طه الفزارى المشرف العام
عدد المساهمات : 965 حسناتى الى الان : 13872 تاريخ الميلاد : 25/09/1980 تاريخ التسجيل : 10/07/2009 العمر : 44
| موضوع: قول المعلم لا أدري لما لا يدري جزء من العلم الثلاثاء يناير 12, 2010 6:01 pm | |
| لقد عاب الله على الذين يتكلمون بغير علم ، وذمهم في كتابه ، وعلى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم . وذلك لأن القائل بلا علم ، يضل ولا يهدي ، ويفسد ولا يصلح ، وقول المرء لا أعلم أول لا أدري لما لا يعلم ولا يدري ، ليس عيباً ، ولا نقصاً في علمه وقدره ، بل هو من تمام العلم . ولما سأل الله رسله يوم القيامة بقوله : (يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ)(المائدة:109) أي ماذا أجابتكم به أممكم ؟ ( قالوا لا علم ) وإنما العلم لك ياربنا فأنت أعلم منا( إنك أنت علام العيوب ) أي تعلم الأمور الغائبة والحاضرة . ولما سأل الله ملائكته بقوله" (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)(البقرة :31،32)) فلم تستح الملائكة من رد علم المجهول إلى عالمه . والعلم ساحل لا بحر له ، ولا يحيط به إلا من وسع كل شيء علماً جل جلاله . والبشر ، كل البشر بضاعتهم في العلم قليلة ، قال تعالى : (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً)(الاسراء: من الآية85)، وإذا كان الأمر كذلك فلاحياء ولا عيب أن يقول المعلم أو عيره لا أدري . يقول الماوردي في أدبه * فإذا لم يكن إلى الإحاطة بالعلم سبيل ، فلا عار أن يجهل بعضه ، وإذا لم يكن في جهل بعضه عار ، لم يقبح به أن يقول لا أعلم فيما ليس يعلم . أهـ .وإنما القبح كل القبح ، أن يوهم ويدلس على الناس بكلام خاطئ مغلوط . والطلاب وإن دليس عليهم معلمهم إعطائهم معلومات خاطئة لينجو منمواقف معين ، إلا أنهم سوف يكتشفون ذلك إن عاجلاً أو آجلاً ، ومن ثم تهز صوته لديهم ، ولا يقون بعدها بالمعلومات والمراد التي يطرحها عليهم . والمعلم الاول صلى الله عليه وسلم ، كان يقول لما لا يدري ، لا أدري حتى يأتيه الوحي بذلك ، ولم يمنعه أن يقول تلك المقالة قول حاسد أو منافق ! ، فتأمل ذك وتدبره ، يهون عليك الكثير . 1- قال صلى الله عليه وسلم : ( لا تخيروني على مسوى ، فإن الناس يصعقون ، فأكون أول من يفيق ، فإذا موسى باطش بجانب العرش ، فلا أدري : أكان فيمن صعق فأفاق قبلي ، أو كان ممن استثنى الله ) 2- عن ابن عمر قال : ( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يارسول الله أي البقاع خير ؟ قال: لا أدري . فقال : أي البقاع شر ؟ قال : لا أدري قال : سل ربك . فأتاه جبريل صلى الله عليه وسلم فقال : ياجبريل أي البقاع خير ؟ قال : لا أدري ، قال : أي البقاع شر ؟ قال : أدري . فقال : سل ربك ، فانتفض جبريل انتفاضة كاد يصعق منها محمد صلى الله عليه وسلم ، وقال : ما أسأله عن شيء ، فقال الله ـ عز وجل ـ لجبريل سألك محمد أي البقاع خير ؟ فقلت : لا أدري وسألك أي البقاع شر ؟ فقلت : لا أدري . فأخبره أن خير البقاع المساجد ن وشر البقاع الأسواق أما تلامذة محمد صلى الله عليه وسلم فقد ضربوا أروع الأمثلة في التأسي بمعلمهم صلى الله عليه وسلم فهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقول : أي سماء تظلني ؟ وأي أرض تقلني ؟ إذا قلت في كتاب الله بغير علم . وهذا ابن مسعود رضي الله عنه يقول : إن من العلم أن تقول لما لا تعلم : الله أعلم . قال الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم(قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ)(صّ:86 ) .
وهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول فيما يرويه عنه الشعبي : أنه خرج عليهم وهو يقول : ما أبردها على الكيد ؟ فقيل له : وما ذلك ؟ قال : أن تقول للشيء لا تعلمه : الله أعلم وهذا ابن عمر رضي الله عنهما يقول فيما يرويه عنه نافع أنه سئل عما لا تعلم فقال : لا أدري ،فلما ولى الرجل قال : نعماً قال عبد الله بن عمر سئل عما لا يعلم فقال لا علم لي به .والكلام في ذكر أقاويل الصحابة والسلف يطول ، وفيما ذكر يكفي ويشفي .
قال الراجز :
فإن جهلت ما شئلت عنه
ولم يكن عندك علم منه
فلا تقل فيه بغير فهم
إنالخطأ مزر بأهل العلم
وقل إذا أعياك ذاك الامر
مالي بما تسأل عنه خبر
فذاك شطر العلم عند العلما
كذلك مازالت تقول الحكما
الخلاصة :
1) القائل بلا علم مذموم ابدأ في كتاب الله ، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم .
2) القائل بال علم، يفسد ولا يصلح.
3) عدم المعرفة ليس عيباً ولا نفصاً في حق المعلم .
4) الحياء والخجل من قول ( لا أدري ) ليس سبباً مقنعاً في تمرير المعلومات الخاطئة على الطلاب .
5) يجب على المعلم أن يغرس هذا المبدأ في نفوس طلابه ، ويؤكد عليه . قول لا أعلم جزء من العلم . بل قال عنه أبو الدرداء أنه نصف العلم .
| |
|