ينفق،
والرجل يشاهد هو يأتي للبيت بالخبز والطعام وكل ما يحتاجه البيت،
وليس في البيت إلا هو وامرأته،وقال هو:إنه ينفق فالظاهر مع الزوج،
فلا نقبل قولها وإن كان الأصل عدم الإنفاق لكن هنا ظاهر قوي وهو مشاهدة
الرجل يدخل على بيته بالأكل والشرب وغيرهما من متطلبات البيت.


4. وهنا قاعدة أيضاً أنه لو أنكر المنكر وقال لا أَحلف فإنه يقضي عليه بالنكول،
ووجه ذلك أنه إذا أبى أن يحلف فقد امتنع مما يجب عليه،فيحكم عليه بالنكول،والله أعلم

الأربعون النووية - صفحة 2 Glitterline-013
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الأربعون النووية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 2 من اصل 2انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المدرسه المحمديه :: مع الحبيب :: احاديث الرسول-
انتقل الى: