برنامج الاعتكاف
من كتاب
( أسرار المحبين في رمضان )
محمد بن حسين آل يعقوب
(1) الدخول إلى المعتكف مغربَ يوم 20 رمضان؛ فليلة الحادي والعشرين هي أول ليلة من ليالي العشر.
(2) لا تنس نية الاعتكاف، والأجر على قدر النية « إِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى »، والنية تجري مجرى الفتوح من الله تعالى، فعلى قدر إخلاصك يفتح الله عليك بالنيات، مثلاً:
* اتّباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم طلبًا لمحبة الله ورسوله.
* التماس ليلة القدر.
* جمع شمل القلب.
* التخلي عن هموم الدنيا ومشاغلها.
* مصاحبة الصالحين والتأسي بهم.
* عمارة المسجد.
* التبتل.
* التخلُّص من العادات وتحقيق معنى العبودية.
هذه أمثلة والفتح يأتي من الله.
(3) أول اعتكافك الإفطار، وتعوَّد منذ يومك الأول تركَ العادات الملازِمة والطقوس التي تصاحب الإفطار، تعوَّد البساطة واجتنب التكلف، تمرات وماء وقد أفطرت.
(4) تعلم في هذا المعتكف ألا تضيع وقتك، فتمرات وكوب من الماء لا تستغرق لحظات، كن يقظًا.
(5) ثم اجلس مكانك في الصف الأول خلف الإمام؛ استعدادًا لصلاة المغرب مع استحضار النيات في المسارعة والمسابقة إلى الصف الأول.
(6) ابدأ المسابقة والمسارعة في المسجد لكل أعمال الخير، وإن استطعت ألا يسبقك أحدٌ إلى الله فافعل.
(7) أحضِرْ قلبك وكلَّ جوارحك ومشاعرك، واحتفظ بكل حضورك العقلي والذهني في صلاة المغرب، هذه أول صلاة في الاعتكاف، وسلِ الله بصدق: التوفيق والإعانة وألا تخرج من هذا المكان إلا وقد رضي ربك عنك رضًا لا سخط بعده، وأن يتوب عليك توبة صدق لا معصية بعدها، وأن يقبل عملك ويوفقك فيه ويرزقك الإخلاص في القول والعمل، وأن يصرف عنك القواطع والصوارف، وأن يرزقك إتمام هذا العمل ولا يحرمك خيره .. ركز في هذه الأدعية وأمثالها، وابتهل إلى ربك وتضرع؛ فإنه لا يرد صادقًا سبحانه.
(
لا تتعجل وتعلَّم وتعوَّد ذلك، ألا تتعجل الانصراف بعد الصلاة؛ فإنك لن تخرج من المسجد، احتفظ بحرارة الخشوع بعد الصلاة أطولَ فترة ممكنة، أذكار الصلاة ثم الدعاء .. ثم انشغل بذكر الله حتى يأتي وقت الطعام وتُدعَى إليه.
(9) اضبط بطنك في هذا الاعتكاف؛ فإن أخسرَ وقتٍ تفقده هو الذي تقضيه في الحمَّام، فكُلْ ما تيسَّر ببساطة مما تم إعدادُه في المسجد، ولا تأمر ولا توصِ أن يأتيك الطعام من البيت أو من الخارج، « ارْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ ».
تواضع وكل مما تيسر، وتعلم أن ما يسُدُّ الرَّمَق ويقيم الأَوَد يكفي، فلا تأنف أن تأكل كِسرةً من خبز، ولا تتأفف من تصرفات مَنْ حولك أثناء الطعام، أَلْزِم نفسَك الذلَّ لله، وترك التنعم في هذه الرحلة مع الله في الاعتكاف في بيته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن عباد الله ليسوا بالمتنعمين، وكان يكره كثيرًا من الإرفاه"(1).
(10) فترة الأكل لا تتجاوز خمس دقائق أو عشر دقائق على الأكثر، وقم فورًا، ادخل الحمَّام قبل الزحام، جدِّد نشاطك، توضأ، غيِّر ملابسك إن أمكن، خذ مكانك في الصف الأول، صل 6 ركعات بخشوع "صلاة الأوابين" إلى أذان العشاء.
(11) اعلم أن القادمين لصلاة العشاء يختلفون عن المعتكفين، فقلوبٌ مقيمةٌ في المسجد تختلف عن قلوبٍ أتت من الدنيا وهمومها؛ فاحذر المخالطة "اختبئ".
(12) صلاة العشاء والتراويح يجب أن تختلف عند المعتكف عما ذي قبل: حضور القلب .. استشعار اللذة .. حلاوة المناجاة .. لذة الأنس بالله .. صدق الدعاء .. أنت رجلٌ مقيمٌ في بيت الله، لا خروج .. لا اختلاط .. لا معاصي .. كن أفضل.
(13) احرص على كل الخيرات: ترديد الأذان، أو اجعل لك نصيبًا من الأذان، ثم ركعتي السنة فبين كل أذانين صلاةٌ، ثم الدعاء بين الأذان والإقامة والانشغال بالذكر.
(14) إذا انقضت صلاة التراويح أسرع إلى خِبَائك في المعتكف، ودَعْك من السلام على الناس، وكثرة الكلام؛ فإن ذلك يقسي القلب، لابد أيها الحبيب من العزلة الشعورية الحقيقة وأن تجاهد نفسك لكي تَقبل ذلك وتحب ذلك وترضى بذلك.
أسرع إلى خِبائك، ارقد وانشغل بالذكر، وسرعان ما ستنام هذه الساعة، وهي مهمة طبعًا لجسدك في أول الليل، ففيها إعانة على النشاط في التهجد.
(15) هي ساعة، ستون دقيقة تحديدًا إن بارك الله فيها ستكون كافيةً جدًا، استعن بالله، واسأل الله البركة في أوقاتك وأعمالك.
(16) استيقظ وانطلق بسرعة وبنشاط، جدِّد وضوءك، تطيَّب، جمِّل ملابسَك، استعدَّ ببعض الأذكار والأدعية للدخول في الصلاة: صلاة التهجد.
(17) تستمر صلاة التهجد إلى ما قبل الفجر بنصف ساعة، واجتهد في هذه الصلاة أكثر من غيرها، فإنه الثلث الأخير من الليل ساعة التنزل الإلهي، أكثر الدعاء واصدق في اللجوء إلى الله، وجدِّد التوبة، سلِ الله القبول.
(18) السّحور بمنتهى البساطة والسرعة لا يتجاوز 10 دقائق، ثم تجديد الوضوء حتى ولو كنت على وضوء، ثم التفرغ للاستغفار بالأسحار.
(19) سابق إلى مكانك في الصف الأول خلف الإمام، وانشغل بالاستغفار فقط: {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } (الذاريات: 18)، حاذر: لا يتسامرون .. لا ينامون .. لا يغفلون ..
(20) صلاة الفجر مشهودة، {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} (الإسراء: 78)، كن في أشد حالات الانتباه، وتدبر الآيات وركز في الدعاء.
(21) اجلس في مُصَلاك بعد الصلاة، ولا تلتفت بعد أذكار الصلاة .. أذكار الصباح المأثورة كلها لا تترك منها شيئًا.
(22) اقرأ الآن بعد الانتهاء من أذكار الصباح ثلاثة أجزاء، وهذه القراءة بنية تحصيل الأجر، أما تلاوة التدبر فلها وقتٌ آخر.
(23) صلاة الضحى ثمان ركعات بالتمام والكمال، احرص عليها وقد أديت شكر مفاصلك.
(24) آنَ أوان النوم والراحة، لك أربع ساعات بالتمام والكمال نوم، نَمْ نومًا هنيئًا، ورؤى سعيدة. لا تنس قول معاذ: "إني لأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي"، فاحْتسب تلك الساعات، وأشهِد الله من قلبك أنك لو استطعت ما نمت؛ ولكن هذه النومة لا للغفلة ولكن للتقوِّي على الاستمرار.
(25) استيقظ قبل الظهر بفترة كافية لاستعادة النشاط وتجديد الوضوء، وربع ساعة قبل الأذان في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وبتركيز شديد.
(26) ردد الأذان، وصلِّ قبل الفريضة أربعًا واستغل باقي الوقت في الدعاء.
(27) صلِّ الفريضة بحضور قلب؛ فللصلاة السرية أسرار في الأنس بالله أكثر من الجهرية.
(28) صلِّ بعد الفريضة أربع ركعات، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من صلى قبل الظهر أربعًا وبعد الظهر أربعًا حرَّم الله لحمه على النار"(2).
(29) تلاوة قرآن، أربعة أجزاء إلى ما قبل أذان العصر بربع ساعة.
(30) ربع ساعة قبل الأذان في قول: الكلمتان الحبيبتان "سبحان الله وبحمد، سبحان الله العظيم" تحببًا وطلبًا لمحبة الله.
(31) صلِّ قبل الفريضة أربعًا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا »(3).
(32) اقرأ بعد صلاة العصر ثلاثة أجزاء، وقد تمت لك الآن عشرة أجزاء قراءةً.
(33) قبل المغرب بنصف ساعة أذكار المساء بتركيز ودعاء.
(34) الوقت قبل أذان المغرب في غاية الأهمية، استحضر الدعوة المستجابة للصائم، وأنت في نهاية اليوم وفي غاية التعب من كثرة العمل لله، انكسر وذِلَّ واطلب الأجر، واحتسب التعب، واسأل الله بتضرع أن يقبل منك عملك، ولا تنس الدعاء بظهر الغيب لأهلك وللمسلمين، ولن أعدِمَ منك دعوةً لي بظهر الغيب.
((وكذا يرجو من اعتنى بكتابة هذا البرنامج، نسأل الله أن يتقبله وأن يجعله خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفع به سائر المسلمين))
----------------------------------------
(1) أخرجه أحمد (5/243)، وحسَّنه الألباني في "السلسة الصحيحة" (353).
(2) أخرجه أحمد (2/117)، وحسَّنه الألباني في "صحيح الجامع" (3493).
(3) قلتُ (من اعتنى بكتابة هذا البرنامج): الحديث حسَّنه الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (588)، وقال: رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما.